عصام الخالدي
كان النشاط الرياضي قبل النكبة يشكل عنصراً هاماً من عناصر التبادل
الثقافي بين فلسطين ومصر، فبالإضافة إلى حصول فلسطين على نصيب وافر من الرصيد
الثقافي المصري - الأدب والفن، من خلال زيارات
الفنانين وعرض الأفلام والمسرحيات المصرية و حضور الفنانين والأدباء المصريين إلى
فلسطين وإحيائهم الحفلات والندوات فيها ، فقد نشأت بين البلدين علاقات رياضية مميزة
لها تقاليدها وطابعها الخاص ، حيث سجلت الوثائق العديدة الكثير من اللقاءات
الرياضية والتعاون والدعم التي أعطت
الحركة الرياضية الفلسطينية زخما ودفعة للأمام. ومن جانب آخر فإن هذه المحنة التي
كانت تمر بها فلسطين والتي تمثلت بالانتداب البريطاني
والخطر الصهيوني كان لها أثر كبير على
العلاقات الرياضية بين الشعبين ، في نفس الوقت الذي كان به النشاط الرياضي
بمثابة مرآة تعكس الوضع السياسي في فلسطين . وقبل الخوض في هذا المضمار لا بد إعطاء
القارئ الذي يهمه الاطلاع على العلاقات الرياضية الأخوية بين البلدين لمحة سريعة
ووافية عن طبيعة النشاط الرياضي في فلسطين الذي كان يتعرض للهيمنة الصهيونية والذي
لم يكن بمعزل عن الصراع القائم فيها وعن التعاون البريطاني الصهيوني في كل
المجالات بما فيها الرياضية .
كان نشاط الأندية في
العشرينيات يأخذ طابعا وطنيا اجتماعيا، فنشوءها (الذي كان يشكل مطلبا اجتماعيا
ملحا من اجل الرد على الخطر الصهيوني والانتداب البريطاني) كمؤسسات اجتماعية كان
يعكس سعي الفئات المثقفة من اجل التعبير عن حسها الوطني المعادي للانتداب
والصهيونية. فيما بعد بدأ يبرز الطابع
الرياضي بالإضافة إلى الاجتماعي والثقافي. وفي الفترة التي تلت وعد بلفور المشؤوم أصبح
هناك تسارع في تأسيس الأندية الثقافية
الاجتماعية والجمعيات الخيرية والنسائية وغيرها من اجل التعبير عن الحس القومي
الوطني المعادي للانتداب والهجرة والوجود الصهيوني في فلسطين. فيما بعد أي في
منتصف العشرينيات بدأ النشاط الرياضي يأخذ حجما مساويا للنشاط الاجتماعي والثقافي (حتى
أن الكثير من الأندية تأسست كأندية رياضية ثم فيما بعد أدخلت الأنشطة الثقافية
والاجتماعية ضمن نشاطاتها). بالتالي من الطبيعي أن تبرز الرغبة من خلال النشاط
الرياضي (بعد أن أصبحت الرياضة تشكل جزء هاما من الوعي الاجتماعي) في اللقاءات الأخوية
مع الأندية والفرق من الوطن العربي .[1]
حاولت الصهيونية استخدام الرياضة منذ
بدء الهجرة اليهودية إلى فلسطين من اجل تحقيق أهدافها. فمنذ بداية القرن الماضي أخذت
بتأسيس أندية (المكابي) في فلسطين التي كانت قد تأسست في أوروبا في نهاية القرن التاسع عشر. وأندية (البيتار) و(الهابوعيل) في
منتصف عشرينيات القرن الماضي . وقد اتخذت هذه المنظمات الرياضة غطاءً من اجل
القيام بالهجرة غير المشروعة وبأعمالها العسكرية (والإرهابية لاحقا في الأربعينيات)
. [2] في المنتصف الثاني للعشرينيات بدأت الصهيونية ترى في الرياضة وسيلة من اجل إبراز الهوية اليهودية و تمثيل
فلسطين على الساحة الدولية هذه الأهداف التي تطلبت أيضا إبعاد العرب وتهميشهم عن
الساحة الرياضية. لذا فقد حاولت الفرق اليهودية استقطاب الأندية والفرق العربية من
كل سوريا ومصر للتباري معها ودعوتها إلى فلسطين. قام (مكابي هشموناي) القدس بزيارة لمصر عام 1927
ولعب مع فرق من القاهرة والإسكندرية ومع منتخب المدارس الثانوية المصرية في نيسان
1931.
منذ بدء تأسيسها حاولت (الهابوعيل)
مد الجسور مع الفرق الانجليزية في مصر والفرق المصرية وكانت أول لقاءاتها الكروية
مع نادي الاتحاد الترويحي المصري عام 1927 ، وفي بداية عام 1932 سافر فريقها إلى
مصر والتقي مع (الأرسنال) والنادي الهيليني في كل من القاهرة والإسكندرية حيث
رافقهم في تلك الزيارة الميجور هيرست البريطاني رئيس فريق (المكابي) لكرة القدم
ورئيس الاتحاد الرياضي للهواة في فلسطين (اليهودي)
.
وفي نيسان من هذا العام
حل منتخب المدارس والأندية المصرية ضيفا على منظمة (الهابوعيل) و لعب مع (هابوعيل)
تل أبيب (وهابوعيل) حيفا والقدس.
في عام 1924 شكل اليهود ما يسمى بمنظمة
كرة القدم للأندية من أجل ضم كافة الأندية الصهيونية وتنظيم عملها، ومنذ عام 1925 سعى بعض قادة منظمة المكابي أن يضموا منظمتهم إلى
الاتحاد الدولي للرياضيين الهواة. ولكن مساعيهم باءت بالفشل لأن المكابي لم تكن
تمثل العرب والانجليز واليهود في فلسطين بشكل متساو. بالتالي فإن هذه المحاولة الفاشلة لم
تثن من عزيمة جوزيف ياكوتيلي القيادي البارز في المكابي، فمنذ بداية عام 1925 حاول
(ياكوتيلي) أن يكسب عضوية الاتحاد الدولي لكرة القدم، وكانت الوسيلة الوحيدة
للوصول إلى هذا الهدف هي تأسيس "جمعية فلسطين لكرة القدم" في صيف 1928 من قبل اليهود والعرب
والإنجليز. ومن الجدير بالذكر أن تعاون اليهود من العرب لم يأت من دافع الود ، بل
كل ما كانت يسعون إليه هو تلبية متطلبات
الاتحاد الدولي بحيث أن تضم هذه الجمعية أعضاء من العرب. في حزيران 1929 قبلت هذه
الجمعية في اتحاد كرة القدم العالمي (FIFA). وما أن أصبحت هذه الجمعية
عضواً في الاتحاد الدولي حتى بدأت مرحلة تهميش العرب من الساحة الرياضية ولم
يلتزموا بالقوانين الداخلية، فمن خلال تعاونهم مع البريطانيين حاولوا الهيمنة على
هذه الجمعية وإعطائها الطابع الصهيوني سواء بجعل أنفسهم غالبية فيها أو بإدخال
اللغة العبرية والعلم العبري في شعارات هذه الجمعية. لقد كان انضمام هذه الجمعية
إلى الاتحاد الدولي بمثابة فرصة ثمينة من اجل إبراز الهوية اليهودية وتمثيل فلسطين
على الصعيد الدولي.
منذ بداية العشرينيات رأت الصهيونية في
الرياضة وسيلة من اجل إبراز الهوية القومية وتمثيل "ارض إسرائيل " في المنطقة،
ساعية إلى استقطاب الفرق الأوروبية والعربية من الأقطار الشقيقة بشكل عام والفرق
المصرية بشكل خاص للتباري معها منذ العشرينيات.[3] هذه إحدى الطرق الوقحة التي استخدمتها الصهيونية من اجل إظهار نزعتها
القومية ونواياها الخبيثة في الهيمنة الكاملة على فلسطين من خلال الرياضة. ففي عام
1930 تم تشكيل فريق يضم ستة لاعبين من اليهود وتسعة من
الانجليز أسموه اليهود منتخب (ارض إسرائيل) قام
بزيارة إلى مصر وزار عدة مدن هناك، كان فريقه يرتدي زي رياضي وضع عليه حرف P أي Palestine فلسطين بشكل واضح وحرفان
صغيران بالعبرية LD أي Land
of Israel في الأسفل
، والسبب في ظهور هذان الحرفان بشكل مصغر هو
الخوف من إغضاب المصريين . وقد مني هذا الفريق بالهزيمة مع فريق القاهرة
خمسة إلى صفر، وفريق الإسكندرية هزيمة اثنين إلى صفر، وفريق عسكري من القاهرة
هزيمة خمسة إلى اثنين.[4] انتقدت
صحيفة دافار ودوار هيوم في 15 ابريل 1930 هذه الرحلة والهزيمة إذ قالت" إننا
نقدر عاليا هذه اللقاءات بين بلدنا والدول المجاورة . بالطبع فإن الرياضة تستطيع أن
تساهم في تطوير مثل هذه العلاقات. مرة أخرى ذهب فريق من "ارض إسرائيل" إلى
مصر للتباري هناك ولم يكن زيه ابيضا وازرقا (وفقا للعلم الصهيوني) بل اسودا وابيضا
وشعارهم ليس في العبرية وإنما حرف P
(بالانجليزية) وحرفان صغيران LD بالعبرية . هذا ما كان
يعكس قبول الفريق بتسوية مذلة مع المصريين هناك - فقط مع السكان وليس مع العسكريين
الانجليز الذين رافقوا هذا الفريق والذين وجودهم مؤقت في البلاد (في فلسطين) وهم
لا يمثلون بلدنا ".
في شباط عام 1931 حضر إلى فلسطين فريق منتخب
الجامعة المصرية الذي كان يضم أشهر اللاعبين في الكرة المصرية بدعوة من الاتحاد
اليهودي ولم يتقدم لمباراة هذا الفريق من الفرق العربية في فلسطين سوى فريق نادي
الشبيبة الأرثوذكسية في يافا وقد حثت صحيفة "فلسطين" الجمهور اليافي
لحضور تلك المباراة التي كانت تعتبر حجرا متينا في أساس سمعة فلسطين الرياضية
ومستقبلها الرياضي (لذلك نرجو أن
يذكر اليافيون يوم 15 شباط الجاري وأن
يستعدوا لحضور أكبر وأدهش مباراة تراها يافا إلى الآن). [5] وهذا
مما أدى إلى أن تنتقد صحيفة "فلسطين" الفرق العربية (في فلسطين)
لتقاعسها عن التباري مع فرقة الترسانة المصرية التي حضرت إلى فلسطين في آذار من
ذاك العام ولم تتبار إلا مع الفرق اليهودية "في الثامن من هذا الشهر ستحضر
لفلسطين أكبر الفرق المصرية الرياضية لكرة القدم ورب قائل يقول مع أي الفرق
ستتبارى ولكن الجواب يكون (بلا شك) مع الفرق اليهودية ! كفى أيها الشباب ! ما هذا
الجمود وما هذا الخمول ! جاءت منذ شهر ونصف تقريبا إلى فلسطين فرقة الجامعة
المصرية وتبارت مع الفرق اليهودية ولم يتقدم من الفرق العربية لمباراتها إلا
النادي الأرثوذكسي النشيط وكانت النتيجة أحسن من نتيجة المباراة التي أقامها
المكابي اليهودي فرفع اسم العرب الفلسطينيين الرياضي في الأندية الرياضية المصرية
وأفهمهم أنه يوجد بفلسطين فرق عربية تتقن هذه اللعبة من كل وجوهها وتفوق الفرق
اليهودية حتى البريطانية".[6]
وفي نفس الشهر من هذا العام يكتب احد قراء صحيفة "فلسطين" حول
مباراة نادي الترسانة المصري مع أحدى الفرق اليهودية "...وعندما قرب موعد
اللعب برز إلى الميدان المنتخب المصري وما يسمونه فريق الاتحاد الفلسطيني (أي
جمعية فلسطين لكرة القدم التي تم ذكرها) وهو خليط من الجند البريطاني والشبان اليهود...
وأخذت لهم عدة رسوم وقد وقف بينهم حاكم القدس وقنصل مصر.... أما الأعلام التي رفعت
على جانب الملعب فالعلم المصري بين العلمين البريطاني والصهيوني... وكان يحيط
بالملاعب عدد كبير من الجند البريطاني والبوليس الفلسطيني الراكب للمحافظة على
النظام".[7]
هذا ما كان يعكس وقاحة الجانب اليهودي في محاولته في التنسيق مع الفرق المصرية
على انفراد ، وتهميش الفرق العربية التي كانت على مستوى جيد يؤهلها للتباري مع
الفرق القوية في المنطقة.
لقد كانت هناك عدة أسباب
لاستقطاب الفرق المصرية والتلاقي معها أهمها أولا : وجود أندية "المكابي"
(منظمة رياضية صهيونية أسست في نهاية القرن التاسع عشر في أوروبا ثم فيما بعد
انتقلت إلى فلسطين في العقد الثاني من القرن العشرين) في مصر والتي كانت تسعى
الصهيونية إلى توطيد عرى التعاون بين فروعها أينما وجدت.[8] ثانيا:
وجود هذا التعاون الرياضي الوثيق بين اليهود والجيش البريطاني في فلسطين من جهة
والجيش البريطاني في مصر من جهة أخرى.[9] ثالثا
: أن الرياضة في مصر كانت قد خطت خطوات سريعة لتصبح مؤهلة لأن تمد الفرق الرياضية
في المنطقة يد التعاون والتلاقي معها (وهذا ليس فقط من الجانب الرياضي فقط وإنما
من الجانب الثقافي بشكل عام) . لذا فان هذا التلاقي مع الفرق المصرية كان سوف يعزز
من أهمية الفرق اليهودية ويوعز للمصريين بأن الذي يمثل فلسطين هم اليهود وليس العرب.
هذا ما كان يسعى إليه اليهود ، فهم كانوا ينظرون إلى فلسطين وكأنها كانت خالية من الشعب
العربي الفلسطيني محاولين بكل قواهم أن يعزلوه حتى ولو من خلال التعاون مع إخوانهم
المصريين الذين هم أيضا كانوا يقبعون تحت الاستعمار البريطاني الذي كان خادما
للنوايا والأطماع الصهيونية في ذلك الوقت . لقد كان قادة الجيش البريطاني في
فلسطين هم إداريين ومنظمين وأعضاء شرف في الأندية الرياضية اليهودية حيث عملوا على
وضع كامل التسهيلات من اجل هذا "التغلغل" الرياضي الصهيوني في المنطقة
وخاصة مع فرق الجيش البريطاني في مصر ومع الفرق العربية هناك.
لقد
دفعت هيمنة الصهيونية على الحركة الرياضية بالإضافة إلى المتطلبات الوطنية التي
فرضتها نتائج ثورة البراق (1929) الفلسطينيين إلى إنشاء الاتحاد الرياضي الفلسطيني
العربي عام 1931، ولأول مرة تشكل منتخب عربي فلسطيني من عدة أندية لتمثيل فلسطين عربيا.
فورا بعد تأسيسه قام هذا الاتحاد بإقامة
دورة رياضية تنافس بها سبعة أندية في فلسطين حيث قدم درع هذه المنافسة الكروية من
مؤتمر الشباب الذي عمل جنبا إلى جنب مع الاتحاد الرياضي الفلسطيني والذي أي
المؤتمر كان حريصا على دعم الحركة الرياضية في البلاد .[10] في أيار 1933 حضر إلى فلسطين منتخب الجيش المصري
وأجرى عدة لقاءات في الملاكمة مع الأندية العربية في حيفا والقدس ، وفي كرة القدم مع منتخب اتحاد القدس ومنتخب حيفا ومع منتخب
فلسطين العربي. وكانت هذه الزيارة متزامنة مع
زيارة البعثة العسكرية المصرية لفلسطين في ذلك العام.
المكابياد
كان الصهاينة يسعون دائما إلى إيجاد أفضل الوسائل
من أجل إدخال المزيد من المهاجرين إلى فلسطين. وقد استنبطوا منذ عام 1924 حيلا جديدة لإدخال
المزيد من المهاجرين اليهود إلى البلد، فلجئوا إلى التهريب والخديعة ، وتظاهروا
بالرضوخ للقيود التي ينص عليها قانون الهجرة وتحويل العديد من طالبي الدخول إلى
فلسطين ، ثم إخفائهم في المستعمرات . وكان أحد هذه الوسائل "المكابياد"
أو "المكابياه" وهو مهرجان رياضي على نسق الألعاب الأولمبية ، دعت له
القيادات الصهيونية عام 1929، كانت تشارك به الشبيبة الصهيونية من كافة أنحاء
العالم حيث يبقى جزء كبير منهم بلا عودة.[11] أقيم
هذا المهرجان في فلسطين في عامي 1932 و 1935 وقد حذرت الصحف الفلسطينية من هذا
المهرجان ومن أهدافه وتساءلت صحيفة "فلسطين" في عددها الصادر في 18 آذار
1932 حول ما إذا كانت السلطات البريطانية قد اتخذت إجراءات لوقف هذا التدفق من
"السائحين" أو أنها على علم ببقائهم في البلاد كمقيمين دائمين. كما
وطلبت هذه الصحيفة الرياضيين العرب من عدم المشاركة في هذا المهرجان وبالذات أعضاء
جمعية الشبان المسيحية في القدس، وحذرتهم من عدم التفكير في المشاركة في هذه "المؤامرة الصهيونية ". [12]
كما شرحت صحيفة الإسماعيلية المصرية في ابريل 1935 للقراء مغزى هذا المهرجان
وحقيقته (نظريا هو رياضي وعمليا هو عسكري.. فان المكابيين يخدمون كقاعدة للجيش
اليهودي في المستقبل حيث يحوي على أقوى الشباب اليهودي) وتساءلت الصحيفة أيضا (إذا
كان الشباب العربي مستعد بنفس القدر لتأدية واجباته الوطنية إذا طلب منه ذلك) .[13] تتبجح المصادر الإسرائيلية اليوم بأنه وبرغم
التحذير من قبل الصحافة العربية ضد هذا المهرجان إلا أن سوريا ومصر قررتا المشاركة
بالمهرجان الأول عام 1932 (بالإضافة إلى اثنتي عشر دولة) بوفد بلغ تعداده تسعة وستين رياضيا من كلا البلدين.[14]
أما في المهرجان الثاني 1935 الذي شاركت به وفود من سبعة وعشرين دولة فقد
امتنعت كلا البلدين عن المشاركة في مهرجان عام 1935 بسبب استجابتها للمقاطعة التي
دعت إليها القوى الوطنية في كل من فلسطين ومصر وسوريا وشرح الصحافة العربية لطبيعة
وأهداف هذا المهرجان. [15]
فلسطين وكأس العالم 1934
تشير الكثير من المواقع الالكترونية العربية في وقتنا الحاضر إلى أن فلسطين شاركت في
كأس العالم في عامي 1934 (وتبارت مع مصر في 16 آذار عام 1934 مرتين الأولى في القاهرة وهزم سبعة إلى واحد أمام
ثلاثة عشر ألف متفرج ، والثانية في تل أبيب في 6 نيسان حيث هزم أربعة إلى واحد) و 1938 (ولعبت مع اليونان حيث هزم في كلا اللقاءين).
لم تتبار فلسطين العربية في عام 1934 مع مصر، إن الذين تباروا مع مصر هم
اليهود الذين أرادوا أن يمثلوا فلسطين لتظهر "يهودية" أمام العالم ، كما
أن تباري فلسطين الممثلة باليهود مع مصر، كان مع هذا البلد الشقيق الذي كان يخضع تحت الاستعمار البريطاني الذي (أي
البريطاني) بدوره كان يسعى من أجل ربط الفرق الرياضية المصرية مع الفرق اليهودية
في فلسطين. ونرى اليوم الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) يكرر في أدبياته أن "فلسطين" (وفي
كثير منها "إسرائيل") لعبت مع مصر في عام 1934، غير ذاكراً طبيعة الصراع في
فلسطين في ذلك الوقت ، بالطبع،
يتبجح الإسرائيليون اليوم من خلال
أدبياتهم أو مواقعهم الالكترونية بأن "إسرائيل" أو "أرض
إسرائيل" شاركت بكأس العالم في عامي 1934 و 1938 وأنها لعبت خمس مباريات
دولية حتى عام 1948.
يجب عدم إلقاء اللوم كاملاً على مصر لتباريها
مع "فلسطين" في كأس العالم وفي لقاءات كثيرة على مستوى الأندية مع
الجانب اليهودي، فهي أي مصر وقعت فريسة للخداع والتلاعب الصهيوني. أيضا فعلى
الاتحاد الفلسطيني (العربي) كان يقع اللوم في تقاعسه لجذب مصر إلى جانبه ومحاولته
توعية الجانب المصري بحقيقة الصراع مع اليهود على الساحة الرياضية. والحق يقال أيضاً أن
الرياضة العربية لم تصل إلى مستوى يؤهلها لخوض مباريات على صعيد دولي، فاهتمام
الأندية الرياضية كان منصباً في كثير من الأحيان على النشاط السياسي والنضال
الوطني في مواجهة للخطر الصهيوني والانتداب البريطاني ، في نفس الوقت الذي كانت
فيه الرياضة الصهيونية قد قطعت شوطاً كبيراً بفعل الدعم المالي والتنظيمي من قبل
الوكالة اليهودية والإمكانات المستوردة من أوروبا والمساندة المعنوية والتسهيلات
من قبل سلطات الانتداب بالإضافة إلى عشرات اللقاءات الكروية بين الجانبين –
اليهودي والانجليزي التي عملت على تقوية الجانب اليهودي.[16]
استمر اليهود بتمثيل
فلسطين حتى عام النكبة حيث مثلوا فلسطين في بطولة العالم في كرة الطاولة وهزموا
أمام الفريق المصري اثنين إلى خمسة. [17]
في أيار 1943 وصل إلى فلسطين منتخب اتحاد الجيش المصري للألعاب الرياضي
للاشتراك في "مهرجان الألعاب الرياضية" الذي أقامه الاتحاد الرياضي
الفلسطيني (اليهودي) على ملاعب المكابي في تل أبيب "لإحراز" بطولة فلسطين
في الألعاب الرياضية لسنة 1943، وقد اشترك
في هذا المهرجان فريق من رياضي الجيش البريطاني وقوة بوليس فلسطين وأبطال اتحاد
الأندية الرياضية في البلاد. وقد أبدى
المتبارون المصريون مهارة فائقة في المباريات المختلفة التي اشتركوا فيها واستطاع
اثنان منهما ضرب الرقم القياسي لبعض الألعاب في مصر بينما ضرب آخرون الرقم القياس
لبعض الألعاب في فلسطين.[18] وقد
تمت بعض الانتقادات من الجانب العربي (في الفترة التي شهدت انسحاب الأندية العربية
من الاتحاد اليهودي) بشأن هذه اللقاءات بين الفرق المصرية والفرق اليهودية. وبعد شهر حضر إلى فلسطين منتخب القوات المصرية
في كرة القدم ليتبارى مع الفرق اليهودية هناك.
في تموز 1943 جرت في
حيفا مباريات رياضية دولية في ألعاب الماء بين منتخب النادي المصري للسباحة في
القاهرة وبين الفرق اليهودية في حيفا وتل أبيب وقد فاز المصريون وسجلوا أرقاماً
قياسية جديدة في سرعة السباحة وطولها في كرة الماء وغيرها بينها رقم قياس جديد
سجله السباح المصري زكي عبد الرحيم. [19]
في أيلول 1943 حدث خلاف في كرة القدم بين الاتحاد
الرياضي اليهودي في فلسطين وبين الاتحاد المصري عندما أرسل الاتحاد المصري برقية
قال فيها أنه قد منع الفرق المصرية من القيام بأية رحلة رياضية إلى الخارج ولذلك
فهو يمنع الاتحادات الرياضية في الخارج من مباراة أية فرقة مصرية قد تسافر بدون
علم الاتحاد المصري فلما وصلت فرقة مصرية إلى تل أبيب طلب الاتحاد اليهودي من
الفرق التابعة له أن تمتنع عن مباراتها ولكن فريق البيتار (منظمة رياضية متطرفة
اتخذت النشاط الرياضي غطاء لتدريباتها العسكرية) لم يهتم بهذا المنع وقام
بمباراتها فقرر الاتحاد اليهودي تقديمه للمحاكمة الرياضية وأصر فريق (البيتار) على
اللعب مع الفرقة المصرية في عدة مباريات أخرى فزاد ذلك من غضب الاتحادين المصري
واليهودي مما أدت إلى جفوة شديدة بين الاتحادين. [20]
بدأت بعض الفرق العربية والاتحادات العربية منذ عام 1943 تحد من علاقتها
الرياضية مع الاتحاد اليهودي ودليل على ذلك هو أنه كان قد اتفق على إجراء مباريات
دولية في السباحة يشترك فيها منتخبان من سباحي مصر ولبنان وأعلن عن هذه المباريات
الدولية التي كان من المتفق على أن تبدأ في الخامس والعشرين من آب 1943 في بات
غاليم في حيفا لكن السباحين المصريين واللبنانيين لم يحضروا لأسباب لم تعرف
واتفقوا مع بعضهم على أن تجري المباريات بين مصر ولبنان وحدهما في بيروت. أما
المنتخب اليهودي الفلسطيني فلم يشترك معهما، وقد تابع الفريق المصري سفره إلى
لبنان وألغيت مباريات حيفا نهائياً.[21]
في تشرين الثاني أشرف
الملك فاروق على حفلة مسابقة السباحة التي أقيمت في حوض السباحة التابع لوزارة
المعارف المصرية وانتهت المباراة في كرة الماء بين فريق مصر ومكابي فلسطين بفوز
الأول بإصابتين ولم يفز الفريق الأخير بشيء بعد مباراة حامية رائعة فاز فيها
الفريق المصري بالمرتبة الأولى ، وكانت قد سبقتها مباراة بين فريق لبنان والقوات
المتحالفة ففاز الفريق الأخير بأربع إصابات مقابل اثنتين فأمسى ترتيبه الثالث.[22]
وحول
اللقاءات مع الفرق العربية ، ففي أواخر الثلاثينيات في نيسان
1938 التقى منتخب الجامعة المصرية ومنتخب شباب العرب بحيفا الذي كان يعتبر من أقوى
فرق فلسطين في تلك الفترة. كما والتقى في تموز من ذلك العام منتخب جمعية الشبان
المسيحية في القاهرة ومثيلتها بالقدس. وعلى
صعيد الملاكمة كان هناك لقاء بين البطل
المصري العالمي مختار حسين والأبطال إبراهيم كامل وأديب بك كمال )بطل فلسطين وسوريا والعراق) في يافا والقدس وحيفا حيث رصدت ريع الحفلات
الثلاث إلى صندوق الأمة وجزء آخر لتأسيس نادي رياضي في حيفا عرف فيما بعد باسم
نادي الملاكمة والرياضة والذي ترأسه الملاكم أديب كمال فيما بعد.
في عام 1943 بدأت الفرق والأندية العربية في فلسطين بالانسحاب من جمعية (فلسطين لكرة القدم)
التي كان يديرها ويهيمن عليها اليهود. وقد كانت زيارة فريق الجيش المصري لكرة
القدم إلى فلسطين في أيار 1944 حافزا فعالا لتكوين كتلة عربية ترتاح الفرق المصرية
لدعمها في فلسطين ، فتشكل اتحاد محلي في كل من يافا والقدس ، وكان اتحاد الجيش
المصري قد أبى أن يزور فلسطين إلا إذا كان لأشقائه الفلسطينيين نصيبهم من الزيارة
فتحقق أمله باتحاد القدس وحيفا ويافا. هذا وقد قرر مندوبو الأندية المجتمعون تقدير
جهود الاتحادات الرياضية في كل من القدس ويافا وحيفا لقيامها بدعوة فرق الجيش
المصري لمباريات الملاكمة وكرة القدم وقد اعتبرت هذه الدعوة فرصة ملائمة لكي تتمثل
هذه الاتحادات الصغيرة باتحاد قطري.
في أيلول 1944 تم إعادة تشكيل الاتحاد
الرياضي الفلسطيني )العربي) عندما لبى خمس وثلاثون ناديا
دعوة عقد اجتماع رياضي في مدينة يافا. فيما بعد أخذت تتوالى على الاتحاد طلبات
انضمام العديد من الأندية في فلسطين، كما ووزعت من قبل الاتحاد تعميمات إلى قياديي
الأندية من اجل الانضمام إلى الاتحاد. وأرسلت التعميمات إلى سكرتيري الاتحادات
الرياضية في البلدان العربية المجاورة تشعرهم بتشكيل الاتحاد وتسجيله رسميا في
فلسطين ويعلق رغبة هذا الاتحاد العربي في توثيق العلاقات الودية مع الأقطار
الشقيقة . كما وزع العلم العربي عليه شعار الاتحاد على المناطق بفلسطين، وعمم
عليها القانون الأساسي والداخلي.[23] قرر
الاتحاد الرياضي العربي في فلسطين الاستعانة بالمدرسين الرياضيين المصريين على
تدريب الفرق الرياضية العربية في فلسطين في كرة القدم وكرة السلة وغيرهما من الألعاب
، كما وأوفد الاتحاد وفداً إلى مصر للاتفاق مع بعض الفرق الرياضية المصرية على إقامة
مباريات في فلسطين.
كما
اشرنا سابقا عن تطور الملاكمة في نهاية الثلاثينيات فقد تميز هذا النشاط في فلسطين قبل وبعد إعادة تأسيس الاتحاد بغزارة اللقاءات مع الفرق العربية من الدول
العربية الشقيقة وخاصة المصرية التي كانت قد قطعت شوطا كبيرا في هذا المجال ، ففي أيار
1944 تبارى الدسوقي مع محمد فرج بطل مصر في الملاكمة في نادي مختار الرياضي
بالقاهرة وكانت النتيجة تعادل ،
كما وتبارى الملاكم الفلسطيني يوسف معروفة مع نظيره المصري الفحار حيث هزم الأول
بالنقاط . وفي تموز من هذا العام اجري لقاء في الملاكمة بين أبطال الملاكمة في
فلسطين ومصر في جمعية الشبان المسلمين بالقاهرة. وفي آب تلقى بطل الملاكمة السيد أديب
الدسوقي رسالة من اتحاد الملاكمة في الإسكندرية يدعو فيها أبطال المعهد الاولمبي
بيافا لمنازلة منتخب أبطال أندية الإسكندرية .
في آب 1945 حضر إلى فلسطين فريق رياضي مصري مؤلف من أبطال المصارعة ورفع الأثقال
وعلى رأسه البطل العالمي مختار حسين ومحمد جعيصة وخضر التوني وعطية محمد وتباروا
مع الملاكمين الفلسطينيين . كما والتقى الفريق المصري ومنتخب حيفا في مباراة في
الملاكمة تغلب فيها الملاكم المصري عز الدين على الفلسطيني أمين حسونة في وزن
الذبابة وتغلب الملاكم المصري عمر موسى على الأكحل في وزن الديك وتغلب محسن حمودة على
عطا حسونة في وزن الريشة وتغلب لويس جبران من منتخب حيفا على الملاكم المصري محمد عطية حسن في وزن الخفيف
المتوسط. وفي وزن المتوسط تغلب الملاكم المصري زغلول سعيد على الفلسطيني بشير حسن.
وبهذا فقد كانت النتيجة الكلية فوز فريق القاهرة على منتخب حيفا بخمس نقاط مقابل
نقطة واحدة. في ذلك الشهر أيضا أقيمت مباراة في الملاكمة تحت رعاية قنصل مصر في
مدينة حيفا بين فريق منتخب السكة الحديد في القاهرة الذي زار فلسطين ومنتخب حيفا وكانت
النتيجة لصالح الفريق المصري 5-1.
في تشرين الثاني عام 1945 اتفقت لجنة
(الملاكمة والمصارعة ورفع الأثقال) الاتحاد الفلسطيني العربي مع نظمي ميخائيل
البطل الدولي في المصارعة على تدريب أعضاء الاتحاد في المصارعة الرومانية لمدة
شهر.[24]
في منتصف أيار 1946 دعت منظمة الإخوان
المسلمين في أديب الدسوقي وزملاءه الملاكمين للحضور إلى مصر والتباري مع فرقها في
مدن عديدة ولكن الحكومة المصرية لم تسمح إلا لنصف العدد الذي قدم طلب الدخول لمصر
. وقد قبل الدسوقي بالتوجه مع أربعة
لاعبين فقط مما انعكس على نتائج المباريات وكانت نتيجة اللقاءات تعادل في المنصورة
: الفوز في اثنتين والخسارة في اثنتين، خسارة في الإسكندرية : خسر ثلاثة وربح واحد
، خسارة في القاهرة : خسر ثلاثة وربح واحدة ، تعادل في بور سعيد : ربح اثنتين وخسر
اثنتين . وبرغم ذلك كانت هذه النتائج مشرفة للفريق الفلسطيني لما كان يملك من إمكانات
متواضعة .
أرسل أديب الدسوقي في تشرين الثاني 1946 كتابا إلى
جريدة (فلسطين) يرد به على ما نشرته جريدة (الأهرام) بخصوص بطولة الشرق واتهامها إياه
بالتهرب من ملاكمة بطل مصر عرفة السيد في شروطه التي عرضها على بطل مصر ومنها
الحضور إلى فلسطين لإقامة مباراة بطولة الشرق في يافا. ويقول الدسوقي أنه سافر إلى
مصر مرتين للمباراة فيها وهو يدعو منازله هذه المرة للحضور إلى فلسطين ويعرض عليه
مبلغا كبيرا ثلاثة أضعاف ما تناوله الدسوقي في مباراته بمصر. وهذا شرط سخي لا مجال
به لاتهامه بالتهرب كما يقول محرر (الأهرام) الرياضي والجمهور الفلسطيني بطبيعة
الحال يرحب بمثل هذه المباريات الكبيرة تجرى في فلسطين على بطولة الشرق.
وفي آب 1947 تم الاتفاق بين
بطل فلسطين أديب الدسوقي والبطل المصري محمود إبراهيم على إقامة مباراة ودية كبرى في الملاكمة بينهما وعين
موعدها يوم الأحد 31 آب ، ولكن وبسبب بدء تدهور الوضع السياسي في فلسطين فقد تم
إلغاء هذا إلغاء.
في أيلول 1947 تلقى الاتحاد الرياضي الفلسطيني كتابا من الحكم الدولي
المصري لرفع الأثقال السيد محمد نصير يبدي فيه استعداده لتلبية طلب الاتحاد بحضوره
إلى فلسطين لحكم مباراة رفع الأثقال التي ستقيمها اللجنة العامة للملاكمة
والمصارعة في هذه اللعبة في شهر تشرين أول من ذاك العام .[25]
كانت اللقاءات مع الفرق العربية تحمل في طياتها روح الإخوة والود. [26] ومع
ازديادها وتعميق التعاون مع الأندية والاتحادات العربية فقد أدركت
هذه الأخيرة أنه لا جدوى من التلاقي مع الفرق الصهيونية وأن الاتحاد الرياضي
الفلسطيني العربي هو الذي يمثل فلسطين وليس الطرف الصهيوني . ولم يخف الاتحاد
الرياضي الفلسطيني استياءه من اللقاءات الرياضية المصرية اليهودية ففي نيسان 1945 أرسل سكرتير اللجنة المركزية للاتحاد
الرياضي الفلسطيني كتابا إلى سكرتير الاتحاد المصري لكرة القدم يحتج فيها على إقامة
مباريات بكرة القدم بين منتخب الإسكندرية والفرق اليهودية في تل أبيب.
مصر وتمثيل فلسطين على الصعيد
الدولي
لقد سعى الاتحاد الرياضي الفلسطيني (العربي) من اجل تمثيل فلسطين على
الساحة العربية والدولية. واستطاع أن يمد جسور الثقة والتعاون مع جميع الاتحادات العربية
مرتكزا على أسس التعاضد القومي وتفهم
الاتحادات العربية لجوهر المشكلة الفلسطينية بشكل عام والمشكلة الرياضية في فلسطين
بشكل خاص . وقد عمل تأسيس الاتحاد الرياضي الفلسطيني العربي على بلورة الكثير من الأمور
التي لم تكن مفهومة لدى الفرق والاتحادات العربية في خارج فلسطين عن جوهر الصراع
داخل الحركة الرياضية في فلسطين والتي تتمثل بالهيمنة الصهيونية وبتطويع الرياضة
لصالح أهدافها القومية . يكتب حسين حسني محرر الزاوية الرياضية في صحيفة
"فلسطين" في أوائل عام 1945 "ينتظر سفر البعثة الرياضية التي
يوفدها الاتحاد العربي الفلسطيني لكرة القدم إلى مصر للاتفاق على إقامة مباريات
بين مصر وفلسطين في أوائل الشهر القادم وإنا لنرجو منها دراسة مسألة الاتحاد
الفلسطيني لكرة القدم غير العربي المعترف به دوليا والذي يمثلنا رغم أنوفنا ، كما
نرجو مصر أن تتوسط لنا وتطالب معنا بإلغائه فهو لا يمثل إلا نفسه وطائفته لا الشعب
العربي الفلسطيني ، وإذا تعذر ذلك في الوقت الحاضر فنطالب بثلثي مقاعده."[27]
في تموز 1946 سافر عبد الرحمن الهباب سكرتير
الاتحاد الرياضي الفلسطيني إلى القاهرة واجتمع هناك مع أمين الجامعة العربية ومع
حيدر باشا رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم وقد أبدى أصحاب السعادة اهتماماً كبيرا
في مسألة تسجيل الاتحاد الفلسطيني في الاتحاد الدولي وأسفوا لتعذر إيفاد مندوب
المؤتمر الدولي الرياضي في لوكسمبرغ على أنهم بعد التشاور مع أمانة الجامعة استقر
رأيهم على إرسال برقية للجمعية الدولية يطلبون فيها تسجيل الاتحاد الفلسطيني في
الجمعية وعلى أثر إرسال هذه البرقية بعث سكرتير الاتحاد كتابا تفصيليا يوضح موقف
الاتحادات العربية من فلسطين وعزمها الأكيد على تشكيل اتحاد شرقي وتأييد الفرق
العربية الفلسطينية في اتحادها الرياضي وتقرر تكليف أحد موظفي السفارة بالبلجيك
بتمثيل فلسطين لضيق الوقت.[28]
كما اشرنا سابقاً إن ما سمي
بالاتحاد الرياضي الفلسطيني الغير عربي كان هو ممثلا لفلسطين في الاتحاد الدولي.
وقد عرض الاتحاد الفلسطيني مسألة دراسة موضوع الاتحاد الرياضي الفلسطيني لكرة القدم الغير
عربي المعترف به دوليا على المسؤولين الرياضيين المصريين وطلب منهم التوسط
والمطالبة بإلغاء الاتحاد اليهودي وتم اقتراح من الجانب الفلسطيني أنه إذا تعذر إلغاء
هذا الاتحاد فمن الممكن أن تطالب مصر بثلثي مقاعده للفلسطينيين والثلث لليهود حسب
تشريع الانتداب في فلسطين. وكان هذا الاتحاد اليهودي قد تأسس عام 1928 ومثل فلسطين
دوليا بينما كانت الألعاب في ذلك الوقت لا تزال عند العرب في مهدها وكان عدد أعضائه
اثني عشر شخصا وجميعهم من غير العرب.[29] وقد
عبرت الصحافة الفلسطينية عن موقف العرب من هذا الاتحاد ".....ومن الجائر أن
يظل هذا الاتحاد ممثلا لفلسطين العربية دوليا بينما انتظمت أمورنا وألعابنا
واتحاداتنا وبرز بين شبابنا من هم أكثر منهم قوة ومقدرة وفنا، ولا تستطيع الفرق
المصرية الحضور إلى فلسطين واللعب معنا ما لم يوافق هذا الاتحاد "غير
الشرعي" واضطرار مصر إلى مجاراته محافظة على النظم والقوانين الدولية السارية
في جميع الأقطار. وريثما تنتهي هذه الحالة الشاذة والطارئة على العالم وتسهل
المطالبة والاحتجاج ، يجب أن تبذل مساعي في مصر لتأسيس (اتحاد رياضي شرقي) وان
يشرع فيه حالاً. وقد سبق لي أن تحدثت بهذا الموضوع مراراً مع المسؤولين في القطر
الشقيق فلقيت منهم آذاناً صاغية. فعسى أن يتم هذا الأمر قريبا حتى يتسنى للفرق
العربية أن تتزاور وتتنافس وتتبارى في بلادها بعيدة عن هذا الاتحاد وعن تحكمه
الشاذ".[30] والذي
يثير الدهشة ويعكس وقاحة الاتحاد اليهودي هو أنه بعد تأسيس الاتحاد العربي وقف هذا
الاتحاد اليهودي أمام مد جسور الأول مع الفرق والاتحادات العربية فأصبحت الفرق
المصرية تأخذ موافقة هذا الاتحاد اليهودي وتضطر إلى مجاراته (محافظة على النظم
والقوانين الدولية السارية في جميع الأقطار) على حد تعبير الصحافة المصرية آنذاك.
في أيار عام 1946 أرسل الاتحاد
الرياضي المصري واللبناني رسالة إلى الاتحاد الدولي طلبا فيها تسجيل الاتحاد
الرياضي العربي الفلسطيني به. ولكن فيما بعد في شهر آب من ذلك العام تلقى أمين
السر للاتحاد الرياضي الفلسطيني العربي رسالة من الاتحاد الدولي يعلمه بها أنه درس
في اجتماعه الأخير المنعقد في لوكسمبورغ أمر التسجيل دولياً وقرر تأليف لجنة خاصة
لدراسة هذا الموضوع من جميع نواحيه وتقديم توصياتها إلى اللجنة التنفيذية حتى
تتمكن اللجنة من تسجيل الاتحاد الرياضي الفلسطيني العربي دوليا
نوقش طلب انضمام الاتحاد الرياضي
الفلسطيني في المؤتمر الدولي (الفيفا) الذي عقد في لوكسمبورغ في تموز 1946 ، ففي
هذا المؤتمر قرأ نائب الرئيس برقية من
الاتحاد المصري لكرة القدم والتي اقترح فيها قبول الاتحاد الرياضي الفلسطيني كعضو
في الاتحاد الدولي (الفيفا). ولكن للأسف كما كان واضحا أن أكثرية أعضاء الاتحاد
الدولي كانوا منحازين إلى جانب "جمعية فلسطين لكرة القدم" ، لذلك جاءت
أكثرية الأصوات ضد انضمام الاتحاد الرياضي الفلسطيني العربي إلى الاتحاد الدولي
لكرة القدم. لقد حاولت القيادات الصهيونية إيجاد منافذ لها من أجل الوصول إلى
الاتحاد الدولي، فتمثيل فلسطين من قبل اليهود على الصعيد الدولي أعطى الإمكانية
للاتصال مع الفرق الرياضية العالمية وإقناعها بوجود نشاط رياضي مقتصر على اليهود فقط.
حسين حسني
عند الحديث عن العلاقات الرياضية الفلسطينية
المصرية لا بد ذكر الأستاذ حسين حسني الذي تخرج من إحدى معاهد التربية البدنية في مصر ثم حضر إلى
فلسطين ليعمل مدرسا في كلية روضة المعارف في القدس، وفي كلية الثقافة العربية في
يافا، ثم تم تعيينه مراقبا للتربية البدنية بمدارس الأوقاف الإسلامية كما وتم تعيينه فيما
بعد مشرفا على الرهوط والفرق المصرية في فلسطين من قبل جمعية الكشافة المصرية الأهلية
في القاهرة ، وكان هذا الأستاذ الفاضل عضوا منظما للمهرجان الرياضي الكشفي الذي
أقيم في تموز عام 1935. تولى تحرير الزاوية الرياضية في صحيفة (فلسطين) منذ أواخر
1944 وحتى اندلاع المواجهات مع الصهاينة في عام 1947.[31]
للأسف انه لم يعثر على أي خبر حوله بعد عام 1948
ولكن مهمتنا أن نقتفي معلومات عنه، تقديرا وتخليدا لخدماته وأعماله لفلسطين. وقد
ترك بصماته على هذه الحركة الرياضية التي لعبت دورا هاما في صقل شخصية الإنسان
الفلسطيني الجديد. [*]
يجب الإشارة إلى انه في
الثلاثينات وبداية الأربعينات لم تكن الأخبار الرياضية تنتشر بشكل يومي منتظم. في
عام 1943 أصبحت تبرز تحت "الألعاب الرياضية" وفيما بعد أخذت هذه الزاوية بالنمو والارتقاء خاصة عند ترأس
تحريرها الأستاذ حسين حسني. فقد كانت مقالاته تعكس الوعي الصحيح لطبيعة النشاط
الرياضي الصحي والتي ربما يمكن اعتبارها سباقة لأوانها لما كانت تحمله من آراء ليس
لها فائدة لتلك الحقبة من الزمن فحسب، بل وحتى وقتنا الحاضر. بالإضافة إلى انه كان
يقدر عاليا قيمة الرياضة التنافسية، أيضا كان يدرك بما يكمن بها من مجال وقيمة
تربوية صحية اجتماعية ووطنية. فمن خلال مقالاته ضمن "الزاوية الرياضية"
كان يهدف إلى تحفيز النشاط البدني لدى المواطن محاولا توعيته بفوائد الرياضة
وتأثيرها على البدن والعقل. كما عمل على تثقيف الرياضيين مشيرا إلى تداخل النشاط
الرياضي مع السلوك والأخلاق والوطن. ولأول مرة نرى انه تم توجيه اهتمام الرياضيين إلى
أمور صحية ، فقد وضع هذا المربي الفاضل صرحا لإعداد الرياضيين نظريا وتثقيفيا، هذا
الإعداد الذي لم نره حتى في وقتنا الحاضر ولم يعره اهتمام الكثير من مدربينا ،
ودعا إلى الاهتمام بالفرق الثانية وبالرياضة العمالية ووجه نقدا إلى بعض المدن في
فلسطين لعدم إعطاء الرياضة أهمية في توجيه الشباب هناك. كما وشدد على إنشاء المزيد
من الملاعب وتأسيس معهد للتربية البدنية يعمل على إعداد كوادر قادرة على توجيه
وتطوير الرياضة.
وحول دور الرياضة المدرسية
الدعائي في نشر الثقافة وفي إظهار الوجه المشرق للمدارس العربية يكتب حسين حسني في
تشرين أول 1945 "وكيف تنسون أيها السادة ما هو مطلوب منكم من أن تظهروا للملأ
نشاط مدارسكم في الخارج في حفلات تحيونها ومهرجانات تنظمونها ومباريات تقيمونها
فهي مع أنها دعاية طيبة لكم فإنها تحفز
روح الشباب وتقوي دعائم الوطنية في قلوبهم وتطمئن أولياء الأمور على مستقبل
أبنائهم."[32] لقد
كانت الحفلات الرياضية المدرسية في مدارس الحكومة والمدارس الأهلية منذ مطلع
العشرينيات دون تغيير أو تعديل مع خلوها من الرياضة الحقة المشمولة بالروح القومية
في المدارس الأهلية . وبجرأة ينتقد بعض الهيئات التعليمية والمعاهد إسناد
رعاية الحفلات المدرسية السنوية التي كانت قد بدأت منذ عام 1928 للمسؤولين
البريطانيين "أفليس من العار على قوميتنا أن يرأس حفلاتنا مهما كان نوعها
وغرضها غير عربي ما دمنا في أرض عربية ومحيط عربي وبين لاعبين من العرب؟؟ ....ولا
يسمح للمدارس عندنا بإقامة حفلات خاصة بها مع أنها مظهر من مظاهر النشاط يتنافس فيها
طلابها في الألعاب ونكون لهم مضمارا للقوة والشجاعة ولذويهم دليلا على تقدم بنيهم
في ميادين البطولة".[33] ويضيف واصفا إحدى الحفلات المدرسية لمدارس
الحكومة بيافا "الحفلة : هل شعرت معي أيها المتفرج أن الحفلة بعيدة عن
القومية مع أنها قومية في بلدها وملعبها، قومية بالمشتركين فيها وبمشاهديها ، فلم
نسمع أنشودة قوية يرتلها مئات المتسابقين بصوت واحد يهز القلوب ويحفز الهمم
ويشعرهم أنهم في ميدان التنافس الشريف للقوة وأنهم يعدون أنفسهم للذود عن الوطن.
هل شعرت معي في موضوع يدفعني الواجب القومي والفني والصحافي إلى المجاهرة به لما
له من الخطورة في نفوس أبنائنا ؟ فهذا البرنامج كتب بلغتين وهذا مكبر الصوت يذيع
بالعربية وغير العربية مع أن غير العرب في هذا الحفل لا يتجاوز عددهم أصابع
اليد....! إلى متى هذه المجاملة !!! إلى متى نظل مسوقين !!! ... يا قوم: كرامتنا
وقوميتنا فوق الجميع، وفوق كل شيء. يجب أن تكون حفلاتنا عربية.... تحت رعاية عربي...
إذا أردنا أن نعلم أبناءنا منذ الصغر الاعتزاز بالنفس... والتمسك بالقومية ...
والمحافظة على الكرامة ، فقد كفانا بما كان. وأخيرا نرجو من المسئولين وعلى رأسهم الأستاذ
مصطفى الدباغ المعروف بوطنيته تدارك هذه المسائل جميعها في الغد البعيد وكل حفل
وانتم بخير...)."[34]
من خلال
البحث والتمحيص في ما كتبه هذا الأستاذ الفاضل أتوقف عند ما أشار إليه في مقال له
بعنوان (لا نزال في بداية الطريق) "وليعلم كل فلسطيني أن أي قرش يدفعه لتشجيع
هذه النهضة الرياضية إنما يشتري به مجداً لوطنه، وما أغلى المجد."[35] هذا أجمل ما كتبه الأستاذ الفاضل وهو يعكس
غيرته على مجد فلسطين وحبه لها. نعم ، لقد كان كل جهد وكل قرش صرف على الرياضة
يشكل مجدا وكنزا لفلسطين التي ضاعت وسرقت كنوزها ، ولو لم يبتلى شعبنا في نكبة
فلسطين لكان هذا المجد صرحا لبناء قاعدة رياضية عظيمة تعمل بنجاح حتى وقتنا الحالي
، ومع ذلك فإن كل الجهود التي بذلت بما فيها جهود حسين حسني وكتاباته ما زالت تشكل
تراثا عظيما لشعبنا نستطيع أن نربي به أجيالنا الناشئة.
الختام
ليس القصد هنا أن أضع اللوم على
الفرق المصرية، فكما يدرك عزيزي القارئ بأننا نتكلم عن مصر في العشرينيات وحتى الأربعينيات
والتي كانت خاضعة للسيطرة الاستعمارية البريطانية. ويجب أن نعترف بأنه كان هناك
تقصير من قبل الإداريين الرياضيين الفلسطينيين في استقطاب الفرق المصرية. كما أن هناك الكثير من الفرق الفلسطينية أيضا
التي كانت تلتقي مع الفرق اليهودية قبل تأسيس الاتحاد العربي، حتى أن بعضها خالف
قوانين الاتحاد والتقى مع الفرق اليهودية بعد إعادة تأسيس الاتحاد الرياضي
الفلسطيني.
وفي الختام لا بد لنا إلا أن نقدر
عالياً هذه العلاقات الرياضية بين فلسطين
ومصر لما كانت تحمله من قيم أخوية وقومية رغم الظروف السياسية الصعبة التي كانت
تمر بها فلسطين والتي من خلالها سعت الحركة الصهيونية للاستفادة في استقطاب الفرق
المصرية للتباري معها .
المصادر والملاحظات
[1] الخالدي،
عصام: الحركة الرياضية في فلسطين منذ مطلع القرن العشرين
وحتى عام النكبة. انظر: http://www.thaqafa.org/Main/DataFiles/Contents/Files/tare57arkaryadya.doc
[2] كان يتزعم البيتار الإصلاحي
المتطرف جابوتنسكي ، أما منظمة الهابوعيل التي كانت تابعة لمنظمة العمل اليهودية
(الهستدروت ) فيقول عنها بن
غوريون إنها "قلعة للطبقة العاملة ، وعليها يتوجب مساعدة اليهود
الجدد". ساهمت هذه المنظمة التي كانت
أنديتها منتشرة في العديد من المدن والمستعمرات في فلسطين مساهمة فعالة في تهريب
السلاح من دول أخرى إلى فلسطين، وكانت تعمل على تسخير طاقاتها من اجل تنظيم
التنافس الرياضي على أساس التوجيه القومي وتأهيل فلسطين من اجل الوصول إلى
المستويات الدولية، كانت إحدى غاياتها تتلخص في تمثيل اليهود على الساحة الدولية
لكي تبرز فلسطين أمام العالم وكأنها "يهودية".
[3] أنظر: Harif, H. Galily Y. Sport and Politics in Palestine, 1918-48:
Football as a Mirror Feflecting the Relations between Jews and Britons, Soccer
and Society, Vol. 4, No.1 (Spring 2003), pp.41-56.
[8] يشير عبد
الوهاب المسيري في كتابه "أرض الميعاد" أن الوكالة اليهودية عملت منذ
العشرينات على تأسيس شبكة تجسس لها فروع في الدول العربية كانت تعمل تحت ستار بعض
المؤسسات الخيرية وأندية المكابي الرياضية هناك.
[9] كانت هناك
صلة وثيقة بين الأوضاع السياسية وتطور الرياضية الصهيونية التي استخدمت الرياضة من
اجل تطوير التقارب مع الانتداب البريطاني. لقد أعطت الفرق الانجليزية الرياضة اليهودية
دفعة قوية لنمو كرة القدم في البلاد. يشير احد قيادات المكابي ناحوم شيت "إن
ما يهم الانجليزي هو النساء والرياضة . فالأول ليس من اختصاصنا أما الرياضة فهي
الحقل الوحيد الذي نستطيع أن نجد لغة مشتركة مع الشباب الانجليزي ومعظم الجيش
الانجليزي . فنحن نتمنى أن تقام علاقات وثيقة مع الانتداب في وجه الثورة
العربية". لذا فقد دفعت مذكرة شيت إلى أن تقوم الوكالة اليهودية بتعيين جورج
فلاش (انجليزي) في منصب منسق ومنظم
للعلاقات الرياضية بين المنظمات اليهودية الرياضية والجيش الانجليزي في فلسطين.
[10]
فيما بعد ازدادت طلبات الانتساب للاتحاد ولكن عمله أصيب بالتوقف التام بسبب اندلاع
ثورة 1936 المجيدة وبسبب الظروف السياسية التي كانت تمر فلسطين في تلك الفترة.
[11] السفري ، عيسى : تاريخ فلسطين بين الانتداب والصهيونية ، يافا 1937 ص. 215
"دخل فلسطين سنة 1935 ستة آلاف مهاجر من هذا النوع وسلموا جوازات سفرهم إلى
الحكومة ودفعوا التأمينات المطلوبة، ظلوا في البلاد ولم يخرجوا منها إلى
الآن."
انظر أيضا الموقع: www.jewishsports.net/the_maccabiah_games.htm
[26] على الصعيد القومي أصبحنا فيما
بعد نرى الكثير من الأخبار التي كانت تظهر التعاضد القومي بين فلسطين وشقيقاتها ،
ففي إحدى الحفلات التي أقامها الاتحاد
العربي الفلسطيني لرفع الأثقال والمصارعة واشترك فيها أبطال مصر العالميون وقف احد
أعضاء الفريق المصري الملقب بشاعر الشباب (لم يذكر اسمه) بناء على طلب الاتحاد
فألقى كلمة ترحيبية ارتجالية طيبة وقد اختتمها بالأبيات التالية:
لئن
وضعوا الحواجز بين مصر وبين الشرق يوماً
في العراء
وما
حجزوا العواطف صادقات وما حجزوا القلوب
عن الوفاء
وحب
العرب يجري عند عيسى واحمد في العروق
وفي الدماء
No comments:
Post a Comment