Saturday, November 15, 2014
الرياضة الأرمنية في فلسطين
عصام الخالدي
إن ما يجمع الشعبين الفلسطيني والأرمني هو
المعاناة وما تعرضا له من عملية تطهير عرقي على أيادي الصهيونية (على مدى عقود
عدة) والتركية في عام 1915. وكانت الرياضة طيلة الفترة السابقة بالنسبة لهما وسيلة
من أجل الحفاظ على استمراريتهما وإثبات هويتهما الوطنية. لقد شهدت فلسطين موجة
كبيرة من الهجرة الأرمنية إليها حيث احضر الأرمن معهم ثقافة كان لها تأثيرات
ايجابية على فلسطين ، كما واسسوا المنظمات والأندية الاجتماعية ، وكان لهم دورا
مميزا في اقتصاد البلاد. ووصل الأرمن في فلسطين إلى قمة نجاحهم في بداية
الأربعينات ، ليتلقوا بعدها ضربة معنوية من جراء نكبة 1948 لم يستطيعوا بسببها
استعادة قواهم .[1]
لقد كان موقف الأرمن من الصراع العربي الصهيوني
في فلسطين شبه محايد وبحكم عدم كونهم عرب (خاصة المهاجرون "الزوار" الذين
حضروا إلى فلسطين بعد 1915 وليس الأصليون القدامى الذين عاشوا في فلسطين لمدة قرون)
وقفوا بعيدا عن الأحداث السياسية . بالطبع
لم يكن لهم دورا هاما على الصعيد الوطني مثل الطائفة الأرثوذكسية العربية التي كان
لها دورا هاما على الصعيد الوطني والسياسي في فلسطين.[2]
وقد انعكس هذا أيضا على الرياضة فموقف
القيادات الرياضية الأرمنية على الصعيد الرياضي كان محايدا من جهة ومتعاونا مع
العرب من جهة اخرى ومتفهما لجوهر الهيمنة الصهيونية على الحركة الرياضية في تلك
الفترة ، وهذا الموقف الأخير كان يعتمد على الميول السياسية لبعض القيادات
الرياضية الأرمنية ونظرتها تجاه الصراع العربي الصهيوني وتعاطفها مع شعب فلسطين . ولا
نبالغ بالقول أنه كان للأرمن دورا جيدا في إرساء قاعدة رياضية متينة في فلسطين من
خلال نشاطاتهم في الملاكمة وكرة القدم وكرة السلة والعاب القوى.
بعد زيادة الهجرة الأرمنية إلى
الشرق الأوسط تأسست منظمة الهومنتمن في عام 1918 في اسطنبول ثم شكلت لها فروع
في كل من سوريا ولبنان والأردن وفلسطين
التي أسست بها منظمة الهومنتمن في مدن القدس ويافا وحيفا في عام 1937. أما جمعية
شبان الأرمن (الهويتشمن) فقد تأسست في عام 1929 وشكلت لها نوادٍ في حيفا والقدس
ويافا. يشير ماتوسيان أن الأرمن في فلسطين قاموا بتأسيس الجمعية الأرمنية للتربية
البدنية في فلسطين في عام 1932 والاتحاد الأرمني العام للرياضة والكشاف في عام
1935. [3]
في كانون الثاني 1933 نشرت صحيفة بالستين
بوست الصادرة باللغة الانجليزية خبر مفاده أنه سافر فريق البوليس الفلسطيني إلى
دمشق والتقى مع النادي الرياضي الأرمني هناك الحائز على بطولة سوريا لعام 1932
وتغلب عليه بثلاث إصابات إلى واحدة . وكانت هذه المباراة بحضور القنصل الإنجليزي
في دمشق ، كما عزفت موسيقى النشيد الوطني الأنجليزي والفرنسي. [4]
بدأ بعض الأرمن يشاركون في النشاط
الرياضي على مستوى فردي قبل تأسيس أندية الهومنتمن والهويتشمن فعلى سبيل المثال في
أيار عام 1932 أقيمت الألعاب الأولمبية السورية حيث تم اختيار فريق ليمثل فلسطين
في هذه الألعاب الذي كان مكون من 12 ممثلا من المكابي ، 6 من البوليس البريطاني ،
6 من جمعية الشبان المسيحية YMCA ، 3 من الهابوعيل ،
وواحد من الفريق الأرمني. [5]
في عام 1931 تم تأسيس الاتحاد
الرياضي الفلسطيني الذي استمر عمله
حتى نهاية الثلاثينيات مما أدى إلى ضعف الحركة الرياضية وتوقف نشاط الاتحاد الرياضي الفلسطيني (العربي) عن
العمل في نهاية الثلاثينيات مما أدى إلى مشاركة بعض الفرق العربية في البطولات التي كان يقيمها الاتحاد الفلسطيني
لكرة القدم الذي كان تحت إدارة وسيطرة اليهود. ومن المعلوم أن شاركت الفرق
الأرمنية في هذه البطولات فمثلا شارك نادي الهومنتمن والهويتشمن في رابطة حيفا
ورابطة القدس ولعب كلا الناديين في حيفا مع شباب العرب والترسانة والنادي الإسلامي
والمكابي والهابوعيل ، أما في القدس فقد لعب نادي هومنتمن القدس وهويتشمن القدس مع
النادي الرياضي العربي والمكابي والبيتار والهابوعيل ، واستطاعت هذه الفرق
الأرمنية أن تصل إلى مستوى جيد يضاهي في كثير الاحيان الفرق الاخرى في فلسطين . ودليل
على المستوى الجيد الذي وصلت إليه الفرق الأرمنية فتحت عنوان (هومنتمن يفوز بدوري
القدس لعام 1944) نشرت صحيفة البالستاين بوست خبرا مفاده ان نادي الهومنتمن في
القدس فاز على فريق الهابوعيل اثنين إلى صفر وأحرز بطولة دوري القدس التي بدأت عام
1941 .[6]
في بداية الأربعينيات بدأت بعض المدن تشكيل اتحادات خاصة بها لأنواع رياضية
مختلفة شكلت بمجموعها نواة للاتحاد الرياضي الفلسطيني الذي اعيد تأسيسه في عام
1944. في كانون الأول عام 1943
بناء على الدعوة التي وجهها النادي الأرثوذكسي بيافا إلى النوادي الأخرى والمدارس
الثانوية فقد تألف اتحاد لكرة السلة تحت اسم (اتحاد كرة السلة لمنطقة يافا) واشترك
فيه نادي الهويتشتمن بالإضافة إلى النادي الرياضي القومي والنادي الأرثوذكسي ونادي
المعهد الوطني والمدرسة العامرية والوطنية الأرثوذكسية وكلية الفرير.[7]
كما وشارك نادي شبان الأرمن [الهويتشمن] والهومنتمن في الاتحاد الرياضي في حيفا
الذي تأسس في كانون الأول 1943. [8]
وقد انضمت إليه أيضا الفرق التالية النادي الرياضي الإسلامي ، شباب العرب ، نادي الكرمل ، النادي الرياضي الساليسي ،
النادي السرياني ، النادي الكاثوليكي ، النادي الأهلي ، نادي الترسانة ، جمعية
الشبان الكاثوليك، كشافة الشبيبة المارونية وكان بعضها منتسبا إلى الاتحاد الرياضي
الفلسطيني (اليهودي). وقد قامت لجنة اتحاد حيفا بالاتصال مع الأندية الرياضية
العربية في فلسطين لتأليف الاتحاد العربي العام. [9] وبعد إعادة تأسيس الاتحاد الرياضي الفلسطيني
(العربي) انضمت بعض الأندية الأرمنية في فلسطين إليه ، فعلى سبيل المثال في أيلول
عام 1945 انضم إلى منطقة القدس نادي
الهويتشمن الأرمني. وكما اشرنا سابقا أن بعض القيادات الرياضية الأرمنية اخذت موقف
الحياد (خاصة في فترة الأربعينيات). ومن المعلوم أن فترة 1944 - 1948 تميزت ببروز
حدة الصراع على الصعيد الرياضي بين العرب واليهود الناجم عن تأزم الوضع السياسي والتصدي
العربي للأهداف الصهونية في إقامة الوطن القومي اليهودي في فلسطين.
لم تكن الرياضة بالنسبة إلى الأرمن في فلسطين
وسيلة من أجل إبراز الهوية الوطنية فقط ، بل أيضا وسيلة من أجل الحفاظ عليها من خلال تدعيم الصلة
مع الوطن الأم أرمينا ففي نيسان 1944 نظمت
رابطة الدفاع الأرمنية لأرمينيا السوفياتية - التي كانت تحت رعاية قائد المنطقة [البريطاني]
وممثل المقاطعة للصليب الأحمر - لقاء بين فريق الجيش السادس وفريق ارمني منتخب ،
وكانت النتيجة فوز فريق الجيش بستة اهداف إلى واحد. [10]
أخذت الأوضاع الرياضية العربية بعد إعادة
تأسيس الاتحاد الرياضي الفلسطيني (العربي) تترتب وتنظم ومع الانضمام المتزايد
للأندية العربية في فلسطين إلى هذا الاتحاد بما فيها الأندية الأرمنية في فلسطين فقد
تشكلت لجان مناطق ولجان فرعية لأنواع مختلفة من الرياضة . ومن ضمن هذه اللجان كانت
لجنة العاب القوى (التي كانت تضم ايضا الدراجات الهوائية) . في كانون الثاني 1946
عقدت لجنة ألعاب القوى العامة للاتحاد جلستها الأولى في قاعة نادي الهومنتمن وكان
يترأس هذه اللجنة القيادي الرياضي الأرمني المعروف ليفون كشيشيان . وقد سعت هذه
اللجنة من أجل الاشتراك في الاتحاد الدولي لألعاب القوى ومشاركة فلسطين العربية في
الألعاب الأولمبية كانت ستجري في لندن في سنة 1948.[11]
وقامت فيما بعد بتنظيم منافسات في العاب القوى وسباق الضاحية وسباق الدراجات
الهوائية . وكان لليفون كشيشيان دورا هاما في هذه الانجازات.[12]
كان
هناك تنسيق وتعاون مستمر بين الأندية الأرمنية في فلسطين ونظيراتها في كل من سوريا
ولبنان فمثلا في آذار 1945 سافر نادي الهومنتمن الأرمني بحيفا إلى بيروت وحلب
وتبارى مع فريق الهومنتمن هناك. ومن الجدير بالذكر أن قامت منظمة الهومنتمن بتشكيل
منتخبا لها في الشرق [الأوسط] تبارى مع فرق عربية عدة في فلسطين ومنها النادي الرياضي الإسلامي الذي قام
بزيارة إلى بيروت لهذا الغرض.
كان هناك لاعبون أرمن مشهورون ذاع صيتهم مثل بيزنت
ملكتيان ، أسادور (حارس مرمى فريق شباب العرب في حيفا) ، هاغوب جرجيان ، مهران
بروحيان. ومن الجدير بالذكر أيضا أن برع نادي الهويتشمن في حيفا في كرة السلة حيث
كان من أقوى الفرق في فلسطين ويذكر أنه كان يتنافس مع النادي الأنضوني في يافا ،
هذا بالإضافة إلى فريقي الهومنتمن والهويتشمن في القدس ولقاءاتهم في كرة السلة مع
منافسيهم مثل جمعية الشبان المسيحية والنادي الأرثوذكسي والمكابي والهابوعيل في
القدس. وقد ورد خبر في
صحيفة بالستين بوست في عام 1940 مفاده أنه
أقيمت مباراة شيقة في قاعة جمعية الشبان المسيحية بين فريق قدامى الجمعية وفريق
الهومنتمن (الاتحاد الأرمني العام للرياضة والكشافة) ، وقد فاز الثاني بفارق
نقطتين 26 - 28 . وبرغم ان لاعبي الجمعية عندهم خبرة أكثر إلا أن الفريق الأرمني
الشاب قدم أداء أفضل ، حيث ترك القاعة منتصرا. [13]
أيضا يجب أن لا يغيب عن
البال أن جمعية الشبان المسيحية في القدس كانت تضم العديد من الأعضاء الأرمن
وكانوا يمارسون لعبة التنس الأرضي والكريكت وكرة القدم والعاب القوى وغيرها.
أما الرياضة التي وصل إليها الأرمن
إلى قمة إبداعهم فقد كانت الملاكمة حيث برز العديد من الملاكمين الأرمن خاصة في
نهاية الثلاثينيات والأربعينيات وكان بينهم الملاكم نوبار من نادي الهومنتمن في
القدس ، وماردوس بوكرشيان من القدس . وقاموا بالتباري مع ابطال من فلسطين عربا
ويهودا ومع ابطال مصريين مشهورين . في تموز 1940 أقيم لقاء في
الملاكمة بين إبطال المعهد الاولمبي ونادي الهومنتمن الأرمني بالقدس على مسرح
سينما الفاروق بيافا بحضور عدد من وجهاء المدينة وقد أشرف المدرب والناشط (في
الملاكمة) الدكتور حقي مازين على تنظيم هذا اللقاء . وقد تفوق أربعة من المتبارين
العرب على زملائهم من الأرمن كما تفوق اثنان من الأرمن على اثنين من العرب. في آب
عام 1940 أقيمت بطولة فلسطين
للوزن المتوسط بين الملاكمين العرب وقد تغلب الملاكم نوبار من نادي الهومنتمن
الأرمني في القدس على عيد الدسوقي من النادي الأولمبي. في آذار 1941 أقيمت على
مسرح سينما الحمراء تحت رعاية رئيس بلدية يافا عبد الرؤوف البيطار مباريات في
الملاكمة وقد خصص ريعها لمصلحة الصليب الأحمر البريطاني وقد اشترك في هذا الحفل 24
ملاكما عربيا وبريطانيا ويهوديا (بينهم
أرمن) حيث تغلب الدسوقي على بطل المكابي وبطل بولندا اليهودي.
في شباط 1942 جرت على مسرح سينما أديسون في
القدس حفلة ملاكمة بين البطل الفلسطيني أديب الدسوقي وبطل الشرق الأدنى ماردوس
بوكرشيان من القدس حضرها جمهور غفير لما للبطلين المتلاكمين من الشهرة والمكانة ،
وكان اللعب حماسياً وأسفر في النهاية عن فوز السيد أديب في الجولة الخامسة عشرة
على غريمه ووزنه 99 كيلوغراماً مع أن وزن السيد أديب 77 كيلوغراماً. وكان
ماردوس يعتبر من أبطال الملاكمة المعروفين
في الشرق وكان قد تغلب في السابق على الملاكم سنحاريب صليبا الذي بدوره كان قد
تغلب على بطل مصر عبده كبريت وعلى (شادي) بطل النمسا، فلذا اعتبر أديب الدسوقي هذا
الفوز بمثابة فوزه ببطولة عالية.[14]
ولكن ماردوس أخذ يعلن أمام الملء أنه هو بطل فلسطين وهذا ما دفع الدسوقي إلى أن يرسل
رسالة إلى جريدة (الدفاع) جاء فيها "عجبت من كتابة الملاكم ماردو
بوكرشيان في إعلاناته أنه بطل فلسطين في الملاكمة مع العلم بأنني قد غلبته مرتين
وكانت المرة الأخيرة من مدة ثلاثة أشهر فقط ، أجبرته فيها على التسليم من شدة
الضرب وبذلك لا يحق له أن يدعي بطولة فلسطين التي هي من حقي أنا فقط بصفتي المنتصر
عليه، وإنني أعلن بأنني مستعد لمنازلة أي ملاكم مهما كان وزنه.[15]
في تموز 1943 حضر الملاكم المصري عبده كبريت
وتبارى مع الملاكم ماردو. وفي آب 1944 قامت مباراة استعراضية بين أبطال
المعهد الأولمبي والهومنتمن الأرمني في القدس. وقد حاول الدسوقي تكذيب الأقاويل
التي أشيعت حول أن هذه المباراة كانت للحصول على بطولة فلسطين للوزن المتوسط بين
العرب ، وتكذيب الأنباء التي قالت أن الملاكم الأرمني نوبار تغلب عليه. أيضا في
تشرين ثاني 1944 وعلى مسرح سينما الفاروق بيافا التقى الدسوقي مع بطل البوليس
البريطاني المفتش بيتس. وفي ذلك آذار 1945 سافر نادي الهومنتمن الأرمني بحيفا إلى
بيروت وحلب وتبارى مع فريق الهومنتمن هناك.
عام النكبة
بالطبع لقد كان للنكبة آثارها السلبية على الأرمن أيضا
، كما وانعكست آثارها السلبة على نشاطهم الرياضي أيضا فقد شل نشاطهم الرياضي وهاجر
الرياضيون مثلهم مثل بقية السكان العرب في فلسطين ، فمثلا بعد النكبة غادر اللاعب أسادور (لم يذكر الاسم الأخير) حارس
مرمى شباب العرب فلسطين إلى أرمينيا حيث انخرط في فريق نادي دينامو الروسي المرموق
وتناقلت الصحف السوفياتية أخبار نجاحاته الباهرة . وأثناء مشاركته مع شباب العرب لعب مع خيرة لاعبي
فلسطين أمثال حبيب الزرقا وأنيس صهيون ومصطفى رفعت وكيفورك كوركيان وغيرهم . [16] أما اللاعب مانوك صرفيان الذي كان
أحد أعضاء نادي الهويتشمن (جمعية شبان الأرمن) في حيفا فقد هاجر إلى لبنان وانتسب
إلى نادي الهومنتمن اللبناني في بيروت وأصبح رئيسا له منذ عام 1949 حتى عام 1961. يقول الملاكم المشهور سنحاريب صليبا في لقائة مع الكاتب خالد عجاوي : "ثم
كان التهجير من فلسطين لأستقر في لبنان التي لعبت فيها عدة مباريات مع أبطالها
ومنها مباراة مع البطل اللبناني هرانت غازريان عام 1950 في بيروت.[17]
الملاحظات والمراجع:
[1] Bedross Der Matossian, Armenians of Palestine, Journal of Palestine
Studies Vol. XLI, No.
1 (Autumn 2011), pp. 24–44. http://www.palestine-studies.org/jps/fulltext/42507
[8] من أجل فهم واضح عن الحركة الرياضية في فلسطين والصراع العربي الصهيوني على الساحة الرياضية ، أنظر: www.palestinesports.net
[16] جوني منصور ، المدينة الفلسطينية في فترة الانتداب البريطاني ، تطورات
وتحولات اجتماعية واقتصادية وثقافية "نموذج حيفا"، الرعاة للدراسات
والنشر ، 2009 ، ص. 47.
[17] خالد عجاوي ، تاريخ الحركة الرياضية الفلسطينية في الشتات ، الدار الوطنية
الجديدة ، دمشق ، 2002 ، ص. 21.
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment