تاريخ الحركة الرياضية في فلسطين
منذ مطلع القرن العشرين وحتى عام
النكبة
د. عصام سامي الخالدي
إلى كل
من عمل في حقل التربية البدنية والرياضة
إلى كل
الرياضيين
إلى
الذين سهروا وثابروا وناضلوا من أجل رفع مستوى الحركة الرياضية الفلسطينية قبل
النكبة
اهدي
هذا الكتاب
المحتويات
الموضوع الصفحة
المقدمة
-----------------------------------------------------------
الفصل الأول
الحركة الرياضية الفلسطينية منذ مطلع القرن
العشرين وحتى
عام 1944
§
جذور الحركة
الرياضية العربية ---------------------------------
§
حالة اللاتعاون
العربي اليهودي وتشكيل الاتحاد الرياضي الفلسطيني
العربي 1931-1935 -----------------------------------------
§
الحركة
الرياضية 1936 - 1944 -------------------------------
الفصل الثاني
إعادة تشكيل الاتحاد الرياضي العربي الفلسطيني
--------------------
§
نشاطات
الاتحاد الرياضية---------------------------------------
§
الالتزام
بالقواعد والانضباط ------------------------------------
§
الاتحاد
الرياضي الفسطيني وتمثيل فلسطين على الساحة الدولية ----
§
الحركة
الرياضية ومؤتمر الشباب والحركة الكشفية والعمالية -----
§
الرياضة
المدرسية ---------------------------------------------
§
السمات
الأساسية للحركة الرياضية ------------------------------
§
الصحافة
الرياضية ---------------------------------------------
§
المصاعب التي
واجهت الحركة الرياضية ------------------------
الفصل الثالث
الصهيونية
والحركة الرياضية
§
جذور الحركة
الرياضية الصهيونية ----------------------------
§
الأندية
اليهودية ونشاطاتها في فلسطين -------------------------
§
المكابياد
(المكابياه) المهرجان الرياضي الصهيوني -------------
قائمة الأندية والمدارس والملاعب--------------------------------
المصارد والملاحظات -------------------------------------------
المقدمة
تحاول الصهونية جاهدة تشويه تاريخنا الذي يحمل في طياته قيما إنسانية
وحضارية، مستخدمة غطاءها الدعائي على هذه الحقبة من الزمن ، متنكرة للحقيقة التي تقف
دائماً جنباً إلى جنب مع التاريخ. فهي تحاول أن توهم العالم أنه لم يكن للشعب
الفلسطيني أي نشاطات ثقافية ورياضية وفنية. وكأنهم كانوا فقط رعاة أغنام أميين لا تربطهم بالحضارة والقيم
الإنسانية أي رابطة.
من هنا فإنه على العاملين في حقل
التاريخ تقف مهمة وطنية جليلة ، ألا وهي
دراسة تاريخ فلسطين من جميع جوانبه
ودحض الآراء التي تسعى إلى تشويهه ، والعمل على إبراز جوانبه المتعددة ، لتكون
وسيلة فعالة من أجل تربية جيلنا الفلسطيني على أسس القيم التي ورثها عن آبائه وأجداده.
فمن أجل التعرف على الصهيونية – جوهرها ونشاطها
وأهدافها - يتوجب علينا دراستها من جميع جوانبها. كما أن فهم الصراع مع الصهيونية
لا يمكن أن يكون إلا من خلال الفهم التاريخي والثقافي له والذي تجلى بجميع أوجه
الحياة السياسية والاقتصادية
والاجتماعية والثقافية والتي كانت الرياضة
تشكل عنصراً أساسياً بها. وقد كانت الرياضة أحد هذه النشاطات التي استخدمتها الصهيونية من أجل تحقيق أهدافها منذ
بدء الهجرة حتى عام النكبة. فالرياضة برغم جبروتها التربوي الأخلاقي ، إلا انه
يمكن استخدامها لتلبية الاطماع العنصرية. كلما أزحنا الغبار عن الحقبة الزمنية قبل عام
النكبة 1948 وجدنا كنوزاً ثقافية ومعنوية
دفنت بعامل الدمار والتشرد ، فجزء منه تناثر وجزء حبس في الأرشيفات الإسرائيلية
حيث اصبح صعب المنال . وهذا ليس بغريب في
زمن بنيت فية الساحات والملاعب على مقابر أجدادنا. لقد قامت الحركة الرياضية
الفلسطينية على أسس وطنية واجتماعية وتنظيمية
، واستطاعت هذا الحركة أن تلعب دوراً (خاصة بعد إعادة تشكيل الإتحاد عام 1944) في
دعم الحركة الوطنية وارسخت صرحاً للثقافة الفلسطينية التي كان النشاط الرياضي يشكل
جزءًا هاماً منها. وذلك من خلال النشاطات الفعالة للأندية الفلسطينية في
العشرينيات والثلاثينيات وتنسيقها فيما بعد مع الإتحاد. كما عملت هذه الحركة على
توطيد وتقوية الروابط بين الشعب الواحد في المدن والقرى المختلفة وعمقت من الترابط القومي والثقافي بينها وعلى مد جسور التعاون مع الفرق الرياضية في الاقطار
العربية الشقيقة. ولم يلعب نشاط آخر هذا الدور في تعميق الحس الاخوي بين أبناء فلسطين كما لعب
النشاط الرياضي منذ العشرينيات وحتى عام النكبة.
قبل النكبة كان هناك اتحاد رياضي فلسطيني منظم ، وكان يضم خمسة وخمسين نادياً
في فلسطين وقد بلغ عدد الأندية في تلك الفترة في فلسطين حوالي خمسة وستين ناديًا.[1]
وفي قضاء القدس وحدها كان هناك ثمانية عشر نادياً قروياً. وهذا ليس بالرقم القليل بل هو دليل على ما
تميزت به الحركة الرياضية من تنظيم وسمو. والمتتبع لتاريخ فلسطين يجد أن معظم قرى فلسطين أصبح فيها فريق أو ناد رياضي .
فلذلك لا بد من التأكيد على أن فلسطين لم تتميز بالتطور التعلميي المدرسي وعدد
تلاميذها فحسب ، وإنما بظاهرة انتشار الأندية
الرياضية والاجتماعية أيضاً.
كانت
الحركة الرياضية موازية ومتداخلة مع الحركة الوطنية فهي لم تكن بمعزل عن
الأوضاع السياسية وعن التعاون الوثيق بين
الانتداب والصهيونية في فلسطين. فبرغم العوامل الموضوعية والذاتية في تلك الفترة والمسار
"المتموج" لهذه الحركة، إلا أنه قد لوحظ هذا التطور التصاعدي في الأربعينيات وخاصة بعد اعادة تشكيل الاتحاد
الرياضي الفلسطيني
لما تميزت به هذه الفترة من تنظيم وتوسيع لقاعدة النشاط الرياضي.
قام العديد من العلماء في العديد
من المجالات بدراسة موجزة للحركة الوطنية الفلسطينية والتربية والتعليم و الإقتصاد والحركة العمالية والنقابية وغيرها . ولكن لم
يسجل إلا القليل جداً من تاريخ حركة ضمت بداخلها قيماً إنسانية وحضارية لشعبنا
الفلسطيني قبل النكبة ، ألا وهي الحركة الرياضية.
لم تقم أي دراسة حول طبيعة هذه الحركة التي لم تكن بمعزل عن الأوضاع
السياسية والإقتصادية والإجتماعية ويعود السبب في ذلك إلى قلة الاختصاصيين في مجال
التربية البدنية. إن الرياضة للأسف أولاً:
لم تصل كعلم إلى مستوى يؤهل كوادرنا إلى التمحص في اعماق تاريخنا الفلسطيني .
ثانياً: حتى وقتنا الحاضر لم يصل قياديونا إلى إدراك سمات هذا النشاط وجوهره
وجوانبه الصحية والاجتماعية والاخلاقية. لقد شد انتباهي وأنا اطالع الموسوعة
الفلسطينية أنه لا يوجد ما يلبي احتياجي كعامل في حقل التربية البدنية من معلومات
حول الحركة الرياضية في فلسطين قبل
النكبة. هذه الحركة التي كان لها دور هام في تربية جيلنا الفلسطيني والتي كانت
ملازمة لمسيرة نضال الحركة الوطينة . كما أن اقسام التربية البدنية في جامعاتنا
تفتقر إلى مواد ومناهج حول هذا الموضوع. إن المواضيع التي نشرت حول الحركة
الرياضية في فلسطين كانت مقالات للكاتب في
بعض الصحف المحلية والعربية. وقد واجهت
الكاتب مصاعب جمة أهمها شحة المصادر في هذا الصدد حيث شكلت صحيفة "فلسطين" مصدرًا رئيسيًا اعتمد
عليه ، بالإضافة الى الوثائق والكتب حول تاريخ فلسطين بشكل عام.
اتقدم بالشكر إلى معهد الاستشراق في موسكو لتوفيره
بعض الأعداد من جريدة "فلسطين" ، كما ولا يسعني إلا أن أعبر عن امتناني
للمكتبة العامة في سان فرانسيسكو التي زودتني
بصحيفة "فلسطين" ( ميكروفيلم) التي تم استعارتها من مكتبة
الكونجرس في واشنطن ومكتبة نيويورك وشيكاغو وبمواد ومصادر اخرى. كما
وأتقدم بالشكر لجمعية الدراسات العربية في القدس (التي اغلقتها سلطات الاحتلال
الإسرائيلية) لتوفيرها لي بعض الوثائق الهامة في هذا المجال. وإلى الاستاذين
الفاضلين عدنان صادوق وفريد حناالله لتقديم المساعدة في تحرير هذا الكتاب.
د. عصام سامي الخالدي
الفصل
الأول
الحركة
الرياضية منذ مطلع القرن العشرين
حتى
عام 1944
جذور الحركة الرياضية
تعود
جذور الحركة الرياضية في فلسطين إلى نهاية القرن التاسع عشر عندما بدأت بعض الإرساليات
الأجنبية بتأسيس مدارس خاصة بها في العديد من المدن الفلسطينية وخاصة في مدينة
القدس ، مثل مدرسة المطران الانجليزي صموئيل غوبات عام 1879 ومدرسة دي لاسال
(الفرير) ، ومدرسة الفرندز في رام الله عام 1890 والساليزيان في بيت لحم وقد أولت
هذه المدارس اهتماما بالتربية البدنية التي كانت تدخل ضمن المنهاج.
في عام 1908 تم تشكيل أول فريق لكرة القدم على
مستوى مدرسي في مدرسة المطرانSt. George في القدس ، في عام 1909 تغلب هذا الفريق على
فريق الجامعة الأمريكية في بيروت (الذي كان يعتبر من أقوى الفرق في المنطقة) في
عقر داره ، وقد ضم هذا الفريق عزت طنوس (والذي اصبح فيما بعد عضوا في الهيئة
العربية العليا). [2] وفي عام
1910 فكر عدد من الشباب الناهض بتشكيل فريق لكرة القدم يباري فرقا اجنبية كانت
تزور فلسطين في تلك الفترة. وتم تشكيل أول فريق عربي في البلاد وأقام عدة مباريات
مع الفرق الاوربية كان هذا الفريق يضم اللاعبين داود دعدس فائق شبيطة ، جورج خوري ، حلمي الحسيني ، قسطندي لباط ،
جورج حلبي ، عبدالله الجمل ، حسن عويضة ، توفيق الحسيني ، سليم حنا ، فؤاد نشاشيبي .
في عام 1909 اسس خليل السكاكيني
المدرسة الدستورية في القدس وقد نهج اسلوب خاص بالتعليم وهو الخلو من الدرجات ومنع العقاب
والتركيز على الموسيقى والرياضة. [3]
هذا بسبب تأثره بطرق التعليم الامريكية ، خاصة بعد عودته من الولايات المتحدة
الامريكية.
بدأت فيما بعد كرة القدم بالانتشار وخاصة في مدارس القدس ، هنا لا بد من الاشارة
إلى أحد الأخبار الذي ورد في صحيفة "فلسطين" 13 نيسان 1912 حول مباراة
في كرة القدم ، والذي كان يعكس أيضا طبيعة النشاط الرياضي الذي كان قد بدأ في تلك
الفترة وقد استخدم به اصطلاح (الفوط بول) والذي فيما بعد عرب الى كرة القدم .
"يوم الاثنين من هذا الأسبوع ابتدأ الرهان على لعبة "الفوط بول"
الذي حضر لأجله شبان المدرسة الكلية في بيروت مع بعض أساتذتهم فنصب في الملعب
صالون كبير وعند الساعة الرابعة افرنجية نزل إلى الميدان شبان الكلية والشبان
الإسرائيليين والبعض من مدرسة الشبان القدسية وكان الفوز لشبان الكلية .....أما في
يوم الأربعاء فكانت المقابلة مع تلامذة مدرسة المطران وانتهى الميعاد بدون أن يكون
الفوز لأحد الجهتين".
في أكتوبر 1911 قام فريق من الشبان
في يافا بتأسيس ناد جديد للرياضة وكانوا قد
عرضوا برامجه وقوانينه فيما بعد وطلبوا ممن يريد المساعدة في دعم هذا
النادي أن يعلم بذلك أحد أعضائهم ، وقد سمي فيما بعد السيركل سبورتيف (المنتدى
الرياضي). وفي الثلاثنيات تحول اسم هذا المنتدى الى النادي الرياضي في يافا
(السركل سبورتيف) يعتبر هذا النادي اول نادي رياضي ثقافي اجتماعي في فلسطين. وقد
لوحظ أنه بعد بدء الانتداب في فلسطين اصبح الجهاز العسكري يهيمن على هذا النادي الذي كان نشيط في مجال لعبة التنس
حيث بدأ بإقامة منافسات في هذا النوع من الرياضة منذ بداية العشرينيات بمشاركة
الجنود والضباط البريطانيين. عمل هذا النادي حتى عام 1948.[4]
تأسس هذا النادي من قبل العرب وبعض
الوجوه الأجنبية العاملة في هذه المدينة. وكان هدفه إحياء الألعاب الرياضية التي
كان أعضاء هذا النادي يرى أن من شأنها تقوية العضلات وانماء الجسم وإكسابه عافية
ونشاطًا. وقد وضعوا له قانون بأن لا يقبل في عضويته غير من حسنت أخلاقه
وسمت مبادؤه وشهد له الناس بعلو الآداب . ودعا أحد قوانين هذا النادي إلى أن لا يتباحث
الأعضاء فيه بالأمور السياسية والدينية. انتخب رئيساً له حضرة الشاب الاديب
المحامي فرنسيس افندي خياط ونائبين للرئيس الافندية أنطون جلاد والفونس روك
واميناً للصندوق الفونس افندي الونصو وسكرتيراً فؤاد افندي كساب وأعضاء إلياس
افندي سالم برتقش وزكي افندي روك .[5] وقد
قام مجموعة من الأعضاء بتوجيه النقد لهذا النادي عبر صحيفة "فلسطين" حول سلوك
الأعضاء الأجانب في النادي كما اتهم الأعضاء العرب بممارسة ألعاب القمار فيه.[6] أقام هذا النادي سباقا للجري 1800م (الذي يعتبر اول سباق للجري في فلسطين) في مدينة
يافا حيث اشترك به سبعة من أعضاء هذا النادي . وقد بدأوا هذا السباق من بيارة
الأقباط مرورا بجميزات المساكين على طريق القدس وساروا في شارع زقاق البطمة حتى
آخره حيث المنتدي.[7]
بعد وعد بلفور 1917 بدأ يلاحظ هذا التسارع في تأسيس
الأندية والجمعيات الخيرية والكشفية والنسائية . ولقد أصبح تأسيسها مطلبا
ملحا من أجل الرد على الخطر الصهيوني. كان نشاط الأندية في تلك الفترة يأخذ طابعا
وطنيا اجتماعيا . [8] فنشوءها
كمؤسسات اجتماعية سياسية كان يعكس سعي الفئات المثقفة من أجل التعبير عن حسها
الوطني المعادي للانتداب والصهيونية. فيما بعد بدأ يبرز الطابع الرياضي بالاضافة إلى الاجتماعي والثقافي .[9] (مثل
النادي الدجاني الذي تأسس كمنتدي اجتماعي - عائلي في بداية العشرينيات وفي
الثلاثينيات تحول إلى ناد رياضي) . كانت نشاطات هذه الأندية ومساهمتها في الحياة
الاجتماعية مختلفة فيما بينها ولكن النمط
النموذجي لهذه الأندية كان يضم لجنة ادبية ورياضية ومكتبة ، وبعضها كان يحتوي على
مكتبة وبعضها كان يضم لجنة طلابية. [10]
في
منتصف العشرينات اخذ النشاط الرياضي في النمو وأصبحت الرياضة تشكل جزءا من الوعي
الاجتماعي لدى فئات مختلفة من السكان ، لذلك فإن العديد من الأندية ظهرت كأندية
رياضية كان النشاط الرياضي يشكل الجزء الأكبر من نشاطاتها (مثل النادي الرياضي الإسلامي
في يافا والنادي الرياضي العربي في القدس). وقد كان لنشاط هذه الأندية دورا كبيرا
في تشكيل وصقل الشخصية الفلسطينية من خلال هذا التقارب بين أبناء فلسطين ومن خلال تداخل
النشاطات المختلفة (الأدبية والاجتماعية والرياضية) فيما بينها. فكما اشير سابقا
إلى أن هذه الأندية التي نشأت كأندية رياضية ، فإن هذه الوسيلة - أي الرياضة -
ساعدت في النهوض بنشاطات أخرى كالثقافية والاجتماعية ، وقد كان تأسيس الأندية دفعة
لهذه الحركة الوطنية التي سعت منذ البدء إلى إظهار الهوية الوطنية الفلسطينية
والنضال ضد المد الصهيوني والانتداب البريطاني.[11] وقد
كان لهذه الأندية دور تربوي تعليمي ، حيث أن هذه الأندية العديدة التي كانت تنتشر
في مدن فلسطين كانت تعتبر مؤسسات تربوية تعليمية بعد المدارس والكليات. فقد كان
لكل ناد مكتبة ولجان ثقافية واجتماعية ورياضية وبعضها كان له لجنة سياسية . كما أن
معظم المثقفين العرب كانوا أعضاء في هذه الأندية . تراوح عدد أعضاء هذه الأندية
بين مئة عضو وثلاثة آلاف عضو مثل النادي العربي الذي كان قد تأسس عام 1919 وقد كان
نشاط الأندية يضم المحاضرات والنقاشات والاحتفال بالمناسبات الدينية وقد عملت اللجان الثقافية على تنظيم المحاضرات التي كانت
تهاجم الصهيونية وتنبه لأخطارها .[12]
في عام 1922 تأسست روضة المعارف في القدس وفوراً بعد
تأسيسها دخلت في اتحاد الزهرة الذي تأسس عام 1923 وكان يضم فرق الدرجة الثانية .
اصبح هذا الاتحاد يضم في بداية الثلاثينيات بالاضافة الى روضة المعارف الأندية
التالية : جمعية الشبان المسيحية ، النادي الرياضي العربي المقدسي ، شركة شل ،
نورديا ، اوفير ، هأوار هعوفيد (الثلاثة الاخيرة فرق يهودية).
في بداية
العشرينيات تأسست جمعية الشبان المسيحية ولكن في عام 1928 بدأ العمل في بناء مبنى
كبير يضم ملاعب وبرك سباحة وقد تم افتتاحه في عام 1932 وكان قد تبرع ببنائه أحد الأثرياء الأمريكيين بقيمة
مليون دولارٍ. كانت هذه الجمعية تضم اعضاء من الانجليز والعرب واليهود . وكان
مؤسسوها يدعون بأن أهداف هذه الجمعية تنحصر في النواحي الثقافية والاجتماعية
والرياضية وبأنها تهتم بثقافة الشباب علميا وأخلاقيا وبغرس الروح الرياضية فيهم ،
وكانت تطرح مبدأ عدم التدخل في الأمور السياسية والدينية وعدم التمييز بين
المذاهب.[13]
وقد أولت هذه الجمعية اهتماما بالغا بالنشاط الرياضي مثل كرة القدم (حيث كانت عضوا
في الاتحاد الرياضي العربي الفلسطيني في بداية الثلاثينيات وبعد إعادة تأسيسه عام
1944) وألعاب القوى وكرة السلة والتنس الأرضي وتنس الطاولة حيث قامت بتنظيم عشرات
البطولات في هذين النوعين بمشاركة العديد من رياضيي الأندية العربية. لقد كانت هذه
الجمعية تضم الكثير من العاملين العرب الأمر الذي أعطاها الصبغة العربية على مدى
ربع قرن. فبعد محاولة الصهيونية جذبها للمشاركة
في مهرجان المكابياد الصهيوني الذي اقيم في تل ابيب في عامي 1932 و1935 ،
إلا أنها لبت مطالب الحركة الوطنية الفلسطينية بعدم المشاركة بهذين المهرجانين. [14]
في عام 1924 كان قد تأسس نادي الشبيبة الأرثوذكسية في يافا وحال تأسيسه ألف
فرقة رياضية حيث استأجرت ملعبا خاصا وجعل الأعضاء كلهم يبثون الروح الرياضية بين
الجمهور حتى اصبح قسم كبير من السكان ممن لم يفكر بالألعاب الرياضية يهتم بها
وأصبح الكثيرون يحضرون المباريات كلها مشجعين اللاعبين بحماس شديد. [15]
لقد كان تأسيس هذا النادي هو تلبية للدعوة التي طرحها المؤتمر الأرثوذكسي الأول
في مدينة حيفا عام 1923 حيث دعا إلى تأسيس الأندية والمدارس الأرثوذكسية العربية
في فلسطين وشرقي الأردن . وبث روح التآخي والتعاون بين الهيئات الأرثوذكسية . وقد
عقد هذا المؤتمر بسبب النزاع بين العرب الأرثوذكس والرئاسة الروحية اليونانية
والذي بدأ عام 1872 . فيما بعد استؤنف هذا النزاع عام 1908 في أثر إعلان الدستور
العثماني ، فهبت الطائفة الأرثوذكسية تطالب الحكومة برفع نير الظلم عن أعناقها
واسترجاع حقوقها التي اغتصبها الرهبان الغرباء . وفي سنة 1923 عادت المشكلة الأرثوذكسية
إلى الظهور ، ومنشأها إنتخاب اسقف لمدينة
الناصرة لا يعرف العربية لغة الشعب ، وهي
صفة قانونية من الصفات المقتضاة لهذا المنصب.[16]
كان النادي الأرثوذكسي في يافا هو أول ناد تأسس بعد المؤتمر الأول وتلاه
تأسيس النادي الأرثوذكسي في القدس عام 1926 وفي عكا واللد عام 1927 وفي الرملة عام
1932 . في مقالة لأحد الرياضيين في صحيفة "فلسطين" يشيد بها بنشاط
النادي الارثودكسي في يافا " لا نبالغ اذا قلنا بأن لنادي الشبيبة الأرثوذكسية
فضلا كبيرا لا ينكر على تقدم لعبة كرة القدم في الثغر (قرب يافا) بين الوطنيين ،
ناهيك عما تقوم به لجانه الأخرى من الاعمال المفيدة ، إذ كثيرا ما حضرنا اجتماعاته
العلمية والفنية والرياضية والمالية فرأيناها تنم عن وطنية صادقة...... وجعل الأعضاء
كلهم يبثون الروح الرياضية بين الجمهور حتى اصبح قسم كبير من السكان ممن لم يفكر
بالألعاب الرياضية يهتم الآن بها اهتماما عظيما وأصبح الكثيرون يحضرون المباريات
كلها من بدئها إلى نهايتها مشجعين اللاعبين بحماس شديد وقد نازلت فرقة هذا النادي
فرقا كثيرة في الثغر وفي الخارج منذ تأسيسها نذكر منها في هذه السنة فرقة النادي
الارثودكسي المقدسي وفرقة نادي البقعة المقدسي أيضا وفرقة النادي الكرملي الحيفاوي
، وفرقة النادي العربي النابلسي ، وفرق كثيرة أخرى من المعسكر الانكليزي في الرملة
وصرفند".[17] كما
ويعتبر هذا النادي من أوائل الأندية التي مارس اعضاؤها لعبة الملاكمة فقد شكل فريق
للملاكمة استطاع التباري مع الملاكمين اليهود من "المكابي" اليهودي
والتغلب عليهم وكان من احدى النشاطات الهامة أن نظمت إدارة هذا النادي حفلة ملاكمة
في تموز 1929 لإحراز بطولة فلسطين حيث تبارى الملاكم العربي المعروف آنذاك أديب
كمال التركي مع نظيره فركسمان اليهودي.
في الاجتماع الثاني للأندية والجمعيات الأرثوذكسية المنعقد في رام الله عام
1929 كان احد قراراته ارسال وفد من اللجنة العليا في اغسطس سنة 1929 لزيارة
الهيئات الأرثودكسية والعمل على تأسيس الأندية والجمعيات الأرثودكسية في فلسطين
وشرق الأردن. [18] فيما
بعد أخذت الأندية الأرثوذكسية تنتشر في كل مدينة في فلسطين وقد لعبت هذه الأندية
دورا هاما في دفع النشاط الرياضي والثقافي إلى الأمام .
في مقال يعكس القيمة الفكرية للأندية في فلسطين " إذا حق لفلسطين أن
تفتخر فبالنهضة التي يقوم بها شبابنا الآن إذ رغم
تطاحن الاحزاب ما نقرأه في الصحف من سلق الزعماء بعضهم بعضا بألسنة حداد
يرى نشاط الشبان مستمرا في كل البلاد فلا يمر يوم إلا ونسمع فيه عن المحاضرات تلقى
في أنديتهم والمباريات تجرى بين فرقهم والاحتفالات تقام لتكريم من يستحق التكريم
وغير ذلك من الامور التي تشرف سمعة بلادهم وتساعدهم في المستقبل على رفع مستواهم.
والجميل في هذه النهضة المباركة عدم تحيز احد الفريق دون آخر مما يشكرون عليه وعد
اهتمامهم بالمناصب الاسمية التي ما كانت لتستحق اهتمام زعمائنا الذين فضلوها على
قضية بلادهم الكبرى حباً بمصالحهم الشخصية ".[19]
في
هذه المقالة أيضاً يشار إلى الروح التي تميز بها أحد اللقاءات الكروية بين نادي
الشبيبة الأرثودكسية والنادي الرياضي في غزة ( الذي كان يعتبر أيضاً من أوائل
الأندية التي أسست في فلسطين ومورست به لعبة كرة القدم) " ومن أجمل مظاهر هذه النهضة ما حدث أخيراً
في غزة وقد تجلت الروح الوطنية والألفة بينهما بأجلى مظاهرها أثناء اللعب وبعده .
فكنا نرى السرور بادياً على محيا كل من الداعين والمدعويين ".
في
عام 1926 تم تأسيس النادي الرياضي الإسلامي في يافا الذي لعب دورا كبيرا في دعم
الحركة الرياضية في فلسطين. وقد انتخب الأستاذ محمد هيكل امينا للنادي حيث كان
النظام الداخلي للنادي يقضي بعدم وجود رئيس له ، والاكتفاء بمنصب السكرتير. وقد ضم
النادي بين صفوفه اللاعب عبد الرحمن الهباب الذي اصبح فيما بعد سكرتير الاتحاد
الرياضي الفلسطيني الذي أعيد تأسيسه عام
1944 والدكتور داود الحسيني الذي تولى تشكيل الاتحاد الرياضي العربي
الفلسطيني عام 1931 . وكان هذان السيدان من مؤسسي هذا النادي بالاضافة إلى شخصيات
أخرى مثل الاستاذ ممدوح حافظ النابلسي ، محمد موسى النقيب الحسيني ، عبد السلام
الدجاني ، رشاد الدباغ ، إبراهيم رامز نجم ، المحامي أمين عقل ، المحامي صبحي
الايوبي ، والمحامي رشدي الشوا . [20]
في بيت لحم تأسس نادي الشبيبة البيتلحمية عام 1927 حيث ضم لجنة رياضية
بالاضافة إلى اللجنة الادبية والتمثيلية والموسيقية والخيرية. وفي حزيران 1928
تأسس النادي الرياضي العربي في القدس وكان قد تأسس كفرقة رياضية في أواخر عام
1927. ولم تمض مدة سنة على تأسيس هذه
الفرقة حتى انهال عليها الشباب الإسلامي والمسيحي راغبا في الانضمام اليها. وكان
من تقاليد الأندية أن يضع اعضاؤها وقياديوها قانونا يضبط ويسير عملهم يقوم على أسس ديمقراطية تعطي الامكانية لكل فرد
فيه أن يبرز طاقاته ويعبر عن رأيه وطموحاته . وحول غاية النادي فأشير في القانون
الداخلي أنها تقوم على تقوية اجسام الشبيبة العربية بواسطة الألعاب الرياضية
"العقل السليم في الجسم السليم" ، ورفع مستواهم الأدبي. ومن مواد
القانون الأساسي قبول كل عربي في النادي بصرف النظر عن دينه. وقد تم انتخاب فؤاد
خضرة ، نزار استانبولي ، فوزي محي الدين النشاشيبي (امين صندوق) ، خالد الدزدار
(رئيس الفرقة الرياضية) ، إبراهيم نسيبة (سكرتير).[21] استطاع هذا النادي أن يثبت جدارته على الصعيد
الرياضي حيث تبارى مع الفرق اليهودية مثل فرقة "مكابي هشموناي" الذي كان
يعتبر من أقوى الفرق في فلسطين في تلك الفترة.
عند الحديث عن الرياضة في فلسطين وخاصة في العشرينات لا بد من ذكر مصارع
شاب ذاع اسمه في كل انحاء المعمورة وقد
نشرت الصحف كثيراً من الأخبار عن بطولة المصارع اليافي عبد الرحمن الجيزاوي الذي
اشتهر في فن الصارعة في جمهورية التشيلي التي رحل إليها الجيزاوي عندما كان عمره
لا يتجاوز العشرين. وما أن وصل هناك حتى التقى بأحد مسؤولي الجالية العربية الذي أخذ على عاتقه تقديمه للصحف والمجلات
ورجال الرياضة هناك. وقد أحيت هذه الجالية حفلة خاصة قام فيها هذا الشاب بألعاب
مدهشة مما لفت انظار الحضور ولا سيما مراسلي الصحف . وكان ضمن هذا العرض ثني قضيب
حديدي والاستلقاء على لوح خشبي سميك
دقت فيه المسامير.
وقد تصارع الجيزاوي مع مصارع إيطالي يزن خمسة وتسعين كيلوغراما أي بما يزيد
عنه بنحو عشرين كيلوغراما فنازله على أحد المسارح بحضور كبير يعد بالألوف بينه
جميع أبناء الجالية العربية وبعد عراك عنيف تغلب العربي على الايطالي ورمى به إلى
الارض فأعلن الحكم فوزه . فهرع المتفرجون إلى المسرح ورفعوه على الأكتاف وهم
يهتفون : " فلتحيا فلسطين ، فليحيا العرب ، فليحيا عبد الرحمن الجيزاوي
" .[22]
لقد قام
الانجليز بإدخال انواع جديدة من الرياضة منها كرة القدم والرجبي والكريكيت والبولو والملاكمة والدراجات الهوائية
والتنس وسباق الخيل الذي قام الانجليز في بداية العشرينيات بتأسيس نادي خاص لهم
اسموه بنادي الجمخانة ، حيث كان البوليس وجاندرمة فلسطين وموظفو الإدارة
البريطانية هم الذين يمارسون هذا النوع من الرياضة. في نيسان 1928 تقرر تغيير اسم هذا النادي إلى
"نادي السباق اليافي" بعد ان أصبح يضم أعضاء من العرب شاركوا في إدارته
. فيما بعد ، أصبح يعرف بنادي الاتحاد اليافي. وقد أقام أول سباق له في نيسان من
ذلك العام .
يدعي المؤرخان الاسرائيليان هريف وجليلي بأنه
ليس هناك أي دليل على أن سلطات الانتداب حاولت فرض أي نوع من الرياضة على السكان
في فلسطين . ويشيران الى ذلك الفضل الكبير للانتداب بنشر انواع عديدة من الرياضة
في فلسطين.[23] بالطبع
ليس هناك جدل حول ذلك ، فالانتداب لم يفرض أي نوع من الرياضة على السكان ولكنه بحد ذاته كان قد فُرض على فلسطين دون مشاورة
اهلها ، كما أن نوع رياضة مثل كرة القدم مثلاًً كان قد دخل إلى فلسطين قبل
الانتداب البريطاني ، بالاضافة إلى ذلك فإن وجود الفرق الرياضية العسكرية
البريطانية كان يعمل لصالح الانتداب أولاً ثم لصالح الفرق اليهودية التي كانت
زعاماتها مرتبطة بمصالح جمة مع الانجليز.
في عام 1926 كان قد تأسس"
نادي تشجيع الرياضة" في مدينة عكا ففي السنة الاولى من تأسيسه قام بحفلة
رياضية كبيرة ومسابقات في الخيول
والدراجات والركض وشد الحبل والقفز . ولكن ، وفيما بعد ، تحول هذا النادي إلى مركز
للمراهنات في سباق الخيل . وقد بدأت تظهر في نهاية العشرينيات وأوائل الثلاثينيات
سلسلة من المقالات للأديبة أسمى طوبى من عكا والكاتب اللبناني مصطفى العريس ومن
محرر صحيفة "فلسطين " أيضا حول
فواجع القمار المشينة من المراهنات في سباق الخيل في بيروت وغيرها. ففي إحدى
المقالات التي وردت في هذه الصحيفة في ايلول عام 1931 التي تعكس هذا الاستياء
الشعبي من هذا النادي " ولو أن هذا النادي الموقر يسعى حقيقة لتشجيع الرياضة
وفي مقدمتها سباقات الخيل لكنا حمدنا صنعه ولكنه على ما ظهر يريد أن يكون له من
وراء ذلك تجارة مادية يملأ من ورائها صندوقه . ومن يملأ هذا الصندوق ايها القاريء الكريم .... إنني
اعتقد أنه لو كانت غاية هذا النادي الوحيدة هي تشجيع الرياضة لكان أعار تلك
الكتابات حول " فواجع سباق الخيل" شيئا من الأهمية والاعتبار فألغى
المراهنات ودعا الناس إلى حفلاته للتفرج وليس للمراهنات والغريب أنه يعلن في سباقه
"الثامن" أن قيمة الجوائز ستكون خمسين جنيها. فمن أين يدفع النادي هذه
الخمسين جنيها ياترى؟ أتنزل إليه من السماء؟ ام أنه يلتقطها من الأرض؟ ام تقذف به
شواطىء البحر؟ ".
حالة اللاتعاون العربي اليهودي وتشكيل الاتحاد
الرياضي الفلسطيني (العربي)
في عام 1924 شكل
اليهود ما يسمى بمنظمة كرة القدم للأندية من أجل ضم كافة الأندية الصهيونية وتنظيم
عملها . وفي عام 1928 تم تشكيل ما سمي بجمعية فلسطين لكرة القدم من قبل اليهود
والفرق العسكرية البريطانية والعرب. لكن الصهاينة لم يلتزموا بالقوانين الداخلية
لهذه الجمعية فبتعاونهم مع البريطانيين حاولوا الهيمنة على هذه الجمعية وإعطائها
الطابع الصهيوني سواء بجعل أنفسهم غالبية فيها أو بإدخال اللغة العبرية والعلم
العبري في شعارات هذه الجمعية . وقد حاول اليهود استقطاب الأندية والفرق العربية
من كل سوريا ومصر للتباري معها ودعوتها إلى فلسطين.(سوف يشار إليها لاحقا)
في
شباط عام 1931 حضر الى فلسطين فريق منتخب الجامعة المصرية الذي كان يضم اشهر
اللاعبين في الكرة المصرية بدعوة من الاتحاد اليهودي ولم يتقدم لمباراة هذا الفريق
من الفرق العربية في فلسطين سوى فريق نادي الشبيبة الارثودكسية في يافا وقد حثت
صحيفة فلسطين الجمهور اليافي لحضور تلك المباراة التي ستكون حجرا متينا في أساس
سمعة فلسطين الرياضية ومستقبلها الرياضي " لذلك نرجو أن يذكر اليافيون يوم 15 شباط الجاري وأن يستعدوا لحضور
أكبر وأدهش مباراة تراها يافا إلى الآن".[24] وقد
أدى ذلك إلى أن تنتقد صحيفة "فلسطين"
الفرق العربية لتقاعسها عن التباري مع فرقة الترسانة المصرية التي حضرت الى فلسطين
في آذار من ذاك العام ولم تتبار إلا مع الفرق اليهودية "في الثامن من هذا
الشهر ستحضر لفلسطين أكبر الفرق المصرية الرياضية لكرة القدم ورب قائل يقول مع أي
الفرق ستتبارى ولكن الجواب يكون (بلا شك) مع الفرق اليهودية ! كفى أيها الشباب !
ما هذا الجمود وما هذا الخمول ! جاءت منذ شهر ونصف تقريبا إلى فلسطين فرقة الجامعة
المصرية وتبارت مع الفرق اليهودية ولم يتقدم من الفرق العربية لمباراتها إلا
النادي الارثودكسي النشيط وكانت النتيجة أحسن من نتيجة المباراة التى اقامها
المكابي اليهودي فرفع اسم العرب الفلسطينيين الرياضي في الاندية الرياضية المصرية
وأفهمهم أنه يوجد بفلسطين فرق عربية تتقن هذه اللعبة من كل وجوهها وتفوق الفرق
اليهودية حتى البريطانية".[25] وفي
نفس الشهر من هذا العام يكتب احد قراء صحيفة "فلسطين" حول مباراة نادي
الترسانة المصري مع أحدى الفرق اليهودية "... وعندما قرب موعد اللعب برز إلى
الميدان المنتخب المصري وما يسمونه فريق الاتحاد الفلسطيني (أي جمعية فلسطين لكرة
القدم التي تم ذكرها) وهو خليط من الجند
البريطاني والشبان اليهود... واخذت لهم عدة رسوم وقد وقف بينهم حاكم القدس وقنصل
مصر .... أما الاعلام التي رفعت على جانب الملعب فالعلم المصري بين العلمين
البريطاني والصهيوني ... وكان يحيط بالملاعب عدد كبير من الجند البريطاني والبوليس
الفلسطيني الراكب للمحافظة على النظام".[26] هذا ما كان يعكس وقاحة الجانب
اليهودي في محاولته في التنسيق مع الفرق المصرية على انفراد ، وتهميش الفرق
العربية التي كانت على مستوى جيد يؤهلها للتباري مع الفرق القوية في المنطقة.
لقد
كان ذلك دافعا إلى أنه في بداية عام 1931 تقرر البحث في إنشاء وتأليف منتخب عربي
فلسطيني لكرة القدم يسعى لأن يمثل فلسطين على الصعيد المحلي والدولي ، من خلال
اجتماع حضره مندوبون عن النادي الاسلامي في
يافا والنادي الرياضي العربي في القدس ونادي الشبيبة الارثودكسي في يافا. وقد
انتخبت اللجنة الدكتور داود الحسيني (النادي الرياضي الاسلامي- يافا) رئيسا وجورج
موسى (النادي الارثودكسي - يافا) سكرتيرا. وفوراً ، وفي شهر أيار من ذلك العام
تشكل اول منتخب عربي فلسطيني حيث توجه الى بيروت للتباري هناك وكان لاعبوه يمثلون
نادي الشبيبة الأرثودكسية بيافا: عطاالله اقديس، منير دلل ، خليل متري ، عيسى
غندور ، إميل صبيح ، النادي العربي بالقدس: إبراهيم نسيبة ، نزار اسطنبولي ، نصري
جوزي ، بشار طنوس ، النادي الرياضي الإسلامي بيافا: عبد الرحمن الهباب ، محمود
الهباب ، ربحي يونس الحسيني جمعية الشبان
المسيحية بالقدس ونادي المطران بالقدس: ربحي خضر. لقد كانت هناك آمال كبيرة معقودة
على هذا المنتخب حيث تم توضيح هذا الهدف "إذا تألف هذا المنتخب فسيكون من
أقوى الفرق الرياضية في فلسطين بما فيها اليهود والبريطانيين ...وسيدحض مزاعم
اليهود وفضح (البروباغندا) الصهيونية التي تنشر في العالم موهمة أن أهل فلسطين
العرب في غيبوبة من الجهل والتقهقر السياسي والاجتماعي حتى الرياضي. والانكى من
ذلك أن اخواننا المصريين العرب انخدعوا بهذه البروباغندا من الوجهة
الرياضية".[27]
في نيسان 1931 عقد اجتماع في النادي الرياضي الإسلامي في الثغر- يافا حضره
ممثلون عن الاندية الرياضية العربية التالية : السيد اوبرن والدكتور عزت طنوس عن
جمعية الشبان المسيحية في القدس ، والسيد
نصري الجوزي عن النادي الرياضي العربي – القدس ، والدكتور دواد الحسيني والسيد
مصطفي الهباب عن النادي الرياضي الاسلامي
- يافا . وقد تم تأسيس الاتحاد الرياضي العربي الفلسطيني والذي كان يعتبر أول
اتحاد رياضي منظم في فلسطين له قوانينه وغاياته وماليته وقد كان رداً مباشراً على
عدم التعاون اليهودي الفلسطيني في المجال الرياضي وعلى الهيمنة اليهودية على هذه
الحركة حيث كان هذا ايضا استجابة وانعكاساً
للضغوطات التي طرحتها ثورة البراق عام 1929 والتي كانت ردا على ممارسات سلطات
الانتداب في دعمها للهجرة اليهودية الى فلسطين.[28]
وكان هذا الاتحاد يضم الأندية التالية : النادي الرياضي العربي في القدس، كلية
روضة المعارف ، النادي الرياضي الاسلامي يافا ، النادي الأورثودكسي يافا ، النادي
الرياضي الإسلامي حيفا ، النجمة البيضاء حيفا ، ونادي السالزيان حيفا. في 28 نيسان
عام 1931 عقد الاتحاد جلسة أخرى في دار جمعية الشبان المسيحية في القدس ناقش فيها
أموراً ادارية وتنظيمية تتعلق بسير فعاليات الاتحاد.
تعبيرا
عن روح الحقد والسخط والاصرار على عدم التعاون مع الطرف الصهيوني بسب ممارسته
الخبيثة في السيطرة على الحركة الرياضية فقد تم الإشارة في القانون الداخلي إلى عدم التعاون مع الأندية الرياضية الصهيونية
وعدم تعييين حكام يهود لإدارة المباريات
بين الفرق العربية. ففي احدى المباريات بكرة القدم بين فريق نادي الشبيبة
الأرثودكسية بيافا والنادي الرياضي بالقدس حدث خلاف بينهما حول إصرار الاخير تعيين
حكم يهودي للمباراة مما أدى إلى أن هدد النادي الأورثودكسي بتقديم استقالته
وانسحابه من الاتحاد حيث اعتبر تعيين حكم يهودي منافيا لغاية الاتحاد ولم يتم
قبوله مطلقا. فتحت عنوان "حكم
يهودي لمباراة عربية" جاء في صحيفة "فلسطين""كثر اللفظ في
البلدة لا سيما في الاندية الرياضية حول مباراة القدس الاخيرة بين فريق النادي
الارثوذكسي اليافي والنادي العربي وقد رأى مندوبنا أن يتصل بالسيد مشيل عازر رئيس
النادي الارثوذكسي فاخبره بأنه استلم تحريراً من سكرتير الاتحاد يوم 14 الجاري جاء
فيه أنه قد "عين السيد شكري حرامي حكماً للمباراة المذكورة " وعند البدء
بالمباراة لم يكن المذكور حاضراً وعندما رشح فريق النادي العربي الادون بيرشبيرو
ورفضه رفضاً باتاً لأنه ينافي غاية الاتحاد ولا يمكن قبوله مطلقاً حتى ولو قبله
اللاعبون من الفريقين وقد اكد لنا بأن الادون بير شبيرو وسبق للنادي العربي أن
رشحه حكماً بتحرير لسكرتير الاتحاد الرياضي. أما السيد حرامي فقد حضر
كمتفرج واخبر بأنه لم يستلم تحريراً من سكرتير الاتحاد ليكون حكما وأما الادون بيير
شبيرو فقد اظهر بأنه لا يصلح أن يكون حكماً حتى لمباراة اطفال مدارس وقد احتج فريق
النادي الارثوذكسي ضد احكامه غير العادلة اثناء اللعب وبعده قد حان بودهم أن
ينسحبوا لكنهم اكتفوا أن يقدموا الاحتجاج للاتحاد حرصاً على راحة المتفرجين
واتباعاً للروح الرياضية". [29]
بدأ هذا الخلاف في كانون الثاني 1933 واستمر حتى أيار من ذاك العام. استمرت هذه
المشكلة حيث تقدم النادي الارثودكسي بتقديم استقالته من الاتحاد ولكن طلبه هذا
قوبل بالرفض . وقد قرر فريق التحكيم التابع للاتحاد إعادة المبارة التي تم الخلاف
حولها في السابق ، إلا أن النادي الارثودكسي امتنع عن المشاركة في هذه المباراة بعد أن كان قد طلب من الحكام تأجيل
موعدها بعد أن تكون لجنة الاتحاد قد فصلت في أمر المباراة الأولى المختلف عليها
. ولكن الحكام اعتبروا هذا فوزا للنادي الرياضي العربي . هذا
مما أدى إلى تدخل مكتب اللجنة التنفيذية لمؤتمر الشباب العرب بين نادي الشبيبة
الارثودكسية بيافا ولجنة الاتحاد الرياضي الفلسطيني لفض هذا الخلاف وقد أرسل رئيس
اللجنة كتابا إلى رئيس النادي يطلب إليه فيه تنازله عن حق النادي في هذا الخلاف
حباً بالمحافظة على كيان الاتحاد ، وقد وافق النادي الأرثوذكسي على تنازله عن حقه
بقبوله اعتبار النادي الرياضي العربي فائزا في درع مؤتمر الشباب حيث اعتبر هذا
التنازل من طرفه فوزا أدبيا وتضحية هائلة في سبيل المصلحة العامة. [30]
هذا ما دعى رئيس مؤتمر الشباب يعقوب
الغصين والدكتور داود الحسيني سكرتير الاتحاد الرياضي الفلسطيني إلى كتابة كلمات
شكر في سجل النادي الأرثوذكسي " لقد تشرفت بصحبة إخواني أعضاء مكتب اللجنة
التنفيذية لمؤتمر الشباب العربي الفلسطيني الأول بزيارة نادي الشبيبة الأرثوذكسية
بيافا ولا يسعني قبل مبارحة هذا النادي النشيط إلا أن أسجل لأعضاء النادي المذكور
جزيل الشكر والممنونية لما أظهروه من الغيرة وروح التضحية التي لا يسع مكتب مؤتمر
الشباب العرب إلا تسجيلها لهم وتقديم مزيد شكره له".[31]
في شهر شباط عام 1932 استطاع النادي الأرثودوكسي
أن يلحق فوزا ساحقا على فرقة الطيران الانجليزي خمسة اصابات إلى واحدة بعد ان كان قد
هزم معه من قبل إصابتين إلى سبعة وكانت فرقة الطيران تعتبر من أقوى الفرق
في فلسطين حيث كانت قد تبارت مع فرق يهودية في فلسطين ذائعة الصيت وتغلبت عليها.
في آب عام 1932 تأسس نادي الروضة في القدس الذي كان "مشمولاً برعاية
جلالة الملك غازي الاول" (ملك العراق) وقد اشيرفي كلمته الافتتاحية " أن
للخدمة الوطنية طرقا شتى ، ومناح كثيرة ، تلتقي كلها عند نتيجة واحدة ، ولقد رأى
النادي أن يخدم الوطن عن طريق ترقية مستوى الشبان رياضيا وادبيا واجتماعيا .
وتهيئتهم لذلك بما يتطلبه منهم هذا الوطن الناعس في الغد العصيب. إذ يخرجهم أشداء
على الأعداء. أقوياء في الواجب صرحاء في الحق . وقد انتخبت هيئة إدارية في آب عام
1933 تضم إبراهيم درويش سكرتيرا ومحمد عزيز الحسيني أمينا للصندوق وعبد اللطيف ممتاز الحسيني وجمال
طاهر الحسيني أعضاء.
فيما بعد تعززت اللقاءات الفلسطينية العربية حيث حضرت إلى فلسطين عدة فرق عربية
وكان من أهمها اللقاء الكروي في آذارعام 1932 بين فريق الجامعة الامريكية في بيروت
وفريق النادي الرياضي العربي بالقدس. وقد نشرت
صحيفة "فلسطين" هذا الخبر ".... وكان الفريق الثاني (أي النادي
الرياضي العربي) مؤلفا من السادة : إبراهيم نسيبة ، بشارة طنوس ، نائل النشاشيبي ،
عبد القادر أبو السعود ، داود بيتوني ، فوزي معتوق ، ربحي يونس الحسيني ، داود
البيطار ، نصري الجوزة ، نزار استامبولي ، رجائي نمر. واكتظت مقاعد الملعب بهواة
الرياضة وبجماهير المتفرجين رجالاً ونساء مما لم نشاهده في الأيام الماضية وقبل
البدء باللعب هتف كل فريق للآخر وأخذ رسم للفريقين مجتمعين وبدأت المباراة في الساعة الثالثة والنصف
وأسفرت النتيجة عن فوز فريق الجامعة الأمريكية بأربع اصابات مقابل اصابة واحدة
حازها فريق النادي الرياضي ، وقد ساد النظام هذه المباراة وأظهر كلا الفريقين من
المهارة والنشاط ما كان موضع الاعجاب". [32]
في تموز عام 1933 شكل النادي الرياضي
العربي بالقدس والنادي الرياضي الإسلامي
بيافا منتخبا مشتركا للتباري مع فريق الاتحاد السكندري حيث تغلب الفريق المصري
بأربع اصابات مقابل إصابة واحدة للفريق الفلسطيني.
في نيسان عام 1933 تم الاتفاق بين مكتب اللجنة التنفيذية لمؤتمر الشباب
وسكرتير الاتحاد الرياضي الفلسطيني على أن يقدم مكتب لجنة الشباب درعا للفرقة
المتفوقة في مباريات كرة القدم (سمي هذا الدرع "درع مؤتمر الشباب"
واستمر حتى عام 1938). وفي تشرين الأول من ذلك العام شاركت كل من هذه الأندية في
مباريات الاتحاد الرياضي وهي : النادي الرياضي العربي القدس ، النادي الرياضي
الإسلامي يافا ، النادي الساليسي حيفا ، نادي الشبيبة الأورثودكسية يافا ، النادي
الرياضي الإسلامي حيفا ، نادي الروضة القدس ، نادي النجمة البيضاء . وقد لعب مؤتمر
الشباب دورا هاما عندما تدخل مكتب لجنته التنفيذية بين نادي الشبيبة الارثودكسية
بيافا ولجنة الاتحاد الرياضي لفض الخلاف بينهما
(الذي اشير اليه سابقاً).
في عام
1934 أقام الاتحاد الرياضي الفلسطيني مهرحاناً رياضياً كبيراً أقامه هذا
الاتحاد الرياضي في مدينة يافا واشتركت فيه
الفرق الكشفية والرياضية العربية مع الفرسان العربية التي جاءت خصيصا للاشتراك فيه
. وقد اشترك فيه خمسة آلاف شاب تنافسوا في العدو والوثب وتباروا في ألعاب القوى.[33] ولأول
مرة تستخدم الحركة الرياضية والوطنية الرياضة والعروض الكشفية ضمن نظامها
الايديولوجي من أجل اهداف وطنية وللرد على مهرجاني المكابياد الذين نظمتهما
الوكالة اليهودية في عامي نيسان 1932 و
1935 والذين سيأتي ذكرهما فيما بعد. كتب حسين حسني محرر الزاوية الرياضي في صحيفة "فلسطين" في حزيران عام 1945 حول هذا المهرجان "وكان هذا المهرجان رائعا وما زالت ذكراه
عالقة في الاذهان إلى اليوم ، فهل يعيد التاريخ القريب نفسه".
في كانون الثاني عام 1935 حضر الى فلسطين فريق النهضة اللبناني الذي كان
يعتبر من اقوى الفرق السورية (لاعتبار الصحافة الفلسطينية أن لبنان جزء من سوريا)
الرياضية وتبارى مع نادي شباب العرب (تأسس عام 1934) وتغلب عليه بخمس اصابات ضد لا
شيء. وبعد اسبوع سافرت فرقة النادي الرياضي الإسلامي إلى بيروت وتبارت مع نادي
النهضة هناك الذي تغلب عليها باصابة ضد لا شيء. كانت فرقة النادي الاسلامي مؤلفة
من السادة إبراهيم التلباني (حارس هدف) عبد القادر أبو السعود وسعيد الهباب
(ظهيران) وإسحق الحسيني وصلاح الحاج مير (مساعد ظهير) ونظام الشرابي (قلب دفاع) ونزار استانبولي وزكي الامام
(جناحان) ويعقوب الحسيني (قلب هجوم) وأنور مراد (مساع ايمن) وأكرم الحسيني (مساعد
ايسر). ومما يذكر بالاستهجان الشديد سوء مقابلة جماهير المتفرجين للفريق الفلسطيني
فقد كانوا يشتمون اعضاءه ويهزأون بهم ويحرصون اخصامهم عليهم بالفاظ ينبو عنها
الذوق السليم. ومما يذكر ايضا أن نادي النهضة لم يقم بواجبه الضيافة ، فلن يدع
الفريق الفلسطيني كما جرت عادة الاندية الرياضية الى حفلة ما ، فدخل اعضاء النادي
الرياضي الاسلامي الملعب وخرجوا منه دون ان يكلف نادي النهضة أو احد اعضائه مؤونة
الاتصال بهم أو تحيتهم تحية لائقة.[34]
وعلى
صعيد الملاكمة (كما اشرنا سابقا إلى أن بعض الأندية أدخلت هذا النوع من الرياضة في
العشرينيات وفي بداية الثلاثينات) ، تأسست جمعية التهذيب والمواساة في حيفا التي
كانت الملاكمة النشاط الرياضي الوحيد الذي مورس فيها حيث إن ارتبط اسمها كثيرا
بهذا النوع من الرياضة. وقد عملت هذه الجمعية على نشر هذا النشاط وأعطته أهمية
ليصبح ثاني نوع من الرياضة بعد كرة القدم يمارس في فلسطين. في أواسط عام 1933 تم لقاء في الملاكمة بين
أديب كمال أحد أبطال فلسطين في ذلك الوقت وبطل مصر على افندي صادق . كما وحضر
الملاكم السوري المعروف مصطفى القبومي إلى فلسطين لإقامة حفلات الملاكمة حيث كان
في طريقه إلى مصر للتباري مع أبطالها أمثال مختار حسين وإبراهيم كامل. في أيلول
عام 1933 افتتح نادي الملاكمة والرياضة في حيفا وكان أول نادي للملاكمة في فلسطين
على حد تعبير مؤسسيه وقد تأسس هذا النادي بقيادة الملاكم أديب كمال (والذي كان يعتبر بطلا لسوريا ولبنان
وفلسطين) وجودة ترك سكرتيرا وواكيم نوفي أمينا للصندوق وتوفيق اليعقوب أعضاء وشريف
حبيشي ونعيم أبو النصر وأمين مرسال / إدارة . وقد أقام هذا النادي حال تأسيسه في الأول من ايلول من ذلك العام حفلة تكريمية
دعا إليها وجهاء مدينة حيفا ورؤساء الجمعيات المسيحية والإسلامية ورؤساء النوادي
لافتتاح هذا النادي الأول من نوعه في فلسطين. أقام أديب كمال فيما بعد مباريات عديدة مع
الملاكمين العرب في سوريا ولبنان ومصر ومع ملاكمين يهود في فلسطين. بعد تأسيس نادي شباب العرب في حيفا في عام 1934 أخذ هذا النادي النشيط على
عاتقه تطوير هذا النوع من الرياضة حيث أصبح يضم ملاكمين أمثال محمود نديم الزمرلي
والذي كان مدربا لأعضاء هذا النادي. وقد كانت تبرز إعلانات تحد في الصحف للمنازلة
في فن الملاكمة والمصارعة حيث كان يطلب من الراغبين في المنازلة تسجيل أسمائهم لدى
ناد معين بالإضافة إلى عناوينهم وأوزانهم.
الحركة الرياضية 1936- 1944
استمرت نشاطات الأندية حتى بدء الثورة عام 1936 ولا بد من ذكر الرحلة التي
قام بها النادي الرياضي الإسلامي إلى مصر في آذار من هذا العام والتي دامت أياما أجرى خلالها العديد من المباريات هناك.
وبرغم الوضع السياسي والاقتصادي المتردي في فلسطين في تلك الفترة إلا أن العديد من
الأندية أخذت بالظهور ففى تموز عام 1937
تأسس النادي الرياضي العربي في مدينة يافا (الذي أعلن عن أهدافه الرياضية
والأدبية من خلال طلب خاص إلى حاكم اللواء الجنوبي لحكومة الانتداب ) وفي القدس في
نفس العام تأسس النادي المقدسي ، حيث اتخذ مقرا له في البقعة الفوقا وأعلن عن
غايته وهي الترفيه والرياضة والحياة الاجتماعية.
استمرت بطولة درع مؤتمر الشباب الذي استمر بنشاطه وعطائه ودعمه للحركة
الرياضية في بداية عام 1936 رغم الظروف الصعبة التي كانت تمر بها فلسطين وأقيمت
البطولة الثانية في شباط 1937، وقد شارك
نادي العمال في حيفا والنادي الرياضي القومي اليافي والنادي الرياضي الإسلامي حيفا
في هذه البطولة . في حزيران 1937 قامت بطولة فلسطين على درع الملك غازي بين
منتخبات القدس وحيفا ويافا وفي حزيران عام 1938 فاز نادي الروضة في القدس ببطولة
هذا الدرع بتغلبه على النادي القومي بيافا بثلاثة أهداف
مقابل هدف. وقد شارك النادي الرياضي الإسلامي بحيفا في هذه البطولة.
حاولت الحركة الوطنية في تلك الفترة العمل وبكل نشاط بالتنسيق مع مؤتمر
الشباب (الذي سيرد ذكره فيما بعد) والحركة
الرياضية العربية (الاتحاد الرياضي الفلسطيني) من أجل إقامة مهرجان رياضي - ردا
على مهرجان المكابي اليهودي (نيسان 1934) - يضم كافة الشبيبة الفلسطينية . وقد
اقيم هذا المهرجان في شباط عام 1936 قبل
بدء الثورة المجيدة وفي أيار 1937 (كانت
اللجنة العليا للمهرجان تضم إبراهيم درويش، الاستاذ حسين حسني ، الدكتور داود
الحسيني ، خالد الدزدار- سكرتيرا للهيئة العليا للمهرجان ، بهاء الدين الطباع وحقي
مزين). وكانت هذه المهرجانات تعبيرا عن النزعة الوطنية والعداء للانتداب
والصهيونية في تلك الفترة ، وإبراز روح الاخوة بين أبناء الشعب الواحد. وقد اشترك
في هذا المهرجان ما يقارب من خمسة آلاف شاب تنافسوا في العدو والوثب وتباروا في
العاب القوى ، ولعبوا بالسيوف وتسابقوا على الخيول العربية. هذا مما أدى إلى تخوف
الصهاينة من هذا المهرجان حيث وصفوا محاولة تنظيمه بأنها "تنظيم لحركة شباب
قوية من مختلف المدن والقرى الفلسطينية". وقد أدركت الحركة الوطنية مدى تأثير
هذه المهرجانات الرياضية ودورها في رص صفوف الشبيبة وإبراز الهوية الوطنية
الفلسطينية. (للأسف فإن المصادر الشحيحة في هذا المجال تعتبر عائقا في تقصي
الحقائق حول عمل الاتحاد الرياضي الفلسطيني العربي ودوره بعد ثورة 1936 المجيدة ،
حتى أن الاخبار التي كانت ترد في صحيفة فلسطين لم تشر إلى طبيعة نشاط الاتحاد أو
إلى أي تفاصيل عنه) .
في تلك الفترة لوحظ الكثير من مباريات الفرق العربية مع فرق الانتداب
البريطاني (البوليس ، الطيران، الهندسة وغيرها) وقد اكسبت هذه اللقاءات الفرق
العربية قوة وساعدتها في التاهيل لتكون على مستوى عال محليا. وقد كانت بعض هذه
الفرق تتغلب على فرق الانتداب اوتتعادل معها. فمثلا في أحد اللقاءات بين النادي
الارثودكسي في يافا وفريق قسم المهندسين باللد عام 1937 تغلب الأول على الثاني
بخمسة اصابات ضد لا شيء. وفي مباراة بين فريق نادي شباب العرب في حيفا ضد بوليس سجن
عكا تعادل الفريقان. في شباط 1938 حضر إلى
فلسطين منتخب الجامعة المصرية ليتبارى مع
منتخب شباب العرب في حيفا. وفي نفس العام أجرى منتخب جمعية الشبان المسيحية في
فلسطين مباراة مع نظيره من القاهرة، كما واستمرت هذه الجمعية في تنظيم بطولات تنس
الطاولة وكرة السلة. كما واستمرت اللقاءات بين اندية فلسطين فيما بينها من جانب، وفرق الانتداب البريطاني العسكرية من جانب
آخر.
حسب
المصادر فإن نشاط الإتحاد الرياضي الفلسطيني العربي كان قد توقف عن العمل بسبب
اندلاع ثورة 1936 المجيدة وتشتت اعضائه. هذا ، مما أدى إلى أن تتجه بعض الأندية
العربية للعمل ضمن "جمعية فلسطين لكرة القدم" أو "الاتحاد الرياضي
الفلسطيني" الذي كان يهيمن عليها الصهاينة . ففي أحد الاجتماعات للهيئة
الادارية الجديدة للنادي العربي بالقدس لوضع البرنامج العملي لسنة 1937- 1938 قررت
في إحدى النقاط البقاء في الاتحاد الرياضي الفلسطيني العام (اي اليهودي). وفي آذار
عام 1938 اقام هذا الاتحاد بطولة فلسطين في لعبة تنس الطاولة حيث تقدمت الهيئة
الإدارية للنادي الرياضي القومي بيافا بدعوة المشاركين في هذه البطولة . كما
استمرت بعض الأندية في المشاركة في بطولة فلسطين التي كان يقيمها الاتحاد اليهودي
مثل مشاركة نادي شباب العرب بحيفا الذي كان قد تأسس عام 1934 (حسب تصنيف الاتحاد
اليهودي صنف من الدرجة الاولى) ونادي النهضة في القدس. كما وشارك منتخبا الناصرة
وعكا مع فريق الهابوعيل في تصفيات عامي 1940 و 1941. وقد نظم "الاتحاد"
هذه البطولة للفرق العربية على حدة. وفي نيسان 1941 أقام هذا الاتحاد مهرجاناً
رياضيا لألعاب القوى لمساعدة الصليب
الأحمر البريطاني بتل ابيب بين أبطال
الرياضة المصريين وأبطال الرياضة من فرق القوات الانجليزية المقيمة في فلسطين ومصر
والقوات الاسترالية المقيمة في فلسطين "والرياضيين" من نادي المكابي في
تل أبيب. وكالمعتاد فإن هذه اللقاءات كانت
تحت رعاية مسؤول بريطاني مثل كروسبي حاكم لواء اللد، وحراسة من رجال البوليس البريطاني .
وفي ظل تلك الظروف و بسبب عدم وجود
أي اتحاد عربي يضم الفرق العربية قررت مثلا في عام 1937 بعض الفرق الرياضية
العربية في حيفا تأليف اتحاد من أجل اقامة مباريات فيما بينها . وهذا ما كان يعكس
إصرار هذه الفرق على عدم المشاركة مع الاتحاد اليهودي. وقد أدى ذلك إلى أن اتجهت
أنظار قياديي الفرق الرياضية في بداية عام 1939 نحو تأسيس اتحاد رياضي يضم جميع
الفرق الرياضية في فلسطين . كما وتألفت لجنة للعبة كرة الطاولة اشترك فيها
مندوبو نحو 12 ناديا رياضيا في آذار 1940.
في أواخر الثلاثينيات تم تأسيس المعهد الأولمبي بيافا وقد انشىء بمبادرة
وجهد الملاكم الفلسطيني المعروف أديب الدسوقي وقد خطا هذا النادي خطى سريعة نحو
نشر الملاكمة بين الرياضيين العرب ونحو إثبات وإصرار أن مستوى الرياضة العربية
يمكن أن يصل إلى مثيله اليهودي وربما افضل .
تعبيرا عن روح الاعجاب بهذا النادي )المعهد
الأولمبي( يكتب حسن أبو الوفا الدجاني عضو بلدية يافا
في عام 1940 في جريدة "فلسطين" " دعيت البارحة مع فريق من خيرة الأصدقاء
وكرامهم لزيارة المعهد الاولمبي اليافي . وهو معهد يعنى بتعليم الشباب المشتركين
فيه أصول الملاكمة وفنون التخرج فيها. يديره ويشرف عليه الشباب الناهض الذي عنده هوى
في الرياضة ورغبة ملحة في حمل الشباب على ممارستها وإيجاد وسط رياضي في البلد كما
هو الحال في كل البلاد الراقية . ولا يغربن عن البال أن شهرة السيد أديب الدسوقي
في الملاكمة تعدت حدود فلسطين ، ووصلت إلى سائر الاقطار العربية المجاورة وزكت
فيها. ولا نزال نذكر ذهابه منذ شهر ونصف الى مصر بدعوة من أندية الملاكمة المصرية
لمنازلة بطل مصر الأول عبدة كبريت وتفوق الدسوقي عليه. وقد يبدو هذا الامر عاديا
للذين لا تهمهم الرياضة البدنية . ولكنه في الحقيقة عمل جدير بالثناء والتقدير ،
وخدمة جليلة يقدمها الدسوقي الى بلاده تطوعا منه لرفع ذكراها وإعلاء شأنها. والسيد
الدسوقي كما شاهدنا البارحة أستاذ رياضي ناجح. ففي معهده عشرات من الشبان النجباء
الذين أخذ الدسوقي على نفسه أن يعلمهم أصول الملاكمة بأساليبها الحديثة الرشيقة
واستطاع بالفعل أن يجعل منهم فرقة نشيطة قوية ، يمارس أفرادها في كل يوم
تمارينهم ودروسهم : في القفز على الحبل
وفي ملاكمة الكرات الهوائية الضخمة المعلقة في السقف وفي منازلة بعضهم البعض في
مباريات قصيرة ناجحة وهلم جرا مما يمهد إلى إيجاد وسط رياضي واسع وإلى إكبار اسم
فلسطين في الأوساط الرياضية في سائر الأقطار العربية. ولنا رجاء وطيد بأن يقدر
اليافيون الكرام له جهوده بعد ايجاد هذا المعهد الراقي وأن يقبل الشبان على هذا
المعهد إقبالا منظما يمكنهم في المستقبل من الفوز في المباريات الرياضية ورفع اسم
البلاد التي أنجبتهم".
في ايلول 1937 التقى الدسوقي على مسرح مدرسة الفرير وتحت
رعاية رئيس بلدية يافا بطل سوريا السيد مصطفى الارناؤوط . وقد تبارى الدسوقي أيضا
مع أبطال الجيش والبوليس الانجليزي ومع ملاكمي المكابي والهابوعيل . في شباط 1940 وعلى مسرح سينما الحمراء بيافا
اقيمت مباراة في الملاكمة بين أديب الدسوقي وبطل البوليس البريطاني هيوج شارلي
بحضور كروسبي حاكم لواء اللد وقد تكررت هذه اللقاءات مع الجيش الانجليزي. وفي تموز
من هذا العام اقيم لقاء في الملاكمة بين ابطال المعهد الاولمبي ونادي الهومنتمن
الأرمني بالقدس على مسرح سينما الفاروق بيافا بحضور عدد من وجهاء المدينة وقد أشرف
الدكتور حقي مازين على الألعاب . وقد تفوق اربعة من المتبارين العرب على زملائهم
من الأرمن كما تفوق اثنان من الأرمن على اثنين من العرب. في آب عام 1940 أقيمت
بطولة فلسطين للوزن المتوسط بين الملاكمين العرب وقد تغلب الملاكم نوبار من نادي
الهومنتمن الأرمني في القدس على عيد الدسوقي من النادي الاولمبي. في آذار 1941
اقيمت على مسرح سينما الحمراء تحت رعاية رئيس بلدية يافا عبد الرؤوف البيطار
مباريات في الملاكمة وقد خصص ريعها لمصلحة الصليب الأحمر البريطاني وقد اشترك في
هذا الحفل 24 ملاكما عربيا وبريطانيا ويهوديا حيث تغلب الدسوقي على بطل المكابي وبطل بولندا
اليهودي.
في بداية الأربعينيات أيضا تطور نوع آخر من الرياضة مثل رفع الاثقال الذي
بدأ ينتشر في العديد من الأندية الفلسطينية خاصة في حيفا ويافا وقد كان الرباع علي
طلبة بطلاً لفلسطين في هذه اللعبة وعضو الاتحاد المصري الدولي وعضو الاتحاد الدولي
لرفع الاثقال. في تلك الفترة أيضا تطورت لعبة تنس الطاولة التي كان يمارسها أعضاء الأندية فيما بينهم كما
واقيمت العشرات من المسابقات والبطولات في نهاية الثلاثينيات وبداية الأربعينيات .
نذكر منها البطولة التي أقامها "الاتحاد الرياضي الفلسطيني" في قاعة
النادي الرياضي القومي بيافا في آذار 1938 لإحراز بطولة فلسطين في هذه اللعبة بين
النوادي العربية . وقد شارك في هذه البطولة أعضاء من النادي الرياضي القومي بيافا
والنادي الكشفي العربي بحيفا والنادي الرياضي العربي بالقدس . وقد فاز النادي
الرياضي العربي بالقدس بهذه البطولة حيث قدم له كأس مقدم من السيد جودت البيني
مدير البنك العربي في يافا وعضو في " الاتحاد الرياضي الفلسطيني" (الذي
كان يهيمن عليه اليهود بالتعاون مع الانجليز). كان النادي العربي أيضا يقيم بطولات
لأعضائه التي بدأها عام 1938 حيث كانت تقام تحت رعاية رئيس بلدية القدس . وكانت
لجنة مؤلفة من السيد أمين نصر والسيد أنور نسيبة وعلي الدجاني وإبراهيم نسيبة تشرف
على المباراة السنوية الثالثة لهذا النادي
التي اقيمت في 14 آب 1940 . كما تجدر الإشارة إلى اللاعب الشهير هاشم عرفات عضو
نادي غزة الرياضي وتفوقه على منافسيه من النادي الأرثودكسي في هذه المدينة.
أيضاً في بداية الاربعينات ظهرت أندية رياضية
جديدة مثل نادي خريجي الفرير في يافا والنادي القروي في سلوان – قضاء القدس ،
والنادي الرياضي القومي العكي حيث كان أعضاء هذا النادي هم الفريق الرياضي لنادي
كشافة أسامة .[35]
وقد أجرى هذا النادي حال تأسيسه مباراة في كرة القدم مع فريق دمشق الأهلي في مدينة
عكا .
لقد لوحظ من خلال الدراسة أن لقاءات كثيرة بين الفرق العربية واليهودية
قامت بين الأعوام 1939 و1942 ويعود السبب في ذلك إلى عدة عوامل أهمها غياب الاتحاد
الرياضي الفلسطيني الذي بدونه استطاعت الأندية اليهودية أن تظهر كرائد للحركة
الرياضية وكمنظم لها ، مبرزة وجهها الرياضي فقط ومخفية محتواها السياسي . هذه إحدى
الاخبار التي وردت في صحيفة "فلسطين" والتي تعكس تعاون بعض الوجوه
العربية مع هذه الأندية (اليهودية) والدعم البريطاني لهذه الأندية وقد ورد هذا الخبر موقعا باسم "حقيقة الامر"
تحت عنوان "حفلة رياضية في (عيون قارة) تبادل الأنخاب والخطب باشتراك
كثيرين" ، يعكس طبيعة التعاون الرياضي بين الفرق اليهودية وبعض الفرق العربية
الذي كان يخضع لمطالب الإدارة البريطانية ورؤساء البلديات المعينين من قبلها " أقام نادي الرياضة "المكابي"
في ريشون لصيون (عيون قارة) يوم السبت الموافق 26 الماضي (كانون ثاني 1941)
مباريات رياضية كبيرة اشترك فيها رجال الرياضة من عرب ويهود وبريطانيين. وبعد انتهاء المباريات أقيمت في النادي حفلة
اشترك فيها الكثيرون من المدعوين البريطانيين والعرب واليهود. فافتتح الخواجة شبيرا
رئيس الشرف ، الحفلة بكلمة رحب بها بالمدعوين ، ثم تلاه الرئيس الخواجة حبيب
لوبمان بكلمة نوه فيها بقيمة الرياضة كعامل تنشيط العلاقات الودية بين الطوائف ثم
رفع الكأس نخب جلالة الملك والمستر تشرتشل والامبراطورية البريطانية. ثم خطب سعادة
عبد الرؤوف أفندي البيطار رئيس بلدية يافا فأعرب عن اعتقاده بأن قوات حكومة جلالته
ستخرج من هذا العراك الدموي (الحرب العالمية الثانية) مكللة بالنصر الباهر....
وقال المستر هارنغتون مساعد مدير بوليس المنطقة إنه خلال 21 سنة من مكوثه في
فلسطين بذل ما في طاقته من الجهود في سبيل رفع مستوى الرياضة بين الأوساط العربية
واليهودية ...... ثم قام رئيس فرقة كرة
القدم في النادي الرياضي القومي في يافا فشكر أصحاب الدعوة على حسن حفاوتهم وقد
قام بترجمة الخطب إلى العربية الخواجا إلياس ساسون وإلى العبرية الخواجة شمشي
قائمقام المنطقة ، وكانت الموائد في قاعة الحفلة غاصة بمنتوجات ريشون من نبيذ
وبيره وأثمار وتخللت الحفلة موسيقى شجية من عزف فرقة مكابي ريشون . وكان من بين
الحاضرين المستر كروسبي حاكم لواء اللد وبعض ممثلي الحكومة ، وأعضاء مجلس بلدية
يافا ووجهاء العرب من القرى المجاورة".
أيضا فقد كان الطابع المميز للحركة الرياضية العربية يأخذ شكلا عشوائيا
يعتمد على التنظيم العفوي ، ولم ترتكز هذه
الحركة على أسس تنطيمية وإدارية تجعلها قادرة على تأدية دور فعال خاصة في دعمها
للحركة الوطنية التي هي بدورها كانت تعاني
من خلل وتفكك لبنيتها التنظيمية ، متعرضة لضغوط جمة من قبل حكومة الانتداب. فعمل
الحركة الرياضية في النصف الثاني من الثلاثينيات كان يخلو من فهم صحيح وواضح
للأخطار الصهيونية التي كانت محدقة بفلسطين على عكس هذا الدور الذي استطاعت أن
تلعبه الرياضة اليهودية. فلذلك كان ضعف
البنية التنظيمية – الوطنية للحركة الرياضية سببا كبيرا لهذه اللقاءات الرياضية مع الفرق اليهودية وحتى
مع أكثرها تطرفا مثل البيتار. ولكن وقاحة الصهاينة الفائقة والتي تجلت ضمن
محاولتها عزل الأندية والفرق العربية عن الساحة الرياضية وحرمانها من الإحساس
القومي أدى إلى الحقد والكراهية لدى الكثير من القياديين والرياضيين. لذلك بدأت
هذه اللقاءات مع الجانب اليهودي تتوقف بالأخص في وسط عام 1943. ليس باستطاعتنا
التجاهل أيضا أن بعض هذه اللقاءات مع الجانب اليهودي كانت تعكس حسن النية من
الجانب الفلسطيني وقناعتها أن هذه اللقاءات كانت تأخد طابعا انسانيا رياضيا بحتا ،
ثم أن هناك فرقاً يهودية كانت تنطلق بعض الأحيان من منطلق إنساني. ولكن في الجوهر
العام فان الهدف النهائي للحركة الرياضية الصهيونية هو المساهمة الفعالة في إقامة دولة اسرائيل وليس التعاون ومد جسور
الصداقة مع العرب. فلذلك اصبحت العلاقات بين العرب واليهود سواء كانت اجتماعية أم
رياضية خاضعة للظروف السياسية التي عمل اليهود على تهيئتها في فلسطين .
ومثالا على إحدى الممارسات المشينة لكرامة الفلسطينيين
أن وجه منتخب فلسطين اليهودي في نيسان عام 1940 دعوة الى منتخب الاتحاد اللبناني
لكرة القدم للحضور إلى تل ابيب للاشتراك في مباراة كبيرة جرت على ملعب تل ابيب
(حيث تغلب الفريق اليهودي على نظيره اللبناني بخمسة اهداف مقابل هدف). والذي يثير
الإعجاب أن خمسة من لاعبي المنتخب اللبناني رفضوا الاشتراك في هذه المباراة. وقد
صرح رئيس الاتحاد اللبناني جميل صوايا أن الرياضة بعيدة عن السياسة من نواح كثيرة
وأن القصد من هذه الرحلة هو التعرف على بلاد شقيقة. [36] وما
هذا الرد سوى محاولة للتملص من إظهار الشعور بالذنب من الجانب اللبناني وتبرير ذلك
بالارتكاز على مقولة " ليس للرياضة علاقة بالسياسة" تماما كما كان يفعل
الصهاينة.
في أيار عام 1944 التقى النادي الرياضي الإسلامي بحيفا في دمشق مع نادي
أهلي دمشق تحت رعاية وزير المعارف ومع نادي الإتحاد الرياضي الدمشقي تحت رعاية
وزير الخارجية ومع نادي الهومنتمن الأرمني في دمشق. وفي تموزمن ذلك العام حضر إلى
فلسطين نادي دمشق الأهلي وتبارى مع أندية حيفا ويافا والقدس في كرة القدم والسلة. وفي نفس الشهر حضر فريق جمعية الشبان المسيحية
في القاهرة ليتبارى مع مثيله جمعية الشبان المسيحية في القدس في كرة السلة . كما
وحضر فريق جمعية الشبان المسلمين لإقامة عدة مباريات في تنس الطاولة مع فرق
الاتحاد المختلفة.
الفصل الثاني
اعادة تشكيل الاتحاد الرياضي العربي
الفلسطيني
انطلاقا من الأسباب التي تم ذكرها فقد دعا هذا الوضع الرياضي العربي غير
المنظم القيادة الرياضية العربية إلى
التفكير في إنشاء اتحاد رياضي فلسطيني عربي سيكون باستطاعته ضم كافة الأندية
والاتحادات لأنواع رياضية مختلفة تحت لوائه. لقد رأت القيادات الرياضية أنه من
الضروري لانتشار أي لعبة في البلاد أن تكون لها اتحادات خاصة بها تنظمها تنظيما
دقيقا و تسهر على ادارتها . وكانت الخطوة الأولى التي كان على الاتحاد اتخاذها هو
تأسيس اتحادات لأنواع مختلفة رياضية وبالأخص اتحاد لكرة القدم . ومن المعروف أن فلسطين كانت تمثل من قبل
الصهاينة على الصعيد الإقليمي والدولي . وكانت هناك فكرة حال نشوء هذا الاتحاد وهي
مطالبة الاتحاد الدولي بإلغاء الاتحاد اليهودي الذي كان لا يمثل الا نفسه وهم
أقلية. وسوف يعمل هذا الاتحاد مستندا على الاتحادات المحلية الثلاث التي كانت قد
تأسست في عام 1943 في يافا والقدس وحيفا بالإضافة الى الاتحادات التي سوف تؤسس في
المدن الأخرى. وكان من المهام المطروحة أمام هذا الاتحاد حال تأسيسه مهمة تكوين
المنتخبات التي تمثل البلاد على ضوء الإتحادات المحلية ، ومهام أخرى مثل بحث
التقارير المقدمة من الاتحادات المحلية، وسلطة
الاستئناف لأي حكم صدر من الاتحادات المحلية وبحثه من جديد، وأمور تنظيمية وإدارية
أخرى.
لقد بلغ عدد الفرق المسجلة في اللجنة
المحلية للإتحاد الرياضي الذي أسس في مدينة حيفا
في عام 1943 ثلاثا وأربعين
فرقة رياضية تمارس ألعابا مختلفة ففي كرة القدم 21 وكرة السلة 6 وكرة
الطاولة 9 وفي ألعاب القوى 3 وتوجد لجان
فرعية تشرف على كل لعبة ، فاللجنة تحدد المباريات وهيئة الحكام تشرف على تعيين
حكامها لإدارة المباريات حسب القانون .
في آذار 1943 عقد اجتماع للملاكمين تداولوا فيه انشاء اتحاد فلسطيني
للملاكمة . وفي نفس العام تم تشكيل الاتحاد الفلسطيني لرفع الاثقال. كما وتألف
اتحاد لكرة السلة لمنطقة يافا وقد دعيت إليه جميع الأندية لسن قانون لهذا الاتحاد
. كما تشكلت عصبة اتحاد كرة القدم التي كانت تضم العديد من أندية يافا ومنطقتها.
وقد اعتبرت هذه العصبة والاتحادات المحلية المختلفة نواة للإتحاد الرياضي
الفلسطيني الذي أعيد تشكيله فيما بعد . في حزيران من ذاك العام 1943 أخذت الفرق
العربية بالانسحاب من جمعية فلسطين لكرة القدم ، كما ودعا قياديو الأندية الى
التباحث فيما بينهم من أجل تشكيل اتحادات لمناطق مختلفة. فتحت عنوان " إنشاء اتحاد رياضي عربي لكرة
القدم " جاء في صحيفة "فلسطين" في كانون أول 1943 " في فلسطين
اتحاد يعرف بالاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يضم اكثر الفرق الرياضية اليهودية وبعض
الفرق العربية . وقد نجحت المساعي التي قام بها البعض لانشاء اتحاد رياضي عربي يضم
الأندية العربية وتألفت في حيفا نواة لهذا الاتحاد وعرفت بالاتحاد الرياضي بحيفا
وانضمت إليها الأندية التالية وكان بعضها منتسبا إلى الاتحاد الفلسطيني
اليهودي وهي النادي الرياضي الإسلامي ،
شباب العرب ، جمعية شبان الأرمن ، الهومنتمن ، نادي الكرمل ، النادي الرياضي
الساليسي ، النادي السرياني ، النادي الكاثوليكي ، النادي الأهلي ، نادي الترسانة
، جمعية الشبان الكاثوليك ، كشافة الشبيبة المارونية . وقد قامت لجنة الاتحاد في
حيفا بالاتصال مع الأندية الرياضية العربية لتأليف الاتحاد العربي العام وستقوم
لجنة الاتحاد في حيفا بالاتصال مع الأندية الرياضية العربية في فلسطين لتأليف الإتحاد
العربي العام".
أيضا قامت الفرق العربية بتشكيل فريق في أيار عام 1944 ليباري فريق منتخب
الجيوش البريطانية في صرفند على ملعب جمعية الشبان المسيحية في القدس حيث تغلب
الثاني بإصابتين مقابل لا شيء وقد اصبحت هذه المباراة حديث الأوساط الرياضية في
فلسطين لما كان لها من أهمية في تثبيت فكرة أن الاندية العربية قادرة على إبراز
هويتها الرياضية العربية واستقلاليتها من خلال تشكيلها لفريق موحد باستطاعته
مواجهة أقوى الفرق الرياضية في فلسطين.
كانت الفرق والأندية العربية قد بدأت الانسحاب من جمعية فلسطين لكرة القدم
التي كان يديرها ويهيمن عليها اليهود . وقد كانت زيارة فريق الجيش المصري لكرة
القدم إلى فلسطين في أيار 1944 حافزا فعالا لتكوين كتلة عربية ترتاح الفرق المصرية
لدعمها في فلسطين ، فتشكل اتحاد محلي في كل من يافا والقدس ، وكان اتحاد الجيش
المصري قد ابى أن يزور فلسطين إلا اذا كان لأشقائه العرب نصيبهم من الزيارة فتحقق
أمله باتحاد القدس وحيفا (تم لقاءان بالملاكمة في حيفا ومع النادي الأرثودكسي في
يافا). هذا وقد قرر مندوبو الاندية المجتمعون تقدير جهود الاتحادات الرياضية في كل
من القدس ويافا وحيفا لقيامها بدعوة فرق الجيش المصري لمباريات الملاكمة وكرة
القدم وقد اعتبرت هذه الدعوة فرصة ملائمة لكي تتمثل هذه الاتحادات الصغيرة باتحاد قطري.
في
11 ايار 1944 اجتمعت اللجنة التحضيرية للاتحاد الرياضي العربي الفلسطيني العام في
قاعة النادي الرياضي القومي بيافا ووضعت مشروع قانون هذا الاتحاد وقررت طبعه
وتوزيعه على جميع الأندية . وفي شهر حزيران ، وفي اجتماع في نادي الرابطة الإسلامية
بيافا، تم التصديق على القانون الداخلي للاتحاد وانتخاب اللجنة الادارية للاتحاد
لسنة 1944-1945 . وفيما بعد تم انتخاب السيد عبد الرحمن الهباب
سكرتير
(وكان قد لعب في صفوف النادي الرياضي
الإسلامي بيافا منذ بداية الثلاثينيات). وفي الحادي والعشرين من تموز هذا العام
عقد في قاعة النادي الرياضي القومي بيافا الاجتماع العام لممثلي أندية فلسطين في
الإتحاد الرياضي العربي الفلسطيني وقد حضره ممثلو 14 ناديا من أنحاء فلسطين وانتخب
لرئاسة الاجتماع السيد صبحي فرح من غزة والسيد عبد الرحمن الهباب للسكرتيرية. وقد
تلي قانون الاتحاد ثم تم اقراره نهائيا بعد إجراء بعض التعديلات وزيادة بعض البنود
فيه . وتقرر تسجيل الاتحاد لدى الدوائر الرسمية كما تقرر انتداب السيد عبد الرحمن
الهباب ليكون سكرتيرا مؤقتا للاتحاد إلى حين تأليف اللجنة المركزية . ثم تقرر
انتخاب سكرتير مؤقت لكل منطقة ليقوم بدعوة الأندية الرياضية في منطقته للاجتماع
وانتخاب لجنة المنطقة ودفع رسم العضوية في الاتحاد وقدرها جنيهان وذلك تمهيدا
لانتخاب ممثلي المناطق في اللجنة المركزية وعلى السكرتير المؤقت إبلاغ سكرتير
الاتحاد قبل الخامس من آب من هذا العام عن نتيجة عمله ليقوم بدعوة اللجنة المركزية
إلى الاجتماع. وقد انتخب السادة الآتية اسماؤهم ليكونوا سكرتيرين مؤقتين للمناطق
وهم : إبراهيم نسيبة - منطفقة القدس ، عبد الرحمن الهباب - منطقة يافا ، فهد عبد الفتاح منطقة حيفا ، يونس
نفاع - منطقة الجليل ، منير الريس منطقة غزة ، توفيق على المصري - منطقة نابلس.
في أيلول 1944 تم إعادة تشكيل الاتحاد
الرياضي الفلسطيني ( العربي) عندما لبى خمسة وثلاثون ناديا دعوة عقد اجتماع رياضي
في مدينة يافا . فيما بعد اخذت تتوالى على الاتحاد طلبات انضمام العديد من الأندية
في فلسطين ، كما ووزعت من قبل الاتحاد تعميمات إلى قياديي الأندية من أجل الانضمام
إلى الاتحاد. وأرسلت التعميمات إلى سكريتيري الاتحادات الرياضية في البلدان
العربية المجاورة تشعرهم بتشكيل الاتحاد وتسجيله رسميا في فلسطين ويعلق رغبة هذا
الاتحاد العربي في توثيق العلاقات الودية مع الاقطار الشقيقة . تم توزيع العلم العربي عليه شعار الاتحاد على
المناطق بفلسطين ، وعمم عليها القانون الأساسي والداخلي .[37]
قسم الاتحاد الأندية حسب المناطق التالية : غزة
، القدس ، نابلس ، الجليل ، حيفا (تضم اندية عكا) ، يافا . كانت كل منطقة تضم
المدن والقرى التي كانت تدخل ضمنها. تلخصت
أهداف الاتحاد بتنظيم العلاقات الرياضية والودية بين فلسطين والبلاد العربية
المجاورة ، الإشتراك في الجمعيات والمؤتمرات الدولية العامة والخاصة وتنظيم الألعاب
الرياضية على اختلاف انواعها لتحقيق هذه الغايات. [38] كانت
اللجنة المركزية تتألف من السادة : منطقة القدس – ابراهيم نسيبة وروك فراج ، منطقة
حيفا – يونس نفاع وفهد عبد الفتاح ، منطقة يافا – عبد الرحمن الهباب وإسبيرو قديس
، منطقة غزة – رشاد الشوا ، منطقة نابلس – جمال يوسف قاسم ، منطقة الجليل – محمد
يوسف الزعبي .
لقد نبه القانون الأساسي إلى عدم التقارب مع الفئات اليهودية ، ففي المادة
(6) تأليف الاتحاد : يتألف الاتحاد من الأندية والهيئات العربية وغير اليهودية في
فلسطين ، ويشترط أن تمارس لعبة واحدة من الألعاب الرياضية على الاقل وأن لا يكون
يهودي بين أفراد فرقها الرياضية . وفي المادة مالية اللجنة المركزية في البند
"ب" يذكر أن احد مصادر التمويل للاتحاد هي الهبات والتبرعات التي ترد من
أشخاص رياضيين أو هيئات غير يهودية. كما ودعا القانون الاساسي الفرق العربية
لاختيار أي حكم تريده لتحكيم المباريات بشرط أن لا يكون الحكم يهوديا .[39] وفي
الجلسة الثامنة للاتحاد في كانون اول 1944 قرر الاتحاد أنه يجوز إقامة مباريات
ودية بين الفرق المشتركة في الاتحاد مع فرق الدوائر والشركات والمدارس غير
اليهودية بعد أخد موافقة لجنة المنطقة المختصة . وبخصوص تباري الاندية المنتمية للاتحاد مع الفرق
اليهودية فقد استثنيت جمعية الشبان المسيحية في القدس من الفقرة الشرطية الثامنة
من المادة )35( من قانون الاتحاد . كان تنفيذ هذا الاستثناء يتوقف على موافقة اللجنة
المركزية.
بعد تشكيل الاتحاد قامت لجان محلية وفرعية في كل هذه المناطق التي تم ذكرها
وقد كان لهذه الخطوة أثر عظيم في سبيل تحقيق أهدافه وتوزيع أعماله . كان نشاط
اللجان المحلية أو لجان المناطق يتلخص في تعيين مباريات أندية المنطقة ، تقرير
رسوم اشتراك أندية الاتحاد ( تقرر في ذلك الوقت أن يكون اشتراك النادي للمنطقة
جنيها واحدا) ، الموافقة على انتقال اللاعب من منطقة إلى أخرى ، تنسيق عمل
ومباريات أندية هذه المناطق ، معاقبة الأندية ، قبول أندية جديدة في الاتحاد ،
تسجيل الحكام.
دعت مقررات اجتماعات الاتحاد جميع الأندية المشتركة في الاتحاد الى مسؤولية
إدارة النادي في بث الروح الرياضية بمعناها الحقيقي بين لاعبيه وأعضائه لتطبيق أنظمة
الاتحاد بخصوص تصرف اللاعبين في الملعب على جمهور المتفرجين وحفظ النظام ومنع حدوث
شغب أو سوء تصرف على ملعب النادي . وقد شكلت لجنة تأديبية عليا من حسين فخري
الخالدي عضو اللجنة العربية العليا ورجائي الحسيني وعطاالله قديس لكي تتخذ
الاجراءات والقرارات التأديبية بخصوص اللاعبين والأندية في حال حدوث مخالفات. [40] أصبحت
تتألف هذه اللجنة فيما بعد في عام 1947 من السادة : الدكتور عزت طنوس ، أمين عقل ،
روبرت كفلكتني ، أحمد الخليل ، أنور نسيبة . لقد كان على كل ناد أن يحترم القانون
الداخلي للاتحاد ففي أحد مقررات اجتماعاته دعى الاتحاد إلى أن كل لاعب يوقفه ناديه
عن اللعب او يفصله من النادي لسوء تصرفه يحرم ذلك اللاعب من الاشتراك في أي فريق
أو ناد آخر في فلسطين ، إذا اقتنعت لجنة المنطقة المختصة لهيئة النادي ضد اللاعب
ويجوز له إذا زالت أسباب فصلة من ناديه أن يرجع لذلك النادي فقط بعد إشعار اللجنة
المختصة بذلك ، ولا يؤثر هذا القرار في امكانية استئناف القرارات المختلفة.
كما وكانت اجتماعات اللجان المحلية
والفرعية تخرج بقرارات تفرض على كل الأندية الالتزام بها مثلا يغرم كل ناد بخمسة
جنيهات إذا اشترك مع لاعبيه في المباريات الودية لاعب غير مسجل.
كان الاتحاد يتمثل بلجنته المركزية التي كانت تعتبر أعلى سلطة له وكانت
مهماتها تتلخص بالإشراف والتنسيق مع لجان المناطق واللجان الفرعية ومراقبة عملها (كانت تجرى انتخابات سنوية
في المناطق يختار بها مندوبو كل منطقة في اللجنة المركزية للاتحاد ،كما كانت تجرى
انتخابات أخرى لانتخاب سكرتيري اللجان الرياضية المختلفة)، وضع برامج المباريات ، الاشراف على المالية ،
مراقبة ومعاقبة الأندية (وشطب بعضها) انتخاب اللجان العليا للاتحاد ، اعداد الحكام
وتعيينهم ، تقديم الكؤوس ، مساعدة الأندية ماليا (تشمل مساعدتها في الحصول على
لوازم رياضية باسعار مخفضة) ، طلب كؤوس، تعيين مواعيد المباريات، ترفيع الأندية من
الدرجة الثانية الى الأولى، الموافقة على سفر الأندية ومبارياتها في الخارج ،
إيفاد المبعوثين إلى الدول الأخرى والمشاركة في المؤتمرات العربية والعالمية.
وحول الاتصالات مع الفرق والاتحادات الرياضية خارج فلسطين فقد قرر الاتحاد
تفويض سكرتير الاتحاد بالقيام بالمخابرات اللازمة لدعوة الفرق في الخارج لزيارة
فلسطين وإقامة المباريات أو سفر الفرق
الفلسطينية للتباري مع مثيلاتها في الخارج. وطلب الإتحاد أن تعمم جميع الطلبات
الواردة من الخارج على جميع المناطق ، أما طلبات الأندية للسفر إلى الخارج فتعلم
عنها لجنة المنطقة المختصة بواسطة الإتحاد.[41] وطلب الاتحاد أيضا من جميع
الفرق والأندية المشتركة في الإتحاد أن لا تخابر الإتحادات الخارجية إلا بواسطة
اللجنة المركزية للاتحاد. في آذار عام 1945 وزعت اللجنة المركزية للاتحاد نشرة
دورية على الأندية الرياضية البالغ عددها 45 ناديا طلبت منها أن تعمل هذه الأندية
على تنفيذ المبادىء الأساسية للإتحاد وقوانينه وطلبت أيضاً ومن جميع الفرق
المشتركة في الإتحاد ، أن لا تخابر الأندية او الفرق او الإتحادات الخارجية إلا
بواسطة اللجنة المركزية. هذا وقد سارعت الأندية بتقديم طلبات الانضمام إلى الاتحاد
وقد قدر عدد الأندية المنتسبة إلى الاتحاد عام 1945 حوالي خمسة وعشرين نادياً .[42]
وقد بلغ هذا العدد عام 1947 إلى ما يقارب الستين ، حيث كان بعضها
قد تأسس حديثا . ومن الجدير بالذكر أن نشوء
الأندية الرياضية قد أصبح ظاهرة نجمت بعامل وجود الاتحاد الرياضي العربي
الفلسطيني الذي بدوره أعطى دفعة للحركة الرياضية وكان حافزاً من اجل نشوء وإنتشار
الأندية في أرجاء فلسطين خاصة في القرى.
في بداية عام 1945 انضم إلى الإتحاد نادي الشباب العربي في
بئر السبع (إلى منطقة غزة) ونادي الترسانة والأهلي والرياضي وفرقة كشافة السريان وجمعية
الشبيبة المارونية في حيفا (إلى منطقة حيفا)، ونادي السافرية إلى منطقة يافا والنادي
الأرثودكسي في الرملة إلى منطقة يافا. وفي النصف الثاني من هذا العام انضم إليه
نادي الاتحاد بقرية المزيرعة ونادي المسيحيين العرب باللد ونادي بركات في يازور ، ونادي الوحدة العربية في دير طريف . [43] وفي
تموز وآب وايلول من عام 1945 انضمت إلى
منطقة القدس أربعة أندية بعد ان كان عددها قبل ذلك خمسة أندية أي أنها أصبحت تسعة
أندية أعضاء في الإتحاد.
نشاطات الاتحاد الرياضية
كانت احدى مهام الإتحاد تتلخص في إقامة مباريات تنسيقية بين فرق المناطق
المختلفة والتباري بين الفرق الفائزة من أجل الحصول على بطولة فلسطين ، ففي كانون
ثاني 1944 بدأت المباريات التنسيقية بين أندية المناطق لإحراز بطولة فلسطين حيث
قامت لجان المناطق بإجراء القرعة بين
الأندية واختيار الملاعب وتعيين الحكام
(وكانت هذه المهمة ملقاة على عاتق اللجنة
المركزية بعد ان تتقدم لجنة المنطقة بطلب الموافقة على الحكم). قرر الإتحاد اقامة
هذه المباريات في المدن الاربع وهي غزة، القدس ، يافا ، حيفا في الملاعب التي تعينها
اللجنة المركزية. وقد تقرر أن تكون واردات هذه المباريات للجنة المركزية وجعل رسم اشتراك النادي جنيها فلسطينياً وان
يشترك كل فريق بخمسة عشر لاعباً . تقرر في هذه البطولة أن يغرم كل ناد بخمسة
جنيهات إذا اشترك مع لاعبيه في المباريات لاعب غير مسجل. (تم توزيع الكؤوس في أيار
1945 للفائز من المناطق كالتالي: كأس بلدية يافا للفريق الفائز من منطقة القدس ،
كأس بلدية الرملة للفريق الفائز في منطقة نابلس. كأس بلدية غزة للفريق الفائز في
منطقة حيفا في كرة القدم ، كأس البنك العربي للفريق الفائز في منطقة يافا ، كأس بنك الأمة للفريق الفائز في منطقة الجليل
، كأس بلدية رام الله للفريق الفائز في منطقة غزة في كرة القدم للدرجة الثانية ،
كأس بلدية الناصرة للفريق الفائز في منطقة الجليل للدرجة الثانية ، كأس البنك
العربي للفريق الفائز في منطقة حيفا للدرجة الثانية كأس بنك الامة – يافا).
بعد اجراء هذه البطولات بين فرق المناطق وبروز الفائز منها اقيمت أول بطولة
لفلسطين في كرة القدم عام 1945 بين الفائزين من المناطق حيث فاز نادي إسلامي يافا على
أرثودكسي القدس وحاز على كأس فلسطين لهذا العام . وقد فاز نادي شباب العرب ببطولة
عام 1946 – 1947. ايضا قامت لجان المناطق
بتشكيل منتخبات للمناطق تتبارى فيما بينها ، فمثلا في القدس قامت لجنة الإتحاد في
هذه المدينة بانتخاب اثنين وعشرين عضوا لتكون منهم منتخبا لها ، حيث ايضا شكلت
لجنة استثنائية فنية لانتخاب اثني عشر لاعبا بمن فيهم الاحتياط. (كان هذا المنتخب
يضم جميل ، إلياس وجورج دباح، وليام
،غولمية ، رزق ، نائل ،الدقاق ، الجندي ، بليان ، داود ، جبرا ، الترزي ، أحمد ،
كاشف ، مراد ، العاصي ، نادر ، لولص ، انتيبا ، عارف ، فيصل ، أبو جضم).
كانت هناك مهمة أخرى أمام الإتحاد وهي تمثيل فلسطين على الساحة المحلية
لذلك فقد رأى أولاً انشاء فريق قوي باستطاعته منافسة الفرق والمنتخبات في المنطقة.
فكما ذكر أن اليهود سعوا لتمثيل فلسطين على جميع الأصعدة في الداخل والخارج ، لذلك
بدأ الاتحاد بتعزيز علاقاته الرياضية حتى مع منتخب وفرق الجيش الانجليزي في فلسطين
الذي كان قد ساهم بدوره في دعم النشاط الرياضي الصهيوني في فلسطين (كان هناك دوري
سنوي بكرة القدم بين المنتخب العربي الفلسطيني ومنتخب الجيش الانجليزي في فلسطين)
، وذلك من أجل لفت الأنظار إلى أن هناك اتحادا رياضيا يمثل الفلسطنيين وحدهم ، فمع
ان الصهيونية كانت قد قطعت شوطا جيدا على الصعيد الرياضي من أجل إيهام العالم بأن
لها الحق الأكبر في فلسطين ، إلا أن وجود الاتحاد الرياضي الفلسطيني العربي بدأ
يعرقل نواياها على هذا الصعيد . فقد بدأ الإتحاد بتعزيز روابطه مع الفرق
والاتحادات العربية ، من خلال مراسلات مكثفة معها ومحاولة ناجحة لاقناعها من أجل
التوقف عن التعاون مع الاتحادات والفرق اليهودية ، وقد اخذت هذه العلاقات مع هذه الفرق والاتحادات
العربية تزداد وتتوطد لتأخذ فيما بعد
طابعا منظما.
وعلى الصعيد الكروي دعا الاتحاد فورا بعد تأسيسه
النادي الرياضي الأردني لاقامة مباراة مع نادي غزة الرياضي ومع النادي الرياضي
الدجاني بالقدس. وفي نفس الوقت أبلغ الاتحاد الفلسطيني الاتحاد اللبناني وفريق
نادي السباق في بيروت موافقته على إقامة مبارتين كان نادي السباق قد رتبهما مع
نادي شباب العرب بحيفا. وقد كانت مباراة النادي الرياضي الاسلامي مع فريق منتخب
حلب من أوائل المباريات التي تجرى مع
الفرق العربية بعد تأسيس الإتحاد وقد حضر هذه المباراة خمسة آلاف متفرج حيث
فاز الأول بأربعة اهداف مقابل ثلاثة لمنتخب حلب ، كما وتبارى هذا المنتخب مع أندية
القدس وحيفا. في آذار 1945 حضر إلى فلسطين منتخب الجيش الفرنسي وتبارى مع فرق
عديدة من الأندية العربية مثل النادي الأرثودكسي والدجاني وجمعية الشبان المسيحية
في القدس . وفي هذا العام في ايار تبارى النادي الرياضي الاسلامي بيافا مع منتخب
الهومنتمن الارمني للشرق الاوسط.
في ايلول 1945 ارسل سكرتير الإتحاد الرياضي الفلسطيني لكرة القدم رسالة إلى
الإتحاد المصري يحتج فيها على اقامة مباريات بكرة القدم بين منتخب الاسكندرية
والفرق اليهودية في فلسطين. هذا مما دفع الإتحاد إلى إرسال السكرتير العام للاتفاق
مع بعض الفرق الرياضية المصرية على إقامة مباريات في فلسطين. في كانون ثاني 1947
اقيمت مباراة كبرى في كرة القدم بين الفريق الأول للنادي الرياضي الإسلامي بيافا
والفريق الأول للنادي الأهلي بعمان على ملعب البصة بيافا. وفي نفس الشهر حضر الى
فلسطين النادي الأهلي وتبارى مع النادي الاسلامي بحيفا .
في كانون ثاني 1947 نظم الاتحاد الرياضي الفلسطيني مباراة تجريبية لانتقاء
المنتخب الذي سيباري اقوى الفرق التي تعاقد معها الاتحاد في الخارج. وفي الشهر الثاني من ذلك العام أوفد الإتحاد
أمين سره العام عبد الرحمن الهباب إلى مصر للاتفاق مع الإتحاد المصري على إقامة
المباريات في مصر وفلسطين. ومن المعلوم أن الإتحاد قرر معاقبة منطقة القدس
المشاركة بهذا المنتخب بسبب عدم التزامها بقواعد الاتحاد. كما وشارك الإتحاد في
تمثيل فلسطين في المؤتمر الرياضي العربي الذي عقد في دمشق يوم 12 شباط من هذا
العام. لا بد من الإشارة أيضا إلى العشرات من اللقاءات الهامة بين أندية فلسطين
الودية والتنافسية. في شباط من هذا العام
تم انتخاب أعضاء المنتخب الفلسطيني العربي لكرة القدم ليباري منتخب الجيش والطيران
الانجليزي وكان هذا الفريق مكوناً من التالية اسماؤهم : هباب (حارس مرمى) ، رزق
ومارديني (ظهيران) ، عارف وحاج مير (دفاع ) ، برامكي (قلب دفاع ) نجار (جناح أيمن)
، فنكلي (جناح أيسر) جبر ووهبة ودعدع (هجوم) . احتياط : دباح (حارس مرمى) عاصي
(قلب دفاع) مراد ودعدع (هجوم).
في حزيران 1947 اقيمت مباراة
على درع الملك "غازي الاول" بين منتخبي حيفا والقدس على ارض النادي
الرياضي الاسلامي في حيفا.[44]
كانت اللقاءات التالية في 1947
تعتبر خاتمة النشاط الكروي في فلسطين بسبب تأزم الوضع وبدء المواجهة العسكرية مع
العصابات الصهيونية : فريق نادي شباب العرب بحيفا ومنتخب الجيش البريطاني ، ، النادي الأرثودكسي بالقدس والفيصلي الأردني .
وكان آخر لقاء مع فريق عربي هو لقاء النادي الرياضي الاسلامي بيافا مع نادي بردى
بطل دمشق حيث كانت النتيجة ثلاثة إلى إثنين لصالح الأول. كان الإتحاد قد نسق
مباريات بين منتخب فلسطين ومنتخب سوريا في 12 كانون اول 1947 ومباراة اخرى مع
منتخب لبنان في الرابع عشر من ذاك الشهر. ولكن للأسف تردي الاحوال السياسية حال
دون هذه اللقاءات .
وفي ألعاب القوى فقد كان لها لجنة فرعية تضم في عضويتها السيد ليفون كششيان
وجورج طنوس وحسين حسني (محرر الزاوية الرياضية في صحيفة فلسطين وأستاذ للتربية
البدنية في مدارس الأيتام الاسلامية) وقد عملوا بجهد من أجل إقامة سباقات في الركض
والقذف. في السابع والعشرين من تموز 1946 أقامت لجنة منطقة يافا للاتحاد الرياضي
الفلسطيني مهرجانا رياضيا اشترك به لاعبو الأندية المسجلة في الاتحاد في منطقة
يافا. كان هذا المهرجان يضم مسابقات المئة متر والمئتين والأربع مئة والثماني مئة
والقفز العالي والعريض ورمي الكرة المعدنية (الجلة) والمواصلات . وكانت الغاية من
هذا المهرجان هو انتخاب أبطال المنطقة الذين سيمثلونها في المهرجان الرياضي العام
لفلسطين . وقد اعتبر هذا المهرجان نصرا رياضيا كبيرا لأنه عبر عن قوة التنظيم وكان
رداً على المهرجانات العديدة التي كانت تقوم بها المنظمات اليهودية . وفي تموز من
عام 1947 استقبلت مدينة يافا عددا كبيرا من أبطال فلسطين العرب ، وقادة الرياضة في
البلاد من أعضاء الأندية ورجال الاتحاد من مختلف المناطق في المهرجان الاول لألعاب
القوى الذي أقيم على ملعب البصة بيافا.
وقد ضم هذا المهرجان الألعاب التالية: سباق المئة متر ، سباق المئتي متر،
سباق 400 متر ، سباق 800 متر ، سباق 1500 متر ، سباق المواصلات ، الققز
العالي والقفز العريض ، سباق الثلاث وثبات
، رمي الجلة ، القفز بالزانة . وقد كانت هذه اللجنة تضم أيضا سباق الدراجات ومن
المدهش أن نرى أن هذا النوع من الرياضة كان قد خطى إلى الامام وأصبح يدخل ضمن
"التقاليد" الرياضية السائدة في ذلك الوقت. فنرى مثلا معهد الشباب
الرياضي في الرملة يقوم في شباط 1945 بسباق على الدراجات لعشرين كيلومترا من
الرملة إلى عاقر ذهاباً وإياباً حيث كان هذا النوع من السباق الأول من نوعه في هذه
المدينة (كان بعض هذه الرحلات والمسابقات يزيد عن المئة كيلومتر في كثير من
الاحيان). في القدس أقيم في الأول من ايلول عام 1946 سباق لاجتياز "طلعة
القسطل" على طريق يافا بالقدس اشترك به أكثر
من أربعين راكب دراجة على رأسهم بطل مصر محمد اللوري وبطل فلسطين مصطفى محمد وبطل
البوليس الفلسطيني والجيش البريطاني في فلسطين. وقد اقيم هذا السباق مرة ثانية في
تشرين أول من عام 1947 .
وعلى صعيد تنس الطاولة فقد تم تنظيم مباريات لكل
منطقة على حدة ثم معرفة الفائز منها بالنقاط حيث كانت هذه أول بطولة لكرة الطاولة
تجرى في فلسطين في تموز عام 1945. وقد تميز هذا النوع من الرياضة بأن معظم الأندية
في كل المدن كانت تمارسه بما فيها المعهد الاولمبي في يافا الذي توجه إلى أنواع
أخرى من الرياضة عدا الملاكمة بما فيها كرة القدم ولعبة تنس الطاولة.
وفي كرة السلة بدأت لجان المناطق بالتنسيق مع
اللجان الفرعية بتشكيل منتخب لكل منطقة
للتباري مع منتخبات المناطق الأخرى التي بدأت تجرى في حزيران عام 1945 من أجل إحراز بطولة فلسطينن. وقد زادت
المباريات الحبية بين أندية المناطق أيضا من أجل إكساب اللاعبين مزيدا من المهارات
. لم تكن كرة السلة في فلسطين بمستوى عال
من حيث المهارات والإبداع مثل كرة القدم التي كانت منتشرة أكثر في فلسطين. كانت
جمعية الشبان المسيحية في القدس من رواد هذا النوع من الرياضة التي تلاقت في كثير
من الأحيان مع نظيرتها جمعية الشبان المسيحية في القاهرة والتي حضر فريقها الى
فلسطين في تموز 1945 وتبارى مع أندية يافا وحيفا وجمعية الشبان المسيحية في
الٌقدس.
بعد اعادة تأسيس الاتحاد الرياضي
الفلسطيني قام العديد من الملاكمين الذين كانوا
ينتمون الى أندية مارس اعضاؤها هذا النوع
من الرياضة بتأسيس الإتحاد الفلسطيني للملاكمين الهواة الذي كان يعتبر فرعا
للاتحاد وقد ضم هذا الاتحاد رفع الاثقال وفيما بعد أصبح يضم المصارعة. بدأ هذا الاتحاد
تنظيم مباريات دورية لإحراز بطولة فلسطين للهواة حيث تولى تنظيمها المعهد الأولمبي
. كما ودعا الإتحاد الفلسطيني للملاكمين الهواة جميع الملاكمين ونوادي الملاكمة للاشتراك
في المباريات الدولية لإجراء بطولة فلسطين للهواة حيث تولى تنظيمها المعهد
الأولمبي . هذه البطولة التي كان يترتب عليها التباري مع الملاكمين في الجيش
الانجليزي في فلسطين والأندية اليهودية هناك وهذا ما كان يتعارض مع النظام الداخلي
للاتحاد . هذا ما كان يعكس أيضا النزعة الفوضوية في الأعوام الاولى لإعادة تأسيس
الاتحاد ولقد جاءت رسالة عبد الرحمن الهباب سكرتير الاتحاد الرياضي الفلسطيني
لصحيفة "فلسطين" رداً نافياً عن أي تنسيق مع الفرق والاتحادات اليهودية
"ردا على ما نشر في صحيفتكم الغراء حول الملاكمة أعرض لحضرتكم أنه ليس لدي أي
معلومات أو قرار من اللجنة المختصة حول أي اتفاق بين الاتحاد الرياضي الفلسطيني
وبين أي اتحاد آخر في فلسطين بخصوص الملاكمة أو غيرها".[45] هذا
مما أدى إلى أن تقدم الإتحاد من الزاوية
الرياضية في صحيفة "فلسطين" بالطلب إلى عدم نشر أي خبر عن الاتحاد وعن
نشاطاته إلا إذا كان مصدره سكرتير لجنة المنطقة أو سكرتير اللجنة المركزية ، حيث
اعلم الإتحاد أيضا محرر هذه الزاوية أسماء وعناوين السكرتيريين المختصين.[46]
استمرت اللقاءات الودية في الملاكمة بين الفرق والأندية في فلسطين مثل
المعهد الأولمبي وجمعية التهذيب والمواساة في حيفا ، وكانت تتميز بحسن التنظيم والانضباط والالتزام الرياضي
الأخلاقي . استمر الملاكم أديب الدسوقي في الحفاظ على مستواه الرياضي الرفيع بل
وارتقى الى مستوى كان يؤهله لأن يتبارى على مستوى عربي وعالمي. كان المعهد الأولمبي في يافا يتمثل دائما
بالملاكمين أديب الدسوقي بالاضافة إلى شوقي أغابي ، ومصطفى الحلبي ، ومحمد الريس ،
ويوسف الزقزوني ، وعبد المطلب رضا . وكانت جمعية التهذيب والمواساة التي كانت قد
أنشئت في بداية الثلاثينيات تتمثل بملاكميها الربضي و كمال جميل.
لقد لمع اسم الدسوقي ليس على صعيد فلسطين فحسب ، بل على مستوى البلاد
العربية، لتباريه أيضاً مع أبطال الملاكمة المصريين والسوريين ، في أيار 1944
تبارى الدسوقي مع محمد فرج بطل مصر للملاكمة . وفي تموز من هذا العام تنافس مع
ملاكمي المعهد الأولمبي من منتخب ملاكمي القاهرة.
في تشرين ثاني 1944 وعلى مسرح سينما الفاروق بيافا التقى الدسوقي مع بطل
البوليس البريطاني المفتش بيتس. وفي آب من هذا العام ، شارك المعهد الأولمبي مع
المكابي في تل ابيب على مسرح المكابي حيث تغلب إثنان من الملاكمين العرب على اثنين
من الملاكمين اليهود ، وفي نفس الشهر قامت مباراة استعراضية بين أبطال المعهد
الأولمبي والهومنتمن الأرمني في القدس. وقد حاول الدسوقي تكذيب الأقاويل التي
أشيعت حول أن هذه المباراة كانت للحصول على بطولة فلسطين للوزن المتوسط بين العرب.
وتكذيب الأنباء التي قالت أن الملاكم الارمني نوبار تغلب عليه.
كانت
هناك لقاءات عديدة بين أديب الدسوقي وسنحاريب صليبا من حيفا الذي كان يعتبر أيضا من
أقوى الملاكمين في فلسطين (تبارى سنحاريب صليبا في مصر في تموز 1945 مع البطلين
المصريين محمد فرج وعرفة السيد) . في إحدى المقالات الإخبارية في صحيفة "فلسطين"
ورد خبر عن لقاء هذين الملاكمين " انتهت المباريات الأولى جميعها ثم كانت
فترة قصيرة عزفت في أثنائها موسيقي النادي العربي واعتلى بعد ذلك السيد سنحاريب
صليبا حلقة الملاكمة بين عاصفة من التصفيق وتبعه السيد أديب الدسوقي بين موجة من
الهتافات ثم اخذ الحكام الإنجليز مراكزهم " وقد انتهت هذه المباراة بتفوق
الدسوقي بإحرازه 172 مقابل 169.5 علامة لسنحاريب صليبا". قامت جمعية العمال العربية بتنظيم هذا اللقاء حيث ساند أعضاؤها هذا الحفل
ماليا وقد حضر هذا اللقاء قنصل مصر في فلسطين.
ولا بد من ذكر ملاكم ذاع صيته أيضا
في فلسطين هو ماردو (أرمني الأصل) الذي كان له عدة لقاءات مع أديب الدسوقي
وسنحاريب صليبا. هذا بالاضافة إلى الدكتور حقي مازين الذي ساهم مساهمة فعالة في
تأسيس المعهد الاولمبي في يافا والذي قام أيضاً بتدريب ملاكمي هذا المعهد منهم أديب
الدسوقي ، وقد عمل مازين مسؤولا في اتحاد الملاكمة وفي تحكيم الكثير من المباريات
.
إن الذي ميز نشاط الملاكمة العربية في فلسطين أيضا هو غزارة اللقاءات مع
الفرق العربية من الدول العربية الشقيقة وخاصة مصر التي كانت قد قطعت شوطاً كبيراً
في هذا المجال. في أيار 1944 تبارى الدسوقي مع محمد فرج بطل مصر في الملاكمة في
نادي مختار الرياضي بالقاهرة وكانت النتيجة التعادل كما وتبارى الملاكم الفلسطيني
يوسف معروفة مع نظيره المصري الفحار حيث هزم الأول بالنقاط. وفي تموز من هذا العام
أجري لقاء في الملاكمة بين أبطال الملاكمة في فلسطين ومصر في جمعية الشبان
المسلمين بالقاهرة ، كما أجري في الوقت نفسه لقاء بين منتخب المعهد الأولمبي
ومنتخب ملاكمي القاهرة . في آب 1945 حضر إلى فلسطين فريق رياضي مصري مؤلف من ابطال
المصارعة ورفع الاثقال وعلى رأسه البطل العالمي مختار حسين حيث تبارى مع الملاكمين
الفلسطينيين وكانت الحفلة تحت رعاية رئيس بلدية يافا يوسف هيكل . وفي ذلك الشهر
أيضا أقيمت مباراة في الملاكمة بين فريق منتخب السكة الحديد في القاهرة الذي زار
فلسطين ومنتخب حيفا وقد كانت تحت رعاية قنصل مصر في هذه المدينة حيث كانت النتيجة
لصالح الفريق المصري 5-1 . كما وتبارى هذا المنتخب المصري مع منتخب مدينة يافا وقد
استقبل بحفاوة فائقة هناك من قبل سكرتير وأمين صندوق اللجنة المركزية للاتحاد
الرياضي الفلسطيني وسكرتير لجنة منطقة يافا. وكانت منطقة يافا قد دعت الأندية التي
لديها فرق للملاكمة إلى إرسال ملاكميها للوزن والمعاينة (وزن الذبابة ، الديك ، الريشة ، الخفيف ، الخفيف المتوسط والمتوسط ) في قاعة النادي الرياضي الإسلامي
بيافا بحضور الدكتور حقي مازين مندوب لجنة المنطقة للملاكمة وذلك استعدادا لمباراة
الفريق المصري.
في منتصف أيار 1946 دعت منظمة الإخوان المسلمين أديب الدسوقي وزملاءه
الملاكمين للحضور إلى مصر والتباري مع فرقها في مدن عديدة ولكن الحكومة المصرية لم
تسمح إلا لنصف العدد الذي قدم طلب الدخول لمصر . وقد قبل الدسوقي بالتوجه مع أربعة لاعبين فقط مما انعكس على نتائج المباريات
وكانت نتيجة اللقاءات تعادل في المنصورة ، الفوز في اثنتين والخسارة في اثنتين،
خسارة في الاسكندرية خسر ثلاثة وربح واحدة ، خسارة في القاهرة خسر ثلاثة وربح
واحدة ، تعادل في بور سعيد ربح اثنتين وخسر اثنتين . وبرغم ذلك كانت هذه النتائج
مشرفة للفريق الفلسطيني لما كان يملك من إمكانات متواضعة . وكان حسين حسني (محرر الزاوية الرياضية في
صحيفة فلسطين) قد انتقد رحلة الدسوقي إلى
مصر بأن الدسوقي قضى معظم الوقت متنقلاً بين المدن المصرية ولم ينل هو وزملاؤه
الملاكمون قسطا وافراً من الراحة حيث أنه لم يتبع جدولاً تنافسياً معقولاً وأنه
أجرى أربع مباريات في أسبوع واحد في مدن مصرية مختلفة ففي مباراة القاهرة تمكن
واحد فقط من أن يكسب وبجواره ثلاثة زملاء كانوا من الخاسرين. وكذلك في الاسكندرية
فقد كتب النجاح لواحد فقط ، وفشل الثلاثة الآخرون. تعلق على ذلك صحيفة (فلسطين) "أما
في المنصورة فما أسوأ نتيجتها أيها القارىء! لقد خسر الأربعة جميعهم ولعل النتيجة
كانت في بور سعيد كذلك.... إن شيئا من النظام كان ينقص هذه المباريات وقليلا من
التدبر كان ينقص هذه التصرفات".[47] وقد علل الدسوقي هذه النتيجة بقوله "هذا مع العلم أن فريقي كان يلاكم منتخب
أبطال المملكة المصرية التي يبلغ عدد سكانها 18 مليونا وتصرف على أنديته وزارة
قوية بعكس فريقي".
أرسل أديب الدسوقي في تشرين الثاني 1946 كتابا إلى جريدة "فلسطين"
يرد بها على ما نشرته جريدة الأهرام بخصوص بطولة الشرق واتهامها أياه بالتهرب من
ملاكمة بطل مصر عرفة السيد في شروطه التي عرضها على بطل مصر ومنها الحضور لفلسطين لاقامة مباراة بطولة الشرق في يافا.
ويقول الدسوقي انه سافر إلى مصر مرتين للمباراة فيها وهو يدعو منازله هذه المرة
للحضور إلى فلسطين ويعرض عليه مبلغا كبيرا ثلاثة اضعاف ما تناوله الدسوقي في
مباراته بمصر. وهذا شرط سخي لا مجال له لاتهامه بالتهرب كما يقول محرر
"الأهرام" الرياضي ، والجمهور
الفلسطيني بطبيعة الحال يرحب بمثل هذه المباريات الكبيرة التي تجرى في فلسطين على
بطولة الشرق.[48]
كما اشير سابقا إلى أنه في عام 1943 تم تأسيس الإتحاد الرياضي الفلسطيني
لرفع الاثقال. والجدير بالذكر أن هذا النوع من الرياضة (بالاضافة إلى الملاكمة
والمصارعة) اخذ بالتطور والنمو في في نهاية الثلاثينيات وبداية الأربيعينيات ، حيث
برز العديد من الرياضيين في هذا المجال على صعيد دولي. في 29 أيار من عام 1944
اقام هذا الاتحاد حفلته الاولى تحت رعاية عمر البيطار رئيس بلدية يافا في قاعة
سينما الفاروق (التي اصبحت معروفة من خلال هذه المناسبات) ، حيث تمت مشاركة
الرياضيين من جميع الاوزان. وقد فاز في هذا اللقاء علي الهترية من نادي الرابطة
الاسلامية بيافا بوزن الريشة ، وفاز السيد عيسى الطمس من
جمعية الكشافة الارثودكسية بيافا بالوزن الخفيف ، وفاز صبحي ميخائيل من دار الأيتام
السورية بالقدس بالوزن المتوسط ، وفاز درويش كاتبة من النادي الرياضي القومي بيافا
بالوزن الخفيف الثقيل ، وفاز علي طلبة رئيس معهد التربية البدنية بياف بالوزن
الثقيل . وكان هذا البطل احد حكام هذه المسابقة التي ضمت الحكام : الدكتور حقي
مازين والدكتور محمد شكري ووديع زيد الكيلاني وفلاديمير جورش (الثلاثة الأخيرون هم ايضا من الناشطين في
الحركة الرياضية).
في شباط من عام 1945 قامت مباراة نظمها الاتحاد الفلسطيني للملاكمين لإحراز
بطولة فلسطين في الملاكمة ورفع الاثقال. بعد اعادة تشكيل الاتحاد كان الاتحاد
الفلسطيني للمصارعة والاتحاد الفلسطيني لرفع الاثقال قد اندمجا معا في لجنة واحدة
"اللجنة العامة للمصارعة ورفع الاثقال" التابعة للاتحاد الرياضي العربي
الفلسطيني. حيث انضم الدكتور حقي مازين للعمل بها في شباط عام 1947. وقد برز في
المصارعة سليمان محمد البيبي من جمعية العمال بحيفا الذي تغلب على جميع مصارعي
اليهود في وزنه.
الالتزام بالقواعد والانضباط
كان الإتحاد يرى أنه من أجل نجاح وتقدم الحركة
الرياضية فلا بد من أن تكون هناك قوانين وأنظمة صارمة تحد من التسيب والفوضى وتجبر
كل لاعب أو ناد على إطاعتها
والالتزام بها . فقد رأينا الكثير من القضايا التي احالتها اللجنة المركزية أو لجان المناطق إلى الدراسة
أو أعطت قرارا حاسما بشأن قضايا متعلقة بسلوكيات النادي أو اللاعب أو الحكم مثلا
في إحدى المباريات بين النادي الرياضي الإسلامي في الرملة والنادي العباسي حدث
خلاف بينهما مما أدي الى إنسحاب أحدهما حيث اعتبر الحكم هذه المباراة قانونية ،
واحتراما لقراره هذا فقد كان قرار لجنة المنطقة في يافا مؤيدا لقرار الحكم . وفي
مباراة أخرى في تموز1945 بين فريق النادي الرياضي الإسلامي في يافا ونادي شباب
العرب ، في كثير من الأحيان كان الاتحاد
يقوم بانذار بعض اللاعبين لسوء سلوكهم في الملعب اثناء المباراة (مثل إحالة اللجنة المركزية استئناف قضية نادي الاتحاد
القروي والدجاني في القدس الى اللجنة التأديبية العليا بحضور السكرتير العام
للاتحاد للاجتماع المنعقد بهذا الشأن). وفي أيلول 1947 قررت اللجنة العامة لكرة
القدم في اجتماعها أن ترجو اللجنة المركزية للاتحاد للتوسط بين نادي شباب العرب
والنادي الأرثودكسي في يافا لإنهاء الخلاف بينهما حول المباراة التنسيقية. وقد أثارت
هذه المباراة ضجة في نهاية موسم عام 1946 وقد تنقلت هذه القضية بين اللجنة العامة
لكرة القدم واللجنة التأديبية العليا ، ثم استقرت في دوسيهات اللجنة التأديبية حيث
فيما بعد تم تنازل فريق شباب العرب عن استئنافه الذي كان قد قدمه للجنة التأديبية
مما أدى إلى استمرار البطولات التأهيلية لكأس فلسطين. وكانت هناك العشرات من
المواقف الحكيمة التي استطاع الاتحاد أن يتخذها من أجل سير النشاط الرياضي على وجه
حسن.
كما وكانت لجان المناطق تعتبر الأندية التي لا
تتجاوب مع مطالب الاتحاد او تعارض النظام الداخلي خاسرة لمبارياتها في كثير من الأحيان
لعدم موافقة هذه الأندية على التباري عند الطلب منها او لتخلفها عن إجراء
المباريات أو عدم ارسال أسماء اللاعبين للمشاركة في البطولات في الموعد المحدد.
والمتفحص لمقررات اجتماعات لجان المناطق يري الكثير من المقررات التي كانت تتخدها
هذه اللجان التي كانت نابعة مما كان ينص
عليه القانون الداخلي أو من رؤية صائبة
تتصف بالحكمة والحزم والتروي في حسم
الأمور ، فمثلا
في كانون اول 1944 كانت لجنة منطقة
غزة قد رأت أنه إذا لعب أحد لاعبي الفريق الثاني لكرة القدم في الفريق
الأول مرة لا يجوز له أن يلعب في الفريق الثاني مرة أخرى في فصل رياضي واحد. وفي مجال التحكيم فقد كلفت اللجنة
المركزية للاتحاد الحكام بتقديم تقاريرعن
كل لاعب يخرجه الحكم من المباراة بعد أن تكون لجنة المنطقة قد تأكدت من سلوك هذا
اللاعب. ومن أجل التنسيق بين اللجنة
المركزية ولجنة المنطقة واحترام الاعتراضات التي كانت ترد اللجنة المركزية من
الأندية المختلفة حول قرارات لجان المناطق فقد أشار الاتحاد إلى أنه لا ينظر في أي
إعتراض (من قبل الأندية) على قرار لجنة المنطقة
إلا إذا رفع للجنة المركزية خلال سبعة أيام من تاريخ صدوره وعلى أن يدفع
على الاعتراض رسم تأمين قدره نصف جنيه يرد في حالة نجاح الاعتراض.
وفي آن واحد كان الاتحاد يواجه مصاعب جمة موضوعية وذاتية من أهمها
عدم المقدرة على تطبيق معظم القرارات التي كان يضعها نصب عينيه فمثلا قرر
الاتحاد الإستعانة بالمدرسين الرياضيين المصريين على تدريب الفرق الرياضية العربية
في فلسطين في كرة القدم وكرة السلة وغيرها من الألعاب ولكن للأسف فإن هذه القرارات
لم تطبق لأسباب معينة. كما أن الكثير من
الأندية لم تلتزم بقواعد وأنظمة الاتحاد وقد عوقب الكثير منها وتم فصل بعضها من الاتحاد.
ومثال لعدم الانضباط الذي كان يحدث عادة من قبل بعض الأندية واعضائها فتحت
عنوان "هل هذا صحيح" جاء في صحيفة "فلسطين" في كانون ثاني
1945 " أقدمت مؤسسة أجنبية في القدس
على تأليف فرقة رياضية تمكنت من أن تضم إليها خيرة اللاعبين العرب التابعين لمختلف
النوادي العربية في القضاء ، وفي هذا العمل ما فيه اضعاف لفرق نوادينا ، ذلك لأن
ضم خيرة لاعبيها في فرقة تلك المؤسسة الأجنبية يحول دون لعبهم مع فرقهم . هذا وتضم
تلك الفرقة بعض اللاعبين اليهود، وأنها على استعداد للمباراة مع الفرق اليهودية ،
وهذا ما يتعارض مع الشعور القومي والمبدأ الوطني ، ولذلك جئت في هذه الكلمة ألفت
نظر إخواني الرياضيين العرب إلى الضرر الذي سيلحق بنوادينا العربية بسبب انضمام
بعض لاعبيها للفرقة المذكورة كما ألفت نظرهم إلى ما وصل إلى علمي من وجود بعض
اللاعبين اليهود في فرقة تلك المؤسسة الأجنبية التي ذكرتها ، وإلى استعدادها
للمباراة مع الفرق اليهودية. وقد أعذر من أنذر".
في
25 من آذار 1947 جاء تعميم من أمين سر اللجنة العامة لكرة القدم في الاتحاد
الرياضي الفلسطيني ما يلي : " فهم أن أحد أندية عمان يرغب في القيام برحلة
رياضية إلى مصر لمباراة فرقها في كرة القدم وعلم أنه يفاوض بعض اللاعبين الفلسطينيين
المنتسبين لأندية الاتحاد للسفر معه والاشتراك في هذه المباريات لذلك يلفت نظر
جميع أندية ولاعبي الاتحاد إلى أن قانون الاتحاد لا يجيز ذلك ويعتبر اللاعب الذي سيشترك في هذه
المباريات مخالفا للقانون".
الاتحاد
الرياضي الفلسطيني وتمثيل فلسطين على الساحة الدولية
لقد سعى الإتحاد الرياضي الفلسطيني من أجل تمثيل فلسطين على الساحة العربية
والدولية . وقد نجح الاتحاد بتوثيق عرى الصداقة مع جميع الاتحادات العربية بفضل
التعاضد القومي بين الشعوب العربية وتفهم الاتحادات العربية لجوهر المشكلة
الفلسطينية بشكل عام والمشكلة الرياضية في فلسطين بشكل خاص . وقد عمل تأسيس
الاتحاد الرياضي الفلسطيني العربي على بلورة الكثير من الأمور التي لم تكن مفهومة
لدى الفرق والاتحادات العربية في خارج فلسطين عن جوهر الصراع داخل الحركة الرياضية
في فلسطين والتي تتمثل بالهيمنة الصهيونية وبتطويع الرياضة لصالح أهدافها القومية
.
كما أشرنا في السابق أن ما سمي بالاتحاد الرياضي الفلسطيني غير العربي كان
هو ممثلا لفلسطين في الاتحاد الدولي. وقد عرض الاتحاد الفلسطيني مسألة دراسة موضوع
دراسة الاتحاد الرياضي الفلسطيني لكرة القدم غير العربي المعترف به دوليا على
المسؤولين الرياضيين المصريين وطلب منهم التوسط والمطالبة بإلغاء الإتحاد اليهودي
وتم اقتراح من الجانب الفلسطيني أنه إذا تعذر إلغاء هذا الاتحاد فمن الممكن أن
تطالب مصر بثلثي مقاعده للفلسطينيين والثلث لليهود حسب تشريع الانتداب في فلسطين .
كان هذا الاتحاد اليهودي قد تأسس عام 1928
ومثل فلسطين دوليا بينما كانت الألعاب في ذلك الوقت لا تزال عند العرب في
مهدها وكان عدد أعضائه اثني عشر شخصا وجميعهم من غير العرب . وقد عبرت الصحافة
الفلسطينية عن موقف العرب من هذا الاتحاد ".....ومن الجائر أن يظل هذا الاتحاد
ممثلا لفلسطين العربية دوليا بينما انتظمت أمورنا وألعابنا واتحاداتنا وبرز بين
شبابنا من هم أكثر منهم قوة ومقدرة وفنا ، ولا تستطيع الفرق المصرية الحضور إلى
فلسطين واللعب معنا ما لم يوافق هذا
الاتحاد (غير الشرعي) واضطرار مصر إلى مجاراته محافظة على النظم والقوانين الدولية
السارية في جميع الاقطار. وريثما تنتهي هذه الحالة الشاذة والطارئة على العالم
وتسهل المطالبة والاحتجاج ، يجب أن تبذل مساع في مصر لتأسيس (اتحاد رياضي شرقي)
وأن يشرع فيه حالاً. وقد سبق لي أن تحدثت بهذا الموضوع مرارا مع المسؤولين في
القطر الشقيق فلقيت منهم آذانا صاغية . فعسى أن يتم هذا الامر قريبا حتى يتسنى للفرق العربية أن تتزاور وتتنافس
وتتبارى في بلادها بعيدة عن هذا الاتحاد وعن تحكمه
والذي يثير الدهشة ويعكس وقاحة الاتحاد اليهودي هو أنه بعد تأسيس الاتحاد
العربي وقف الاتحاد اليهودي أمام مد الجسور بين الاتحاد الفلسطيني العربي و الفرق
والاتحادات العربية فأصبحت الفرق المصرية تأخذ موافقة هذا الاتحاد اليهودي وتضطر
إلى مجاراته "محافظة على النظم والقوانين الدولية السارية في جميع الأقطار"
على حد تعبير الصحافة المصرية آنذاك.
دعما للمواقف الوطنية والقومية تلقى سكرتير لجنة الاتحاد الرياضي الفلسطيني
كتابا من سكرتير اللجنة المركزية للاتحاد الرياضي السوري لكرة القدم جاء فيه أن
الاتحاد السوري قرر في مؤتمر عقد في سوريا اعتبار الاتحاد الرياضي الفلسطيني داخلاً
ضمن نطاق الاتحاد السوري ليكون للاتحاد الفلسطيني طابع اولي خاص وأن اللجنة
المركزية للاتحاد السوري ساعية لعقد مؤتمر رياضي عربي من اتحادات الاقطار العربية
الشقيقة. وقد كانت هذه المبادرة من الجانب السوري رمزاً للتعاضد القومي بين فلسطين
وسوريا، ودعما حقيقيا من جانب سوريا لقضية فلسطين. وكان الهدف أيضاً من وراء ذلك
دفع قضية الاتحاد الرياضي الفلسطيني العربي ليستطيع الوقوف أمام نظيره اليهودي من
أجل تمثيل فلسطين على الصعيد الدولي. وكان
هناك من قبل الاتحاد العربي اقتراح حول تشكيل اتحاد عربي عام مكون من كل الاتحادات
في الدول العربية لتمثيل العرب في الاتحاد الدولي
كبلد واحد باستطاعته أن يلعب دوراً أكبر في عزل الاتحاد اليهودي عن الساحة
الدولية . وللأسف أن هذا المشروع لم ينجح
رغم زيارة الاستاذ عبد الرحمن الهباب امين السر العام للاتحاد الرياضي الفلسطيني إلى
مصر وتباحثه ايضاً حول تسجيل الاتحاد دولياً .
في أيار عام 1946 أرسل الاتحاد الرياضي المصري واللبناني رسالة إلى الاتحاد
الدولي طلباً فيها تسجيل الاتحاد الرياضي العربي الفلسطيني به . ولكن فيما بعد في
شهر آب من ذلك العام تلقى امين السر للاتحاد الرياضي الفلسطيني العربي رسالة من
الاتحاد الدولي يعلمه بها أنه درس في اجتماعه الاخير المنعقد في لوكسمبورغ أمر
التسجيل دولياً وقرر تأليف لجنة خاصة لدراسة هذا الموضوع من جميع نواحيه وتقديم
توصياتها إلى اللجنة التنفيذية حتى تتمكن اللجنة من تسجيل الاتحاد الرياضي
الفلسطيني العربي دوليا . وكان هذا الاتحاد فيما بعد قد أوضح برسالة إلى الاتحاد
الدولي طبيعة التناقض بين عمله وبين عمل "جمعية فلسطين لكرة القدم"
مشيرا إلى هذه الأسباب التي كان لها خلفية سياسية محضة ، أهمها زيادة الهجرة
والاستيطان في فلسطين ، كما وأعطى لمحة عن الوجه السياسي للمشكلة في فلسطين ،
مشيراً إلى السياسة الخاطئة للانتداب البريطاني التي كانت مصدرا لكل
المشاكل.....والتي عملت على تصعيد التصادم والاضطرابات بين العرب واليهود والتي
كان آخرها في عام 1936 . وتشير المذكرة إلى أنه كانت هناك علاقات جيدة بين الفرق
العربية و(جمعية فلسطين لكرة القدم) وذلك في بداية الثلاثينيات عندما كان اليهود
يشكلون أقلية سكانية . وعندما كانت هذه الجمعية في المراحل الاولى لنموها ، كان
اليهود يسعون ويحاولون جاهدين نيل نصيب الاسد في الهيئة الادارية . " لنا نحن
كعرب قناعة خاصة بعروبة فلسطين وأننا لا نجد مبرراً منطقيا أو قانونيا للتعامل
الفوقي ولممارسات (الجمعية) .... من السهل أن يقع أحد المراقبين الأجانب ذو النية
الطيبة أسيرا لانطباع كاذب بأن فلسطين هي بلد يهودي ..... وليس مستغربا بأن بعضكم
يعتقد ذلك ...... هكذا كان موقف اليهود وجمعيتهم التي تجاهلت العرب وحسهم القومي
وعملت على اغتصاب غير قانوني لحقوقهم ..... بالطبع لم يستطع أن يتحمل الفلسطينيون
هذه الممارسات القبيحة وتبرأوا من خلال تصريحاتهم من هذه (الجمعية) وانسحبوا منها ".[50]
لقد طلب الاتحاد الرياضي الفلسطيني من الاتحاد الدولي
(الفيفا) السماح لفلسطين بأن تمثل باتحادين أحدهما للعرب والآخر لليهود حيث قدر
رغبة هذا الاتحاد الدولي في التوفيق بين مطالبه ومطالب جمعية فلسطين لكرة القدم
" ولكن وبتواضع نقول بأنه لا يمكن لأعضاء اتحادكم النجاح في عمل ما قد فشل
اداريون بريطانيون في تحقيقه ".
نوقش طلب انضمام الاتحاد الرياضي الفلسطيني في المؤتمر الدولي (الفيفا)
الذي عقد في لوكسمبورغ في تموز 1946 . في هذا المؤتمر تحدث مندوب "جمعية
فلسطين لكرة القدم" مدعياً أن الجمعية هي اتحاد ديمقراطي يضم أكثرية يهودية
وهذا لا ينفي وجود عضو عربي واحد في صفوفه ، فاذا انضمت الأندية العربية إليها
وكانت تشكل الأكثرية، امكنها أن تشكل
اللجنة الادارية كما تشاء ، وهذا برهان على ديمقراطية "الجمعية" ،
متناسيا الأسباب التي دعت العديد من الأندية العربية إلى الإنسحاب من
"الجمعية" ، وإنكاره للأساليب الخبيثة التي استخدمها اليهود في السيطرة
على هذه "الجمعية" . في نهاية حديثه أشار إلى أن عدد الأندية العربية في
فلسطين لا يتجاوز الاربعة أو الخمسة وأن هذه المسألة هي مسألة رياضية بحته ، وأنه
يقترح رفض الطلب. [51]
لقد كان عدد الأندية العربية في فلسطين حوالي الستين ناديا في تلك الفترة ،
أما حول أن هذه المسألة هي رياضية بحتة
فهذا ما كانت تدعيه القيادات الرياضية الصهيونية في نفس الوقت عندما كانت
تسخر الرياضة من أجل تحقيق أطماعها ومن
أجل تمثيل فلسطين على الصعيد الدولي ومتنكرة لحقوق شعبنا ليس الوطنية فحسب ، بل
والرياضية.
لقد أوضح المندوب اللبناني مهمات الاتحاد الدولي التي تتلخص بأمرين أولهما
السهر على حسن علاقاته مع الدول المنضمة إليه ، والثاني السعي لضم كل هيئة تمارس
لعبة كرة القدم بالانضمام إليه وإن تشكيل اتحادين في فلسطين واعتراف الحكومة بهما
ما هو إلا استياء بعض الهيئات الرياضية من البعض الآخر وهو نتيجة للحالة السياسية
القائمة في البلاد ، وهذا التوتر الذي اشتد بين العرب واليهود أدى ألى القطيعة
الرياضية بين الاتحادات العربية و "جمعية فلسطين لكرة القدم" . في هذا
المؤتمر أيضا قرأ نائب الرئيس برقية من الاتحاد المصري لكرة القدم والتي اقترح
فيها قبول الاتحاد الرياضي الفلسطيني كعضو في الاتحاد الدولي (الفيفا) . فيما بعد
تحدث مندوب البرازيل مشيراً إلى أن بلده مع القانون ، لذلك لا يجوز قبول انضمام
الاتحاد الرياضي الفلسطيني ، إنما على المؤتمر العمل على حل للحالة القائمة في
فلسطين . فيما بعد دعت بعض الدول في هذا المؤتمر أن تكون في فلسطين لجنتان تهتم كل
منهما بشؤون الأندية الخاصة بها.
لقد كان واضحا أن أكثرية أعضاء الاتحاد الدولي كانوا منحازين إلى جانب
"جمعية فلسطين لكرة القدم" ، لذلك جاءت أكثرية الأصوات ضد انضمام
الاتحاد الرياضي الفلسطيني العربي ألى الاتحاد الدولي لكرة القدم. لقد حاولت
القيادات الصهيونية إيجاد منافذ لها من أجل الوصول إلى الاتحاد الدولي، فتمثيل
فلسطين من قبل اليهود على الصعيد الدولي أعطى الامكانية للاتصال مع الفرق الرياضية
العالمية واقناعها بوجود نشاط رياضي مقتصر على اليهود فقط .
الحركة
الرياضية ومؤتمر الشباب والحركة الكشفية والعمالية
لقد واكبت الحركة الشبابية والكشفية الحركة الرياضية
ولعبتا دورا هاما في صقل الشخصية الفلسطينية وشحنتها بروح الانتماء. إن الحديث عن
الحركة الرياضية في فلسطين لا يخص بالذكر فقط الأندية والفرق الرياضية في فلسطين
فحسب بل يشمل الرياضة المدرسية وفرق الحكومة والقطاع الخاص ، والمنظمات الشبابية
والكشفية التي عملت على تعزيز الانتماء
الوطني والقومي وقد كان نشاط هاتين المنظمتين موازيا للنشاط البدني الرياضي
ومتداخلا معه في كثير من الأحيان . يشير عيسى السفري إلى دور الحركة الشبابية في
النهوض الوطني في فلسطين " لايسع مؤرخ الحركة الوطنية في فلسطين إلا أن يفرز
فصلا خاصا يبحث في بإسهاب حركة الشباب العربي الفلسطيني وذلك لأن هذه الحركة هي أول عمل منظم يقوم به
شباب العرب ، ليس في فلسطين وحدها، بل وفي
الأقطار العربية الشقيقة ، ولأن على مستقبل هذه الحركة تتوقف نتائج هامة ، لها
علاقة بمستقبل فلسطين ومصير البلاد".[52]
لقد دعمت الحركة الشبابية النشاط الرياضي منذ مؤتمرها الأول الذي عقد في
يافا عام 1932 ، فقد تم بحث المسائل العديدة التي تتعلق بالتعليم القومي ومشروع
صندوق الأمة والحركات الرياضية والكشفية وتم الاتفاق على وضع ميثاق وطني عام لشباب
فلسطين الذين أعلنوا رفضهم للتجزئة العربية.
وفي عام 1935 أيضا في المؤتمر الثاني لحركة الشباب العربي تم ذكر العناية
البدنية في البند الخامس . والجدير بالذكر أن هذا الدعم من مؤتمر الشباب قد بدأ
منذ تأسيس الاتحاد الرياضي الفلسطيني عام 1931 من خلال تقديم درعه للفرقة المتفوقة
في مباريات كرة القدم ، وفي دوره الهام في فض الخلافات بين نادي الشبيبة الاوثوذكسية
بيافا ولجنة الاتحاد الرياضي الفلسطيني ، ودوره في تنظيم المهرجان الرياضي
الفلسطيني في مدينة يافا في الأعوام 1934 ، 1935 ،1936 ،1937 الذي جاء كرد على
المهرجان اليهودي – المكابياد الذي سيرد ذكره فيما بعد.
أما المنظمات الكشفية التي كانت بداية تأسيسها في أوائل العشرينات كفرق
كشفية مستقلة أو تابعة لمنظمات اجتماعية أو كانت تشكل نشاطا وفرعا للاندية الرياضية
الاجتماعية ، فان نشاطها كان موجهاً ايضا إلى تقوية الاجسام وإلى إبراز الحس
الوطني من خلال العروض الكشفية . والجدير بالذكر أن الكثير من الفرق الكشفية كانت
قد انضمت إلى الاتحاد كمنظمة مستقلة ممثلة بفرقها الرياضية. وقد لوحظ ذلك في نهاية
الثلاثينات عندما انضمت فرق كشفية إلى اتحاد مدينة حيفا الرياضي (الذي كان قد تشكل
كنواة للاتحاد الرياضي الفلسطيني العربي).
كما وشاركت الفرق الكشفية في المهرجان الرياضي الكشفي الذي تم ذكره ، حيث
شاركت كل المنظمات الكشفية من كافة مدن فلسطين. لقد بلغ عدد العرب التابعين لفرق
الكشافة في فلسطين في عام 1929 ، 1480 منهم 901 في اللواء الشمالي و 361 في
اللواء الجنوبي و208 في القدس وجميعهم
كانوا مرتبطين بجمعية بادن باول ما
عدا الكشافة الكاثوليك فهم كانوا مرتبطين بكشافة روما.
كانت الفرق الكشفية تقيم رحلات خاصة بها على الدراجات أو
مشيا على الاقدام . أما في كرة القدم فكانت هذه الفرق تتبارى مع مثيلاتها من الفرق
الكشفية الأخرى أو مع الفرق الرياضية
التابعة للأندية الرياضية. وقد كان الكثير من اللقاءات والزيارات الكشفية يختتم
بلقاءات كروية بين هذه الفرق الكشفية . وقد لوحظ أيضا أن بعض الفرق الكشفية كانت
تلتقي كرويا مع الفرق الرياضية اليهودية قبل إعادة تأسيس الاتحاد
الرياضي الفلسطيني.
من الواضح أنه كان هناك تخوف من سلطات الانتداب تجاه الفرق الكشفية وعروضها
لما كان لها من سمات مشابهة للتدريب والعروض العسكرية . فقد كانت حكومة الانتداب
تدرك أن الحركة الكشفية هي أداة ووسيلة كبيرة من أجل إعداد النشء وشحنه بالروح
الوطنية والقومية . جاء في جريدة "فلسطين" في 6 أيار 1945 تعقيبا على
ذلك " أن الفرق الكشفية ليست في البلاد فرقا حربية ولا منظمات عسكرية وليست
لها أهداف ولا مرام خفية ، ومع ذلك نجد الحكومة تقف منها موقفا سلبيا فلا تعترف
بها كوحدة للتربية والتهذيب . وها هي الفرق الكشفية في الأقطار الشقيقة نسمع
الكثير عن نهضتها وعن تشجيع الحكومات لها بعد أن فهمت مبدأها ، نراها في ساحات
ورحلات دائمة تمر أثناء ذهابها وإيابها بنا فتأخذنا الذكرى مع الأسف والحنين
والألم".
في المؤتمر الذي عقد في يافا في تموز 1945 رأى
قادة الأندية والجمعيات العربية أنه من الواجب على فرق الكشافة أن تشارك مختلف
طبقات الشعب والمؤسسات الوطنية بالعمل في الحقل الوطني والقومي بعد أن طال الأمد
على ركودها بسبب الظروف التي اجتاحت البلاد ، وقد بحث المؤتمر هذا الأمر من جميع
وجوهه وخرج بوجوب دعوة قادة الحركة الكشفية في فلسطين لتتمة المهام المطلوبة. اتخذ المشاركون في هذا المؤتمر
قرارات مهمة منها تأليف (جمعية الكشاف العربي الفلسطيني) الذي اعتبر أيضا خطوة
جليلة من أجل تنظيم أعلى للحركة الكشفية في فلسطين . فيما بعد عقد الأعضاء
القياديون في الحركة الكشفية مؤتمرهم الأول في النادي الأرثودكسي في القدس ووضعوا
قانونا خاصا بهم يتدرب بموجبه الكشاف تدريبا فنيا مع إشباعه بالروح الوطنية
والقومية . فيما بعد اخذت فرق كشفية كثيرة تنضم إلى هذه الجمعية التي كان نشوءها
مواتياً لهذا النهوض الثقافي الاجتماعي والذي شكل رصيداً اضافياً للحركة الوطنية
في فلسطين. وتأكيداً لالتفاف الأندية
والفرق الكشفية حول الجمعية فقد أبدلت فرقة كشفية اسمها لتصبح فرقة بذاتها تابعة
لجمعية الكشاف العربي مثل فرقة الاتحاد العربي المتجولة بقلقيلية التي أبدلت اسمها
وأصبحت فرقة مستقلة وتابعة لجمعية الكشاف
العربي بالقدس كبقية الفرق في البلاد بعد أن كانت فرعا لكشافة الاتحاد بطولكرم .
لقد كانت هناك زيارات مستمرة بين الفرق الكشفية في فلسطين ومثيلاتها في
الأقطار العربية وخاصة مع مصر فقد كان في فلسطين أرهاط وفرق كشفية مصرية ومركز في
مدينة حيفا لاتحاد كشافة الشباب المصري ، هذا مما عزز الروابط الكشفية بين البلدين
.
هناك أيضا الحركة العمالية التي دعمت الحركة الرياضية والتي تمثلت بجمعية
العمال العربية وقد كان لها فروع في العديد من المدن في فلسطين كما أنها كانت عضواً
في الاتحاد الرياضي الفلسطيني العربي.[53]
في آذار 1946 عقدت هذه الجمعية مؤتمراً لفرق العمال الرياضية التابعة لها حضره
ممثلون عن جميع الهيئات الرياضية في الجمعية. وقد قرروا العمل على تأسيس فرق
رياضية لجميع أنواع الرياضة في جميع
الفروع على أن يعهد للفرق التي بدأت ممارسة انواع الرياضة أن تعمل على تأسيس نظيرتها
في الفروع الأخرى وأن ينتدب كل فرع ممثلا عنه لتأليف لجنة مركزية للحركة الرياضية
والكشفية في الجمعية . كما وتقرر إقامة مهرجان رياضي عمالي في اوائل شهر أيار من
كل سنة ، على أن يكون كل عام في بلد مختلف.
لقد كانت
جمعية العمال العربية في حيفا من اكثر هذه الفروع اهتماما بالنشاط الرياضي حيث يصف
لنا احد الزائرين لهذه الجمعية ما كان يدور بها من نشاطات رياضية مختلفة " رأيت
حوالي الخمسين شابا بأجسام نصف عارية يتمرنون على الملاكمة فمن نط الحبال إلى
محاربة الخيال ومن أكياس الرمل إلى التمرن على لكم الكرة كل ذلك في دورات منظمة
تحت إشراف تام . وبعد ذلك قابلت رئيس النادي والزميل السيد محمد غورتاني وعرفت منه
مدى اهتمام الجمعية بالرياضة كرفع الاثقال وكرة الطاولة والمصارعة. ووجدت أن السيد
عبد الرحمن مرسال (من ناشطي الحركة العمالية) يساعد الجمعية في تنظيم الألعاب ،
كما أن ادارة النادي تسعى الآن للحصول على ملعب لكرة القدم من الهيئات المسئولة ،
وقد يتم الاتفاق قريبا بينهم وبين أحد أندية مصر القطر الشقيق في بورسعيد على
تبادل الزيارات والمباريات ، وفي اثناء الحديث بيننا حضر أحد أفراد فرقة الرياضة محمد
صبحي الشرقاوي ولعب ألعابا (جمبازية) غاية في الاتقان والإبداع ، وتهتم هذه
الجمعية بالسباحة في فصل الصيف وتتأهب هذا العام لتقديم فرقة قوية تضاهي أحسن
الفرق في البلاد" . [54]
بالإضافة الى هذه الفرق كانت هناك فرق ممثلة بفرق
(الانتداب البريطاني) مثل فريق البوليس الفلسطيني والجيش والطيران وحرس الشواطىء والهندسة الملكية وغيرها. في عام
1922 قام الانجليز بتأسيس ناديين خاصين
بهما الاول في يافا (نادي السباق اليافي) والثاني في القدس سمي بنادي القدس
الرياضي. وقد بدأ هذا النادي منذ تأسيسه بتنظيم مباريات بين الفرق الانجليزية في
فلسطين.[55] يعود
السبب في وجود الكثير من الفرق العسكرية البريطانية في فلسطين إلى أنه في منتصف
الثلاثينات ازدادت الأهمية الاستراتيجية لفلسطين ، حيث ادى ذلك إلى زيادة النشاط
الرياضي العسكري وزيادة اللقاءات الرياضية بين الفرق الانجليزية والعربية خاصة في
بداية الحرب العالمية الأولى لكي تظهر بريطانيا للعرب "حسن النية والود"
ولكسب عطفهم من اجل الوقوف معها في هذه الحرب.
كانت الفرق البريطانية تلتقي
بمباريات مع الفرق والصهيونية وفرق الجمعيات الإرسالية في فلسطين ومع فرقها
المماثلة في الأقطار الأخرى مثل مصر والأردن . كانت لقاءات بين المنتخب الفلسطيني
العربي لكرة القدم بعد تأسيسه ومنتخب الجيش البريطاني في فلسطين تجري مرة
واحدة كل سنة. كما أشير سابقا إلى أن وجود
الانتداب البريطاني في فلسطين أدى إلى ظهور
أنواع جديدة من الرياضة بالاضافة الى كرة القدم والملاكمة مثل الكركيت
والريجبي والهوكي هذه الأنواع التي اقتصرت على الإداريين والجند الإنجليز فقط .
تجدر الإشارة هنا إلى رياضة التنس التي
سعى الانجليز من خلال المنتدى الرياضي أو نادي (السركيل سبورتيف) والذي اشير إليه
سابقاً في يافا في بداية العشرينيات إلى تنظيم المباريات والمنافسات في هذه اللعبة
التي كانت مقتصرة على لاعبي الادارة البريطانية وبعض الوجوه العربية . كان هذا
النادي يقيم كل عام بطولة للتنس تحت رعاية إما المندوب السامي او مسؤولين انجليز
آخرين. وقد عملت الادارة البريطانية أيضا
على تأسيس ناد مماثل له (سمي بنادي التنس) في مدينة غزة في عام 1937. في تموز عام 1933 أسس
الانجليز نادياً للبولو في صرفند وحصلوا "وبتساهيل خاصة" على رخصة من
مكتب حاكم اللواء وقد جاء في الصحف حول
غاية هذا النادي وهو تشجيع وتقديم التسهيلات والعناية بلعبة البولو في فلسطين مع
الألعاب الأخرى التي تري اللجنة من مدة إلى أخرى ان من الضروري ملازمتها للعبة
البولو وأن تشتري لهذه الغاية أرضا وأية منافع ضرورية لأغراضها أو أن تحصل عليها
باية طريقة أخرى وأن تقيم مباني وسرادق واصطبلات وأية منشآت أخرى تستلزمها أغراض
النادي ، وقد كانت إدارة هذا النادي مكونة معظمها من الانجليز.
كان فريق البوليس البريطاني من أقوى فرق كرة القدم في فلسطين وقد كان عضواً
في "جمعية فلسطين لكرة القدم" التي تم ذكرها سابقاًً ، حيث فاز في البطولة التي نظمتها هذه الجمعية عدة
مرات في نهاية العشرينيات وبداية الثلاثينيات بعد أن حدث بينه وبين نادي
"الهبوعيل" اليهودي خلاف على بطولة عام 1932 أدى إلى إنسحاب هذه المنظمة
من "جمعية فلسطين لكرة القدم". كان الانتداب يقيم المهرجانات والبطولات
برعاية الاداريين البريطانيين مثل البطولة التي اقامها في اكتوبر عام 1932 على كأس المندوب السامي
آرثر واكهوب بحضور الأمير عبدالله شاركت بها فئات من الجيش الاردني والرياضيين ،
بالإضافة إلى عشرات النشاطات واللقاءات
والبطولات مع اطراف رياضية مختلفة محلية وخارجية.
أيضا كانت هناك فرق متمثلة بالفرق الحكومية التي كانت تلتقي مع فرق الأندية
وفرق الانتداب البريطاني ، ومن هذه الفرق فريق العدلية ودائرة البريد والجمارك
والأراضي والصحة وفرق لموظفي البلديات. وقد قام الانتداب بتأسيس اتحاد للدوائر
الحكومية الذي أعتبر من أقدم الاتحادات الرياضية في فلسطين وكان يضم الصحة العامة
، البريد ، المعارف ، المحاكم ، مطار اللد (الذي ضم عددا من اللاعبين الممتازين
امثال عبد الغني الهباب حارس مرمى فلسطين) ، فريق مختلط من الهجرة وتسجيل الأراضي
، فريق مختلط من دائرة العمل والزراعة. كما وتم تأسيس اتحاد حكومي للبلديات التي بدأت بإجراء منافسات فيما بينها
منذ عام 1924 وفي نهاية الثلاثينيات أصبح هذا الاتحاد يضم شركات القطاع الخاص مثل
بنك باركليز وشركة شل وشركة الكهرباء والبوتاس وبترول العراق وشركة الطباعة وشركة السكب
وغيرها من الشركات.
الرياضة المدرسية
أعطت
الرياضة المدرسية رصيدا هاما لمجمل التطور الرياضي العربي في فلسطين وقد عملت
اللقاءات المدرسية أيضا الترابط العضوي بين أبناء فلسطين. وقد ظهر واضحا النمو
الرياضي في المدارس من خلال المهرجانات السنوية التي كانت تقام في المدارس في جميع
أنحاء فلسطين والتي بدأت في اوائل العشرينيات ومن خلال تشكيل معظم المدارس لفرق
رياضية خاصة بها في كرة القدم والسلة والتباري مع الفرق المدرسية الأخرى وحتى مع
الفرق الرياضية في الأندية المختلفة. كما وشكل الطلبة خريجو المدارس أندية خاصة
بهم قامت بنشاطات رياضية وتبارت مع فرق الأندية في فلسطين . كانت اللقاءات
المدرسية الودية تجرى ضمن بطولات تنظمها دائرة المعارف للمدارس الحكومية ، أو
دائرة الأوقاف للمدارس التي كانت تابعة لها مثل مدرسة النهضة ودار العلوم بيافا
ودار الأيتام الاسلامية في القدس والمدرسة العباسية بالرملة ومدرسة الفلاح في غزة.
وفقا لما تشير له الموسوعة الفلسطينية فإن حصة
الرياضة ضمن المنهاج العام في مدارس فلسطين كانت على النحو التالي : كانت الحصتان
الأولى والثانية للصف الأول والثاني الابتدائي تخلوان من درس التربية البدنية رغم
أن هناك اربعة عشر درسا للغة العربية في الصف الأول واحد عشر درسا في الصف الثاني
. الصف الثالث كان له رصيد ثلاث حصص تربية بدنية أي معدل 8,57 بالمئة من المجموع
العام للحصص ، أما الصف الرابع – الثاني الثانوي فقد احتوى على درس واحد فقط
للتربية أي بمعدل ثلاثة بالمئة من المجموع العام . أما الصف الثالث الثانوي
والرابع فقد كان يخلو من حصة التربية البدنية . [56] هناك
بالطبع تساؤلات عديدة حول هذا البرنامج الذي لم يكن يرتكز على أسس تتوافق مع
المتطلبات العلمية والعملية لهذا العصر . فهو يخلو من الاهتمام الواضح لمادة
التربية البدنية والغريب في هذا البرنامج
والمثير للتساؤل هو غياب حصص الرياضة في الصف الأول والثاني الابتدائي وجعلها ثلاث
حصص في الصف الثالث وكأن تلميذ الصف الأول والثاني ليس بحاجة الى تربية بدنية
بينما التلميذ في الصف الثالث بحاجة ماسة لها. إن حصة واحدة للصف الرابع
الابتدائي حتى الثاني الثانوي لم تكن
كافية في الأسبوع لتحقيق المهام البدنية التي يتطلبها جسم التلميذ . بالطبع فإن
هذا الجدول لم يكن قائما على أسس منطقية بل على نظام تعليمي تقليدي كان يعكس الفهم
الخاطىء لأهمية هذه المادة والتي كان يراه الكثير بأنه خال من أي محتوى تربوي صحي
وأخلاقي.
يشير
حسين حسني إلى حصة الرياضة في المدارس" ولا يحظى طلاب المدارس بأكثر من خمس
وأربعين دقيقة (حصة الرياضة) التي تأتي مرة واحدة في الأسبوع وليس لها اعتبار من
ناحية التلاميذ ويعطيها المدير لمن يحب. ويقضي الطلاب بقية أيام الاسبوع يئنون من
قسوة الدرس وإجهاد الفكر مما يدعو إلى الكسل والملل والقنوط .... مع أنه يجب أن
تكون الرياضة علمية وعملية في دروس مرتين أسبوعيا وإجبارية فتدخل في صميم برامج
التعليم وتوضع لها درجات محترمة محددة تجمع مع درجات سائر العلوم". [57]
كما ينتقد وضع الرياضة في المدارس " وإذا القينا نظرة عابرة على برنامج
الرياضة البدنية في مدارسنا الحكومية منها والأهلية – لمسنا ضآلة العناية
والاكتراث بهذه الناحية المهمة ذات التأثير البالغ في إعداد النشء إعداداً كاملاً
لخوض غمار الحياة ، هذا بالقياس إلى اهتمام تلك المدارس بمواد التدريس الأخرى
كالجغرافيا واللغات والرياضيات ".[58]
لقد بلغ عدد طلاب إدارة المعارف في فلسطين 85 ألف تلميذ وكان هناك أستاذ
متخصص واحد (الاستاذ حسين حسني ) ولم تفكر في إرسال بعثات للتخصص في هذه المادة.[59] لم يكن هناك في دائرة المعارف قسم للتربية الذي
كان يشرف على رياضة الطلاب ويعمل على تنشيط الرياضة في جميع المدارس وإيجاد لوازم
التمرين مع مراقبة دقيقة على سير التعليم البدني واستخدام الطرق الحديثة في كل ما
من شأنه النهوض بها ورفع مستواها ، ومع أن في ميزانية إدارة المعارف كانت هناك
مبالغ مخصصة لمعظم المواد فلم تكن هناك ميزانية للرياضة ولا مخصصات لها
"..... وحتى لإقامة الحفلات الرياضية تجمع مبالغ مالية من أصحاب المروءة
والشهامة ومن أعيان الجهة التي فيها الحفلة لنفقاتها وثمن جوائزها ..... ولا أثر
هناك لمفتشي الرياضة البدنية الذين تحتاج اليهم هذه المادة بالعشرات للاشراف عليها
في المدن والقرى والألوية ولتوحيد التدريبات وتشجيع الطلاب والمدرسين والقائمين
على إدارتها ، وثمة مفتش واحد ولكنه الآن يفتش على مادة أخرى غير الرياضة". [60] كما
وتنتقد صحيفة فلسطين مواقف دائرة المعارف من الاهتمام وتحفيز النشاط البدني في
المدارس " أوليس من المؤلم أن يتقدم بعض الوطنيين في هذه الدائرة بآراء
واقتراحات حول النهوض بالرياضة لسد النقص ولكن لا من مجيب او سميع ؟ وطبيعي ما من مجيب
لأن المشرفين السابقين سيطروا على هذه الناحية أيضا لعبت بهم السياسة الاستعمارية دورها فحرمتنا النمو
والنهوض في هذا الميدان الحيوي ، وضللت العقول ، فاوهمت البسطاء أن العلم هو حشو
الأدمغة بالمعلومات وحشو النظريات العلمية في عقول النشء .... لا يا جناب المدير
فلئن صحت هذه السياسة في الماضي فأنها أصبحت الآن عتيقة لا تجوز حتى على عقول
النشء ..... ونحن نرجو أن يكون لدائرة شئون التربية والرياضة منهج رياضي قومي وأن
توجه الطلاب الوجهة الصالحة بلا لف أو دوران فهل تعملون في هذه الناحية أيضا كما
وعدتم؟؟".[61]
لقد
كان هناك توجه من أجل النهوض بالرياضة المدرسة بعد أن لاحظ الكثير من العاملين في
حقل التربية هذا التقصير من جانب الإداريين في قسم المعارف فقد وردت العديد من هذه
الانتقادات في صحيفة "فلسطين" حيث ينتفد حسين حسني " ولقد ترددت في تصديق
هذه الأنباء على أنها قد تكون شكاو فردية لها ظروفها لولا أنني تحققتها بنفسي
فعجبت كيف يكون في هذه البلاد من يهضم حق الرياضة ولا ينزلها المنزلة اللائقة بها
وعجبت أيضا كيف أنهم نسوا ما تتمتع به الرياضة في معاهد العلم بمصر وانجلترا
وأميركا مثلا وكيف أنهم اعدوا لها المعاهد العليا للتخصص فيها وغير ذلك". وقد
أدرك بعض هؤلاء العاملين دور الرياضة في إعداد النشء من أجل الدفاع عن الوطن
" ايها السادة : اذكروا انكم تعيشون الآن في عصر يتطلب منكم روحا خاصة في
تربية النشء تربية حديثة تساير العصر الحاضر ، اذكروا أن التاريخ يطالبكم أن تخلقوا لفلسطين جيلا جديدا يجمع بين العلم
والرياضة . اذكروا أن التاريخ يلح عليكم في أن تعبئوا له جيشا من المتعلمين
الأصحاء يرد كيد الغاصبين ويذود عن البلاد غول الاستعمار". [62]
وحول دور الرياضة المدرسية الدعائي في نشر الثقافة وفي إظهار الوجه المشرق
للمدارس العربية يكتب حسين حسني في تشرين أول 1945 "وكيف تنسون أيها السادة
ما هو مطلوب منكم من أن تظهروا للملأ نشاط مدارسكم في الخارج في حفلات تحيونها
ومهرجانات تنظمونها ومباريات تقيمونها فهي مع
أنها دعاية طيبة لكم فإنها تحفز روح الشباب وتقوي دعائم الوطنية في قلوبهم
وتطمئن أولياء الأمور على مستقبل أبنائهم" . لقد كانت الحفلات الرياضية
المدرسية في مدارس الحكومة والمدارس الأهلية منذ مطلع العشرينيات دون تغيير أو
تعديل مع خلوها من الرياضة الحقة المشمولة بالروح القومية في المدارس الأهلية .
وبجرأة تنتقد "فلسطين" بعض الهيئات التعليمية والمعاهد إسناد رعاية
الحفلات المدرسية السنوية التي كانت قد بدأت منذ عام 1928 للمسؤولين البريطانيين
" أفليس من العار على قوميتنا أن يرأس حفلاتنا مهما كان نوعها وغرضها غير
عربي ما دمنا في أرض عربية ومحيط عربي وبين لاعبين من العرب؟؟ ....ولا يسمح
للمدارس عندنا بإقامة حفلات خاصة بها مع أنها مظهر من مظاهر النشاط يتنافس فيها
طلابها في الألعاب ونكون لهم مضمارا للقوة والشجاعة ولذويهم دليلا على تقدم بنيهم
في ميادين البطولة". ويضيف واصفا
إحدى الحفلات المدرسية لمدارس الحكومة بيافا " الحفلة : هل شعرت معي أيها المتفرج أن الحفلة
بعيدة عن القومية مع أنها قومية في بلدها وملعبها ، قومية بالمشتركين فيها
وبمشاهديها ، فلم نسمع أنشودة قوية يرتلها مئات المتسابقين بصوت واحد يهز القلوب
ويحفز الهمم ويشعرهم أنهم في ميدان التنافس الشريف للقوة وأنهم يعدون انفسهم للذود
عن الوطن. هل شعرت معي في موضوع يدفعني الواجب القومي والفني والصحافي إلى
المجاهرة به لما له من الخطورة في نفوس ابنائنا ؟ فهذا البرنامج كتب بلغتين وهذا
مكبر الصوت يذيع بالعربية وغير العربية مع أن غير العرب في هذا الحفل لا يتجاوز
عددهم أصابع اليد....! إلى متى هذه المجاملة !!! الى متى نظل مسوقين !!! ... يا
قوم : كرامتنا وقوميتنا فوق الجميع ، وفوق كل شيء. يجب أن تكون حفلاتنا عربية .... تحت رعاية عربي ... إذا أردنا أن
نعلم أبناءنا منذ الصغر الاعتزاز بالنفس... والتمسك بالقومية ... والمحافظة على
الكرامة، فقد كفانا بما كان. واخيرا نرجو من المسئولين وعلى رأسهم الاستاذ مصطفى
الدباغ المعروف بوطنيته تدارك هذه المسائل جميعها في الغد البعيد وكل حفل وانتم
بخير..". [63]
بدأت الحفلات المدرسية منذ عام 1922 وكانت تقيمها كل مدرسة على حدة أو
مجموعة من المدارس ضمن المنطقة أو معظم مدارس فلسطين من الالوية المختلفة مثل
الاستعراض الرياضي لفرق المدارس الاميرية في الوية فلسطين الذي جرى في القدس في
الثاني من تموز من عام 1947 والذي كان قد انتهى بتفوق المدرسة الرشيدية عن لواء
القدس والمدرسة العامرية الثانوية بيافا عن لواء اللد . كان وجهاء المدينة وأعيانها يحضرون هذه الحفلات
وتقام تحت رعاية المندوب السامي أو حاكم اللواء أو مدير المعارف أو رئيس البلدية
أو قناصل الدول المختلفة. وقد كانت تعزف فيها موسيقى الجيش أو موسيقى الكشاف مثل
دار الأيتام الإسلامية . وكان البرنامج التقليدي للاحتفالات يضم المواكب والتمارين
البدنية والألعاب الرياضية وتوزيع الكؤوس والأوسمة والجوائز والتبرعات من بعض
الوجوه الاجماعية. كانت التمارين
البدنية والألعاب تضم سباق المئة متر والمئتين متر و400 متر و800 متر، القفز
العريض والعالي رمي القرص ، شد الحبل ، وألعاب ترفيهية مثل العاب نقل البطاطا ، عض
الكعك ، ربط الارجل الخ.
السمات الأساسية للحركة الرياضية الفلسطينية
لقد
كانت هناك ثلاث ميزات أعطت الحركة الرياضية الفلسطينية طابعا خاصا بها وهي
التنظيمية والوطنية والاجتماعية . وقد برزت الميزة التنظيمية حال تأسيس الاتحاد
الرياضي الفلسطيني العربي عام 1931 وقد كان هذا الاتحاد أداة عظيمة من أجل تنظيم
عمل الأندية وجعلها تعمل ضمن نظام مركزي ، إلا أن توقف هذا الاتحاد عن العمل بعد
ثورة 1936 أدى إلى أن يصبح النشاط الرياضي
عشوائياً وعفوياً مع خلو التنسيق بين كافة الأندية العربية مما جعلها عرضة للهيمنة
والأطماع الصهيونية . فيما بعد أدى عمل الأندية العربية تحت غطاء الاتحاد الرياضي
الفلسطيني الذي أعيد تأسيسه عام 1944 إلى إعطاء الحركة الرياضية صبغة تنظيمية .
فقد تميزت فترة 1944-1948 بأعلى وأروع المراحل التنظيمية للحركة الرياضية
الفلسطينية فقد خضعت كليا لإدارة الاتحاد في توجيه مسارها وجعلها مؤسسة مرتكزة على
نظام متطور ومساير لكل الانظمة الرياضية في العالم وذلك بغض النظر عن كل العوائق
التي كانت تقف في طريقه. وقد كان لهذه النزعة التنظيمية للحركة الرياضية في تلك
الفترة أثراً على دعم الحركة الرياضية وتحويل مسارها لأن تكون أداة في وجه التصدي
للهيمنة الصهيونية ، وقلعة في محاولات عزل النشاط الرياضي العربي عن الساحة في
فلسطين وفي المنطقة العربية.
وحول النزعة الوطنية لهذا الحركة فقد ظهرت واضحة منذ بداية تأسيس الأندية
التي كانت بدورها ظاهرة ليس فقط في فلسطين فحسب وإنما في العديد من الدول العربية
المجاورة والتي كانت تعكس الوعي الاجتماعي في التصدي للانتداب البريطاني
والصهيونية . ومن دواعي الشرف أن نرى أن الاندية الرياضية ساهمت برصيد كاف في
دعم الحركة الوطينة والثقافية فمنذ بداية
العشرينات كانت هذه الاندية مراكز لتجمعات الشباب والمثقفين . ومما لا شك فيه أنه
كان هناك تخوف من قبل سلطات الانتداب من انتشار هذه الأندية ، فكما تشير صحيفة (بالستين
ويكلي) التي كانت تصدر باللغة الانجليزية في نيسان 1921 بشأن الاحتفال بتدشين
النادي الرياضي في القدس أن المستر ستورز محافظ القدس أصر على وجوب اشتراك الجميع
فيه بغض النظر عن الدين والمذهب وذيلت على ذلك بقولها أن النوادي الرياضية
"المذهبية" كانت في مصر عاملا من عوامل الاضطرابات فلا يجب أن يرتكب مثل
هذا الخطأ في فلسطين.[64]
كذلك أرادت حكومة الانتداب من خلال بيان أذاعته في آذار 1926 تسجيل كل
جمعية أو ناد يؤسس في فلسطين مهما كانت الغاية خيرية أو سياسية . وقد كان هناك
أيضا تخوف من عناصر الشباب ، فقد جاء في تقرير الحكومة الرسمي لسنة 1935 تحت عنوان
"عناصر الشباب" "كان من
الظواهر التي لها مغزاها في الحركة الوطنية العربية تقوي جماعات الكشافة ونوادي
الرياضة المختلفة ودخول الشباب على وجه العموم في مؤسسات منتظمة تحت أسماء مختلفة
ولم يكد آخر العام يجيء حتى كانت عناصر الشباب قد وطدت مركزها واصبحت عاملا قد
يكون منه أن يتحدى نفوذ من هم أكبر من الشباب من زعماء فلسطين. [65] ولقد
كانت قضية الشبان اعضاء النادي الرياضي الاسلامي بيافا الذين تم اعتقالهم بتهمة
النشاط السياسي المحظور ودامت محاكمتهم لمدة طويلة في آب 1936 أكبر دليل على الطابع النضالي
للأندية الرياضية .
كان أعضاء الأندية الرياضية وفرقها الكشفية
يقومون دائما بواجبهم الوطني من خلال مساهمتهم في المظاهرات ضد الانتداب أو في نقل
الجرحى والقتلى أو في حراسة الشواطئ لمنع تهريب اليهود. فبعد مظاهرة ابو كبير في
يافا عام 1933 تألفت على الأثر فرقة من الكشافة المتجولة الاسلامية ، وكشافة
النادي الرياضي الإسلامي ، وكما يصفهم السفري " تعلو زنودهم شعارات عليها
الصليب يعانقه الهلال" ، وقد قامت هذه الفرقة بأعمال مجيدة في نقل الجرحى
والمصابين إلى عيادات الأطباء والمستشفيات.[66]
وبالرغم من اعتراف الحكومة بتفاقم الهجرة اليهودية غير المشروعة وخطرها ، فإنها لم
تقم بوسائل فعالة لمنع التهريب والحيلولة دونه . حيث دفع ذلك العديد من الأندية
العربية أمام إهمال الحكومة و تغاضيها إلى أن يقوم اعضاؤها بحراسة السواحل . وفي
13 تموز 1934 عقدت اللجنة التنفيذية لمؤتمر الشباب العربي الفلسطيني جلسة خاصة
قررت فيها أن يقوم الشباب أنفسهم بحراسة السواحل والحدود بالمناوبة ، لمنع تهريب
اليهود تحت لجنة حراسة السواحل والحدود . [67]
بعد تأسيس الاتحاد (1944) دعا الاتحاد من خلال صحيفة فلسطين إلى تأجيل
المباريات بمناسبة الذكرى السنوية لوعد بلفور المشؤوم وتضامنه مع مختلف الهيئات
استنكارا لهذا الوعد الجائر . أيضا فقد دعت اللجنة المركزية للاتحاد الاندية
الرياضية والرياضيين إلى مشاطرة الاتحاد السوري لكرة القدم والسوريين آلامهم في
النكبات التي أصيب بها السكان في سوريا بإرسال مبلغ من المال ألى الاتحاد السوري
لتصرف على منكوبي الاضطرابات . وقد لبت العديد من الأندية هذا النداء ، حيث أقامت
عدة مباريات ورصدت ريعها لهذا الغرض . (عندما احتل الفرنسيون دار البرلمان السوري
وحاولوا عرقلة الحياة الدستورية بالحديد والنار في التاسع والعشرين من شهر ايار
عام 1945). كما كان الاتحاد أحيانا يتوجه
بالتهاني إلى بعض الرياضيين بعد خروجهم من المعتقل ، حيث كانت الملاعب تحرم منهم
لمدة طويلة بسبب نشاطهم الوطني.
لقد
ساهمت الأندية في مدينة يافا وجمعياتها في مساندة اتحاد الطلبة العرب الذي كان
يسعى من أجل نيل الاعتراف به من مدير المعارف العام والذي تم رفضه لأسباب
"غير معروفة". وقد طلبت هذه الأندية في مذكرة أرسلتها إلى مدير المعارف
العام السماح لهذا الاتحاد بالعمل والاعتراف به. "عقدت أندية يافا وجمعياتها
اجتماعا (الاثنين 25 آب 1947) بحثت فيه أمر رفضكم الاعتراف بالاتحاد والسماح لطلبة المدارس الأميرية
الانتساب إليه .... لقد تتبعت أندية يافا وجمعياتها بكل عناية اهتمام سير ونمو
اتحاد طلبة يافا العرب الذي تأسس في بداية السنة الحالية وسعت إلى مده بالتوجيهات
المناسبة التي تتمشى مع أبسط المبادىء الديمقراطية . ولم تكن هذه النوادي
والجمعيات لتؤيد هذا الاتحاد لو أنه لم يكن يتوخى الأهداف التالية:1) مكافحة
الامية.2) رفع مستوى الطلبة العرب.3) مساعدة الطلبة الفقراء.4) توطيد روابط
الصداقة بين الطلبة العرب".
وفي عام النكبة (1948) وقف الكثير من أعضاء الأندية الرياضيين وغيرهم
للدفاع عن وطنهم واستطاعوا أن يثبتوا أن الوطن السليم في الجسم السليم واستشهد
الكثيرون منهم وكانت هذه النزعة الوطنية هي الأسمى التي تميزت بها الحركة الرياضية
والأندية في فلسطين . أنه من أسمى معاني الشرف أن نجد نعي هؤلاء الأبطال الشهداء
الذين مارسوا نشاطا حميداً في صحيفة (فلسطين) " استشهاد شاب مناضل في ريعان
عمره- نادي الاتحاد القروي بالقدس
ينعي بمزيد الحزن والأسى عضوه العامل والرياضي الكبير الشهيد عارف النعمان ، وقد
وافاه الأجل المحتوم في مستشفى الحكومة بالقدس إثر إصابته في ميدان الشرف بعد أن
أبلى بلاء حسناً ".[68] وفي
نعي آخر "تنعي اللجنة الرياضية لنادي الشبيبة الإسلامية بيافا بمزيد الحزن والأسى احد
أعضائها العاملين الرياضي المرحوم محمد أحمد الناقة الذي استشهد بينما كان يقوم بواجبه
الوطني بمعركة أبي كبير الأخيرة عن عمر يناهز الثانية والعشرين ربيعا".
وحول السمة الاجتماعية للحركة الرياضية فقد تميزت بهذه الروابط بين الأندية
والاتحاد من جهة وبين الفئات المختلفة من الشعب حيث كانت الحركة الرياضية تعتمد على الدعم الاجتماعي لها وهذا ما تميزت
به الأندية الاجتماعية الرياضية في كافة أرجاء فلسطين بشكل عام فالمساهمة الاجتماعية سواء من الأعضاء
أو من الوجوه الاجتماعية كانت تشكل الدعم الكامل لنشاط هذه الأندية فمنذ بداية
العشرينيات كنا نرى هذه المساهمة الفعالة للأعضاء في اتخاذ كامل المبادرات في
توجيه عمل الأندية وتسخير الكثير من أوقاتهم وجهودهم للسير قدما من أجل تحقيق
الأهداف الاجتماعية والوطنية . وقد استطاعت الأندية التي كانت تعتبر رغم نشاطها
الرياضي "اجتماعية " أن ترتكز على أربعة أشكال من الدعم الإجتماعي ، أولاً:
الأعضاء العاملين والذين كانوا أعضاء في إحدى اللجان المختلفة ، ثانياً: أعضاء
زائرين حيث كانت تربطهم بالنادي روابط طائفية أو اقليمية أو سياسية ثقافية ، ثالثاً: الوجوه الاجتماعية
التي كانت تعتبر مصدرا من أجل الدعم المالي والتبرعات ، رابعاً: الشخصيات الزائرة
مثل الضيوف من الاقطار العربية الشقيقة أو من المحاضرين والأساتذة والمفكرين.
لقد كانت الأندية في فلسطين قلعة من أجل تشكيل شخصية الانسان الفلسطيني
المعاصر وقد اكتسب الكثير من أبناء شعبنا روح الانتماء والعطاء من خلال عملهم في
هذه الأندية الاجتماعية الرياضية ، وهذا ما كان يميز الأندية في فلسطين وهو
الترابط العضوي مع الجمهور وتداخل نشاطها الرياضي والاجتماعي والسياسي معا . وقد
كان للنشاط الرياضي تأثير على تحفيز النشاط الاجتماعي والثقافي ، كما وكان للنشاط
الثقافي الاجتماعي دور كبير في دفع النشاط الرياضي وإعطائه صبغة اجتماعية.
بعد أعادة تشكيل الاتحاد الرياضي الفلسطيني ، حاول الاتحاد وسعى إلى
الاعتماد على المشاركة الفعالة لقطاع واسع من المواطنين وعلى مساهمة الوجوه
الاجتماعية التي كان نشاطها يقوم على أساس طوعي لدعم الأندية ولجان الاتحاد ، من
خلال التبرعات المالية وتقديم الكؤوس والجوائز للمساهمين في المباريات أو في
القيام بنشاطات تنفيذية كالتدريب والتحكيم وغيرها. ولا نستطيع أن نقلل من أهمية
السمة الاجتماعية للأندية قبل تأسيس
الاتحاد ولكنها أخذت تظهر بمظهر آخر متميز
بتعاطف ومساندة قطاع أكبر من الجماهير بعد
إعادة تأسيس الاتحاد بسبب فعاليات الاتحاد التنظيمية واكتسابها طابعاً وطنياً
واجتماعياً مميزاً.
أقام الإتحاد اتصالات عديدة مع البلديات والمؤسسات الاجتماعية حيث طلب منها
تقديم الدعم المالي له، وقد أصبح الكثير منها يقترح تقديم الجوائز تشجيعا منها
للرياضة والاتحاد. وكان أيضا لشركات وبنوك القطاع الخاص نصيب أيضاً من هذا الدعم
من أجل أهداف دعائية. ومن جانب آخر فان الأندية قامت بدورها في جمع التبرعات لصالح
صندوق الأمة التابع للجنة العربية العليا حتى أن بعض الأندية الرياضية الصغيرة
الناشئة حديثا مثل النادي الرياضي في يتنا – الرملة قامت في شباط عام 1946 بجمع 59
جنيها في خلال شهر كانون الثاني لتقديمه إلى صندوق الأمة بالرملة. وكذلك فقد قام
النادي الرياضي الاسلامي بالرملة بجمع ستة جنيهات و250 مليما في يوم واحد لمصلحة
هذا الصندوق أيضا.
كان الاتحاد يتقدم بالطلب من البلديات والهيئات الوطنية تقديم الكؤوس
والجوائز عبر صحيفة فلسطين " قررت منطقة الجليل إقامة حفلة ألعاب رياضية عامة
في عكا يشترك فيها جميع أعضاء النوادي المشتركة في الاتحاد ، لذلك فاللجنة ترجو
البلديات والهيئات الوطنية في اللواء المساهمة فيما تتطلبه هذه الحفلة من كؤوس
وجوائز". وفي خبر آخر ".... وهذا الدكتور عزت طنوس المعروف بنشاطه في
حقل الحياة الاجتماعية والسياسية وبروحه الطيبة الوثابة يقوم بواجب المساعدة في
تأسيس بناء النهضة الرياضية . قرأ ما كتبناه في هذا الباب موجها إلى الاتحاد
الرياضي بضرورة تقديم درع فضي للفرقة التي تفوز بالفن في اللعبة . فتفضل وكتب
الينا يبدي اعجابه بالفكرة الطيبة واستعداده لتقديم هذا الدرع الفضي".
اصبحت الاخبار الرياضية بعد اعادة تأسيس الاتحاد
تحوي العناوين التالية "درعان وكأسان من بنك الأمة العربية " ، "درع وكأسان من البنك العربي" ، كأس
بلدية يافا ، كأس بلدية غزة ، كأس قرمان ديك وسلطي الخ. ومن الجميل أن نرى أن
الكأس الذي قدم لبطولة منطقة القدس في كرة القدم كان مقدما من بلدية يافا بين
النادي الرياضي الدجاني ونادي الاتحاد القروي . وفي بطولة فلسطين في كرة القدم عام
1945 بين فريق النادي الرياضي الاسلامي بيافا ونادي الاتحاد الارثودكسي في القدس
قدم درع هذه البطولة من قبل بنك الأمة العربية.
تعبيرا عن روح المساندة والدعم للحركة الرياضية أبلغ سكرتير نقابة المحامين
بيافا سكرتير اللجنة المركزية للاتحاد الرياضية الفلسطيني رغبة نقابة المحامين في
تقديم كأس فضية باسمها لتمنح إلى الفريق الفائز في اللعبة الرياضية وذلك تشجيعا من
النقابة للرياضة ولما يبديه الاتحاد من جهود مشكورة.
كانت الوجوه الوطنية أيضا ترعى الحفلات والعروض
والمباريات الرياضية وكان أهمها رعاية رؤساء البلدية الذين لم يترددوا أبدا في
تلبية دعوة الاتحاد ومدراء المدارس والمسؤولين في رعاية سواء الحفلات المدرسية أو
حفلات الأندية ، فقد كان الدكتور يوسف هيكل رئيس بلدية يافا معروفا باهتمامه
بالرياضة وبرعايته خاصة لحفلات الملاكمة التي كان يقيمها النادي الاولمبي هناك .
كانت الأندية منذ تأسيسها تهتم باستضافة
الفنانين والوجوه الاجتماعية والسياسية ومن الأخبار التي يتوجب الإشارة لها نشر
صحيفة فلسطين لخبر في نيسان 1924 بعنوان "ذكي
مراد في النادي الرياضي" ، "تقيم الجمعيتان الخيريتان الأرثوذكسيتان
حفلة طرب في النادي الرياضي للمطرب الشهير ذكي أفندي مراد...". هذا خبر يلفت
انتباه القراء إلى أن النادي الذي يعتمد على النشاط الرياضي والذي يشكل النشاط
الرياضي جزءا كبيرا من مجموع نشاطاته يقوم بعمل فني اجتماعي ثقافي من خلال دعوته
لفنان مشهور . وهذا ما كان يعكس ترابط النشاط الرياضي وتداخله في كثير من الحالات
مع النشاط الاجتماعي والثقافي . ومثل هذه اللقاءات أصبحت تقاليد تسير عليها الكثير
من الأندية الاجتماعية الرياضية في فلسطين .
لقد اكسبت زيارة الزعيم الهندي الكبير مولانا شوكت للنادي الرياضي الإسلامي
في يافا في أيلول 1931 تقدير الجمهور اليافي لهذا النادي وقد كتب هذا الزعيم الهندي في دفتر الزائرين "
زرت هذا النادي والقائمين بشؤونه وأعضائه ومن راض جسمه على القوة فقد راض نفسه على
الثبات ، وكم يدهشني ما يتجلى في هذا النادي وأعضائه الكرام من وطنية حقة وحماسة
متدفقة ، بارك الله في هذه النهضة المباركة وجعلها ذخرا للشرق العربي
بأجمعه".
الصحافة الرياضية
كلما ازحنا الغبار عن الحقبة الزمنية قبل عام النكبة 1948 لوجدنا كنوزا
ثقافية ومعنوية دفنت بعامل الدمار والتشرد ، فجزء منه تناثر وجزء حبس في الأرشيفات
الإسرائيلية حيث أصبح صعب المنال . وهذا ليس غريباً في زمن بنيت فية الساحات
والملاعب على مقابر أجدادنا. كان النشاط
الرياضي العربي يشكل جزء من هذه الكنوز
تمثل بالحركة الرياضية الفلسطينية وتصديها للهيمنة الصهيونية من خلال نشاط الأندية
والتفافها حول الاتحاد الرياضي الفلسطيني . وقد واكبت الصحافة الرياضية الحركة
الرياضية وسارت الى جانبها ، تعكس النجاحات والمواجهات وتتصدى وتفضح الهيمنة
والأخطار الصهيونية.
يعتبر تأسيس صحيفة "فلسطين" حجرا
أساسيا للصحافة الرياضية في فلسطين فهذه الصحيفة كما يصفها عيسى السفري كان مبدأها
خدمة الأمة الفلسطينية والعمل على استقلال البلاد وهي أول جريدة قاومت الصهيونية
وفضحت أسرارها وحذرت الأمة العربية من أخطارها. [69] فبعد
ظهورها عام 1911 ، بدأت تبرز بعض الأخبار الرياضية، فبرغم قصرها وندرتها فإنها كانت تعكس الطابع
العام للصحيفة وهو التصدي للمد والخطر الصهيوني.
كانت معظم الأخبار الرياضية في تلك الفترة تدور حول تأسيس الأندية
ونشاطاتها. ولم تكن تنشر بشكل يومي ويعود ذلك لصغر حجم النشاطات الرياضية وقلة عدد
الأندية. أما في العقد الثاني فكان هناك تطور ملحوظ على نمو النشاطات الرياضية
ونشوء العديد من الأندية والتي كان نشوؤها مواتيا لنشوء المنظمات والجمعيات
الخيرية في فلسطين في تلك الفترة التي تلت وعد بلفور وزيادة الهجرة والخطر
الصهيوني . لقد لوحظ تطور نوعي على الأخبار الرياضية منذ مطلع الثلاثينات وذلك من
خلال التسارع في تأسيس الأندية الرياضية وتأسيس الاتحاد الرياضي الفلسطيني العربي
.[70]
فقد رأينا المزيد من الأخبار حول عمل هذا الاتحاد ونشاطاته وعلاقته المستمرة مع
المنظمات الاجتماعية وبالأخص مع مؤتمر الشباب الفلسطيني.
كانت الحركة الرياضية الفلسطينية في ذلك الوقت
في بداية طريقها وكانت هذه الأندية كمؤسسات اجتماعية مرتبطة بالحركة الوطنية التي
كانت تنظر إلى الانتداب حكما أكثر مما هو مستعمر وخصم فلذلك كان تصديها لهذا
الاخطبوط الصهيوني نابع من توجيه بعض الانتقادات عبر الصحف الفلسطينية وخاصة
صحيفة "فلسطين" أو نقل أخبار من
الصحف اليهودية ونقدها عبر هذه الصحيفة . كان
نشر الأخبار الرياضية يعتمد على الاوضاع
السياسية في فلسطين وقد لوحظ هناك تزايد في إظهار النزعة المعادية للصهيونية في
نهاية العشرينات وبداية الثلاثينات إبان المعارضة الشعبية للهجرة الصهيونية وصدور
الورقة البيضاء. وقد
كان تأسيس الاتحاد الرياضي الفلسطيني العربي عام 1931 وانعكاس نشاطاته من خلال
مقالات وأخبار في صحيفة "فلسطين" أكبر دليل على ذلك . أيضا فإن تصميمه
على عدم التعاون مع الجانب اليهودي وفضح نواياه أضاف زخما لهذه النزعة الوطنية
خاصة أنها تزايدت بعد ثورة البراق عام 1929،
حتى أن الاتحاد أعلن رفضه عبر صحيفة "فلسطين" لتعيين أي حكم
يهودي لمباراة بين فرق عربية.
تراجعت الحركة الرياضية ونشاطاتها بسبب اندلاع ثورة عام 1936 ، حيث رافق
ذلك تدن ملاحظ في معدل الأخبار الرياضية في النصف الثاني لعام 1935 وتوقفها عام
1936 . ثم عاد نشر الاخبار الرياضية إلى
الظهور قليلا عام 1937 . فلذلك كانت الأخبار الرياضية تعتمد اعتمادا وثيقا على
الوضع السياسي في البلاد حيث كانت تأخذ طابعا متموجا شبيها بهذا التطور المتموج
للحركة الرياضية الذي كان خاضعا للوضع السياسي في فلسطين . وهذه ميزة فريدة لأنها
جمعت المستعمر من جهة والهجرة الصهيونية وخطرها على مستقبل فلسطين من جهة أخرى.
فإذا نظرنا مثلا إلى الحركة الرياضية المصرية أو السورية فقد كنا نلاحظ هذا التطور
شبه التدريجي لهذه الحركة وصحافتها الرياضية بعكس الحركة الرياضية الفلسطينية التي
كان تطورها يأخذ شكلا متعرجا ، بسبب الأوضاع السياسية المرتبطة ليس فقط بوجود
الانتداب البريطاني وإنما أيضا بالممارسات الصهيونية في فلسطين.
أيضا فقد اهتمت الصحافة العربية بفضح
"المكابياه" أو "المكابياد" وهو مهرجان رياضي أقامته منظمة
المكابي العالمية (منظمة رياضية يهودية كانت تضم أندية في العديد من الدول
الأوربية وفلسطين) بالتعاون مع القيادة الصهيونية
من أجل جلب أكبر عدد من المهاجرين إلى فلسطين بطريقة التلاعب والخداع وقد
أقيم هذا المهرجان عام 1932 ، 1935. وقد حذرت صحيفة "فلسطين" الأندية
العربية من الاشتراك في هذا المهرجان تحت عنوان "مقاطعة الالعاب المكابية بتل
أبيب ، الوطنية تتغلب على الدسائس الصهيونية".[71]
بعد تأسيس الاتحاد أصبحت الأخبار
تصدر بشكل يومي تعكس هذه الوحدة الوثيقة بين الاتحاد والأندية والصحافة ، وقد كانت
هذه ظاهرة مميزة لأنها كانت نابعة من روح التعبير عن الهوية الفلسطينية وفضح
الهيمنة الصهيونية التي كانت تسعى لتجاهل النشاط الرياضي العربي ، فمن هنا كان قد
برز طابع التحدي والعداء في مقررات
الاتحاد والزاوية الرياضية لكل ما هو
يهودي وذلك ليس من منطلق العداء الأعمى وإنما بسبب الممارسات الصهيونية تجاه شعبنا
العربي الفلسطيني .
أيضا فان الصحافة منذ عام 1944 وحتى 1948 كانت مرآة لمجريات الأحداث
الرياضية في فلسطين ، وكانت تتميز بالنزعة الوطنية هذه النزعة التي تميزت بها
الحركة الرياضة بالإضافة إلى التنظيمية
والاجتماعية . وقد تميزت الصحافة أيضا في تلك الفترة أن حجمها كان مساويا و أقل
بعض الشيء من حجم النشاطات والأحداث الرياضية .
هذا عكس ما كنا نراه في العشرينيات والثلاثينيات .
لقد قدمت الحركة بالاضافة إلى الانجازات العظيمة على الصعيد الرياضي زخما
معنويا ووطنيا هائلا ، فقد رفع الشباب الرياضي السلاح دفاعا عن وطنه في وجه التآمر
البريطاني الصهيوني واستشهد الكثير منهم مروين بدمائهم تراب الوطن . وكانت السمة
الوطنية التي تميز بها نشاط الأندية تعتبر برهانا حقيقيا لهذا الترابط العضوي بين
الرياضة والوطن . فالنشاط الرياضي في تلك الفترة استطاع أن يلبي الاحتياجات
الاجتماعية وأن يلعب دورا فعالا ليس فقط في مبدأ " العقل السليم في الجسم
السليم " بل وفي " الوطن السليم في العقل السليم في الجسم السليم
". استطاعت الصحافة أن تعكس هذا التلاحم بين الاتحاد وبين الجمهور وان توضح
له طبيعة ومجريات النشاط الرياضي حتى عام النكبة فلم تتوان الصحافة بشكل عام عن
إبراز الدور الطليعي للأندية الرياضية ومساهمة أعضائه في النضال والدفاع عن
فلسطين.[72]
وحول الدور الطليعي للأندية الرياضية في صقل الانسان الفلسطيني يبرز حسني
حسني (سوف يرد ذكره فيما بعد) دور هذه المنظمات الشبابية والكشفية التي ترمي إلى
أعداد الشباب بالرياضة البدنية " ولا ريب أن الملعب ميدان قتال منظم مصغر
ففيه يتعلم الفرد أول مباديء القيادة والتعاون والسرعة والتفاني في صالح المجموع .
وفي الملعب يتعلم الإنسان الصبر والجلد ، والرجل الرياضي أبعد ما يكون عن حياة
الترف والنعيم وكثيرا ما نرى الرياضيين الموسورين يعشقون المعسكرات على ما فيها من
شظف وحرمان . وفي الملعب تكتسب (الروح الرياضية) التي تهزأ بالأعصاب ولا تكسرها
الهزيمة ويسودها التفاؤل ….. كل هذه الميزات من خواص المقاتل الباسل وللرياضة
الفضل الأول في تزويد الشباب بها فمتى تنظر إلى الرياضة نظرة جدية وتعمم الملاعب
وصالات التدريب". إنه لمن الجميل أن نرى الزاوية الرياضية في صحيفة "فلسطين"
ومحررها حسين حسني توجه بعض الاسئلة إلى الرياضيين القدامى في كاون ثاني 1947
الذين مضى على نشاطهم حوالي ربع قرن طالبة منهم أن يجيبوا عليها لنشرها في أعداد
قادمة مستفسرة عن الألعاب التي مارسوها والمباريات التي شاركوا بها والتي كان لها
انطباع عميق في الذهن وعن الرياضة بين الماضي والحاضر الخ.
لقد طرح سؤال من خلال صحيفة "فلسطين"
على أحد رؤساء النوادي حول "كيف يجب أن يكون الشباب الفلسطيني ؟ " ، فرد
قائلا أحب أن يكون الشباب اليوم متحليا بالأخلاق القويمة التي هي أساس متين
للصداقة البريئة ، ولما كانت الرياضة دعامة لمثل هذه الأخلاق فأصبحت الرياضة
والصداقة ترتبطان برباط واحد وهو الخلق
الذي يدعو اليه الشعور بالواجب والوفاء والتضحية".
كانت إعادة تشكيل الاتحاد الرياضي الفلسطيني العربي أيضا دافعا قويا لدفع
الصحافة الرياضية من جهة ومن جهة أخرى تولي الاستاذ حسين حسني تحرير الزاوية
الرياضية في صحيفة فلسطين. وقد عمل الاتحاد ومراسليه والأستاذ حسين حسني جنباً إلى
جنب لترقية الزاوية الرياضية لتصبح وسيلة من أجل ترابط الرياضة مع الأحداث التي
كانت تعصف في فلسطين ووسيلة من أجل اكساب هذه الزاوية روحا قومية وثقافية أيضا.
فعند الاشارة إلى الصحافة الرياضية في فلسطين منذ 1944-1948 لا يسعنا إلا أن نخص
بالذكر حسين حسني أستاذاً وكاتباً ترك بصماته على هذه الحركة الرياضية التي لعبت
دورا هاما في صقل شخصية الانسان الفلسطيني الجديد. تخرج الاستاذ حسين حسني في إحدى معاهد التربية
البدنية في مصر ثم حضر إلى فلسطين ليعمل مدرسا في كلية روضة المعارف في القدس ، ثم
تم تعيينه مراقبا للتربية البدنية بمدارس الأوقاف الاسلامية كما وتم تعيينه فيما
بعد مشرفا على الرهوط والفرق المصرية في فلسطين من قبل جمعية الكشافة المصرية
الأهلية في القاهرة . للأسف أنه لم يعثر على أي خبر حوله بعد عام 1948 ولكن مهمتنا
أن نقتفي معلومات عنه ، تقديرا وتخليدا لخدماته وأعماله لفلسطين.
يجب الاشارة إلى أنه في الثلاثينيات وبداية الاربعينيات لم تكن الأخبار
الرياضية تنتشر بشكل يومي منتظم . ولكن في عام 1943 أصبحت تبرز تحت اسم
"الالعاب الرياضية" وقد أخذت هذه
الزاوية بالنمو والارتقاء فيما بعد خاصة عند ترأس تحريرها الاستاذ حسين حسني . فقد
كانت مقالاته تعكس الوعي الصحيح لطبيعة النشاط الرياضي الصحي والتي لربما يمكن
اعتبارها سباقة لأوانها لما كانت تحمله من آراء ليس لها فائدة لتلك الحقبة من
الزمن فحسب ، بل وحتى وقتنا الحاضر. بالإضافة إلى أنه كان يقدر عاليا قيمة الرياضة
التنافسية ، أيضا كان يدرك بما يكمن بها من مجال وقيمة تربوية صحية اجتماعية
ووطنية . فمن خلال مقالاته ضمن "الزاوية الرياضية" كان يهدف إلى تحفيز
النشاط البدني لدى المواطن محاولا توعيته بفوائد الرياضة وتأثيرها على البدن
والعقل . كما عمل على تثقيف الرياضيين مشيرا إلى تداخل النشاط الرياضي مع السلوك
والأخلاق والوطن . ولأول مرة نرى أنه تم توجيه اهتمام الرياضيين إلى أمور صحية ،
فهو قد وضع صرحا لإعداد الرياضيين نظريا تثقيفيا هذا الإعداد الذي لم نره حتى في
وقتنا الحاضر ولم يعره اهتمام الكثير من مدربينا . كما ودعا إلى الاهتمام بالفرق
الثانية وبالرياضة العمالية ووجه نقداً إلى بعض المدن في فلسطين لعدم إعطاء
الرياضة أهمية في توجيه الشباب هناك. كما ودعا إلى إنشاء المزيد من الملاعب وتأسيس
معهد للتربية البدنية يعمل على إعداد كوادر قادرة على توجية وتطوير الرياضة.
في إحدى المقالات في صحيفة فلسطين يصف
كاتبها ما وصلت إليه الزاوية الرياضية في هذه الصحيفة بعد ستة
شهور من إدخال الصحيفة ضمن أبوابها الباب الرياضي "..... وقطعت عهدا للقاريء أنها
ستكون عند حسن ظنه بها فظلت تعالج مشاكل النشء والشباب وتصف لهم الدواء وتذكي
الحماسة بينهم وتقدم إليهم النقد الخالص المشمول بالنصح والإرشاد وتنشر الأخبار
الرياضية والمواضيع الصحية وتشرح لهم طرق التدريب مع وصف للمباريات ومؤازرة
للرحلات فسدت بعملها هذا نقصاً كبيراً كانت
بحاجة ماسة إليه وظهرت ثمار هذا الباب يانعة وشجعنا على عملنا إقبال القراء
على هذا الباب ولا نقول إننا في تحريره قد بلغنا الكمال بل خطونا للأمام ولن نقف
عند هذا الحد لأن الوقوف هو بداية الفشل ، وسيظهر هذا الباب بشكل حديث ومواضيع
جديدة وعناصر هامة لا سيما بعد أن اتفقنا مع بعض المراسلين الرياضيين في الأقطار
الشقيقة ليوافونا بأهم الأخبار والأنباء وسنضاعف من جانبنا عملنا وجهدنا". [73]
وحول الرياضة النسائية يكتب
حسين حسني تحت عنوان " الاتحاد النسائي" "لا ينكر احد أن اخلاد
الفتيات الى حياة البيت الخالية من الحركة والنشاط ينتقل بهن من الرشاقة والجمال
الى الضعف ويسارع بهن الى الكبر ، وما من امة بلغت درجة من الرقي والمجد إلا وكان
للمرأة نصيب وافر في تقدمها ورقيها. والبلاد في الوقت الحاضر تسير نحو النهضة
الرياضية النسائية بخطى واسعة ، فهذه (القدس) عاصمة البلاد تتقدم فيها جمعية
الاتحاد النسائي الى الامام وتؤسس ناديا خاصا بأعضائها يقع في حي باب الساهرة ، ولما
كانت التقاليد تمنعنا من دخوله فقد عهدنا الى الآنسة (ن.ر) وهي احدى المدرسات
والعاملات النشيطات في الجمعية بزيارة النادي لتصف لنا ملعبه وما يجري فيه وبعد
زيارته كتبت الينا ما يلي: " الملعب ذو سور عال تحيط به الاشجار الباسقة من
كل جانب ويوجد بداخله ملعبان الاول لكرة السلة والآخر للتنس وهناك فكرة ترمي لتكوين
فرقة كشفية للمرشدات تقوم بها الاعضاء برحلات رياضية ويساهمن في الخدمة العامة ،
ويضم هذا النادي حوالي 150 عضواً وفيه فرقة قوية لكرة السلة طالما تبارت مع
المدارس الثانوية وكلية المعلمات". فهيا إلى الامام ايتها الفتيات وزاولوا
الرياضة ففيها عوامل الصحة والقوة والرشاقة".[74]
كتب حسين حسني العديد من المقالات التي كانت تصف الأوضاع الرياضية في المدن
الفلسطينية شارحا جوهر هذا النشاط الرياضي هناك وداعما لمزيد من تطوره وازدهاره
(بعد إعادة تأسيس الاتحاد الرياضي الفلسطيني) ففي مقالة له بعنوان "مدينة
الخليل تنهض رياضيا" في 3 من أيلول 1945 يشير إلى أن هذه المدينة نراها اليوم تخطو بخطى
واسعة وسريعة نحو النهوض بالرياضة البدنية "..... وإذا ماعرفت أن
نهضتها (مدينة الخليل) مدتها عام كامل حكمت معي أن همة شبانها عظيمة .... وإذا
استعرضنا حياتها الرياضية نرى أنها بدأت عام 1945 بتشكيل بعض الأندية الرياضية
والفرق الكشفية والاقسام المدرسية ، فالأندية الرياضية هي النادي الأيوبي والنادي
الثقافي ونادي الشبيبة الرياضي ، والنادي القومي ورابطة المثقفين العرب وجميعها
تشتغل بجد وإخلاص في إذكاء روح الحماسة بين أعضائها وقد بلغنا أن نادي الشبيية
يؤدي رسالته على أتم وجه لا من الناحية الرياضية فحسب بل ومن الناحية الادبية
والاجتماعية..... ونحن إذا استعرضنا هذه الحركة اليوم فإننا نطلب المزيد حتى تصبح
هذه المدينة المقدسة من طليعة مدن فلسطين عناية بتربية الاجسام رياضياً....".
كانت هناك بعض المجلات التي
تطرقت إلى الأخبار الرياضية ففي عام 1938 تم تأسيس مجلة الحياة الرياضية صاحبها
عبد الغني شلالي في يافا ومحررها علي حسين الأسعد حيث كانت تبحث في أخبار السينما
والألعاب الرياضية وسباق الخيل كانت تصدر مرة واحدة في الأسبوع . ومجلة الرياضة
والسينما صاحبها جبرائيل شكري ديب والتي كانت تصدر باللغتين العربية والانجليزية
في يافا.
لا بد للإشارة إلى أن حجم الأخبار الرياضية العربية لم يكن مساويا لحجم
ونوعية الأخبار الرياضية في الصحف الصهيونية ، التي كانت مدعومة من كل المؤسسات
الصهيونية والانتداب البريطاني التي كان لديها طاقات مادية وكفاءات أكبر مما هو عند الجانب العربي . أيضاً فأن هذا
التعاون الثنائي بين المنظمات الرياضية الصهيونية والإنجليزية انعكس أيضا على
الصحافة الرياضية حيث كانت الأخبار لكلا الجانبين يبرز في الصحف الناطقة
بالانجليزية مثل "البالستين ويكلي" (صحيفة الانتداب) و "البالستين بيولتن" (صحيفة
يهودية تحولت إلى "البالستين بوست"
في عام 1932 واستمرت حتى النكبة).
المصاعب التي واجهت هذه الحركة
إن أهم عقبة وقفت أمام الحركة
الرياضية الفلسطينية كعنصر هام للحركة الاجتماعية الثقافية هي الأوضاع السياسية في
فلسطين التي تمثلت بوجود الانتداب البريطاني والمد الصهيوني (الذي ورد ذكره في باب
خاص) . في آذار 1926 أذاعت الحكومة إعلانا يقضي بوجوب تسجيل كل جمعية أو ناد يؤسس
في فلسطين مهما كانت الغاية خيرية أوسياسية. فمنذ بداية العشرينات وقفت سلطات
الانتداب كعقبة في وجه تأسيس الأندية وانتشارها وذلك من خلال وضع العراقيل أمامها
وعدم التوقيع على طلبات الترخيص واعتقال اعضائها وإغلاق العديد منها . ففي أيلول
1936 اغلقت السلطات نادي الكشاف المسلم ونادي جمعية شبان البيرة وجمعية الشبان
المسلمين لقضاء رام الله وقد طالب أعضاء هذه الأندية الثلاثة الترخيص بإعادة فتحها
بعد الإضراب .
في
عام 1946على أثر الكلمة التي كتبتها جريدة "فلسطين" عن تقصير مدينة
نابلس وأهلها بالاعتناء بالنشاط الرياضي وكيف أنها في مؤخرة المدن الفلسطينية عناية
بهذا النشاط قام نفر من شبابها الناهض
وبشر الدعوة لتأسيس ناد رياضي أطلق عليها اسم "النادي الرياضي الأدبي"
وجمعوا له المال ما يقرب من ألف جنيه واتخذوا له مكانا فسيحا وسنوا له القانون
وأرسل إلى دائرة الحاكم فأرسله إلى الجهات المختصة بالقدس للموافقة عليه "....وللأسف
مضى عليه حوالي الشهر ولم تتكرم الدوائر المسؤولة للآن بإعادته ، مع أن القانون
صريح والنادي رياضي يتمرن فيه الشباب على الألعاب ، والحكومة التي تشجع الرياضة في دوائرها نراها تتأخر في
الموافقة على نادي نابلس . نرجو باسم العائلة الرياضية من الدوائر المسؤولة سرعة
إعادة القانون موافقا عليه حتى يتمكن النادي أن يعد اللاعبين ويشترك مع أندية
فلسطين في الاتحادات الرياضية والمباريات الحبية قبل بدء الموسم الرياضي ".[75]
كانت الحركة الرياضية تعاني من مشكلة هامة أيضا وهي مشكلة الدعم المادي فقد
كانت معظم الأندية تعتمد بمواردها على تبرعات الأعضاء واشتراكاتهم وعلى التبرعات
الخارجية التي كانت ترد من بعض الوجوه الاجتماعية ولم تعبأ الحكومة بأي دعم لهذه
الأندية. كانت الأندية تعمل ما في وسعها
من أجل الحصول على موارد من خلال إقامة الحفلات وبيع أوراق (اليانصيب الخيري) وبيع
تذاكر لحضور مبارياتها . يشير حسين حسني في مقالة له حول موارد الأندية "
نلاحظ أن معظم الأندية في البلاد تشكو من قلة مواردها لتأخذ مكانها اللائق بها
وتودي رسالتها على الوجه الأكمل ، وتقف الآن مكتوفة الأيدي ساخطة أمام العبء
الملقى على عاتقها حتى لقد قام أحد الأندية الرياضية في القدس بعمل (يانصيب خيري)
لتأسيس مكتبة ونحن رغم تشجيعنا ومؤازرتنا لهذه المشروع الذي نرجو أن يساهم فيه
الجميع نرغب في لفت أنظار إخواننا المسؤولين عن ادارة هذه الأندية إلى أن هذه
المشروعات صغيرة ومواردها قليلة وهناك طرق حديثة سارت عليها كل الاقطار الاخرى
".[76]
وحول
ما كان يعانيه الاتحاد من ظروف مادية صعبة وما كان ينجم عنه من مشكلات أخرى جاء في
صحيفة "فلسطين" في ذلك الوقت " تعتبر الرياضة البدنية فناً دولياً
له قيمته وضمانا لحسن سيرها وانتشارها ، انشئت الاتحادات الرياضية في كل قطر لتضع
الأسس اللازمة والقوانين والأحكام ، وتسمو بالرياضة إلى المنزلة اللائقة به فضلا
عن أنها مرجع الكثير من الشكاوي ولفض كل خلاف أو إجحاف وهي تعتبر بمثابة حكم عادل
في كل ما يخالف أصول اللعبة أو يشين كرامتها . وقد كون الاتحاد الرياضي الفلسطيني
في البلاد لهذه اللعبة وضم إليه صفوة مختارة من الشباب الناهض وانتظمت أمورة رغم
ما صادف في أول تكوينه من عقبات وعثرات ، ولكن اتحادنا لم يقم بواجبه على الوجه
الأكمل . والسبب في ذلك معروف للجميع وهو الناحية المادية ، إذ ليست هناك حكومة
تمد إليه المعونة والمساعدة ولا هيئة عربية تمنحه مكافأة سنوية ، ولا البلديات قد أفردت في ميزانياتها مبالغ
خاصة له. فمن أين اذن يطبق برامجه الواسعة التي تتلخص في إنشاء الملاعب في شتى
انحاء البلاد وإعانة الأندية والمؤسسات الرياضية لتقوم بواجتها ، والاتفاق على
مباريات دولية ومهرجانات رياضية ، وإحضار المدربين الفنيين وتنظيم الرحلات وإحضار الأدوات اللازمة
والإكثار من التمثيل الرياضي الخارجي . فيا أيها الإخوان إن الاتحاد الرياضي
الفلسطيني مشروع لتربية الاجسام ، يخلق جيلا جديدا من النشء ، له اهميته الكبرى في
كل قطر ، وهو خير ما يجب أن يكون هدفنا في هذا الزمن". [77]
لقد عمل الاتحاد الرياضي الفلسطيني ما بوسعه من أجل الحصول على موارد مالية
فقد طلب من الأندية الرياضية تقديم تبرعات له لتسديد العجز الذي كان يعاني منه وقد
لبت الأندية هذا النداء رغم أنها كانت تعاني من أزمات مالية. وكما هو معروف أن
الاتحاد لم يتلق أي معونة من الحكومة أما عن دعم الهيئة العربية العليا فلم يكن
هناك منحة أو مكافأة سنوية منها للاتحاد ، كما أن البلديات لم تفرد في ميزانيتها
مبالغ خاصة للاتحاد . لقد كان هناك دعم هامشي من اللجنة العربية العليا لبعض
الأندية وتعاون غير مستمر مع بعض فروع الاتحاد .
لقد كان أمام الاتحاد مهمات جمة وبرامج واسعة
مثل إنشاء الملاعب في شتى أنحاء فلسطين
وأعانة الأندية والمؤسست الرياضية والاتفاق على مباريات دولية ومهرجانات رياضية
وإحضار المدربين الفنيين وتنظيم الرحلات وإحضار الادوات اللازمة وتفهمه لما تعانيه
بعض الفرق في التنقل بين المدن والقرى (حتى ان سكرتير منطقة الجليل كان يطلب من
الاتحاد تذليل مشكلة صعوبة بعد المسافة بين البلدان في هذه المنطقة) والاكثار من التمثيل الرياضي الخارجي . كان الاتحاد وأنديته بحاجة ماسة إلى ملاعب خاصة
لأن عدد الأندية قد ازداد كما وتوسعت النشاطات الرياضية الأندية فقد كانت هناك
صيحات ودعوات إلى إنشاء ملاعب رياضية وكانت هذه الدعوات موجهة إلى البلديات
واللجنة العربية العليا فلذلك لم تعر كافة البلديات هذه الدعوات أي انتباه ، فتحت
عنوان "حاجة جنين إلى ملعب" كتبت صحيفة (فلسطين) " بدأ الشباب منذ مدة قريبة في إقامة صرح
الرياضة وتشييد مجدها فقاموا بهمة ونشاط موفورين صحتهم عزيمة لا تقهر . بدأ هذا
الفريق من الشباب تأليف فرقة لكرة القدم جعلت تنازل فرق الجيش وتتبارى معها مباريات حبية وكانت الفرقة في أوقات
فراغها تتمرن فيما بين أعضائها على إصابة الهدف وحمايته على السواء وعند ذلك طلبت
دخول الاتحاد الرياضي الفلسطيني فأصبحت إحدى الفرق الكثيرة المنتمية إليه ولقد سجل
هذا لها فوزا جديدا في عالم الرياضة . كل ذلك سطع في عالم الرياضة في جنين ولكن
العثرة الوحيدة التي وقفت في سبيلها وحالت دون تحقيق امنية الشباب عدم وجود
ملعب". [78]
وفي مقال آخر جاء فيه " يافا في حاجة قصوى إلى ملعب رياضي تتوفر فيه
المطالب الرياضية بميادينها ووسائلها . ولم تكن يافا في يوم من الأيام أشد حاجة
إلى هذا الملعب منها اليوم بعد أن نشطت فيها الفرق الرياضية وتعدت النوادي
والمؤسسات . وما ندرى سبب قعود بلدية يافا عن إيجاد هذا الملعب الرياضي وتجاهلها
صيحات العديد التي وجهت إليها في طلب إيجاده وإعداده ولديها الأموال متوفرة وفيها
عناصر من الشباب الذي يقدر أهمية وجود مثل هذا الملعب في المدينة ".
[79]
وقد ضربت بلدية نابلس مثلا على دعمها للرياضة باقامة ملعب لهذه المدينة وذلك بفضل
بلديتها التي عملت بإخلاص تجاه رفع مستوى هذه المدينة.
كانت الملاعب ومنذ تأسيس الأندية في فلسطين تقام على أرض مستوية يختارها
اللاعبون لأداء تمارينهم ومبارياتهم عليها ثم فيما بعد ومع تطور هذا الفريق ونموه إلى ناد رياضي تصبح
ملعبا رسميا يقدم من وجهاء القرى والمدن هدية لهذا النادي . في المدن الكبرى مثل
يافا والقدس وحيفا ونابلس فقد كان هناك مشاكل مستمرة من نقص الملاعب وخاصة يافا
التي كان يعاني رياضيوها من شحة الملاعب فقد كان بها ملعب البصة الذي كان يستضيف
معظم الأندية . أما مدينة القدس فكما تذكر
صحيفة "فلسطين" بهذا الخصوص "عاصمة البلاد المقدسة ذات
التاريخ الحافل والماضي المجيد والتي تضم أكثر من نصف سكانها من العرب في هذه
المدينة ستة ملاعب رياضية أربعة منها للأجانب واثنان للعرب أي بمعدل ثلثين إلى ثلث
، أما ثلثاها فهما ملعبان الأول لجمعية الشبان المسيحية والحمدلله قد احتله الجيش
منذ سبعة شهور والثاني ملعب مدرسة تراسنطة الذي تقام عليه المباريات الآن ونحن
مهددون من رئيس الكلية بوقف المباريات فيه إذا أبدينا أية ملاحظة . هذه هي حالة
مدينة القدس اليائسة فيقول الناس في ألم وحسرة: أين الحكومة والبعض الآخر يقول أين البلدية
ولكني أقول بصراحة أنهم غير مستعدين للمساعدة فيما يعود علينا وعلى أجسامنا بالنفع
والخير". كما
أن مدينة مثل حيفا كان عدد ملاعبها لا
يزيد عن ثلاثة ملاعب مثل ملعب شباب العرب
والنهضة والسالزيان .[80]
في بعض الأحيان كانت بعض المباريات بين الفرق العربية تجرى على ملاعب تملكها الفرق
اليهودية مثل الهاشموناي في القدس والهابوعيل قرب يافا .
لقد كان "المكابياد" الذي تم ذكره عام 1932 و 1935 أكبر دليل على
توفر الامكانيات المادية لدى المؤسسة الرياضية الصهيونية التي كانت مدعومة من
المؤسسة الصهيونية . عكس الحركة الرياضية العربية التي كانت تعتمد على تبرعات بعض
الوجوه الوطنية وعلى دعم أعضاء الأندية وعلى بعض الهيئات من الهيئة العربية العليا
التي سعى الاتحاد دوما إلى مد روابط التعاون معها ، فبعد جهد طويل أرسلت كتابا
للمنظمات الرياضية بيافا ومنها اتحاد رفع الاثقال والمصارعة تستوضح فيه عن غايات
وأهداف هذه المنظمات وعدد الفرق التابعة لها وتزويدها ببيانات كاملة عن كل فرقة .
وخروجا من هذه الازمة المالية التي كان يعاني منها الاتحاد فقد اقترح رئيس الاتحاد
أنه على استعداد لوضع الاتحاد تحت إشراف الهيئة العربية العليا وذلك من أجل الحصول
على دعم مادي منها لأن الاتحاد الرياضي الفلسطيني لم يكن باستطاعته تمويل
الاتحادات الفرعية له . والمثير للدهشة أن الاتحاد كان يقوم بدعم بيت المال العربي الذي انشأته الهيئة
العربية العليا وذلك ببيع تذاكر بعض المباريات التي تقيمها فرق الاتحاد وذلك
مساهمة من الاتحاد في إنجاح هذا المشروع القومي .
لقد كانت الحركة الرياضية الفلسطينية مرتبطة بالحركة الوطنية التقليدية هذه
القيادة التي لم تكن قادرة على تهيئة الظروف للاستفادة من طاقات ومواهب الشباب
والتي لم يكن لديها تفهم واضح عن هذا
النشاط وماذا يكمن به من مجالات تربوية واخلاقية ووطنية وغيرها. في آذار عام 1947 تلقى الملاكم الدولي المعروف
أديب الدسوقي خطابا من المكتب العربي في واشنطن يظهر فيه أسفه لعدم تمكنه من إقامة
مباريات للملاكمة بين أديب وأبطال أميركا لأن المسيطرين على هذه الحركة هناك يهود
، غير أن بعض الإخوان الرياضيين هناك تغلبوا على هذه المشكلة واتفقوا على إقامة
مباراة بين بطل شيكاغو وأديب وأرسلوا إليه برقية يستدعونه فيها غير أنه مع الأسف
لم يبت في أمر هذه الدعوة لسبب مالي. وقد أرسل الدسوقي إلى الهيئات السياسية
والقومية راجيا مساعدته على السفر. وتلقى فيما بعد كتابين من المكتب العربي بالقدس
وبيت المال العربي . وكان كتاب المكتب العربي يتضمن الأسف لعدم تمكنه من مساعدته .
رغم ان المشرفين على بيت المال العربي خصصوا 25 الف جنيه كإعانة لمشاريع الشباب كالاتحاد الرياضي الفلسطيني
والفرق الكشفية العربية.
بالطبع ليس من السهل المقارنة بين الإمكانات المادية التي كانت تتمتع بها
الأندية العربية وهذا الدعم الغزير من المنظمات الصهيونية للنشاط الرياضي
اليهودي. يشير وليد الخالدي إلى أن
الصهاينة كانوا ينتمون إلى مجتمع غربي صناعي اشتراكي ، ذي مركزية التنظيم وقد قادت
هذا المجتمع نخبة من الإداريين الفعالين والملتزمين الذين كانوا يملكوا الثقة
العالية بكفاءتهم نحو طبيعة الامور .[81]
لذلك فالقيادة الرياضية أيضا لم تكن ذا
كفاءة فتنظيمها كان عفويا عشوائيا لم يرتكز على أسس تنظيمية معقولة . إن الظروف
الصعبة التي كانت تمر بها فلسطين بالإضافة إلى فقدان الوعي الصحيح لهذا النشاط وما
يكمن به من قيم معنوية وثقافية جعل من الصعب تسخير هذا النشاط ليكون أداة طيعة
بمعنى الكلمة وقوة مؤثرة لأن يلعب دورا فعالا كما كان الحال عند الجانب الصهيوني
في تلك الفترة . ولا تستثنى هنا ظاهرة التخلف الاجتماعي التي لعبت دورا كبيرا في
عرقلة مسيرة الحركة الرياضية وعدم مشاركة الجماهير مشاركة فعلية وخاصة مساهمة
المرأة التي كانت مساهمتها ضعيفة جدا بسبب التقاليد التي حدت من نشاطها في كافة
الميادين.
لقد كان النشاط الرياضي في معظم الأندية مقتصرا على الرجال بينما تمارس
الفتيات والنساء في المستعمرات الصهيونية النشاط الرياضي من أجل اعدادهن لحمل
السلاح. وقد كان الاتحاد النسائي العربي يضع النشاط الرياضي ضمن برنامحه النشاطي .
ولكن كما لوحظ فان هذا "النشاط" لم يطبق على أرض الواقع. كانت بعض الأندية
مثل الارثوذكسية تقيم مباريات للفتيات في لعبة كرة الطاولة. وكانت أيضا بعض مدارس
الإرساليات الأجنبية تعير النشاط الرياضي إهتماما لا بأس به . فقد كانت تمارس مدارس الفرندز وكلية البنات الانجليزية وكلية
بيرزيت لعبة كرة السلة وتقيم مباريات فيما بينها. فمن المعروف أنه لا يكتب لأي
حركة رياضية التقدم ما لم تساهم بها المرأة مساهمة فعالة ولكن للأسف فإن الظروف
الاجتماعية كانت عائقا في مشاركة المرأة في النشاط الرياضي الذي يعتبر وسيلة من
أجل تحريرها وتقدمها الذي هو جزء من التقدم الاجتماعي .
هناك أيضا ظاهرة لا بد من ذكرها وهي لم تكن بمعزل عن الوضع الاجتماعي
السياسي في البلاد ، فكما هو ملاحظ من التسميات التي أخذتها بعض الأندية مثل
الأرثوذكسي والإسلامي وهناك بعض الأندية التي بدأت بتسميات عادية ومن ثم أخذت
تسميات لها علاقة بالأديان .فمثلا تشير مي صيقلي إلى أن جمعية الشبان المسلمين في حيفا كانت قد تأسست رداً على جمعية الشبان المسيحيين
واستجابة للحاجة إلى بنية تعبر عن آراء الشباب المسلم المديني ومطالبه. فقد توفرت
للشباب المسيحيين عبر جمعية الشبان المسيحيين مرافق اجتماعية وثقافية وتعليمية ،
عملت على تعزيز الانفصال المسيحي ، وعلى تسهيل توظيفهم ، بالتالي على اضعاف الجبهة
الوطنية.[82]
في إحدى الزيارات التي قام بها الزعيم الهندي
المجاهد مولانا محمد الأكبر إلى النادي الرياضي
الإسلامي في يافا في أيلول 1931 (لحضور المؤتمر الاسلامي العام في القدس)
تساءل عن سبب تسمية النادي (بالاسلامي) ونادي الشبيبة الأرثوذكسية (بالأرثوذكسي)
وقال عن ذلك أن له علاقة بالتعصب. وقد رد المحامي راغب الإمام (محام معروف في
مدينة يافا وأحد مرافقيه) على هذا التساؤل قائلا أن السبب ليس كما يظن المجاهد
الأعظم تعصبا ورجعية بل يقصد التبرك بالأسماء فقط. ولكن تفادياً لظاهرة الطائفية
فقد كانت الكثير من الأندية المذهبية تقبل في عضويتها أعضاء من مذاهب أخرى بالرغم
من أن الوعي الوطني كان يتجاوز الوعي
الطائفي في كثير من الأحيان وهذا ما كان
يتميز به المجتمع الفلسطيني.
إن السؤال الذي يطرح نفسه هنا أيضاً هو
"هل كان موقف قيادات الحركة الرياضية
من الانتداب البريطاني مشابها لموقف الزعامة الوطنية التي كما يصفها ناجي علوش ، "كانت
حريصة على عدم مناصبة سلطة الانتداب العداء أو الاشارة اليها باصبع الاتهام.
فالجهود كانت مركزة ضد الصهيونية وكأن الصهيونية تعمل بمعزل عن الانتداب . يجد
المراجع لمقررات المؤتمرات والبيانات أن الغضب ينصب على الصهيونية . بينما يتميز
الكلام المتعلق بالانتداب باللطف واستمالة الجانب . وقد كان لتهافت هذه الزعامات
على مقر المندوب السامي وموائده أكبر دليل على عدم معاملة الانتداب كعدو ، بل كجهة
يمكن التفاهم معها، إن لم يكن كصديق في بعض الاحيان". [83]
إن المتتبع لمجرى الأحداث الرياضية يرى أن هذه الحركة اتخذت بالفعل مواقفا مشابهة
للحركة الوطنية في كثير من الأحيان فالفرق الرياضية في فلسطين غالباً ما كانت ترى أن التلاقي كروياً واستمالة الفرق الانجليزية سوف يعزز من امكانياتها وقدراتها
التدريبية، كما ورأت ان تعزيز العلاقات مع الجانب الانجليزي سوف يكون بمثابة إبعاد
للفرق اليهودية عن الساحة واضعاف لهيمنتها الكروية ، وكأن هذه الهيمنة هي العقبة
الوحيدة في وجه الحركة الرياضية الفلسطينية . فمثلاً حاولت القيادات الرياضية
توطيد علاقتها مع الجانب الانجليزي فورا بعد حدوث خلافات بينه وبين الجانب اليهودي
سواء كانت هذه الخلافات (سياسية) أو رياضية. لا بد الاشارة هنا أيضاً أن الحركة
الرياضية كانت تضم قيادات رياضية متفاوتة بويعها الوطني وبدرجة انتمائها ، ولكن
بشكل عام فإن هذه القيادات كان لديها الرغبة في التعامل مع الجانب الانجليزي.
لم يتوقف هذا التقارب مع الجانب الانجليزي على
اللقاءات الكروية فحسب ، وإنما لحقه ليدخل في مجالات عديدة مثل دعوة الإداريين
الانجليز لرعاية الحفلات المدرسة والمناسبات والمهرجانات الرياضية ، وتقديم الكؤوس
. حتى أننا كنا نرى في كثير من الأحيان المديح للإداريين لتعاطفهم ودعمها للنشاط
الرياضي. هذه احدى المقالات لأحد القراء
(لم يُذكر الاسم) تحت عنوان "انتشار الحركة الرياضية" التي تعكس التعاطف
مع الانتداب جاء في صحيفة "فلسطين" "اخذت الحركة الرياضية تنتشر
انتشاراً كبيراً في جميع انحاء فلسطين وبلاد كبلادنا لها مندوب مولع بالالعاب
الرياضية يجب ان تنتشر فيها هذه الروح بمثل هذه السرعة ! ومن ولع فخامة المندوب في
الرياضة أنه احب مرة حضور مباراة في كرة لقدم وكان الطقس ماطراًً فمنعته اللادي
بلومر واقفلت عليه باب القصر ، غير ان فخامته غافلها وتسلق جدار الحائط وقفز الى
خارج القصر وهرول راكضاً لحضور المباراة ! انني اقترح على اللجنة الرياضية لنادي
الشبيبة الاثوذكسية في يافا أن تدشن ملعبها الجديد بحضور فخامة المندوب السامي !".[84]
الفصل الثالث
الصهيونية والحركة الرياضية
" إن النشاط الرياضي المنظم له أهمية كبيرة في صيانة اليهودية
وفي تقوية الوعي الوطني اليهودي" ماكس بودنهايمر
منذ
نهاية القرن التاسع عشر حاولت الصهيونية استخدام الرياضة كوسيلة من أجل تحقيق
أحلامها في فلسطين . وقد لعبت الاندية الصهيونية في أوروبا وفلسطين دورا هاما في
صهينة الشبيبة اليهودية واعدادها من اجل حمل السلاح والسعي من أجل اغتصاب فلسطين .
لقد اشار هرتسلHERZL مؤسس
الصهيونية إلى هدف الرياضة في تحقيق الهدف التوسعي الصهيوني عندما كتب في مذكراته معبراً عن الروح العنصرية ونكران
الوجود العربي في فلسطين "يجب أن أدرب الاولاد لأن يصبحوا جنودا ..... يجب أن
أعلم كل منهم أن يكون حرا ، قويا جاهزا لكي يخدم كمتطوع عند الحاجة اليه".[85]
يشير ألن تايلور في كتابه "العقل الصهيوني" أن هذه الحركة التي
نظمها هرتسل عام 1887 تبنت تفسيرات صهيونية مختلفة – ثقافية ، دينية ، اجتماعية
وسياسة ".[86]
فالرياضة كعنصر ثقافي وشكل من أشكال الوعي الاجتماعي كان لها تفسيرها في العقل
الصهيوني ، فهي وسيلة من أجل إعادة بناءالحس القومي وخلق "رياضة يهودية". فقد كانت
الرياضة بنظرهم وسيلة من أجل بعث حياة
جديدة بدنيا )عندما قاموا بتحويل المشاعر
والمفاهيم الدينية التاريخية مثل المكابي والبيتار وبار
كوخبا إلى قومية صهيونية) بالإضافة إلى
أنها وسيلة من أجل بناء الوطن القومي واستعادة اللغة والأدب والتاريخ وبنظرهم فإن
هدف إقامة دولة اسرائيل لا يتحقق إلا إذا سبقه إعداد بدني وروحي ومعنوي للأجيال
التي كان عليها تحقيق هذا الهدف . كما
وأرادت الصهيونية إيهام العالم أن تفوق اليهود لا يقوم على المجال العلمي
والفني فقط بل وعلى التفوق الرياضي أيضا . لقد أيقنوا أنه لا وطن واحد دون ثقافة واحدة
والتي اعتبرت الرياضة جزءا مقوما لهذه الثقافة والأيديولوجية الصهيونية
. لقد قام مفهوم الرياضةعلى أساس
خدمة مصالحهم فأصبحت وسيلة من أجل تحقيق الأهداف التي تهمهم ، وهذا ما
ميزها عن أي نشاط رياضي في بلد آخر فهي كانت تشبه إلى حد ما عملية تسخير الفاشية
الألمانية للرياضة من أجل إعداد الشبيبة الألمانية للقتال وشحنها بروح الشوفينية
والتفوق العرقي .
إن كل مجتمع يقوم بتطوير نظام رياضي خاص به كما ويقوم بتطوير أيديولوجية
تدعم هذا النظام الثقافي بشكل عام
والرياضي بشكل خاص ليأخذ طابعاً قومياً واجتماعياً ملائما لطبيعة هذا
المجتمع ، ولكن الرياضة الصهيونية التي كانت جزء من الأيديولوجية الصهيونية كانت
عكس ذلك فهي قد استخدمت و استغلت لأول مرة ، وبشكل كاذب من أجل بناء دولة . لقد "عُبئت" الرياضة في أوروبا وصُدرت
إلى فلسطين من أجل المساهمة في تشكيل الهيئات والمؤسسات الضرورية لتهويد فلسطين
وتحويلها إلى "وطن قومي يهودي" ، فالرياضة كانت مثل الحركة الصهيونية
التي يشير إليها إلياس شوفاني مفبركة ومصنعة.[87]
تُعرف الرياضة بأنها نشاط بدني
تنافسي ووسيلة من أجل تربية الأجيال في روح التآخي والصداقة. فالقيم المعنوية
والاخلاقية التي تكمن في النشاط الرياضي كانت تنعكس في تعاون الفرق اليهودية فيما
بينها ومع الفرق الاجنبية التي ترتبط معها بمصالح خاصة وحول العلاقة مع العرب في
فلسطين فإنها تنكرت لأي تعاون شريف معهم في المجال الرياضي مثل في أي مجال آخر .
فكما يصف ثومبسون Richard Thompson هذا
اللاتعاون الصهيوني " لم يسع المهاجرون اليهود منذ البدء للتعاون ، لقد كانوا
صهاينة وقد ذهبوا إلى فلسطين لكي يجدوا ويحيوا الصهيونية .[88]
يدعي لاكيرLaquer في كتابه "تاريخ الصهيونية" بأنه
من الخطأ الاعتقاد أن كل الحركة الصهيونية كانت قد تخرجت من المؤسسات الايديولوجية
التنظيمية. فالكثير من الشباب والشابات أصبحوا صهاينة من خلال الأندية الرياضية ،
ولقد اعتبرت هذه الأندية اليهودية في
أوروبا مراكز لصهينة الشبيبة . حاولت
الصهيونية استقطاب جيل الشباب منذ بدء ظهورها على الساحة في أوروبا ، حيث فيما بعد
أصبح دعامتها الأساسية في كل من ألمانيا والنمسا. فلذلك كانت هناك جهود مكثفة من
أجل إنشاء نواد رياضية للشبيبة التي سوف تعمل جاهدة لتسخير نشاطها الرياضي لصالح
نشاطها الأيديولوجي. وأيضا فإن هذه الحركة كانت مدعومة من جيل الشباب في البدء
عندما بدأت على الساحة الاوروبية وقد كانت بعض نشاطات هذه المجموعات الشبابية تأخذ
طابعا ثقافيا والبعض الآخر يركز بشكل عام على النشاط الرياضي. ولم يكن دخول
الشبيبة فورا في الحركة الصهيونية بل كان تدريجيا لمدة عقود عديدة حيث استطاعت
الصهيونية بالتدريج أن تستقطب الحركة الشبيبة والأندية الرياضية لتخدم مصالحها.[89]
ولقد مرت الرياضة اليهودية بمراحل من التسيس و"الايديلجة" حتى أصبحت
أداة طيعة وعملية في تحقيق الحلم الصهيوني. وقد أوضح ماكس نوردو (أحد معاوني
هرتسل) ذلك عندما قال "إننا لا نريد
أن نكون مجتمعا دينيا فقط ، ولكننا نريد أن نكون أمة مثل أي أمة أخرى".[90]
أمة على الطراز الصهيوني فهذه الظاهرة الشاذة تمثلت في "تصنيع" الرياضة
الصهيونية في أوروبا ثم نقل قسما منها إلى فلسطين واستخدام هذين القسمين من أجل
بناء الدولة اليهودية .
جذور الحركة الرياضية الصهيونية
في المؤتمر الصهيوني الثاني عام 1898 كان ماكس
نوردو قد عبر عن فكرة الرياضة والبعث القومي المرتبط بإرادة القوة . وقد طالب بأن ينتهي عهد اليهودي
المترهل ويبدأ عهد اليهودي ذي العضلات . [91]
لقد وجد ماكس نوردو دعماً من إحد النشطاء في الحركة الصهيونية Miroslav
Tyrs والذي كانت له نظرة خاصة للنشاط الرياضي من وجهة
النظرية الداروينية التي كانت سائدة في
ذلك الوقت - البقاء للأقوى والتي وجدت مكانة لها في الفكر الصهيوني الذي بدأ يسخر
كل القوى من أجل إقامة الوطن القومي . لذا فالصهاينة بحاجة إلى أن يتصارعوا مع
العرب في فلسطين من أجل البقاء. بالإضافة إلى أنه كان هناك مفهوم دائر في الأوساط
الصهيونية يتلخص بأن التدريب البدني يهيئ الأمم الصغيرة في الصمود أمام القوى
المعادية . في
المؤتمر الصهيوني الثامن عام 1907 تم الاشارة إلى أن المنظمة الصهيونية لم تظهر أي
ميول نحو افكار ماكس نوردو " لقد حان الوقت لكي نكرس اهتماما أكثر إلى هذه
العلاقة بين الحركة الرياضية والصهيونية .[92]
في نهاية القرن التاسع عشر أخذت العديد من
الأندية اليهودية الدخول ضمن الحركة الصهيونية والتي توحدت كلها تحت اسم اتحاد
الأندية الجمبازية الألمانية Juedish Turnerschaft.
فيما بعد بدأ تأسيس العديد من الأندية
الصهيونية في المستعمرات الصهيونية في فلسطين . فمن أجل تسخير النشاط الرياضي في
صالح نشاطها الأيديولوجي حاولت الصهيونية
ان تستقطب الأندية الرياضية اليهودية في أوروبا لكي تتبنى النشاط الثقافي
الايديولوجي . ولم يرق لها أن بعض هذه الأندية كان نشاطها يقتصر على الرياضة وقد
عملت جاهدة من أجل ذلك وقد نجحت بذلك فقبل المؤتمر الصهيوني الألماني عام 1912
استطاعت المنظمة الصهيونية في ألمانيا الوصول إلى اتفاقية مع المنظمات الرياضية
هناك تقوم بدورها بدعم مالي لها مقابل نشر الثانية للدعاية والفكر الصهيوني . إن
هذا التفاعل المتبادل بين الصهيونية والحركة الرياضية أعطى دفعة قوية للرياضة
اليهودية ، كما وبالعكس فإن الحركة الرياضية ساهمت في تحقيق الاهداف الصهيونية .
وقد كان هذا التفاعل متداخلا في كثير من الحالات لشدة التعاون والتنسيق بينهما وبسبب
تسيس الرياضة التي عززت من الأهداف الأيديولوجية الصهونية. لقد بدأت بعض الأندية
اليهودية في أوروبا مثل بلغاريا والتي كانت تابعة لاتحاد الأندية الجمبازية
اليهودية استخدام اللغة العبرية في " الأوامر" واستخدام الشيكل كدفع
للعضوية ولكن التفوق في إبراز الهوية الصهيونية هو عندما تبنت هذه الأندية اسم
اتحاد المكابي الصهيوني عام 1905.
في النمسا تم تأسيس منظمة رياضية Bar Kochba بار كوخبا
عام 1898 حيث انتشرت فيما بعد في أقطار أوروبية أخرى ، في عام 1883 أسس اليهود الأتراك منظمة
"المكابي الرياضية" في اسطنبول.
عند بدء الهجرة الصهيونية الى فلسطين قام احد المهاجرين اليهود من
روسيا (دكتور ليو كوهين ) بتأسيس جمعية الجمبازييين في يافا تحت اسم (ريشون
اسرائيل) أي اسرائيل الأولى . وفي نفس الوقت تأسست جمعية رياضية أخرى هي
(بارجيورا) عام 1906. فيما بعد تحول هذا النادي الى"شمشون".[93] دخلت هاتان الجمعيتان ضمن جمعية (المكابي) التي
أسست عام 1912 في مؤتمر نستسيون ( مستوطنة قرب تل أبيب).
وقد كان
انتشار الأندية موازيا لزيادة الهجرة الصهيونية إلى فلسطين ، كما وانتقلت العديد
من المنظمات الشبيبية التي كانت قد أسست في أوروبا إلى فلسطين .في
المؤتمر الصهيوني الرابع تم النقاش حول إنشاء حركة رياضية يهودية قومية. وفي
المؤتمر السادس عام 1903 تم تأسيس اتحاد عالمي يضم الأندية الرياضية الصهيونية
"المكابي". فيما بعد انتشرت هذه المنظمة في العديد من المستعمرات
اليهودية في فلسطين وقد بلغ عدد أندية المكابي في فلسطين حتى الحرب العالمية
الأولي حوالي العشرين ، ومن المعلوم أن منظمة "المكابي" كانت قد انتشرت
في كافة أنحاء العالم وحتى في دول عربية مثل سوريا ولبنان ومصر . ومع انتهاء الحرب العالمية الاولى بلغ عدد
أندية المكابي حوالي المئة في انحاء العالم
حسب ما تشير إليه المصادر الصهيونية.
الأندية اليهودية ونشاطاتها في فلسطين
تشير الموسوعة الصهيونية إلى دور المكابي " لقد كان المكابي نشيطاً
على الساحة الثقافية فإنه ناضل من أجل الاعتراف باللغة العبرية ونشرها ، وبمجال
النشاط العمالي والدفاع عن النفس" [94]
وقد استطاعت هذه المنظمة تجنيد ستمئة من أعضائها ضمن خمسة آلاف متطوع يهودي
لمساندة ودعم الجيش الانجليزي تحت اسم الفيلق اليهودي Jewish Legion
عام 1918 لمحاربة الأتراك (في كانون أول كان
الجنرال ألنبي قد دخل القدس على رأس الجيش الانجليزي). يقول أحد أعضاء منظمة المكابي الرياضية في
فلسطين واصفا هذه التجمعات الرياضية في المستعمرات قبل الحرب العالمية الأولى أنه
بالإضافة إلى تعليم العبرية والتاريخ والأدب فانها كانت طليعة للدفاع ضد الجيران
المعادية ( أي العرب).[95] يؤكد عيسى السفري بأنه " ومن المعلوم أن
الصهيونية كانت تعطي الأولوية في الهجرة لعناصر الشباب أي هؤلاء القادرين على حمل
السلاح". ويشير أيضا أن "لليهود في فلسطين فرقا يهودية كشفية تضمها
جمعية رياضية باسم "المكابيين"
والأعضاء المنتمون إلى هذه الفرق جميعهم من الشبان والشابات المتحمسين للوطن
اليهودي وخصوصا شباب الإصلاحيين اتباع جابوتنسكي وترمبلدور يتعلمون الفنون
العسكرية تحت ستارالألعاب الرياضية ". [96]
إن هذه الأندية الرياضية في اسرائيل اليوم ما هي إلا امتداد لمنظمات عملت
منذ تأسيسها على تحقيق الأهداف الصهيونية من خلال تدريب الشبيبة على حمل السلاح
والهجرة غير المشروعة وتهريب السلاح والوقوف جنباً إلى جنب مع القيادة الصهيونية
من أجل إقامة الوطن القومي منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى عام النكبة. وقد عمدت هذه المنظمة إلى التنسيق بين اليهود
في فلسطين واليهود في العالم "الشتات" . في كتابه
"أرض الميعاد" يشير إلى
أن الوكالة اليهودية عملت منذ العشرينات على تأسيس شبكة تجسس لها فروع في الدول
العربية كانت تعمل تحت ستار بعض المؤسسات الخيرية وأندية المكابي هناك.[97]
مع تزايد الهجرة اليهودية إلى فلسطين عندما أخذ الصهاينة بـتأسيس الأندية
الرياضية في المستعمرات في بداية القرن العشرين
كان أول عرض رياضي يقام في مستعمرة (رحبوت) عام 1908. وكان يقام هذا المهرجان كل
سنة حتى عام 1914 وتوقف بسبب مقاطعة منظمة "المكابي" لهذا المهرجان
معترضه على وجود حراساً وعمالاً من العرب كانوا يعملون في هذه المستعمرة. كانت ترفع
الأعلام الصهيونية في هذه الاستعراضات العسكرية وتتقدمهها جوقة موسيقية
وتلقى بها الخطب بالعبرية بحماسة وقد عبر أحد قراء صحيفة "فلسطين" 20 نيسان عام 1913 حول احدى هذه المهرجانات التي كانت تقام سنويا في مستعمرة
ديران "...... وأمام هذا المعرض (الزراعي) خُصصت ساحة كبيرة للالعاب الرياضية
ففي الساعة الواحدة بعد الظهر سار موكب الاحتفال وطاف في شوارع المستعمرة تتقدمه
الموسيقى والأعلام الصهيونية حتى صار أمام بيت رئيس المستعمرة ووقف هناك فألقى
الرئيس على الجمع من شرفة منزله خطاباً طويلاً بالعبرانية فهمت من شدة مقاطعته
بالتصفيق أن الاستحسان له كان كبيراًً. ثم سار الموكب بالترتيب في شوارع المستعمرة
وله منظر مهيب لكثرة عدد السائرين فيه حتى وصل إلى ساحة الألعاب ..... ثم وقفت الجماهير في ساحة الألعاب فقام
عدة خطباء تكلموا بحماس وقوبلوا بتصفيق الاستحسان. وبعد ذلك ابتدأ اللعب فكان يخيل
لي أن هناك جيشا منظما أحسن تنظيم لما في حركاتهم من الفنون العسكرية ... ثم
باشروا الألعاب الرياضية ورفع الأثقال ثم سباق الخيل الذي اشترك فيه الرجال
والنساء وأكثرهم بالملابس البدوية فكنت تحسبهم من فرسان العرب".
هذه إحدى المقالات التي وردت في صحيفة "فلسطين" في شهر كانون
ثاني عام 1933 شارحة بها جوهر المكابي حين حاولت الصهيونية استخدام المفاهيم
والأحداث التاريخية لتحويلها إلى سلاح قومي " ترجع فكرة المكابي إلى نحو قرن
قبل التاريخ الميلادي . ذلك أن الدولة الرومانية كانت قد رأت من الخير لسلامة
الامبراطورية وقوة وحدتها أن يتمثل assimilate اليهود
الرومان ويندمجوا بهم ، فيصبحوا رومان واتجاهاً فكرياً ولكن اليهود أبوا إلا
المحافظة على شخصيتهم اليهودية. وكانت فكرة اليهود في بدايتها دينية خلقية وكذلك
كانت وسائلهم لتحقيق غايتهم المنشودة ، ثم
تطورت الفكرة وتطورت معها الوسائل فتنزلت من علياء الدين والخلق إلى أرض الوطنية
والسلاح ولم تعد الفكرة المكابية غاية روحية يتطلعون إليها بأشواق نفسية ويسيرون
لتحقيقها في طريق السلام وإنما صارت فكرة وطنية أرضية كغيرها من الدعاوي الوطنية
المعروفة وتاريخ حروب المكابي مع الرومان في سبيل وطنيتهم الأرضية حافل بألوان
التصادم بين الفريقين ، والشدة في التقاتل ، فكانت الحرب سجالاً بينهما ، وقد
اندحر الرومان أكثر من مرة أمام قوات المكابي ، ثم ما فتئوا يطاولونهم ويمعنون في
قتالهم حتى كسروا شوكتهم ، ولكن ظل اليهود حيث كانوا من وطنيتهم الأرضية المستقلة
بشخصيتها . وليس لنا ما نعترض به على اليهود حين نقرأ عن جهادهم في سبيل وحدتهم
وكيان شخصيتهم المستقلة ، وقصارانا أن نثبت هنا أن حركة المكابي كانت جهاداً حربياً
شديداً في مظاهره المختلفة ولم تكن حركة
رياضية....كما يريد يهود اليوم إيهام الناس بحركتهم الحاضرة. وإذا ثبت هذا الذي
ذكرنا وهو ثابت بشهادة التاريخ ".
لقد أتت هذه المقالة كرد على ما كان يطرحه قادة المكابي قي خطبهم
واحتفالاتهم مثل خطبة يلين في كانون
الثاني (احد قياديي المكابي البارزين ) التي ألقاها في الحفلة التي اقامتها فرقة
المكابي بالقدس ترحيبا باللورد ملتشت ، "إننا نريد أن نخلق أمة حية في أجسام
أبنائها لترجع إلى تلك الحياة في الماضي القديم أيام الأنبياء . نحن لا نريد أن
نموت موت الكلاب وإذا كان لا بد من الموت
فلنمت ميتة الأبطال. نحن لم نختر اسم المكابي عفوا وإنما عن سابق تفكير فاسم شمشون
يرينا قوة الفرد . اخترنا اسم المكابي لأننا نريد أن نوجد أمة لتنتصر" . وكان
بين الحضور اللورد ملتشيت الذي قام بالتعقيب على كلام يلين في سياق الكلام عن تلك
الحفلة وهذا دليل على التوافق الصهيوني الإنجليزي في القضايا التي كانت تهم الجانب
الصهيوني .
كان هناك تعاون وثيق بين هذه الأندية في الدول
العربية وفلسطين حيث كانت تقام زيارات ولقاءات متبادلة . جاء في إحدى الأخبار في
صحيفة فلسطين في أيار 1929 تحت عنوان "مكابي" سوريا " وصل إلى
فلسطين خمسون يهوديا من التابعين لفرق المكابي
الرياضية في سوريا ولبنان فاحتفل بهم إخوانهم في القدس وتل أبيب ، وأقيمت لهم
وليمة أمس في نادي ترمبلدور التابع لحزب الصهيونيين الإصلاحيين الذي يرأسه
جابوتنسكي المعروف". في عام 1944 في مستعمرة رحبوت عقدت دورة تدريبية
للقياديين الشباب من سوريا ولبنان .
لقد كان من الأمور الهامة التي سعى لها المكابي منذ العشرينات الظهور على
الساحة الدولية وتمثيل فلسطين من خلال العديد من الاتحادات الدولية. وكانت الخطوة
الأولى من أجل ذلك هو لقاءاته مع ممثليه من الأندية اليهودية في أوروبا فهو بذلك
يستطيع أن يتدرب من خلال تباريه معها ليصل إلى مستوى دولي ، كما يستطيع أيضا أن يوثق
الروابط "القومية" مع هذه الفرق . وكانت دعوة المكابي للفريق اليهودي في
النمسا "فينا هكواه" عام 1923 ، 1924 ،1925 الى فلسطين أكبر دليل على
ذلك. وقد رفع الفريق الضيف العلم الصهيوني أثناء المباريات ، مما أدي إلى احتجاج
العرب على ذلك (خاصة بعد مباراة أقيمت في 12 كانون ثاني عام 1925) بأن ارسلت اللجنة التنفيذية للجمعية الإسلامية
المسيحية رسالة إلى المندوب السامي تعلن رفضها لهذه الممارسات حيث تساءلت "
هل يحق رفع الأعلام بمقتضى القوانين المحلية التي صدرت عام 1920". ومن
المعلوم أن الانتداب البريطاني كان قد منع الأعلام أو الشعارات لأي هدف وطني . ولم
يكن رد المندوب السامي على هذا الاحتجاج (الذي نشرته صحيفة Palestine
Bulletin الصهيونية في 24 آذار1925 )إلا الإشارة بأن
هذه الأعلام التي رفعت كانت تمثل نادي "هكواح" ولم تكن تمثل العلم
الصهيوني . فألوان علم "هكواه" كانت مطابقة للعلم الصهيوني . مشيرا إلى
أن "هكواه" ليس دولة بل هو نادٍ فعلمه لا يمثل العلم الصهيوني كما أن هذا العلم لم يرفع بهدف تظاهرة سياسية
ووطنية فلذلك فهو لم يخرق القانون.
حاول المكابي في فلسطين الانضمام
إلى الاتحاد الدولي للرياضيين الهواة في عام 1924 وكان قادته قد أرسلوا وفدا إلى
المؤتمر الدولي لألعاب القوى وكان هدفه إيجاد سبل من أجل التعاون بين "أرض
اسرائيل" والحركة الأولمبية . وقد قوبل طلب المكابي بالرفض لأن المؤتمر لم ير
بالمكابي ممثلا لدولة مستقلة . كما وسعى المكابي إلى تمثيل فلسطين كبلد مستقل في
اللجنة الأولمبية الدولية ، لأن مشاركته على حد زعم قادته كانت ستكون مؤشرا لإعادة
إحياء الوطن القومي ومن أجل أن يرى اليهود لأول مرة العلم الأزرق والأبيض يرفرف
عالياً . ولكن طلب المكابي قوبل بالرفض
وهذا ما جعل قادة المكابي يفكرون بإقامة مهرجان رياضي في فلسطين يستطيع أن يلفت
نظر العالم على وجود الرياضة الصهيونية .[98]
زار مكابي القدس " الهاشموناي " مصر في عام 1927 والتقى مع
الأندية المصرية في القاهرة والاسكندرية.
في عام 1930 شارك المكابي في سباق
للدراجات النارية في بروكسل . وأرسل وفدا رسميا الى آسيا (ممثلا فلسطين) لألعاب
آسيا في نيودلهي ، وإلى لقاء دولي للسيدات في نفس العام في لندن. أيضا وكما أشير سابقا هذه اللقاءات المكثفة
للمكابي والفرق العربية من الدول العربية ( مصر وسوريا ولبنان ) مثل مباراة
المكابي في تل ابيب ومنتخب المدارس الثانوية المصرية في نيسان 1931.[99] وقد كانت هناك عدة أسباب لاستقطاب الفرق المصرية
والتلاقي معها أهمها أولا : وجود أندية المكابي في مصر والتي كانت تسعى الصهيونية
إلى توطيد عرى التعاون بين أندية المكابي أينما وجدت ، ثانيا : وجود هذا التعاون الرياضي الوثيق بين اليهود والجيش البريطاني في فلسطين من جهة
والجيش البريطاني في مصر من جهة أخرى ، ثالثا : أن الرياضة في مصر كانت قد خطت
خطوات سريعة لتصبح مؤهلة لأن تمد الفرق الرياضية في المنطقة يد التعاون والتلاقي
معها (وهذا ليس من الجانب الرياضي فقط وإنما من الجانب الثقافي بشكل عام) . لذلك
فإن التلاقي مع الفرق المصرية سوف يزيد من أهمية الفرق اليهودية ويوعز للمصريين
بأن الذي يمثل فلسطين هم اليهود وليس العرب . هذا ما كان يسعى إليه اليهود ، فهم
كانوا ينظرون إلى فلسطين وكأنها كانت خالية من العرب الفلسطينيين محاولين بكل
قواهم أن يعزلوهم حتى ولو من خلال التعاون مع إخوانهم المصريين الذي كانوا يقبعون
تحت الاستعمار البريطاني الذي كان خادما للنوايا والأطماع الصهيونية حتى أن قادة الجيش البريطاني في فلسطين هم
أنفسهم كانوا إداريين ومنظمين و أعضاء شرف في الأندية الرياضية اليهودية فقد كانوا
يعملون على وضع كامل التسهيلات من أجل هذا "التغلغل" الرياضي الصهيوني
في المنطقة وخاصة مع فرق الجيش البريطاني
في مصر ومع الفرق العربية هناك.
في عام 1924 حدث انشقاق في الحركة الرياضية
الصهيونية عندما خرج "عماليو" حيفا من اتحاد المكابي العالمي لاسباب
سياسية ليشكلوا أول ناد للهابوعيل والذي فيما بعد في عام 1926 تحول إلى منظمة "الهابوعيل" الرياضية التي
كانت تابعة لنقابة العمال اليهودية – الهستدروت . وفي السنة التالية أصبحت عضوا في
الاتحاد العالمي للرياضة العماليةSASI) ). ولقد كان
الهدف الرئيسي لهذه المنظمة هو العمل بين "الجماهير" على حد تعبير
الموسوعة الصهيونية ، أكثر من إيجاد أبطال رياضيين . وقد كانت تقيم المهرجانات
الخاصة بها ، حيث كانت تعمل على تسخير طاقاتها من أجل تنظيم التنافس الرياضي على
أساس التوجيه القومي وتأهيل فلسطين من أجل الوصول إلى المستويات الدولية. فالغاية
هي تمثيل اليهود على الساحة الدولية لكي تبرز فلسطين أمام العالم يهودية. ومن
المعلوم أن خلافاته مع المكابي استمرت لوقت طويل برغم بعض اللقاءات الكروية
بينهما.
يقول بن غوريون عن هذه المنظمة أنها "قلعة للطبقة العاملة ، وعليها
يتوجب مساعدة اليهود الجدد". وقد ساهمت هذه المنظمة التي كانت أنديتها منتشرة
في العديد من المدن والمستعمرات في فلسطين مساهمة فعالة في تهريب السلاح من دول
أخرى إلى فلسطين ولا بد من ذكر قضية ومحاكمة عضوين لها بتهمة تهريب السلاح من طبرق
في ليبيا الى فلسطين عام 1942. كما وساهمت في تأسيس وإنشاء المستعمرات الصهيونية
وشاركت في العمل صفاً بصف مع منظمة الهاغاناة الفاشية من أجل اغتصاب فلسطين بطرق
وحشية.
تشير الموسوعة الصهيونية إلى أن "الهابوعيل" كان يحاول استخدام
اللقاءات الرياضية على الساحة العالمية من أجل التعريف بفلسطين أكثر مما كان يسعى
إليه المكابي الذي كان يطمح دائما لتحقيق الفوز والنتائج الرياضية .[100]
فمنذ بدء تأسيسه حاول الهابوعيل مد الجسور مع الفرق الانجليزية في مصروالفرق
المصرية وكان أول لقاءاته الكروية مع نادي
الاتحاد الترويحي المصري عام 1927 ، وفي بداية عام 1932 سافر فريقه إلى مصر والتقى
مع الأرسنال والنادي الهيليني في كل من القاهرة والاسكندرية حيث رافقهم في تلك
الزيارة الميجور هيرست البريطاني رئيس فريق "المكابي" لكرة القدم ورئيس
الاتحاد الرياضي للهواة في فلسطين (اليهودي) . وفي نيسان من هذا العام حل منتخب
المدارس والاندية المصرية ضيفاً على منظمة الهابوعيل، أيضاً فقد تبارى المنتخب المصري مع
هابوعيل تل أبيب وهابوعيل حيفا والقدس. كما وتبارى منتخب "الهابوعيل"
الكروي مع منتخب قبرص في عام 1933 ، فهو كالمكابي أيضا حاول استقطاب الفرق
المصرية للتباري معها ، ولم تقتصر هذه اللقاءات في كرة القدم فحسب ، بل في انواع رياضية
عديدة واهمها الملاكمة ورفع الاثقال ، هذا مما أدى إلى أن يعطي الهابوعيل وزنا على
الصعيد المحلي والعالمي ويوحي للمصريين أن الذي يمثل فلسطين هم اليهود وحدهم .
أيضا فقد مثل الهابوعيل فلسطين مرتين في الأولمبياد العمالي في أوروبا في عامي
1931 و 1937 ، وأقام مهرجانه الرابع في عام 1935 الذي كان يشبه المكابياد وقد اشترك به عشرة آلاف شخص جاب به
المشاركون شوارع تل ابيب رافعين الأعلام الصهيونية وهاتفين بالوطن الموعود .
في أيار عام 1932 أقيمت الألعاب الأولمبية
السورية وقد تم اختيار فريق ليمثل فلسطين في هذه الالعاب حيث كان مكون من 12 ممثلا
من المكابي ، 6 من البوليس البريطاني ، 6 من جمعية الشبان المسيحية YMCA
، 3 من الهابوعيل ، وواحد من الفريق الأرمني.
عند التكلم عن الأندية الصهيونية لا بد إلى ذكر منظمة البيتارBetar
التي قام بتأسيسها جابوتنسكي القيادي الصهيوني المتطرف والتي كان ومازال حتى
وقتنا الحاضر لها شأن كبير وقد كان وجودها يهدف إلى تغطية أعمال التدريب
العسكري تحت غطاء الأندية عندما تظاهرت السلطات البريطانية بتشديد الرقابة على
نشاطات الأندية رأى جابوتنسكي أن هذه
الوحدات يجب أن تؤلف ويمكن تغطيتها بستار الرياضة والنوادي للشبان في أنحاء مختلفة
على أن يكون هؤلاء الشباب في كل لحظة مستعدين لتأليف وحدة كاملة التدريب والترتيب.
[101]
تأسست هذه المنظمة في مدينة ريجا في لاتفيا عام 1923 حيث منذ البدء كرست
نشاطها من أجل قيام دولة اسرائيل وكانت أول هجرة لأعضائه الى فلسطين عام 1925 من
خلال التثقيف القومي والدفاع والتدريب على السلاح والهجرة المشروعة وغير المشروعة
وكان الوطن القومي بالنسبة لها يعني فلسطين والأردن. وقد تبنى جابوتنسكي فكرة
"الفيلقة" أو الوحدات الرئيسية في الجيش Legionism
وفكرة الطلائع والدفاع التي تجسدت بحياة وموت الزعيم الصهيوني ترمبلدور. وقد انخرط
أعضاؤها في منظمة الهستدروت العمالية و منظمتا الهاغاناة وأرغون تسفي ليئومي
الفاشيتين. حيث عملوا بشكل مجموعات عسكرية سميت بمجموعات التعبئة في القرى
والمستعمرات الصهيونية.
إن استخدام الرياضة في فلسطين لم يحقق أي تقدم دون أن يحصل على دعم من
الجانب البريطاني هذا الدعم الذي لم يكن يقتصر على المجال السياسي فحسب بل تعداه
إلى دعم في كل وجوه الثقافة أيضا . فمع بدء الانتداب البريطاني على فلسطين ،
وإحضارها العديد من أنواع الرياضة الجديدة بالاضافة الى الخبرة في طرق تنظيمها ،
أخذ النشاط الرياضي الصهيوني بالنمو مستغلا ذلك ومستفيدا من الظروف الملائمة من أجل تحقيق نجاحاته كما وأن
نقل وهجرة الكوادر الصهيونية إلى فلسطين التي نقلت الثقافة الرياضية الغربية كان
له أثر كبير في تفوقهم في مجالات عديدة ومنها الرياضية. وقد كان أيضا للتعاون
الصهيوني البريطاني دورا مهما في ذلك حيث أخذ طابع التعاون المتبادل من خلال
المباريات بين فرق الجيش البريطاني والفرق الصهيونية ومن خلال الدعم الانجليزي لكل
العروض والاحتفالات الرياضية وغياب الرقابة الانجليزية على النشاطات السياسية لهذه
الأندية التي كانت تستغل الرياضية كغطاء
لنشاطاتها السياسية . أيضا فقد ساعدت السلطات البريطانية الأندية في تنسيق
عملها التنظيمي وبينت لها الطرق الصحيحة في تنظيم المنتخبات والدوري الكروي
والاتحادات والمشاركة معها في المنافسات حتى أنه كان لبعض الضباط والمسؤولين
البريطانيين مراكز شرف في الاتحادات اليهودية
حيث كان يرافق الكثير منهم الفرق اليهودية إلى مصر ودول أخرى. لقد كانت الشخصيات الحكومية للانتداب البريطاني
تشارك بنفسها الاحتفالات الرياضية والوطنية وكانت دائما ترفع الأعلام الصهيونية
بجوار الأعلام البريطانية. ويؤكد الباحثون الاسرائيليون أن نشاطات كرة القدم في
فلسطين كانت تشكل مرآة لتشخيص المناخ السيكولوجي للعلاقات الانجليزية اليهودية في فترات
الهدوء وفترات الاحتكاك . هذا التعاون (الذي كان يعتمد على الاوضاع السياسية في
فلسطين) أيضا كان يعتمد على المصالح الصهيونية التي كانت تحاول تسخير كل الامور
الى جانبها. فاليهود كانوا يستغلون علاقتهم مع الانجليز وفي آن واحد ينتهزون
الفرصة للتفوق على الفرق الانجليزية الرياضية ليبرزوا مشاعرهم القومية بالتفوق .
ففي احدى اللقاءات بين احد الفرق الانجليزية واليهودية في عام 1930 كان الفريق الانجليزي يتقدم باربعة
اهداف الى ثلاث ولكن قبل انتهاء المباراة بقليل تعادل الفريقان ، هذا مما ادى إلى
أن يخرج الجمهور اليهودي إلى شوارع تل ابيب في مظاهرة تعبيراً عن فرحتهم بهذا
النصر. [102] بعد صدور الورقة البيضاء في اكتوبر
1930 (التي حدت من الهجرة اليهودية الى فلسطين) وتعبيراً عن مشاعر الكره تجاه
الفرق الانجليزية والعربية فقد حدثت مصادمات بين المتفرجين اليهود والفرق
الانجليزية وبين المتفرجين اليهود والعرب من كلا الطرفين . وعندما حدث تراجع في
السياسة البريطانية تجاه الهجرة اليهودية في شباط 1931 تجددت هذه اللقاءات الرياضية بين الفرق اليهودية
والانجليزية. [103]
يدعي
هريف وجليلي أن الفرق الانجليزية في "ارض اسرائيل" اعطت دفعة قوية لنمو
كرة القدم في البلاد. هذه الفرق الانجليزية في معظم الحالات كانت معتدلة المقدرة
وكانت بمثابة عامل تدريبي للفرق اليهودية .
وكان هناك فرق خاصة تعلم منها لاعبونا الكثير .... إلا أن النزاعات والعراكات من الفرق
اليهودية والانجليزية ادى إلى إنهاء للمنافسات واصابة فرقنا بعدوى الترهل
واللامبالاة. يضيف احد اعضاء منظمة الهابوعيل في ذلك الوقت "من يجب أن يلام
ومن هو المسؤول عن توقف العلاقات الرياضية بيننا وبين الانجليز ؟... اعتقد أنه
خطؤنا لم نعرف كيف نسمو فوق اعتبارات صغيرة ونتحكم بأعصابنا في الملاعب ... لقد
استحسنت سلطات الانتداب هذه اللقاءات كما
اننا أيضا استفدنا كثيرا منها".[104]
استغلت القيادة الصهيونية الرياضية احداث 1936
لتوطيد علاقاتها الرياضية مع الانجليز. فمنذ اندلاع ثورة عام 1936 قام الصهاينة
بمنافسات رياضية في مجال السباحة وكرة القدم والكرة المائية والهوكي مع الفرق
الانجليزية من أجل جلبهم إلى المستوطنات الصهيونية. يشير احد قيادات المكابي ناحوم شيت "إن ما
يهم الانجليزي هو النساء والرياضة . فالأول ليس من اختصاصنا أما الرياضة فهي الحقل
الوحيد الذي نستطيع أن نجد لغة مشتركة مع الشباب الانجليزي ومعظم الجيش الانجليزي
. فنحن نتمنى أن تقام علاقات وثيقة مع الانتداب في وجه الثورة العربية".[105]
لذا فقد دفعت مذكرة شيت إلى أن تقوم الوكالة اليهودية بتعيين جورج فلاش (انجليزي)
كمنصب منسق ومنظم للعلاقات الرياضية بين المنظمات اليهودية الرياضية والجيش
الانجليزي في "ارض إسرائيل".[106]
لقد كان اليهود يستخدمون الرياضة من أجل تحقيق
اهدافهم ونراهم في ادبياتهم يتهمون العرب بأنهم
(يخلطون بينها وبين السياسة) فمثلا يكتب احد الصحفيين شيمون ساميت حول العلاقة مع العرب في صحيفة هآرتس في 17
ابريل 1936 )لربما في البداية يتحتم علينا أن
نجد مجموعة صغيرة من العرب التي باستطاعتها الاستماع لنا وعدم خلطها بين الرياضة والسياسة وإدراكها
أن العلاقات الجيدة والمتبادلة بين رياضيي كلا الشعبين تستطيع أن تعمل على
تحسين العلاقات الودية بشكل عام(.
وحسب المنطق الصهيوني فانه على العرب الذين اكتووا بنار السياسة البريطانية
وبوقاحة الصهاينة أن (لا يخلطوا بين الرياضة والسياسة) وأن يقبلوا بهذه المخططات
والهيمنة الصهيونية على الحركة الرياضية
وكأن الرياضة هي بمعزل عن السياسة والمعاناة وعن الوطن الذي كان يغتصب أمام
اعين اصحابه.
في كانون اول
1937 اجريت فورا مباريتين مع الجيش الانجليزي حيث عمدت القيادات الرياضية
الصهيونية إلى استضافة وتكريم فرق الجيش.
بالطبع
حاولت الوكالة اليهودية أن تضع كل ثقلها وامكانياتها من اجل الوقوف بجانب الانجليز
في حربهم مع المانيا. لذلك فان العلاقات الرياضية في تلك الفترة شكلت عاملاًً
هاماً من اجل تحقيق هذه الاهداف ، هذا ما عكسته مذكرة المكابي في فلسطين فوراً بعد
بدء الحرب العالمية "عندنا الفرصة الآن بأن عشرات الآلاف من الجيش البريطاني
من مختلف الدول سوف يزورون البلاد بعضهم سوف يلعب دوراً مهما في السياسة
البريطانية وعلينا ان نؤثر عليهم ونكسب صداقتهم من خلال اللقاءات الرياضية ، هذه
هي مهمتنا ليكون عملنا على احسن وجه". وقد اقترح المكابي أن يقيم مكتبا له قرب الوكالة اليهودية تكون مهمته
تنظيم اللقاءات من الفرق العسكرية الانجليزية . وقد كانت اجابة الوكالة اليهودية
بالرد الايجابي مدركة اهمية وضرورة وجود
مثل هذا المكتب من أجل تشجيع اللقاءات الرياضية بين الجيش (خاصة الاسترالي) والفرق
الرياضية المختلفة في البلاد.[107]
لقد اتت زيارة فريق "الوندرز" البريطاني لكرة القدم تتويجا لهذا
التعاون الصهيوني الانجليزي في عام 1941 و 1943 و 1944 . وبهذا الصدد تشير صحيفة
"فلسطين" إلى أنه "سيقوم اتحاد كرة القدم في فلسطين (اليهودي)
بكافة التدابير اللازمة وسيكون هو المسؤول عن اختيار اللاعبين الذين سيكونون من قوة
بوليس فلسطين ومن القوات البريطانية ومن لاعبي الفرق العربية واليهودية
الممتازين".[108]
ولكن هذا (الاتحاد الرياضي الفلسطيني) اراد تشكيل فريق من اليهود للتباري مع هذا
الفريق ، ولكنه اضطر تحت ضغط الانجليز أن يشكل فريقاً مختلطاً . فبسرعة تم تشكيل
فريق مكون من ستة لاعبين يهود وثلاثة من الإنجليز وعربي واحد ويوناني. فأمام 1200
متفرج في تل ابيب هزم هذا الفريق 8 الى ثلاثة وكان هذا فشل مدمر. وقد كانت النتيجة
في النصف الاول ثمانية الى صفر ولم يتم اي تقدم الى عندما تم تبديل حارس المرمى
العربي بيهودي" . [109]
وهذا ما يدل على وقاحة الجانب اليهودي ومحاولتة القصوى لتهميش العرب والتقليل من
امكاناتهم الرياضية.
ساءت العلاقات اليهودية الانجليزية بعد الحرب
العالمية بسبب حقد اليهود على الانجليز بعدم السماح لليهود الالمان دخول البلاد.
هذا مما ادى بدوره إلى سوء العلاقات الرياضية بين الطرفين. وبسبب قيام المجموعات
اليهودية المتطرفة باعمال ارهابية فقد رفضت الفرق العسكرية الانجليزية اللقاءات مع
الفرق اليهودية . وقد اعلنت هذه المقاطعة في ابريل 1945. في آب 1947 اعلنت السلطات
البريطانية أن حركة "البيتار" Beitar الرياضية هي
محظورة وغير مشروعة ذلك مما دفع هذه المنظمة إلى أن تضطر هذه المنظمة الى تغيير
اسمها إلى "نورديا" (نسبة الى ماكس نوردو احد معاوني هرتسل) فيما بعد
تعهدت هذه المنظمة عدم القيام بأعمال هجوم على الانجليز.[110]
اليهود يمثلون
فلسطين على صعيد دولي
في عام 1930
شكل فريق كرة قدم من ستة لاعبين يهود وتسعة من الانجليز سمي بمنتخب "ارض
اسرائيل" قام بزيارة مصر وزار عدة
مدن هناك، كان فريقه يرتدي زي رياضي وضع عليه حرف P أي Palestine فلسطين بشكل واضح وحرفان صغيران LD أي Land
of Israel في الاسفل ، والسبب في ظهور هذان الحرفان
بشكل مصغر هو الخوف من اغضاب المصريين .
وقد مني هذا الفريق بالهزيمة مع فريق القاهرة بخمسة الى صفر، ومع فريق الاسكندرية
هزيمة اثنين الى صفر ، ومع فريق عسكري من القاهرة هزيمة خمسة الى اثنين.
انتقدت صحيفة "دافار" و"دوار
هيوم" في 15 ابريل 1930 هذه الرحلة والهزيمة
" إننا نقدر عاليا هذه اللقاءات بين بلدنا والدول المجاورة . بالطبع إن
الرياضة تستطيع أن تساهم في تطوير مثل هذه العلاقات. مرة اخرى ذهب فريق من
"ارض اسرائيل" إلى مصر للتباري هناك ولم يكن زيه ابيضا وازرقا (وفقا
للعلم الصهيوني) بل اسوداً وابيضاً وشعارهم ليس في العبرية وإنما حرف P
(بالانجليزية) وحرفان LD صغيران . هذا ما كان يعكس قبول الفريق
بتسوية مذلة مع المصريين هناك - فقط مع السكان وليس مع العسكريين ( الانجليز الذين
رافقوا الفريق ) الذين يسافرون هنا وهناك والذين وجودهم مؤقت في البلاد (في
فلسطين) وهم ليسوا ممثلين لبلدنا ".[111]
كما
أشرنا سابقا أن فلسطين كانت تمثل على الصعيد الدولي من قبل اليهود حيث حاولوا أن
يمدوا جسور التعاون مع العالم الخارجي ، حيث عمدوا إلى تغليف الحركة الرياضية
بغلاف صهيوني وإنكار الصبغة العربية لهذه الحركة. وقد لعبوا خمسة مباريات دولية
حتى عام 1948 كما ومثلوا فلسطين في كأس
العالم عام 1934 حيث تباروا مع مصر مرتين الأولى في مصر والثانية في تل أبيب. فيما
بعد أسس اليهود في عام 1931 الاتحاد
الفلسطيني للهواة والتي فيما بعد أصبح عضوا في الاتحاد الرياضي العالمي للهواة (الذي كان يضم كل انواع الرياضة
باستثناء كرة القدم) . في عام 1933 تأسس اتحاد التنس حيث تقدم فورا بالطلب إلى
الانضمام إلى اتحاد التنس الدولي الذي رفض قبوله . وفي عام 1934 شكل اليهود اللجنة
الأولمبية الفلسطينية حيث فيما بعد تلقت دعوة من اللجنة اللأولمبية الدولية
للمشاركة في الألعاب الأولمبية في برلين عام 1936 ولكنها رفضتها بسبب موقف النازية
من اليهود. في عام 1944 وافق الاتحاد الدولي للملاكمين الهواة EPE
في بريطانيا باعتماد اتحاد الملاكمة الفلسطيني اليهودي للهواة وبالموافقة على
عضويته . في
عام 1946 أرسل اليهود فريقاً للسباحة إلى مصر بمناسبة افتتاح ستاد (العلمين) ضد
فرق من مصر ولبنان والجيش الانجليزي حيث فازت مصر على "فلسطين" في
النهائي . في عام 1946 تم تشكيل الاتحاد
الفلسطيني للتنس. وفي عام 1947 أرسل الاتحاد الرياضي الفلسطيني وفداً رياضياً
للمشاركة في ألعاب البحر الأبيض المتوسط في أثينا.
في كانون الثاني عام 1938 التقى
المنتخب اليهودي مع منتخب اليونان على ملعب المكابي في سلمة حيث هزم معه بثلاث
إصابات مقابل إصابة. وفي نيسان عام 1940 أقيمت في القدس ثلاثة لقاءات دولية بين
منتخب "فلسطين " ومنتخب الجيش البريطاني والفرنسي في الشرق الأدنى
ومنتخب لبنان. وفي كانون ثاني 1941 حضر فريق بريطاني رياضي لكرة القدم يضم عدداً
من مشاهير الرياضة في بريطانيا لإقامة
مباريات مع فريق مكون من لاعبين من البوليس البريطاني ومن لاعبين يهود وعرب. وقد
قام "الاتحاد الرياضي الفلسطيني" باتخاذ التدابير اللازمة لإدارة
المباريات وكان هو المسؤول عن اختيار اللاعبين.
تبارتا المكابي والهابوعيل خلال الحرب مع فرق الجيش البريطاني والأسترالي
والامريكي وتشيكوسلوفاكيا واليونان وجنوب افريقيا وبولندا والهند آملين هذه
اللقاءات ستعزز العلاقة مع دول.
لا
بد للإشارة إلى أن الهجرة الصهيونية إلى فلسطين جلبت معها الكثير من اللاعبين
والمدربين الذين ساهموا في تطور "الرياضة الصهيونية". ومما لا شك فيه أن
الوعي لطبيعة النشاط الرياضي لدى الفئات الصهيونية التي كانت قد انتقلت من مجتمعات
اوروبية كان أكبر مما هو عليه عند العرب . لقد استغل الصهاينة الصحافة (العبرية والانجليزية) بشكل عام كوسيلة
فعالة من أجل تحقيق الأهداف السياسية
فالصحافة الصهيونية الرياضية كانت تنشر أخبار الانتصارات وتعكس روح التفوق
العرقي في المجال الرياضي وتنشر أخبار اللقاءات الصهيونية البريطانية والعالمية والنادر من الأخبار الرياضية العربية .
والمتفحص لصحيفة "بالستاين بوست" (Palestine
Post) يلاحظ وكأنه لم يكن للفلسطينيين أي نشاط
رياضي ، إلا بعض الأسماء التي لمع اسمها في لعبة التنس بسبب ارتباطها بأندية كان
يهيمن عليها الانتداب مثل (السركيل سبورتيف) في يافا والنادي الرياضي في القدس أو
بكونها أعضاء في جمعية الشبان المسيحية في القدس .
وعلى الصعيد المادي فقد اعتمدت على التبرعات من اليهود في العالم التي شملت بناء الملاعب وبرك السباحة ومنشآت
رياضية مختلفة . فمثلا في عام 1940 بدأ العمل في بناء معهد للتدريب الرياضي في
حيفا ، حيث بلغت تكاليف الأرض التي أقيم
عليها المعهد ستة آلاف جنيه فلسطيني وكان هذا المعهد جزءا من مشروع المدرسة
الثانوية العبرية للتدريب الرياضي ، حيث بلغت تكاليف هذا المشروع أربعين ألف جنيه
فلسطيني . وفي عام 1943 وبعد ثمانية عشرة عاما على تأسيس الجامعة العبرية في القدس
جمعت التبرعات من أجل إنشاء ملاعب رياضية تابعة لها ، وقد كان للجامعة
العبرية في القدس التي أسست في عام 1925
في تلك الفترة التي لم يتجاوز دخول القوات الانجليزية وقت قليل أيضا دور هام في
دعم النشاط الرياضي اليهودي .
المكابياد (المكابياه) المهرجان
الرياضي الصهيوني
لقد كان التعاون بين الحركة الرياضية والحركة الصهيونية في العقد الأول من
القرن العشرين قائما على أساس شعار "الفكر القومي اليهودي والإرادة غير
المتزعزعة للأمة اليهودية". وقد حاولت القيادة الرياضية الصهيونية طرح هذا
الشعار بشكل دائم في المؤتمرات الصهيونية . وقد ظهر هذا التعاون واضحا عندما أقامت
الحركة الرياضية مهرجانات رياضية سبقت إنعقاد المؤتمرات الصهيونية السادس والتاسع
والعاشر. وقد أعجب هرتسل HERZL بهذا
المهرجان – السادس 1903 ، حيث قال عنه " إن قيمة هذه المهرجانات تفوق مائة خطاب". وكان قد تم النقاش في المؤتمر
الرابع عام 1900 حول إنشاء حركة رياضية يهودية قومية.
في عام 1921 تم تأسيس منظمة المكابي العالمية MWO
وقد ضم كل أندية المكابي في أوروبا وفلسطين . وقد أعلن عن أهداف هذه المنظمة في
هذا المؤتمر الذي عقد قبيل بضعة أيام من إنعقاد المؤتمر الصهيوني الثاني عشر، إن أهمية
هذا المؤتمر كانت تكمن كما يشير يكوتيلي أحد قادة المكابي ليس في جوهر مقرراته ولا
في نقاشاته الأيديولوجية، وإنما بتفهمه
للواقع السياسي في ذلك الوقت (خاصة الفترة التي تلت وعد بلفور والانتداب
البريطاني) . وكانت أهداف المكابي تنعكس
في النزعة الصهيونية لهذه الحركة وهي تربية أعضائها بالروح الصهيونية وإعدادها من
خلال الرياضة من أجل الدفاع عن حياة اليهود وممتلكاتهم أينما كانوا والتوجه
العسكري لها. في خلال زيارة (فينا هكواح)
إلى فلسطين في كانون ثاني 1924 نوقش موضوع نقل مركز اتحاد المكابي العالمي إلى
فلسطين . وقد لاقى هذا الاقتراح معارضة من كثير من الأعضاء بسبب أن الظروف ما زالت
غير مواتية لذلك.
في العقد الثاني للقرن العشرين حدث تغير إيجابي ملحوظ في الجانب التنظيمي
الأيديولوجي للحركة الرياضية الصهيونية. فالمؤسسة الصهيونية في المانيا قررت توسيع
التعاون والجهود بين اليهود الألمان وذلك بالتأثير على منظمات الشبيبة والأندية
الرياضية هناك . قليلا وقبل انعقاد المؤتمر الصهيوني تم عقد اتفاقية بين المنظمة
الصهيونية والحركة الرياضية اليهودية في ألمانيا تم بموجبها أن الأندية الرياضية
سوف تتلقى المعونة المادية من الحركة الصهيونية مقابل نشر الفكر الصهيوني.
في تلك الفترة اجتمع رئيس هذه المنظمة مع الإصلاحي جابوتنسكي أحد مؤسسي
منظمة الهاغاناه الفاشية. وقد دار الحوار على أن يعرض الثاني مذكرة المكابي على
المؤتمر الصهيوني بشأن الدعم المالي والمعنوي لها من قبل المؤسسة الصهيونية. وقد
كان جابوتنسكي يرى في هذه المنظمة نصيراً للتدريب البدني والاطاعة ، فالرياضة
بمفهومه كانت تعني وسيلة من أجل إعداد
الشباب لحمل السلاح.
كان الصهاينة يسعون دائما إلى ايجاد افضل الوسائل من إجل إدخال المزيد من
المهاجرين إلى فلسطين ، فكما يشير عيسى السفري أن " الصهاينة إستنبطوا منذ
عام 1924 حيلا جديدة لإدخال المزيد من المهاجرين اليهود إلى البلد ، فلجئوا إلى
التهريب والخديعة ، وتظاهروا بالرضوخ للقيود التى ينص عليها قانون الهجرة وتحويل
العديد من طالبي الدخول إلى فلسطين ، ثم إخفائهم في المستعمرات . وكان احد هذه
الوسائل "المكابياد" مهرجان
رياضي على نسق الألعاب الأولمبية ، دعت له القيادات الصهيونية عام 1929 . كانت
تشارك به الشبيبة الصهيونية من كافة أنحاء العالم حيث يبقى جزء كبير منهم بلا
عودة..... دخل فلسطين سنة 1935 ستة آلاف مهاجر من هذا النوع وسلموا جوازات سفرهم
الى الحكومة ودفعوا التأمينات المطلوبة ، ظلوا في البلاد ولم يخرجوا منها إلى
الآن". كما يشير أيضا إلى " أنه هناك ثلاث طرق رسمية تستغلها الجمعيات
الصهيونية في تهريب اليهود إلى فلسطين نذكرها فيما يلي المكابياد : نسبة إلى
المكابي ، وهي اصطلاح يهودي يقابله بالأفرنجية " المكابياد" يقيمها
اليهود في كل سنتين مرة ، يدخل فلسطين بواسطتها – عدا اللاعبين الرسميين وعددهم لا
يتجاوز العشرات – الألوف من غير اللاعبين الذين يبقون في البلاد" .[112]
إن وعد بلفور المشؤوم ووجود الانتداب
البريطاني في فلسطين أعطى الصهاينة دفعة من
أجل التسارع في تحقيق أحلامهم . فمنذ بداية العشرينيات كانوا يحاولون تمثيل فلسطين
على الصعيد الدولي غير مبالين بوجود شعب فلسطيني . ففي عام 1924 أرسل المكابي وفدا
من فلسطين إلى المؤتمر الدولي لألعاب القوى ساعياً للانضمام إلى الاتحاد الدولي
لرياضة الهواة كممثل لفلسطين ، وقد قوبل طلبه بالرفض لأن المؤتمر لم ير بالمكابي
ممثلا لدولة مستقلة .
كان قياديو الحركة الرياضية الصهيونية يتباكون على أنهم لم يستطيعوا تمثيل
فلسطين في الألعاب الأولمبية - هذا الحلم
بأن يروا العلم "الأزرق والأبيض" يرفرف عاليا بين بقية أعلام الدول
المشاركة للألعاب الأولمبية هذا الحلم الذي كان يعتبر بالنسبة لهم مؤشرا لإعادة
إحياء دولتهم . إن رفضهم في المشاركة كممثلين ضمن دول مختلفة والإصرار على تمثيل
فلسطين صهيونية وكأنها كانت خالية من الفلسطينيين دفعهم لأن يتبنوا فكرة إقامة
مهرجان رياضي صهيوني مستقل . ففي عام 1925 أقام الاتحاد العالمي للمكابي مهرجان
رياضيا على شرف المؤتمر الصهيوني الرابع عشر في فينا والذي كان عبارة عن إعداد
لمهرجان رياضي على نسق الألعاب الأولمبية خطط له في المستقبل القريب . في نفس
السنة وخلال زيارة فريق "فينا هكواح" الصهيوني إلى فلسطين تم تحديد موعد
هذا المهرجان في ربيع عام 1927 . ولكن المنظمة الصهيونية رفضت إقامته والسبب هو
أنها كما يدعي حاييم وايزمان تثير غضب
الإدارة البريطانية في فلسطين . كما أن الاحتجاج من قبل القيادة الفلسطينية التقليدية
في ذلك الوقت ضد الهجرة والتجمعات الصهيونية لعب دوراً في عرقلة إقامة هذا
المهرجان.
ولكن مساعي الصهاينة لم تتوقف فقد أقام
المؤتمر السنوي لاتحاد المكابي العالمي في تشيكوسلوفاكيا مهرجان رياضيا وقد ألهب
حماس المشاركين مما دعى رئيسة الاتحاد إلى تقديم اقتراح لاقامة المهرجان الأولمبي
اليهودي والذي فيما بعد سمي بالمكابياد في فلسطين في مدينة تل أبيب عام 1932.
حول هذا المؤتمر يكتب يكوتيلى أحد قادة المكابي في فلسطين " أن اليهود
لم يكن بوسعهم المشاركة في الألعاب الأولمبية في أمستردام عام 1932 لأن اللجنة
الأولمبية تعترف بحقوق المشاركين ضمن حدودهم فقط.....إن المساعي المستمرة للسماح
لنا بالمشاركة في هذه الألعاب حثنا على أن نقوم بتنطيم أولمبياد يهودي يساعدنا
للمشاركة في المنافسات العالمية ويهيء لنا الطريق من أجل تطوير الرياضة بين شبابنا
".[113]
لقد أدعى القادة الرياضيون الصهاينة أن هذا المهرجان سوف تكون له قيمة
اقتصادية بالإضافة إلى القيمة القومية . فالمشاركون والسائحون سوف ينفقون المال
خلال وجودهم في فلسطين . والقيمة القومية كانت تكمن في المفهوم الصهيوني في جلب
أكبر عدد من الشباب إلى فلسطين "أرض اسرائيل"- (كما كانوا وما زالوا
يطلقون عليها في أدبياتهم) ،" من أجل استنشاق هواء الأرض المحببة، ثم العودة
إلى بلدانهم التي يعيشون بها ليعملوا على إنشاء الوطن القومي اليهودي في
فلسطين". [114]
لا شك أن سياسة الانتداب المنحازة تجاه دعم الحركة الصهيونية أعطى دفعة
للرياضة الصهيونية في فلسطين من خلال
التباري مع فرق الجيش الإنجليزي المختلفة
ومشاركة ومساندة حكومة الانتداب للمنظمات الصهيونية في إقامة العروض
والمهرجانات في المدن والمستعمرات وتسهيل
إعطائها السماح والرخص لإنشاء
أنديتها وفرقها الرياضية. ولكن هذا الدعم
والمساندة لم يؤهلها لأن تصل إلى مستوى دولي تستطيع من خلاله إقامة مهرجان على
مستوى دولي مشابه للألعاب الأولمبية . ومع
ذلك فإن القادة الرياضيين والسياسيين الصهانية كانوا يدعون أن الظروف السياسية
والاجتماعية في فلسطين كانت مهيأة لإقامة مثل هذا المهرجان . والمتتبع لتاريخ
فلسطين يؤكد أن الوضع السياسي في فلسطين في تلك الفترة لم يكن مستقراً بسبب ردود الفعل العربية على
الهجرة اليهودية وعلى تواطؤ حكومة
الانتداب مع المخطط الصهيوني في فلسطين.
في عام 1929 نشبت الاضطرابات الكبرى بين العرب واليهود مما اضطر سلطات
الانتداب إلى إصدار الورقة البيضاء التي بموجبها حدت من سيل الهجرة اليهودية إلى
فلسطين . هذا بالتالي أدى إلى أن يزيد سيل لعاب الحركة الصهيونية بأن وجدت
بالمكابياد وسيلة فعالة من أجل زيادة الهجرة بطرق غير مشروعة – من خلال إدخال
الزائرين والمشاركين إلى فلسطين وإبقائهم
بها بعد انتهاء المهرجان.
كان الدعم الانجليزي عاملا مساعدا في إنجاح هذا المهرجان فقد تم إرسال وفد
إلى لندن وكان هذا الوفد قد تلقى نصائح ودروس من قبل القادة الصهاينة مثل وايزمان
وسوكولوف حول كيفية إيجاد المنافذ الخاصة التي يستطيع من خلالها الوصول إلى مكاتب
المستعمرات ووزارة الخارجية . وقد كان اهتمام هذا الوفد يتركز حول موضوع إشارات الدخول للرياضيين والزائرين لهذا
المهرجان ولمعرض ليفانت وهو معرض تجاري كان يقام سنويا في تل ابيب . كان الصهاينة
يهدفون إلى تأمين الحصول على جوازات سفر جماعية وتأشيرات دخول جماعية من أجل تقليل
تكاليف الرحلة للمشاركين والزائرين ، والأهم من ذلك هو جلب أكبر عدد ممكن من
اليهود إلى فلسطين وذلك بالتلاعب بقيود
الهجرة التي وضعتها الإدارة البريطانية . ومن جانبها وعدت وزارة الخارجية
البريطانية تسهيل الاجراءات وإعطاء المزيد من إشارات الدخول إلى المشاركين
والزائرين لهذا المهرجان .
في نهاية عام 1931 تم تعيين المندوب السامي
لفلسطين أرثر واكهوب Arthur Wauchope الذي لم يخف
تعاطفه مع الحركة الصهيونية والذي نمت بينه وبين أرسلوسوروف وهو عضو قيادي في
الوكالة الصهيونية صداقة حميمة ، ففي خلال لقائهم تم عرض فكرة رعاية المهرجان من
قبل المندوب السامي . وبمهارة وحنكة استطاع ارسلوسوروف إقناع المندوب السامي أن
هذا المهرجان ليس له أي اتجاه وهدف سياسي ، كما أن المكابي يسعى إلى دعوة الأندية
العربية والفرق الانجليزية من أجل المشاركة في هذا المهرجان . لقد أدت موافقة
المندوب السامي لرعاية المهرجان بأن أخذت دائرة الهجرة في فلسطين في تسهيل
المعاملات للمشاركين والزائرين اليهود.[115]
وكما يقول أحد القياديين الرياضيين الصهاينة
حول دعوة الأندية العربية للمشاركة في هذا المهرجان "كانت مناورة مدروسة
لتهدئة الشكوك من الجانب الانجليزي حول هذا المهرجان ، في ذلك الوقت التي كانت به
الحركة الصهيونية بحاجة إلى الدعم البريطاني". أما فكرة أن هذا المهرجان ليس
له اتجاه سياسي فإن الصهيونية كانت دائما تستخدم مفهوم "ليس للرياضة علاقة
بالسياسة" ، فهي من جهة كانت تستغل الرياضة من أجل نيل مآربها بالتلاعب
والخداع ، ومن جهة أخرى كانت توحي للعالم أن ممارساتها على الصعيد الرياضي كان
بمعزل عن السياسة.
حاولت الصهيونية جذب الفرق غير اليهودية من أوروبا
وبعض الدول العربية الشقيقة ، بالإضافة إلى محاولتها في حث الدول التالية :
سوريا ، مصر ، النمسا ، استراليا ، انكلترا ، استونيا ، الولايات المتحدة ، بلغاريا
، بلجيكا ، المانيا ، الدانمرك ، هولاندا ، هنغاريا ، تشكوسلوفاكيا ، فرنسا ، كندا
، رومانيا ، سويسراعلى السماح لفرق "المكابي" فيها والزائرين بالذهاب
إلى فلسطين ، فقد تم إغراء الحكومة البولندية من خلال إقناعها أن فوز مكابي بولندا
في المهرجان سوف يعود عليها بالنفع . فمن خلال محادثات سرية استطاع الصهاينة حث
الحكومة البولندية على السماح لأكبر عدد من "الزائرين" بالهجرة إلى
فلسطين.
افتتح المهرجان في 29 آذار عام 1932 بمسيرة
كشفية رفعت بها الأعلام الصهيونية متوجهة إلى الاستاد الرياضي المزدان بالأعلام
الصهيونية والبريطانية وبأناشيد بالعبرية وكلمات أريد بها شحن الحضور بالروح
الصهيونية. وليس من العجيب أن تزف صحيفة "هآرتس" في عددها في يوم
الافتتاح قرائها بهذا الخبر " اليوم ، في الساعة الثانية بعد الظهر ، ستجري
حفلة افتتاح المكابياد تحت رعاية المندوب السامي السير آرثر واكوب وباشتراك ممثلي
الشعب اليهودي والجمعيات اليهودية ومجلس محلي تل ابيب. فعليكم أيها اليهود أن
تزينوا بيوتكم بالأعلام اليهودية طيلة النهار".[116]
وحول افتتاحية هذا المهرجان تشير صحيفة "فلسطين"
عن أحد الاشخاص الذين شاهدوا الافتتاحية "جرى يوم الثلاثاء استعراض المكابيين
في شوارع تل أبيب فكان مما يثير الدهشة أن عددهم بلغ حوالي العشرين ألفا مع أنهم
كانوا قبل أسبوعين لا يزيدون عن ثلث هذا العدد ، ولعل السبب في ذلك هو أن جمعية
المكابيين أرادت أن توجد استعراضا مزيفا فالبست أكبر عدد ممكن من الفتيان والفتيات
اليهود ثياب المكابيين وأشركتهم مع أعضائها !". [117]
لقد بلغ عدد المشاركين في هذا المهرجان
3500-4000 رياضي من سبع عشر دولة . وكما يدعي منظمي هذا المهرجان أن نجاحه كان
نصراً ودعاية للافكار الصهيونية بشكل عام وللرياضة اليهودية بشكل خاص. والذي ميز
هذا المهرجان أنه كان أول حدث ثقافي يجلب زائرين "مهاجرين" بهذا القدر
الكبير – هذا العدد الذي فاق أعداد الزائرين لمعرض "ليفانت" التجاري ،
واحتفالات افتتاح الجامعة العبرية في القدس.
تدعي المصادر الصهيونية أن حوالي 1591 سائحا استطاعوا البقاء في فلسطين في
أول ثلاثة أشهر من عام 1932 . ولكن مصادر تقرير اللجنة الملكية Royal
commission Report فإنه خلال العام 1932-1933 بقي في فلسطين
17900 مسافر. وفي تقييم للوكالة اليهودية اعترف انه بعد سنوات من تقييد الهجرة فإن
نقطة تحول بدأت في ربيع عام 1932 ، عندما هاجر آلاف من اليهود إلى فلسطين كسائحين
تحت ذريعة المكابياد. ولم تدين الحكومة البريطانية هذه الهجرة غير المشروعة ولم
تأخذ على عاتقها أي عمل ملموس من أجل وقف هذا التدفق من المهاجرين وقد أعارتها
مستوى أدنى من الاهتمام. [118]
لقد أدانت المؤسسات والأندية الاجتماعية الرياضية العربية هذا المهرجان حيث
كانت على وعي تام لمخاطره. فقد تساءلت صحيفة "فلسطين" في عددها الصادر
في 18 آذار 1932 حول ما إذا كانت السلطات البريطانية قد اتخذت إجراءات لوقف هذا
التدفق من "السائحين" أو إنها على علم ببقائهم في البلاد كمقيمين دائمين
. أيضا فقد حذرت الصحف الأخرى الرياضيين العرب من المشاركة في هذا المهرجان
وبالذات أعضاء جمعية الشبان المسيحية في القدس، وحذرتهم من عدم التفكير في
المشاركة في هذه "المؤامرة الصهيونية
" التي تقام لأسباب دعائية.[119]
وقد اتهمت الصحف اليهودية الإداريين في هذه الجمعية بالاستسلام للضغط الذي وجهته
"الصحافة العربية المتطرفة". وفي مقالة أخرى تشير إلى التضخيم والمبالغة
من قبل الصحف اليهودية لهذا المرجان "وقد أسرفت الجرائد اليهودية في وصف
استعراض جيوش "المكابي" ونظامها، وكيف أنها اجتذبت وراءها أمة برمتها
حين سارت إلى ملعبها في أول يوم ، حتى لقد قالت صحيفة (البيولتن Bulletin)
إن صفوف الجماهير التي تبعت (المكابي) في ذلك اليوم بلغ طولها نحو ميل. وليس
يعنينا نحن أن نعرف هل بلغ طول تلك الصفوف ميلا أو أكثر ، وإنما يعنيها أن نذكر
أولئك الذين يتحدثون عن السلام يكثرون من الحديث عنه ، أن مثل هذه المظاهرات وما
يعلن أثناءها ، وينشر حولها ، ويذاع بشأنها ، كما يجد القارىء وصف ذلك فيما
ترجمناه من الأخبار اليهودية ، ليس مما يساعد على السلام المنشود لا سيما ونحن
مقبلون على فترة مواسم كثيرة يتعرض فيها السلام لأخطار كثيرة. وقد بلغنا عن مصدر
ثقة ، أن (المكابي) سيقومون إلى القدس لزيارة المبكى وفوداً متتابعة يعد كل منها
بالمئات ، وأن هذه الوفود ستسافر في يوم 1، 2،3،4،5 نيسان بالتتابع، فهل من حكمة
في ترتيب بعث الوفود إلى المبكى بهذه الصورة الغريبة ؟ ونحب ألا يفوتنا أن نعيد
الرجاء بأن تشدد الحكومة المراقبة بشأن الإشراف على الوافدين والتأكد من رجوعهم
حين تنتهي أجازتهم الرسمية التي تخول لهم حق الاقامة في البلاد".[120]
كانت الألعاب الأولمبية الحادية عشر سوف تقام في برلين في ألمانيا عام 1936
وقد أرسلت اللجنة الأولمبية الألمانية دعوة إلى خمسة وخمسين دولة من ضمنها فلسطين من أجل المشاركة في هذا الأولمبياد.
فبرغم صعود هتلر إلى الحكم وموقف الفاشية من اليهود إلا أن القيادة الرياضية
الصهيونية رأت أنه من صالحها الاشتراك في هذه الألعاب الأولمبية كممثلة لفلسطين ،
فهي تستطيع إرسال رياضيين ليرفعوا العلم "الأبيض والازرق" وجعل حضورها
دليل على وجود ممثلين (لأرض اسرائيل) .وقد أرسل فريدنثال رئيس المكابي في ألمانيا
رسالة يطلب بالحاح مشاركة "فلسطين" في هذه الألعاب ، ولكن وبعد صدور قوانين نوريمبرج (تجريد أي مواطن
غير آري من الجنسية الألمانية) فقد قرر الصهاينة عدم المشاركة في هذا الأولمبياد.
فمن هنا رأوا أن هذا المكابياد الذي كانوا خططوا له في ربيع عام 1935 تكمن به
أهمية أكبر بتحقيق أهدافهمٍ.
يجب الإشارة هنا إلى هذ التعاون الوثيق بين الصهيونية والنازية ففي عام
1933 وقعت شركة الحمضيات الفلسطينية معاهدة تجارية مع ألمانيا النازية تقضي ببيع
الحمضيات لألمانيا من أجل توفيرها للمشاركين في الألعاب الأولمبية في برلين عام
1936 . ولقد كانت هناك فكرة شراء منبر متحرك Portable tribuneمن ألمانيا من
أجل مكابياد عام 1932 ولكنها لم تحدث بسبب السعر العالي له. من خلال محادثات بين
المندوب السامي واللورد ملشيت Lord Melchett (بريطاني اعتنق اليهودية) وأحد قياديي المكابي
تم الاتفاق على أن يسمح لكل فريق مشارك يضم 250 لاعبا فقط وقد تبين أن عدد
المشاركين حوالي الخمسة آلاف ككل. بشرط أن يغادر كل مشارك البلاد حالما ينتهي
المهرجان. لم يعجب هذا الشرط قيادة المكابي وفي آن واحد لم يكن من صالحها الدخول
مع سلطات الانتداب في نقاش مستمر. لذلك فقد إرتأت أن تبحث عن وسائل خبيثة في جلب
أكبر عدد من المشاركين. فقد وجدت مثلا أن مئة تأشيرة دخول لفريقها في هنغاريا لم
تكن في حيز الاستخدام مما دفعها إلى أن تطلب من مئة "زائر" يهودي بولندي
الانضمام إلى الفريق الهنغاري كمشاركين رياضيين. وقد علمت السلطات الحكومية في
هنغاريا بهذا الغرض مما أدى إلى توقف هذا المخطط.
لقد شنت الصحافة العربية حملة إعلامية ضد هذا المهرجان حيث أنها ركزت على
أمرين الأول وهو افتتاحية المهرجان أي العروض التي كانت مشابهة للعروض العسكرية ، والثاني
الهجرة غير المشروعة. كما أنه وتحت حجة تقوية فريق " فلسطين" للسباحة ببعض السباحين المهاجرين من أوروبا
(وذلك بسبب ضعف هذا الفريق وعدم أدائه أداء جيدا في مكابياد 1932) فقد طلبت
الإدارة الرياضية من الوكالة اليهودية الحصول على شهادات هجرة من أجل هؤلاء السباحين.
تشير المصادر الصهيونية إلى أن اللورد ملشيت ذكر
كل المشاركين في المكابياد بهذا الوعد الذي قطعوه على أنفسهم بأن يغادروا البلاد
قبل أن ينتهي موعد اقامتهم " إنا على علم ويقين أن الأوضاع في أوروبا وأن
الرغبة في الهجرة هو كبير جدا ، ولكن ليكن بالعلم أن هذا المهرجان لا يمكن أن
يستمر إذا كان هذا الحدث سوف يكون سببا لخرق القوانين في فلسطين ، لذلك أنا أطلب
من كل واحد شخصيا أن يتذكر هذا الوعد وأن يبين الالتزام والانضباط في هذه الحركة
المكابية". لقد كان اللورد ملتشيت على يقين عن عدد الذين بقوا في البلاد بعد
المكابياد. وعندما سأل أحد المسؤولين اليهود في دائرة الهجرة حول هذا العدد الهائل
من المهاجرين بالعلاقة مع المهرجان كان الجواب "من المستحيل فإن اللورد ملشيت
أعطى ضمانة بنفسه".[121]
لقد
منعت سلطات الانتداب موكب الكشافة الذي كان سيسبق المهرجان ويعود السبب في ذلك إلى
الاحتجاجات العربية وإلى أنه قبل المهرجان كان قد تم الاتفاق بين منظمة المكابي
ومؤسسة الهابوعيل والبيتار على أن يشاركا
هاتين المنظمتين في الموكب الكشفي وقد دفع ذلك السلطات إلى التخوف من حدوث
اضطرابات ومواجهات بين العرب واليهود ، وبين هاتين المنظمتين بعضهما البعض بسبب
حزازات بينهما.
في مقالة في صحيفة "الإسماعيلية"
المصرية شرح كاتب المقال للقراء مغزى وهدف هذا المهرجان "... فإن المكابيين يخدموا كقاعدة للجيش
اليهودي في المستقبل حيث يحوي على أقوى الشباب اليهودي". وكان قد أرسل منظمو المكابياد دعوة للفرق
العربية في الدول العربية الشقيقة ولم يكن في نيتها دعوة الفرق العربية في
فلسطين والسبب في ذلك هو إعطاء الرياضيين
من الدول العربية انطباعاً بأن الذي يمثل
فلسطين هم اليهود . ثانيا أنها لم تكن تسعى للتعاون مع العرب في فلسطين في أي مجال
وأن أي تعاون معهم يعني بالنسبة لهم أن الرياضة ممكن أن تصبح جسرا بين الشعبين ،
وهذا مثلا ما كانت تطرحه مجموعة"بريت شالوم" وتنادي بأن تكون فلسطين
دولة للعرب واليهود يمارس كل من الشعبين حقوقهم المدنية والسياسية والاجتماعية على
حد سواء.
إن اقامة المهرجانات الرياضية اليهودية في وقت متزامن مع
انعقاد المؤتمرات الصهيوينة لهو أكبر دليل على هذا التعاون والتنسيق بين الحركة
الصهيونية والحركة الرياضية . فقد جاء
المؤتمر الصهيوني التاسع عشر المنعقد في لوسيرن
في نفس الوقت مع المكابياد الثاني الذي اقيم في تل أبيب 1935. تشير
الموسوعة اليهودية Encyclopedia
Judaica إلى انه
أكثر من 1700 رياضي من 27 دولة بمن فيهم مدربيهم وطاقمهم بقوا في فلسطين بسبب
العداء للسامية التي كانت قد إجتاحت أوروبا بعد صعود النازية إلى السلطة في
المانيا. بينما يشير تقرير القنصلية الامريكية في تل أبيب في حزيران عام 1935 أنه حوالي 16900 زائر دخل فلسطين خلال شهر
آذار من ذلك العام . وفي تقرير آخر أشير إلى أن العامل الرئيسي للهجرة غير
المشروعة هو زيارة "المكابيين" لفلسطين ، حيث أعطى هذا التقرير أيضا
تبريرا لهذه الهجرة التي كان سببها "معاناة" اليهود في الدول الأخرى .
حول هذه القضية برز في الصفحة الأولى لجريدة "فلسطين" في العشرين
من آذار 1935 أي قبل افتتاح المهرجان بعدة أيام
تحت عنوان "10 آلاف يهودي رياضي بأي حق تسمح لهم الحكومة بالقدوم؟
" "..... والذي نعلمه أن هؤلاء الشباب الرياضيين لا يملكون أموالا
تخولهم حق الدخول إلى فلسطين كسياح والوكالة اليهودية لم تمنحهم شهادات هجرة إلى
فلسطين فكيف سمحت الحكومة بإدخالهم ؟ وهل اتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان عودتهم
إلى بلادهم . إن دورة المكابياه الأولى قد علمتنا أن معظم من اشتركوا فيها قد أتوا
الى فلسطين واختبأوا في المستعمرات اليهودية . فلماذا تريد الحكومة تكرار ذلك
الحدث. قد تزعم الحكومة أنها سمحت لهم بالدخول بحجة تشجيع السياحة إلى فلسطين ولكن
هذا الزعم باطل لأن المقصود من تشجيع السياحة هو أن يكون السياح من الممولين الذين
يصرفون نقودا في البلاد تساعد على تحسين الحالة الاقتصادية ، أما هؤلاء الشباب
الذين يأكلون مجانا من مطاعم الجمعيات الصهيونية فلا يعدون سياحا وفوق ذلك فإن
معظمهم لا ينتمون إلى جمعيات المكابي كما تصرح بذلك الصحف اليهودية نفسها".
حول الأهمية الدعائية لهذا المهرجان فقد أشارت
صحيفة هآرتس الصهيونية في آذار عام 1935 " أننا لا نبالغ إذ نقول أن دوائر
عديدة في دول مختلفة بدأت تنظر باهتمام إلى الوطن القومي اليهودي وذلك بفضل الشعبية
التي أحاطت هذا المهرجان" . وفي مقالة أخرى تعكس مدى التبجح والغرور للصحافة
الصهيونية في ذلك الوقت تقول " إن رقما قياسيا واحدا يحرزه رياضي يهودي يكسب أصدقاء غير
يهود ألف مرة أكثر من الدعاية والصحافة".[122]
كما وعلل القادة الرياضيون الصهاينة أهمية هذا المهرجان بأن كان له أثر سيكولوجي
على اليهود الأوروبيين لأنه جمع ووطد الترابط المعنوي بين يهود الشتات وفلسطين.
يشير للوير أحد قادة المكابي أن هذا المهرجان قد أنقذ الكثير من اليهود من
حالة اليأس التي كانوا يعانون منها وأن هذا المهرجان سوف يكون حافزا من أجل أن
يقاتل يهود فلسطين ويهود الشتات جنباً إلى
جنب من أجل إعادة بناء الدولة اليهودية. أيضا فإن القيمة الثقافية لهذا المهرجان
تكمن في أنها أبعد بكثير من قيمته الترفيهية . وتكتب هنرييتا سزولد عضو بارز في
القيادة الصهيهونية في صحيفة (بالستين
بيوليتن) وتوجه حديثها إلى الضيوف والمشاركين في هذا المهرجان "إن شعاراتكم
وأهدافكم وانجازاتكم التي حققتموها
تدل على أنكم اكتشفتم في اسرائيل حقيقة مهملة.... أنتم تعبرون بتوكيد خاص عن
الحقيقة التي نحن كلنا نقبلها وهي أن العودة إلى هذه الأرض هي الفرصة للعودة لحياة
انسانية طبيعية" . [123] ويقول يكوتيلي
أحد قادة المكابي بعد عدة سنوات أن
الاعتراف بأرض اسرائيل من قبل الاتحادات الدولية كان نتيجة لمهرجان
المكابياه.[124] لقد اعتبر الصهاينة أن هذا المهرجان قد شكل
نصراً لهم وذلك بإستخدامهم لكل الوسائل من أجل إنجاحه ، لقد كانوا على يقين تام
بالأهمية المعنوية والدعائية لهذا المهرجان. وحاولوا استخدام الرياضة – هذه
الوسيلة الأخلاقية التربوية الصحية العظيمة في جرائمهم وتنكرهم للشعب العربي
الفلسطيني .
الأندية العربية في فلسطين قبل عام 1948
منطقة القدس :
جمعية الشبان المسيحية YMCA
النادي
الأهلي العربي (في تموز عام 1946 اتحد النادي الأهلي والنادي الرياضي العربي
وكونا النادي القومي)
النادي الدجاني
نادي الهومنتمن
النادي الأرثودكسي [1]1926
نادي السريان
نادي الروضة
1932
نادي البقعة ( تأسس في نهاية العشرينيات ولكنه لم يستمر
طويلاً)
النادي
السالسي (تأسس في بداية العشرينيات ولكنه لم يستمر طويلاً)
سلوان : نادي الشباب القومي
نادي سلوان الرياضي
المالحة
: النادي الحسيني
دير
ياسين: نادي النهضة
لفتا : النادي الثقافي
بيت صفافا : النادي القروي
لفتا : النادي الثقافي
بيت صفافا : النادي القروي
عين
كارم : النادي العربي الكارمي
قالونيا:
نادي الشباب القومي
البيرة:
نادي
شبان البيرة 1933
بيت
لحم:
النادي
الأرثودكسي
نادي
الشبيبة التلحمية 1928
نادي
السريان
بيت
جالا:
النادي
الكاثوليكي
بيت
ساحور:
النادي
الأرثوذكسي
نادي
الاتحاد الثقافي
الخليل
:
نادي
الخليل الرياضي (تأسس في اواسط العشرينيات)
نادي
شبيبة الخليل 1945
النادي
الثقافي 1945
النادي
القومي 1945
منطقة
يافا :
يافا:
النادي
الأرثودكسي 1924
النادي
الرياضي الإسلامي 1926
النادي
الأولمبي 1944
نادي
الهومنتمن
نادي
الرابطة الإسلامية 1944
نادي
الإخاء العربي 1927
نادي
الهويتشمن
النادي
الأنطوني
النادي
الأهلي
جمعية
الشبان المسيحية (تأسست في بداية الاربعينات)
النادي الرياضي العربي 1937
النادي الثقافي العربي (مثل خير الدين أبو
الجبين – لصندوق هذا النادي في لجنة منطقة يافا للاتحاد الرياضي الفلسطيني)
النادي
الكاثوليكي
نادي
الاتحاد
النادي
القومي (مثل فوزي الشنطي هذا النادي - سكرتيرا
في لجنة منطقة يافا للاتحاد الرياضي الفلسطيني)
نادي
التنس )السيركل سبورتيف(
نادي
مدرسة الفرير
الرملة
:
نادي
الشبيبة الأرثودكسية
معهد
الشباب الرياضي (مثل فايز الضعيفي هذا النادي في لجنة منطقة يافا للاتحاد الرياضي
الفلسطيني)
النادي
الرياضي الاسلامي 1932
النادي
الرياضي المسيحي1932
اللد
:
النادي
الأرثوذكسي
نادي
الشبيبة الرياضي
المزيرعة: نادي المزيرعة
الرياضي
العباسية: نادي
العباسية
السافرية:
نادي
السافرية
سلمى:
نادي
شباب سلمى
صرفند:
النادي
الرياضي
يازور:
النادي
الرياضي الإسلامي
مجدل
عسقلان: النادي الرياضي
منطقة
نابلس
نابلس
:
النادي
الرياضي الأدبي
نادي
الاتحاد الأدبي
طولكرم :
النادي الرياضي
جمعية العمال العربية
قلقيلية:
النادي
الرياضي الإسلامي
النادي الثقافي الإسلامي
جنين :
جمعية
اتحاد شباب جنين
منطقة
غزة
غزة
:
نادي
غزة الرياضي
النادي
الأرثوذكسي 1944
جمعية
العمال العربية
بئر
السبع :
نادي
الشباب العربي 1944
منطقة
حيفا :
حيفا :
نادي
شباب العرب 1936
نادي
الكرمل
النادي
الرياضي الإسلامي
نادي الهومنتمن (الأرمني)
نادي
الاتحاد الأدبي الرياضي
جمعية
الشبان الأرمن
النادي
الأرثوذكسي العربي 1937
نادي
الترسانة
النادي
الرياضي الساليسي
النادي
الكاثوليكي
نادي
النهضة
نادي
يونان
نادي
السريان العربي
نادي
السالزيان
نادي
أنصار الفضيلة
عكا
:
نادي
عكا الرياضي
نادي
أسامة
النادي
الرياضي القومي
النادي
الأرثوذكسي
نادي
الاتحاد الرياضي
منطقة الجليل:
الناصرة :
نادي النهضة
النادي الأرثوذكسي
النادي الكاثوليكي
بيسان :
نادي الأمة العربي
النادي الرياضي
صفد :
النادي الرياضي
شفا عمر :
نادي شباب شفا عمر
الأندية الرياضية في فلسطين منذ
1918 -1933
النادي
العربي - القدس
نادي
البقعة - القدس
النادي
الأرثوذكسي – القدس
النادي
السالسي – القدس
كلية
روضة المعارف القدس (تأسست عام 1922)
نادي
الروضة - القدس
جمعية
الشبان المسيحية – القدس
نادي
مدرسة المطران - القدس
النادي
الرياضية الإسلامي - يافا
نادي
الشبيبة الأرثوذكسية- يافا
النادي
الرياضي - غزة
فرقة
النادي العربي - نابلس
النادي
الرياضي – الخليل
نادي
الكرمل - حيفا
النادي
الرياضي الإسلامي – حيفا
نادي
الاتحاد الأدبي الرياضي - حيفا
النجمة
البيضاء - حيفا
نادي
السالزيان - حيفا
النادي الساليسي- حيفا
النادي
الأرثودكسى - عكا
الفرق الرياضية (التي تشكلت كمجموعات
رياضية )
القدس :
منتخب
الزهرة العربية
فرقة
ماملا الرياضية (في بداية الثلاثينيات ولم تستمر طويلا)
رام
الله
:
فريق
جمعية شبان رام الله (تأسس هذا النادي عام 1914)
البيرة :
فرقة
الثقافة
يافا :
فريق
النسر الطائر
فريق
النهضة
فريق
الاتحاد
فرقة
الزهراء العربية
الرملة :
فرقة
الشمس المشرقة
حيفا :
فريق
جمعية العمال العربية
فرقة
الاتحاد والسلام
طبريا :
الفرقة
الرياضية الإسلامية
صفد :
الفرقة
العربية
درع الملك غازي الذي أقامه الاتحاد الرياضي
الفلسطين
بالتعاون مع مؤتمر الشباب 1932 الأندية المشاركة
النادي
الرياضي الإسلامي حيفا نادي
الشبيبة الرثودكسية يافا
النادي
الرياضي اللاتيني حيفا النادي
الرياضي الإسلامي يافا
الكشافة
الثانية حيفا النادي الرياضي العربي القدس
الاتحاد
الأدبي حيفا
جمعية الشبان المسيحية القدس
النادي
الساليسي حيفا نادي مدرسة المطران القدس
نادي
الفرير حيفا نادي
الروضة القدس
نادي
النهضة حيفا نادي
النجمة البيضاء
الفرق الرياضية المدرسية في فلسطين
القدس
كلية
تراسنطة
كلية
الفرير (دي لا سال)
الكلية
الرشيدية
كلية
روضة المعارف
الكلية
العربية
كلية
المطران
مدرسة
صهيون
البيرة
مدرسة
البيرة
رام
الله
مدرسة
الفرندز
بيت
لحم
المدرسة
الأميرية
بيت
ساحور
المدرسة
الانجيلية
بئر
زيت
مدرسة
بيرزيت
الخليل
المدرسة
الثانوية
يافا
مدرسة
دار العلوم
مدرسة
النهضة
مدرسة
الفرير
مدرسة
الأرمن
المدرسة
الأرثودكسية الثانوية
العامرية
مدرسة
التقدم السعودي
نابلس
مدرسة
النجاح
حيفا
المدرسة
الثانوية
مدرسة
الصناعة
مدرسة
الفرير
المدرسة
الأسقفية للروم الكاثوليك
الناصرة
مدرسة
الناصرة الثانوية
الفرق الكشفية التي أدخلت النشاط
الرياضي ضمن نشاطاتها
القدس
فرفة
النادي الارثوذكسي
فرقة
دار الايتام الاسلامية
رام
الله
فرقة
جوالة رام الله (تأسست في بداية الثلاثينيات)
يافا
فرقة
نادي الشبيبة الإسلامية
فرقة
كشافة مدرسة الأمة
حيفا
فريق
الكشاف الإسلامي
فريق
الكشاف الأرثودكسي
كشافة
مار إلياس
فريق
كشافة السالزيان
الكشافة
الثانية
طولكرم
كشافة
الاتحاد العربي
عكا
فرقا
كشافة عكا
أسامة
بن زيد 1940
فرقة
الكشاف العربي الأرثودكسي
الملاعب
القدس
ملعب الهشموناي
ملعب
مدرسة المطران
جمعية
الشبان المسيحية
ملعب
الروضة
ملعب
مدرسة صهيون
ملعب
الأمة
ملعب
مدرسة تراسنطة
ملعب
القطمون
النادي
الرياضي العربي
رام
الله
ملعب
اللاتين
ملعب
مدرسة الفرندز
البيرة:
ملعب
مدرسة البيرة
يافا
ملعب
البصة
ملعب
الجمعية الانطونية
حيفا
الناصرة
ملعب
شباب العرب ملعب نادي النهضة
ملعب
السالزيان
ملعب
النهضة
ملعب
شركة بترول العراق
ملعب
النادي الساليسي
المصادر
والملاحظات
[1] الخالدي، عصام. "الحركة الرياضية في فلسطين دروس وعبر"،
"المجلة الثقافية" ، الجامعة الأردينة العدد 53 ، 2001.
[2]
انظر: Khalidi,
Walid. Before their Diaspora: A Photographic History of the Palestinians
1876-1948 (Beirut: Institute for Palestine
Studies, 1984) p. 231
[4] تحت عنوان "مباريات
التنس السنوية الفلسطينية النجاح الباهر الذي صادفته هذه المباريات"
"تمت المباريات السنوية الفلسطينية للعبة التنس في يافا بعد ظهر الأحد الماضي
بعد أن دامت أربعة ايام بنجاح كبير ، وقد حضرها واشترك فيها كثير من هواة الرياضة
في سائر أنحاء فلسطين وشرق الأردن وقدر عدد الاشخاص الذين حضروا حفلة توزيع
الجوائز بأكثير من 500 شخص وهذا يدل على مبلغ النجاح الذي صادفته هذه المباريات
.....
وفي حفلة توزيع الجوائز وقف حضرة الوجيه السيد ألفرد روك وألقى خطاباً
ترحيبياً شكر فيه رئيس وأعضاء النادي الرياضي "السركل سبورتيف" لإقامتهم
مثل هذه الحفلات التي عدد فوائدها ، ثم شكر الذين اشتركوا في هذه المباريات ......
وبعد ذلك وقفت مسز كروسبي عقيلة المستر كروسبي نائب رئيس النادي الرياضي عن عدم
حضور المستر يونغ القائم بأعمال حكومة فلسطين ، ثم وزعت الجوائز على الفائزين وهم
: المستر و.س. هاونز من ضباط قوة حدود شرق الأردن ، نال بطولة التنس لسنة 1931 ،
وقد فاز بهذه البطولة في السنة الماضية المستر ليونل كونستانت ونال من أجل ذلك
المستر هاوز كأس هربرت صموئيل لسنة 1924 وكأس الكولونيل لو لسنة 1927 وكأس
"السركل سبورتيف".
أيضاً فقد ورد خبر في صحيفة
"فلسطين" في عام 1941 تحت عنوان "حفلة راقصة للترفيه عن
الجنود" يكشف عن طبيعة عمل هذا النادي وتحوله ليصبح جهازاً لتوفير المتعة
للاداريين البريطانيين (بمناسبة المباريات السنوية في لعبة التنس يقيم النادي
الرياضي في يافا ( السركل سبورتيف) حفلة راقصة وسيرصد ريع هذه الحفلة لصندوق
الترفيه عن جنود الحرب البريطانيين ولا شك
أن هذه الحفلة الراقصة ستكون من أبدع الحفلات التي شاهدتها يافا في هذا العام
نظراً للاستعدادات الكبيرة التي تتخذ منذ الآن لجعلهما فخمة للغاية.
[6] "فلسطين"
23 شباط 1913. ظهر هذا الخبر كرسالة من أحد القراء إلى صحيفة
"فلسطين" (سيدي مدير
جريدة "فلسطين" المنتدى
الرياضي ، ولا عجب إذا أنت استغربت الأسم لأنك لم تألفه فيما مضى ولم تسمع به قبل
اليوم ، هو كناية عن جمعية أسست في يافا حديثا لإحياء الالعاب الرياضية التي من شأنها تقوية العضلات وإنماء الاجسام
واكسابها عافية ونشاطا. فحبذا هذا المشروع ونعم المنتدى الرياضي. الحَّ علي بعض
الاصدقاء من اعضاء هذا المنتدى بالاشتراك فيه معهم بعد أن بينوا لي منافعه الجمة
وشرحوا لي مطولاً عن فائدة الرياضة وحسن تأثيرها على الاجسام ولا سيما أجسام من
كانوا مثلى من المستخدمين الذين يصرفون نهارهم وراء مكاتبهم ، ولما كانوا من
الاصدقاء الاخلاء قلت لهم "على الرأس والعين". اشتركت بهذا المنتدى
ودفعت قيمة الاشتراك عداً ونقداً وكتب على أن اكون من اللاعبين وصرت اقفز مثلهم
وامرح وادير في يدي شيئاً يسمونه " راكيت" لدفع الطابة وهو اشبه شيء بما
استعمله في البيوت.... من أهم قوانين هذا النادي أن لا يقبل في عضويته غير من حسنت
اخلاقه وسمت مبادؤه وشهد له الناس بعلو الاداب. وهذا شيء جميل لا اظنك تعترض عليه.
ومن تلك القوانين أن لا يتباحث الاعضاء فيه بالامور السياسية والدينية لأنها من
الامور العقيمة ولو غضبت يا سيدي بصفتك صحافياً تحب الخوض في السياسة. وهذ أيضاً
جميل جداً. ولكن الأمور التي رأيتها غير جميلة في هذا النادي كثيرة .... أولاً:
السماح فيه بتناول المشروبات الروحية ولعب القمار" كالبوكر والبكره" مع
أن كل اعضائه من الشبان المشهود لهم بحسن الاخلاق والأداب. ثانياً: استبداد نفر من
أعضائه الاوروبيين في جميع أموره مع أنهم اقلية صغرى فاصبح لا أمر إلا ما يأمرون
ولا إرادة فوق إرادتهم وقبول الأكثرية وهم ابناء البلد بذلك الجيف ورضوخهم له
متجاهلين قدر نفوسهم. ثالثاً: ما يستعمله
بعض أعضائه من الاوروبيين إذا اراد مداعبة غيرهم أو إهانته بقبولهم له (سال أراب)
أي عربي قذر).
رداً على هذه الرسالة في صحيفة "فلسطين" 4 ربيع الآخر سنة 1331
(كان للمقالة التي نشرناها تحت هذا العنوان في العدد الماضي بتوقيع (مشترك) ضخة
كبيرة في البلدة . وما كاد يظهر ذلك العدد حتى جاء ادارة هذه الجريدة عدد كبير من
أعضاء المنتدى الرياضي للاحتجاج على ما جاء فيها. ونحن وإن كنا قد نشرناهذه
الرسالة على عهدة كاتبها، إلا أنه يسرنا جداً ما علمناه من أن أكثر الذي ورد فيها
مبالغ فيه ولا سيما ما جاء عن احتقار الاوروبيين لابناء البلد بقولهم لهم (سال
أراب) أي عربي قذر إذ تحققنا أن هذه العبارة لم يتفوه بها أحد في النادي نفسه ولا
يتجاسر أن يتفوه بها أحد لأنها احتقار ليس بعده احتقار لا يقبل بها أي شخص كان
فكيف بنخبة شباننا الموجودين فيه. أما ماورد عن لعب القمار فالذي علمناه أيضا أن
ذلك ممنوع قطعيا في قوانين النادي ولكن لما كانت الأمطار في بعض الاوقات تحول دون
الألعاب الرياضية فقد كان بعضهم يلعبون بالورق العاباً لا تتعدى الالعاب العائلية
ومع ذلك فقد حظرت عمدة النادي المذكور تلك الألعاب خشية مما عسى أن تجر وراءها. هذا
ولما كات أهم نقطة احتج عليها الأعضاء وهي نقطة (سال أراب) أي عربي قذر رأينا في
احتجاجهم عليها مظهراً لشعور جنسي راقٍ حبذا لو شعر به كل عربي بإزاء الأجانب
الموجودين بين ظهرانينا).
[7] صحيفة "فلسطين"
21 أيار 1913. (اقام المنتدى الرياضي حفلته السنوية في أيار
1913 وهي أول حفلة
يقوم بها بعد تأسيسه. وما ازفت الساعة
الثالثة بعد ظهر ذلك النهار حتى كان المنتدى غاصاً بالحاضرين والحاضرات من علية
القوم فافتتحت الحفلة على اصوات الموسيفى ثم ابتدأت الالعاب المسابقات على ما ذكر
في بروغرام الحفلة. وقد كانت اول هذه المسابقات سباق الأكياس فوضع اللاعبوه
الاكياس في ارجلهم واخذوا في الركض ففاز فيه الخواجا إلياس البرتقش كما فاز في
سباق اقداح الماء الذي تلاه فكان يقابل من الحضور بالتصفيق والهتاف. ثم جرت
المسابقة في لعب التنس بين الخواجات يوسف هال وجان فلبير وبعد دورتين فاز الخواجا
هال على مناظره فقوبل ذلك بتصفيق الاستحسان. وعقب ذلك سباق السيكار وكيفيته أن
يصطف عدد من اللاعبين على بعدٍ من مقعد طويل وضع عليه على مسافات متقاربة عدد من
السيكار وبالقرب من كل واحدة منها علبة من الكبريت فبعد أن تعطى العلامة يتراكض
الجميع فمن اخذ سيكارة واشعله في اثناء الطريق ووصل به مشعلاً قبل غيره ......ثم
جرى سباق التحازير فنال جائزته الخواجة الفرد روك ايضاً. وبعد ذلك جرى سباق بين حيوانات
مختلفة منها الغزالة والأرنب والكلب والعرسة والسعدان والفأر......وفي الساعة
السادسة والنصف جرى سباق الركض 1800 متر تقريباً فاشترك فيه سبع من أعضاء المنتدى
أقلتهم العربات حتى أول الشارع الجديد الذي فتح مؤخراً وراء بيارة الاقباط وهناك أمام
بيارة العيسى اعطيت لهم العلامة فانطلقوا في ركضهم فقطعوا ذلك الشارع ومروا من
أمام جميزات المساكين على طريق القدس وساروا في شارع زقاق البطمة حتى آخره حيث
المنتدى).
[8] تشير الموسوعة الفلسطينية
إلى أنه "كانت حركة إنشاء النوادي والجمعيات العربية في فلسطين مظهراً من
مظاهر النشاط السياسي والثقافي الذي
شهدته فلسطين بين سنتي 1918 – 1920 وظاهرة من ظواهر الحركة الوطنية الفلسطينية
وأداة من أدواتها". الموسوعة الفلسطينية ،المجلد الرابع ، ص 425 ، دمشق 1984
[10]
انظر: Abu-Ghazala,
Adnan. Palestinian Arab Cultural
Nationalism 1919-1960, (Brattleboro,
1991.)
(1900-1948) Jerusalem
Quarterly, fall 2006
يشير حسن البواب إلى أن هذا النادي كان قد أسسه
الأستاذ حبيب الحمصي ومجموعة من الشبان الأرثوذكسي المتحمس. وقد شارك في تأسيسه
كذلك الصحفي دواد بندلي العيسى وميشيل عازر وإسحق فانوس ويوسف القدسي وخليل القدسي
وخليل خرعوبا. وقد اتخذ هذا النادي مقراً مؤقتا له في عمارة شحيبر بشارع البطمة ثم
انتقل إلى مقر آخر في بيت عائلة إسليم الواقع في سمنة الهريش بجانب القنصلية
الفرنسية ، وفندق كليف أول حي العجمي . كان لهذا النادي جيلان من اللاعبين منذ أن
تأسس وحتى عام 1948 هما :
الفريق المخضرم : إبراهيم القط ، خليل متري ،
إبراهيم مبري ، عيسى غندور ، جبران شامي ، منير دلل ، إلياس قندلفت ، إلياس شعيا ،
خليل الشامي ، لاعب أرمني .
الجيل
الثاني : وهو الفريق الذي تدرب على أيدي الفريق المخضرم
وقد جاء لاحقاً في الأربعينيات وظل يلعب حتى
1948 وتكون من : فرانك بولز (حارس مرمى) ، إميل الهريش (حارس مرمى) سليم أبو خضر ،
ميشيل بطشون ، إيلاريون صائغ ، فؤاد بطماني ، أنطون نور ، طوني مايله ، جورج تادرس
، كريستو صايغ ، حنا أيبف ، ميشيل كيال ، جورج كورياني ، فرح ترزي ، الياس غندور ،
عبدالله دحدح.
[16] السفري عيسى ، فلسطين
العربية بين الانتداب والصهيونية ، مكتبة فلسطين الجديدة، يافا ، 1937 الكتاب الأول ص 184- 186
[19] صحيفة "فلسطين" 15 آذار 1927 . كان للنادي الارثوذكسي في يافا لقاء في آذار
1925 مع فرقة مدرسة روضة المعارف المقدسية
حيث أصابت فرقة النادي الارثوذكسي هدف روضة المعارف مرة واحدة في الدورة الثانية ، ولكن فرقة
الروضة لم تعترف بهذه الاصابة لسوء فهم حدث فتقرر أن تعاد المباراة في وقت آخر.
[20]
حسن البواب ، مصدر سابق.
أسسه مجموعة من الشباب المثقف نذكر من هؤلاء ، الاستاذ ممدوح حافظ النابلسي
، الأستاذ محمد موسي النقيب الحسيني ، الأستاذ عبد الرحمن الهباب ، الأستاذ عبد
السلام الدجاني ، الأستاذ رشاد الدباغ ، المحامي إبراهيم رامز نجم ، والمحامي أمين
عقل ، والمحامي صبحي الأيوبي ، والمحامي رشدي الشوا ، والدكتور داود الحسيني.
ويقول الدكتور يوسف هيكل أنه في عام 1927 قام عدد من الشبان المسلمين
بتأسيس النادي الرياضي الإسلامي وانتخبوا لجنة ادارية انتخبت الأستاذ محمد هيكل
أمينا للنادي.
كان النظام الداخلي للنادي يقضي بعدم وجود رئيس له ، والاكتفاء بمنصب
السكرتير. وكان أول من شغل منصب السكرتير هو الأستاذ رشدي الشوا، ثم الأستاذ مصطفى
درويش الدباغ ، ثم الأستاذ أمين عقل ، ثم الدكتور داود الحسيني ، ثم تبعه الأستاذ
عبد الرمن الهباب. ولنفي الصفة الطائفية عن هذا النادي فقد انضم إليه بعض الشباب
النصارى مثل المهندس إلياس سلامة والسيد أسعد طجة ، والسيد حليم سابا .
في البداية لجأ النادي وبالتنسيق مع إدارة الأوقاف بيافا إلى إزالة المقبرة
الإسلامية الواقعة بجوار حي إرشيد ، وأقام مكانها ملعبا لكرة القدم بمواصفات
قانونية ، وبدء بإقامة تدريبات ومباريات النادي في هذا الملعب وسمي " أرض
البرية" وبعد ذلك وعندما زاد إقبال الجماهير على مشاهدة هذه اللعبة ، قامت
إدارة النادي بالتنسيق مع بلدية يافا
بشراء موقع ملعب كرة القدم الذي أقامه النادي في منطقة البصة ، والذي سمي
فيما بعد (ملعب البصة) . وكان يتسع لعشرة آلاف مشاهد. وباستعراض أسماء من لعبوا في
هذا النادي يتبين لنا أنه كان هناك جيلان من اللاعبين ، منذ تأسيس النادي وحتى عام
1948 وهما:
الجيل الاول : (المخضرمون) : وهو الجيل الذي أسس نواة الفريق الذي نال شهرة
كبيرة فيما بعد ، ومن أهم وجوه هذا الفريق : عبد الرحمن الهباب (مؤسس الفريق) ،
نافذ هاشم ، جودت بيبي ، رشاد الدبور ، إبراهيم التلباني ، صالح البنا ، نظام
شرابي ، الدكتور داود الحسيني ، عبد القادر أبو السعود ، زكي الإمام ، أنور مراد ،
يوسف الكاشف ، عبد أحمد منعم ، صلاح الصلاحي ، أحمد المصري.
الجيل الثاني : وهو الفريق الذي جاء بعد الفريق الأول وظل يلعب حتى عام
1948 :
فوزي الشنطي ، علي عبد الرحيم ، عبد الغني الهباب ، حمودة القابوق ، صلاح
الحج مير ، إسماعيل النجار ، زكي الدرهلي ، أحمد "سمارة" البواب ، محمد
"سمارة" البواب ، فخر قار نوح (قتله اليهود غدراً بالرصاص في حي
المنشية) ، إبراهيم الشرقاوي ، نادر الدجاني ، مصطفى مسعود ، إبراهيم مسعود ،
مصطفى الدعدع ، إبراهيم الدعدع، كمال قمبرجي ، إبراهيم السكسك ، عبد السلام
الدجاني.
[21]
صحيفة "فلسطين" 12 حزيران 1928 . وعند افتتاح هذا النادي أقسم أعضاؤه بأن
يخدموا هذا النادي الذي هم أعضاء فيه وأن ينفذوا قراراته ومواده ومواد القانون
الدولي ، وبصورة خاصة وعلنا على رؤوس الأشهاد أن لا يفرقوا بين الأديان.
[23] انظر : Harif, H; Galily, Y. “Sport and Politics in Palestine, 1918-1948: Football as a
Mirror Reflecting the Relations between Jews and Britons” . Soccer
and Society , Vol. 4, no. 1, (Spring 2003), p. 41-56.
[28]
يشير نظام العباسي في كتابه " السياسة الداخلية للحركة الوطنية الفلسطينية
1918- 1945" ، عمان 1985. إلى أن الشرارة
المباشرة التي قادت إلى انتفاضة عام 1929 لم تكن بسبب البراق وإنما بسبب نزاع شخصي
بين العرب واليهود حين سقطت كرة القدم التي كانت تلعب بها إحدى الفرق اليهودية في
17 آب 1929 في ملعب هشموناي في القدس في قطعة أرض يملكها بعض الفلاحين العرب من
قرية لفتا قرب القدس . وحين حاول صاحب القطعة المزروعة بالبندورة منع بعض الشبان
اليهود من استرداد الكرة التي سقطت بمزرعته متذرعا بإتلاف اشتال البندورة المزروعة
حدث شجار بين الطرفين. لقد اتسعت حدة النزاع حين تدخلت أعداد من اليهود المتفرجين
على لعبة كرة القدم لصالح أبناء جنسهم ، وبالمقابل طلب العرب النجدة من إخوانهم .
وخلال فترة قصيرة وصل عدد المشاركين في النزاع إلى بضعة آلاف ، وفي الحال تدخلت
القوات الانجليزية المتواجدة بمعسكر قريب من مكان الحادث لإيقاف النزاع ونجحت في
ذلك . كانت محصلة النزاع : سبعة جرحى من العرب ، وتسعة من اليهود وجريح واحد من
قوات الانتداب . وحين طارت الاشاعات التي مفادها أن أحد الجرحى اليهود الذي أصيب
بطعنة سكين في ظهره توفي . اعتقلت السلطات الانجليزية اربعة عشر مواطنا عربيا
للتحقيق معهم ومعرفة من الذي اعتدى على القتيل اليهودي. إضافة إلى ذلك فقد هاجم
سكان القدس من اليهود بعض العرب الذين لا علاقة لهم بالحادث ، من أجل الأخذ بثأر
اليهودي " القتيل" . رويت هذه الحوادث بكثير من المبالغة في وقت كان
الشعور العام بحاجة إلى إشعال فتيل للتمرد والعصيان.
[35] صحيفة "فلسطين" 24
حزيران 1944. انتخبت لهذا النادي هيئة إدارية قوامها السادة : موسى النجمي سكرتيراً
، عثمان الحسيني أمينا للصندوق ، أحمد سعد الدين ، أنور قدري وخيري جرار أعضاء .
واتخذ النادي له مقراً مؤقتا في المدرسة الوطنية الحديثة .
[44] صحيفة "فلسطين" 20 حزيران 1947. وكان منتخب حيفا يتكون من
اللاعبين جارودي للهدف وإحسان أبو حمد ظهرين عبد المنعم إبراهيم وأحمد ابو يونس
ومحمد سليم وشفيق الديك للدفاع محمود زفري ترسيس نافذ هاني رشدي أبو غزالة أحمد
سفيرق ونايف عبد الرحم للهجوم . وكان منتخب القدس يتكون من اللاعبين حنضل للهدف
أبو السعود ونائل ظهيران . إسحق الحسيني وكاشف وإسحق بزبزت للدفاع وراسم يونس
وأكرم الحسيني وجلوق ويعقوب الحسيني ونسيبة وبركتيان للهجوم. (لم تذكر الأسماء
الأولى لبعض اللاعبين حسب المصدر (فلسطين).
[48]
جاء في صحيفة "فلسطين" في آب
1947 أنه تمت المفاوضات بين بطل فلسطين في الملاكمة السيد أديب الدسوقي والبطل المصري
السيد محمود إبراهيم على إقامة مباراة ودية كبرى في الملاكمة بينهما وعين موعدها
يوم الاحد 31 آب على حلقة كلية الفرير بيافا. أيضاً ورد في خبر آخر في هذه
الصحيفة في 23/8/1947 تحت عنوان
"موقفنا من الدورة اللأولمبية" جاءنا من السيد أديب الدسوقي بطل فلسطين في
الملاكمة كتاب يقول فيه أن الأمم المختلفة بدأت تعد العدة وتستعد للاشتراك في
الدورة الاولمبية القادمة. ثم تساءل هل بدأت هيئاتنا في الاستعداد للاشتراك في هذه
الدورة...!
[52] السفري ، مصدر سابق الكتاب الأول
ص 194 .
[53]
مارس اعضاء هذه الجمعية رياضة كرة القدم ورفع الاثقال والمصارعة التي برز بها
المصارع المعروف سليمان البيني. جاء في صحيفة " فلسطين" في 20 آب 1944 هذا الخبر "فرقة العمال
الرياضية بحيفا تقدم بطلبها في المصارعة الرومانية سليمان محمد البيني لتحدي بطولة
فلسطين في وزن الخفيف المتوسط للمرة الثانية. ونلفت نظر الجمهور إلى أن التحدي
السابق كان اعلن عنه منذ شهرين سابقاً وللآن لم يتقدم احد لقبول التحدي وعلى هذا
إذا لم يتقدم احد لقبول التحدي في خلال عشرين يوماً القادمة يحق للبطل المذكور أن
يحمل لقب بطولة فلسطين ".
[55] انظر: Harif, H; Galily, Y. “Sport and Politics in Palestine, 1918-1948: Football as a
Mirror Reflecting the Relations between Jews and Britons” . Soccer
and Society , Vol. 4, no. 1, (Spring 2003), p. 41-56.
[56] الموسوعة الفلسطينية ، "التربية
والتعليم في فلسطين" ، القسم الثاني – المجلد الثالث ص 512- 538 ، بيروت 1990
[70] ظهر في صحيفة
"فلسطين" في 17 شباط 1931 خبر يعكس اهتمام الصحافة بالرياضة والوعي
لجوانبها الوطنية، وترابطها مع الأدب والشعر. فتحت عنوان (جزى الله الرياضة كل
خير) جاء هذا الخبر"هذه هي القصيدة الرائعة التي القاها الشاب المصري الأديب
محمد افندي عبد الكريم أبو شقة من طلبة السنة النهائية في الحقوق ، في نادي
الشبيبة الأرثوذكسية الثغر في الحفلة:
جزى
الله الرياضة كل خير تربينا على كرم
النضال
وتسقينا
رحيق الود كأساً
من الكافور طاهرة الزلال
دعاة السلم لو فطنوا إليها لكان مرامهم سهل المنال
شباب
النيل قد حكم المعلى ومصر بنسلكم
أم الرجال
حملتم
في محبتها عظيما من الأعباء يوهي بالجبال
[72] تحت
عنوان (توجيهات قومية للشباب العربي في فلسطين ، جاء في صحيفة "فلسطين"
في 10 آذار 1944 "تلقينا من السيد رشيد الحاج أبراهيم توجيهات وطنية للشباب العرب الذين يعرفون
مكانته ويقدرون اخلاصه وينصتون إلى اقواله الرشيدة. (نريد شبابنا- مؤمناً بقوميته
عاملاً على رفع مستوى وعيه القومي. نريد شبابنا رياضياً محافظاً على صحته وسلامة
بدنه).
[80]
في كانون ثاني 1946 تم بناء ملعب نادي
شباب العرب بحيفا وكان يتسع لما يربو عن الألف شخص وقد افتتح رسميا بمباراة ودية
كبرى برعاية الهيئة العربية العليا بين فريق شباب العرب وفريق نادي الاتحاد الارثوذكسي
المقدسي وقد وافقت محطة الاذاعة الفلسطينية على إذاعة وصف للمباراة ونقلها إلى
المستمعين السيد إبراهيم نسيبة .
[82] صيقلي ، مي حيفا العربية
1918- 1939 (التطور الاجتماعي والاقتصادي)
مؤسسة الدراسات الفلسطينية ، بيروت ، 1997
[87] شوفاني، إلياس. "المجاز
في تاريخ فلسطين السياسي منذ فجر التاريخ حتى سنة 1949"، مؤسسة الدراسات
الفلسطينية ، بيروت ، 1996
[91] موسوعة اليهود واليهودية
والصهيونية ، عبد الوهاب المسيري ، دار الشروق ، القاهرة 1999 ، المجلد السادس ، ص
339
[99] بدأت اللقاءات العربية مع الفرق اليهودية منذ العشرينيات ولكن لم تكن
تخلو من المشاحنات والحزازات كما أن الجو السياسي العام ومحاولة الفرق اليهودية
رفع الأعلام الصهيونية كان دائما يستفز مشاعر العرب. في إحدى المباريات بين فريق
النادي الأرثوذكسي في يافا والمكابي ، أخذ قسم من المتفرجين اليهود بإبداء مظاهر
السرور بصورة استفزت شعور من حضر المباراة من أبناء العرب بعد فوز فريقهم ، مما
أدى إلى اشتباك كل من الفريقين في الضرب واللكم إلى أن حضرت من يافا قوة كبيرة من
البوليس في السيارات (نيسان 1926). وفي مباراة أخرى بين فريق الهابوعيل اليهودي
والنادي الرياضي الإسلامي بيافا استاء العرب من تصرفات أحد الحكام الصهاينة لتحيزه
لفريق نادي الهبوعيل اليهودي الذي كان متفوقا على النادي الإسلامي بيافا ، ولكن
كما صرح أحد القياديين فيه فقد كان من الممكن له لما أظهره لاعبوه من المهارة
والحنكة أن يتغلب على النادي اليهودي لولا التحيز الواضح الذي أبداه الحكم اليهودي
إذ ذاك فقد أدخلت الكرة مرتين إلى شبكة الهابوعيل وفي كل مرة كان يخرجها الظهير
بسرعة فائقة ويواصلون اللعب كأنها لم تدخل والحكم يشجعهم على ذلك بعدم الصفير.
في أيار 1929 جاء في صحيفة "فلسطين"
خبر تحت عنوان " إهانة علم الهابوعيل في دمشق" "سافرت فرقة
الهابوعيل بتل ابيب التي سبق لها أن حازت على بطولة فلسطين لسنة 1928 إلى سوريا
ولبنان لتباري فرقهما الرياضية. ففي 4 الجاري تبارت مع أقوى فرقة للجامعة
الامريكية ببيروت ونالت إصابين ضد ثلاثة للجامعة التي حل أفراد الفرقة ضيوفا
عليها. وفي اليوم الثاني دعيت لتباري فرقة النهضة في بيروت فغلبت بثلاث إصابات ضد
خمس. وقد سافرت منذ يومين إلى دمشق لتباري نادي بردى فتغلبت عليه بإصابتين ضد
واحدة ونالت بذلك النصر الأول في تلك البلاد. وبعد المباراة احيطت هذه الفرقة ببعض
اصدقائها . وأخذوا يغنون ورفعت الفرقة علمها وهو العلم الصهيوني ، فأساء هذا العمل
الشباب الوطنيين الدمشقيين فلما رفضت الفرقة إنزال العلم ، واعتزمت أن تسير به في
الشوارع استعمل بعض السوريين الوطنيين القوة فتبادل الفريقان اللكمات ، وكانت
النتيجة أن مزق العلم الصهيوني . وقد أسرع البوليس فاخمد هذا الشجار البسيط".
أيضا فقد ورد هذا الخبر في صحيفة "فلسطين" 29 أيار 1931 (في
ميناء بيروت رسى مركبان شرعيان يخفق فوقهما العلم الصهيوني ... وهما يقلان الأربعة
عشرة عضواً من أعضاء فرقة المكابي البحرية في تل أبيب وهم يرتدون لباس البحارة
المعروف وهم من مدرسة (شيشيب) يتخرج منها البحارة. وقد رفضت السلطات اللبنانية
دخولهم بعد ان عوينت جوزاتهم وجد بها نقص اوجب منهم من الدخول. وقد ادعى رئيسهم أن
الرياضيين في العالم كله يتزاورون ولا جناح عليهم لأنهم ابعد الناس عن السياسة).
في مباراة بين فريق الاتحاد السكندري ومنتخب
الهابوعيل في تموز 1932 والهاشموناي شكا فريق الاتحاد السكندري من التحيز الذي
اظهره الحكم اليهودي مما جعل الشعب يصخب وينتقم ويشتم كما أن الفريق اليهودي اختار
للمباراة ملعبا صغيرا مملوءاً بالحصى وكل هذا بقصد التغلب على الفريق المصري أو
التعادل وإياه وقد كانت هذه فرصة لإظهار شعور اليهود وبعدهم بعدا ساحقا عن كل ما
هو شريف.
[111] انظر: Lipa
Livistan, ‘The Group of the “Land
of Isreal” “P” in Egypt”, Doar
Hayom, 10 April 1930
No comments:
Post a Comment