منذ نشأتها في عشرينيات القرن الماضي كانت الرياضة وسيلة من أجل التآخي والصداقة بين الشعب الواحد ، ولا نبالغ بالقول أن هذا النشاط العظيم كان ولفترة طويلة أداة من أجل تعميق الحس الوطني والحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية ، وأكبر مثال على ذلك هو نضال الاتحاد الرياضي الفلسطيني بعد تأسيسه في نيسان 1931 من أجل الحد من الهيمنة الصهيونية على الحركة الرياضية، ونضاله الدؤوب بعد اعادة تأسيسه في أيلول 1944 من أجل ترسيخ قاعدة رياضية على أسس تنظيمية ووطنيةواجتماعية، بالإضافة إلى نضاله خلال صراعه مع ما كان يسمى بـ"الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم" الذي كان يهيمن عليه اليهود والذي كان يسعى من أجل إبعاد الأول عن الساحة العربية والدولية خاصة عن الاتحاد الدولي لكرة القدم. فلنأخذ العبر من التاريخ الذي اصبح جزء من وعينا وهويتنا الفلسطينية.
Sunday, June 30, 2013
الرياضة والوحدة الوطنية
عصام
الخالدي
منذ نشأتها في عشرينيات القرن الماضي كانت الرياضة وسيلة من أجل التآخي والصداقة بين الشعب الواحد ، ولا نبالغ بالقول أن هذا النشاط العظيم كان ولفترة طويلة أداة من أجل تعميق الحس الوطني والحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية ، وأكبر مثال على ذلك هو نضال الاتحاد الرياضي الفلسطيني بعد تأسيسه في نيسان 1931 من أجل الحد من الهيمنة الصهيونية على الحركة الرياضية، ونضاله الدؤوب بعد اعادة تأسيسه في أيلول 1944 من أجل ترسيخ قاعدة رياضية على أسس تنظيمية ووطنيةواجتماعية، بالإضافة إلى نضاله خلال صراعه مع ما كان يسمى بـ"الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم" الذي كان يهيمن عليه اليهود والذي كان يسعى من أجل إبعاد الأول عن الساحة العربية والدولية خاصة عن الاتحاد الدولي لكرة القدم. فلنأخذ العبر من التاريخ الذي اصبح جزء من وعينا وهويتنا الفلسطينية.
وفي
وقتنا الحاضر فمن الواضح أن الحركة الرياضية الفلسطينية تعاني من مشاكل عدة والتي
أهمها الاحتلال الإسرائيلي وإجراءاته القمعية، إلا أن مشكلة الفرقة هي أيضا لها
انعكاساتها السلبية على الرياضة الفلسطينية. وبالتأكيد فإن أي تقارب وتصالح بين
الفصيلين المتخالفين فتح وحماس سوف يضع ضمادة على جرح الفرقة ، ونرجو أن يساعد
الرياضيون وكل العاملين في حقل الرياضة في الوصول إلى هذا الهدف السامي ، فالجميع
على يقين أن الرياضة هي وسيلة من أجل تعزيز حبنا لفلسطين ورفع شأنها وعلمها الذي
هو شوكة في حلق الاحتلال، ولا يمكن لحب فلسطين أن يتكرس بشكله الأمثل ما دام هناك
غياب في التعاون والتآخي. وللأسف أن الرياضة لم تستطع أن تجمعنا أثناء الفرقة لأن
حجم الأزمة كان كبيرا، أيضا وكما هو معروف ليس للرياضة قوة كبيرة في التأثير في
المجال السياسي ، نعم هي وسيلة من أجل الصداقة والتبادل الثقافي وإثبات الهوية
الوطنية، إلا أن تأثيرها كقوة ناعمة يبقى محدوداً. يشير جيي كوكلي (Jay
Coakley) إلى أن الرياضة عندما
تأتي إلى المواضيع الجدية التي لها مصلحة قومية حيوية ، فإنه ليس لها تأثير سياسي
، إن مسؤولي الدول لا يستخدمون الرياضة في مفاوضاتهم حول السياسات القومية
والدولية المهمة. إلا أنه عندما يدور الحديث عن الصداقة والتبادل الثقافي
والعلاقات العامة بين المسؤولين من دول مختلفة ، فإن الرياضة كانت مفيدة في كثير
من الأحيان. لقد وفرت الرياضة الدولية الفرص للمسؤولين من دول مختلفة للالتقاء
والتحدث برغم أن الرياضة لا تؤثر على ما يتحدثون به أو على محصلة المحادثات. إذا
فإن هذه الرياضات جلبت الرياضيين معا والذين يعرفون عن بعضهم البعض ، إلا أن
الرياضيون ليس لهم تأثير على القرارات السياسية ، والعلاقة بين الرياضيين ليس لها
اهمية سياسية. ."[i]
بالطبع نحن لا نوافق بالكامل مع هذا لأن
الرياضة الفلسطينية لعبت دورا لا بأس به على صعيد دولي خاصة بعد انضمام فلسطين إلى
اللجنة الأولمبية الدولية وإلى الاتحاد الدولي لكرة القدم - وهذا له حديث خاص. غير أن الرياضة لم تلعب دورا هاما على صعيد (سياسي) داخلي ، فقد كانت (وما زالت) قائمة على أسس حزبية ولم ترتكز على أسس ديمقراطية ، وبرزت ظاهرة تسييس الرياضة التي كان لها عواقت سيئة على الصعيد الداخلي . فالرياضة الفلسطينية لم تقم بشكل فعلي وكافٍ على أسس المحبة والوحدة والتسامح وعلى أن مصلحة الكرة والرياضيين هي مصلحة كل الوطن ، وليس جزء منه. ونحن لا ننفي بأن "تحزيب" الرياضة و"ايديلجتها" نشأ منذ عشرينيات القرن الماضي بعامل الظروف التي مرت بها فلسطين واستمر بعد عام 1967 عندما كان النضال الفلسطيني في الضفة والقطاع ضد الاحتلال يعتمد على توجيهات الفصائل الفلسطينية المختلفة ، وقد رأينا هذا أيضا في الرياضة الفلسطينية في لبنان وسوريا والأردن حتى أن جزء كبير من الأندية الرياضية الاجتماعية كان يتبع هذا الفصيل أو ذاك، وهذا ما أعطى الأندية الرياضية السمة الوطنية-الحزبية-الأيديولوجية بالإضافة إلى السمة الاجتماعية التي ميزت معظم الاندية في فلسطين.
يشير
النظام الداخلي للاتحاد الفلسطيني لكرة القدم في المادة 3 البند الأول - الحيادية
وعدم التمييز إلى أن الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم هو منظمة حيادية بالنسبة
للقضايا السياسية والدينية. ويشير البند الثاني إلى أنه يحظر التمييز بجميع أشكاله
بشكل صارم ضد أي دولة ، شخص أو مجموعة من الأشخاص القائم على أساس العرقي ، الجنس
، اللغة، الدين ، السياسة وأي سبب آخر ويعاقب على التمييز بالتوقف أو الطرد. وفي
المادة الرابعة لهذا القانون "تشجيع العلاقات الودية" يشير النظام
الداخلي أيضا إلى أنه سيقوم الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم بتشجيع العلاقات الودية
بين أعضائه ، نواديه ، مسؤوليه ولاعبيه في المجتمع لأهداف انسانية.
الرياضة هي مرآة تعكس الظروف السياسية
والاقتصادية والاجتماعية لك لكل أمة وهي تعكس أيضا المستوى الحضاري والأخلاقي لها
، وللأسف إن ما حدث من فرقة على الصعيد الرياضي كانت له انعكاساته على الصعيد
الحضاري (هذا إذا كان يهمنا موضوع الحضارة)وسوف لا يكون هناك تقدم في المجال
الرياضي ما دمنا نحن متفرقين وما دمنا ننظر إلى هذا النشاط بشكل مجرد خال من إدراك
لمحتواه الوطني والإنساني والتربوي والأخلاقي والمعنوي. يجب أن لا ننظر إلى الجانب
التنافسي للرياضة فقط بل وإلى الجوانب الأخرى (التربوية ، الأخلاقية
، المعنوية ، الوطنية ، الخ) التي من شأنها أن تخلق جيلا واعيا وملتزما وشبابا
متآخيا يضع المصلحة العامة فوق المصلحة الشخصية والفئوية. ويجب أن يستخدم العاملون
في الحقل الرياضي الرياضة كوسيلة من أجل الحفاظ على هذا الوطن كجسد واحد متماسك وذلك من
خلال النشاطات والفعاليات الرياضية المتعددة ، ليكون هذا النشاط الرياضي بادرة من
أجل التقارب ، ولا نبالغ بالقول أنه من الممكن أن تلعب الرياضة دورا مضاهيا للدور الذي
تلعبه السياسة والدبلوماسية.
ونحن متفائلون وعلى يقين أن فرقنا ومنتخباتنا سوف
تحقق النجاحات . ولو نظرنا إلى هذا التعاطف العربي والعالمي مع الرياضة الفلسطينية
فإننا سندرك بأن المستقبل هو لصالحنا وسيكون باستطاعتنا من خلال وسائل نضالية عديدة (من ضمنها النشاط الرياضي) أن ننهي
الاحتلال ونكسر كل الحواجز التي تقف أمام طموحات شعبنا.
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment