عصام الخالدي
إن ما ميز الحركة الرياضية بعد عام 1948 هو تشتتها فقد كان لكل منطقة
شتات ميزاتها وانعكاساتها على الرياضة الفلسطينية ، وكل منها اعطى رصيدا لا بأس به
للرياضة الفلسطينية. في لبنان ذاع اسم جورج ديراني الذي لم يصل إلى مستوى عربي فحسب ،
بل وعالمي أيضا في الوقت الذي برز به العديد من المصارعين اللبنانيين من أمثال
الأخوان جان وأندرة سعادة وخليل أبو خليل وأدمون الزغني وبطرس غانم وأسعد سرور وغيرهم.
إن ما تميز به جورج ديراني هو أنه جمع بين الرياضة والفكر القومي ، فبالاضافة
إلى كونه مصارعا على مستوى لبناني وعربي وعالمي فقد تميز كعضو ملتزم في الحزب
القومي السوري الاجتماعي. وقد اعتقل عدة مرات إلى أن اغتيل في عام 1984 أمام منزله
في مخيم مار إلياس خلال الحرب الأهلية في لبنان.[1]
في كتابه (الحركة الرياضية الفلسطينية في
الشتات) يشير خالد عجاوي (ص 472 – 473) أن جورج ديراني كان يعتمر الكوفية والعقال
الفلسطينيين "اللباس الشعبي" لدى صعوده الحلبة في أيه مباراة دولية في
العالم ، وكان الراحل مصدر ملاحقة من أرباب المصارعة الكبار "المافيا" ،
ومن أشهر وأخطر مبارياته التي جرت في المدينة الرياضية ألتي أذكرها مع البطل
الفرنسي "جيل فوانيه" ضمن دورة كان الراحل منظمها، وقد احتج جورج على
نتائج المباراة التي سال دمه فيها بضربة خارجة عن القانون ونظام اللعبة تلقاها
الراحل من فوانيه. وعلى الفور أعلن الراحل جورج تحديه ودعا فوانيه إلى لقاء ،
فقبله الخصم "فوانيه" وجرت بينهما تلك المباراة في المدينة الرياضية عام
1963 ، وجاءت نتيجتها لصالح الراحل البطل الفلسطيني جورج بعد أن سال دم الاثنين
معا.[2]
بعد التهجير عن فلسطين 1948 ، التقى جورج
السيد كامل حزيني (فلسطيني) في مدينة صور في لبنان فأقنعه بالتدريب معه على لعبة
المصارعة الرومانية، واستمرا معا وأنشآ ناديا خاصا استوعب بعض الرياضيين
الفلسطينيين واللبنانيين لمدة أربع سنوات ، انتقلا بعدها إلى بيروت حيث استقر جورج
مع عائلته في المصيطبة [حي من أحياء بيروت] والسيد كامل في مخيم جسر الباشا.
في
بيروت ، تنقل جورج على عدة أندية لبنانية أولها نادي الثلاث أقمار الرياضي في
منطقة سوق النجارين – ساحة الدباس – بيروت لصاحبه ومسؤوله المصارع البطل اللبناني
سليم فرحات ، ثم انتقل ليتدرب على يدي البطل العالمي البلغاري إسكندر دوبرج وفي
صور تدرب على يدي البطل اللبناني حسن جهمي. استقر به المطاف بالانتقال إلى نادي
المحترفين لصاحبه البطل اللبناني في المصارعة الحرة خليل أبو خليل ، الذي تدرب فيه
على لعبة المصارعة الحرة ، حيث كان قبلا يمارس لعبة المصارعة الرومانية طوال الوقت
. مثل جورج ديراني لبنان ، وكان يلقب بالنسر اللبناني في الستينات، كما مثل فلسطين
في أواخر الستينات وأوائل السبعينات ، وكان يرفض الصعود إلى الحلبة إلا وهو معتمر
الكوفية والعقال ، مشترط عزف النشيد الوطني الفلسطيني في أي مكان وفي أية مباراة
كان يلعبها أو دورة شارك فيها، ومن أبرز هذه المشاركات في بريطانيا حيث قامت صاحبة
الجلالة الملكة إليزابيث بتقديم هدية رمزية للمصارع جورج ديراني (الذي كان يلعب
حينها باسم النسر اللبناني) والهدية كانت عبارة عن زمردة تقديرا منها لانتصاراته
وإعجابها به .
كما لعب جورج في الأردن ضمن دورة ضمته وعددا من المصارعين العرب والأجانب ،
وكانت برعاية صاحب الجلالة المللك حسين شخصيا وبحضوره ، أقيمت المباريات في مدينة
جرش التاريخية بمناسبة افتتاح المدينة الرياضية في عمان.
نشر الاعلامي المعروف جهاد
الخازن في احدى مقالاته في "الحياة"، عن المصارع جورج ديراني. قال:
" تعود معرفتي الشخصية بالقدس الى زيارة يتيمة لها، بعد ان
كبرت، في اواخر 1966، وكانت لا تزال بايدي العرب. كنت اشتريت سيارة جديدة في بيروت، واتفقت مع صديق لنذهب بها الى القدس،
مروراً بدمشق وعمان، لرؤية الزوار الفلسطينيين الذين كانوا يعبرون بوابة مندلبوم
الى القطاع العربي لمقابلة اقاربهم في عيدي الميلاد ورأس السنة. ولم يكن لي او للصديق اهل او اصدقاء بين الوافدين ، فوقفنا نتفرج على مشاهد
اختلط فيها الحزن بالفرح. وعلا صراخ، وجدنا ان سببه جورج ديراني، وهو مصارع فلسطيني مشهور في لبنان،
عرفه القادمون من الاراضي المحتلة، فقد كان التلفزيون في بدايته، وحملوه على
الاعناق وطافوا به وهم يهزجون ويلمسون"البطل" في زمن عزّ فيه الابطال ."[3]
No comments:
Post a Comment