لقد أتت النكبة في عام 1948 لتدمر البنية التحتية الرياضية ، ولتشتت اللاعبين والإداريين وتخسر الحركة الرياضية ما بنته خلال عقود ثلاث ، مندثرة تاركة وراءها قيماً دفنت بعامل السلب والتشرد . لقد بلغ عدد الأندية الرياضية في فلسطين قبل النكبة ما يقارب الخمسة وستون ناديا رياضيا اجتماعيا كان منها حوالي خمس وخمسون نادياً منضماً للاتحاد الرياضي الفلسطيني الذي اعيد تأسيسه عام 1944 (تأسس عام 1931 وتوقف عن النشاط في نهاية الثلاثينيات) .[1]
Sunday, July 31, 2016
الرياضة الفلسطينية 1948 - 1967: بين الشتات والهوية الوطنية
عصام الخالدي
لقد أتت النكبة في عام 1948 لتدمر البنية التحتية الرياضية ، ولتشتت اللاعبين والإداريين وتخسر الحركة الرياضية ما بنته خلال عقود ثلاث ، مندثرة تاركة وراءها قيماً دفنت بعامل السلب والتشرد . لقد بلغ عدد الأندية الرياضية في فلسطين قبل النكبة ما يقارب الخمسة وستون ناديا رياضيا اجتماعيا كان منها حوالي خمس وخمسون نادياً منضماً للاتحاد الرياضي الفلسطيني الذي اعيد تأسيسه عام 1944 (تأسس عام 1931 وتوقف عن النشاط في نهاية الثلاثينيات) .[1]
لقد أتت النكبة في عام 1948 لتدمر البنية التحتية الرياضية ، ولتشتت اللاعبين والإداريين وتخسر الحركة الرياضية ما بنته خلال عقود ثلاث ، مندثرة تاركة وراءها قيماً دفنت بعامل السلب والتشرد . لقد بلغ عدد الأندية الرياضية في فلسطين قبل النكبة ما يقارب الخمسة وستون ناديا رياضيا اجتماعيا كان منها حوالي خمس وخمسون نادياً منضماً للاتحاد الرياضي الفلسطيني الذي اعيد تأسيسه عام 1944 (تأسس عام 1931 وتوقف عن النشاط في نهاية الثلاثينيات) .[1]
ورغم
النكبة فقد حمل المسؤولون والرياضيون معهم مهاراتهم الرياضية في كرة القدم
والملاكمة والمصارعة ورفع الأثقال وغيرها في حقيبة خبراتهم وذكرياتهم إلى المخيمات
(وأزقتها الضيقة) والقرى والمدن التي هاجروا إليها. يكتب ادوارد سعيد في
كتابه "قضية فلسطين" : وراء كل فلسطيني هناك حقيقة كبيرة: أنه في يوم ما
وليس بزمن بعيد عاش على أرض له تسمى فلسطين التي لم تعد وطنه.[2] وكان المواطن يعيش على أمل العودة إلى هذا
الوطن المسلوب وكانت الرياضة والكرة جزء
من الذكريات والحنين إلى الوطن ، ومرآة
عكست الواقع الذي كان يعيشه شعبنا ، ففي شوارع وأزقة المخيمات الضيقة والوحلية كان
يلهو الأطفال بلعب الكرة التي كبرت معهم لتصبح هذه الشوارع الملاعب الأولى التي
تخرج منها الكثير من مشاهير اللاعبين .
لقد أرادت الصهيونية بعد ارتكاب جريمتها في
فلسطين عام 1948 أن تسخر كل قواها من أجل تبرير هذه الجريمة وذلك من خلال طمس هوية
شعبنا وتشويه تاريخه ، وكان على الأخير أن يدحض المزاعم الصهيونية. كما أن عدم
الاعتراف الدولي بقضية شعبنا العادلة بعد النكبة جعلته يطرق جميع الأبواب من أجل
اعتراف هذا العالم به وبقضيته مستخدما كل الوسائل بما فيها الرياضة من أجل إثبات
وجوده وهويته الفلسطينية التي ناضل من اجلها منذ عقود طويل، فآنذاك كان على هذا
الشعب أن يثبت أن له اسم وعَلَم وتاريخ ، وكانت الرياضة هي
احدى الوسائل التي باستطاعته أن يحقق من خلالها هذه المهمة.
وهكذا
بدأت مرحلة جديدة من النشاط الرياضي ، في ظروف خارج أرض الوطن أصبحت بها الرياضة
المتنفس الأفضل عن معاناة شعبنا ومنفذا من خلاله يخرج به إلى العالم . وبرغم تلقي
الرياضة الفلسطينية ضربة شبة قاضية في عام 1948 ، إلا أنها استطاعت أن تنهض من
جديد وتلملم قواها وتستمر . وبالطبع لم يكن هذا سهلاً ،
ولم يتوقف هذا على الرياضة الفلسطينية فحسب بل شمل كل نواحي الحياة الثقافية
والاجتماعية وغيرها ، ويعود الفضل بذلك إلى ميزة المرونة (الرجوعية) التي
يتميز بها شعبنا بفضل تجاربه السابقة واصناف المعاناة المختلفة التي مر بها خلال
فترة الانتداب في فلسطين.
إن
ما ميز فترة بداية الخمسينيات هو التسارع
في نشوء الأندية والمراكز الرياضية ، فبعد النكبة فورا تأسس في مخيم بلاطة قرب
نابلس نادي شباب بلاطة في عام 1950 ، ومركز شباب عقبة جبر في أريحا في عام 1954 ، وفي
غزة نادي خدمات المغازي 1952 ونادي خدمات
رفح ونادي خدمات خان يونس 1951 وشباب رفح 1953. وفي مخيمات لبنان تأسس نادي شباب
العرب في مخيم البداوي عام 1951 ونادي الكرامة في مخيم تل الزعتر عام 1953 ، ونادي
الحلوة في مخيم عين الحلوة ، والنادي الثقافي الاجتماعي "فلسطين" في
مخيم ضبية 1958 قرب بيروت ، ونادي الوحدات في عمان – الأردن في عام 1956 وغيرها من
عشرات الأندية في كل مواقع الشتات الفلسطيني . [3]
ومن
الطبيعي أن استمرار تأسيس الأندية كان له دور طردي في ازدياد النمو الرياضي الفلسطيني وخاصة كرة القدم .
والسؤال الذي يأتي على البال هنا ، لماذا تم تأسيس هذه الأندية بهذا الكم في تلك الفترة ؟
فهذه الظاهرة أولا : لم تأت بعامل الصدفة ،
بل كانت انعكاسا لما جرته النكبة من ويلات على شعبنا ، وأحدثت عنده ردود فعل
استطاع من خلالها البحث عن كل نشاط ووسيلة من أجل إثبات نفسه ، وكانت معظم الأندية
قد تأسست كأندية اجتماعية وفي آن واحد تبنت النشاط الرياضي ، وكانت تهدف إلى خدمة
المجتمعات الفلسطينية الصغيرة . ثانيا إن نشوء الأندية كان ظاهرة اجتماعية طبيعية في المجتمع
الفلسطيني منذ بداية عشرينيات القرن العشرين وحتى يومنا الحاضر ، وطيلة التطور
الاجتماعي الفلسطيني فإن هذه الأندية كانت بمثابة محركا أساسيا للتطور الرياضي في
فلسطين. ثالثا: إن الثقافة الرياضية أصبح لها تقاليدها وأصبحت جزء من حياة الناس ،
فهي كانت قد نشأت وتطورت قبل النكبة ، فبرغم تشتت أصحابها إلا أنها كعنصر من عناصر
الثقافة كانت قد حُملت وانتقلت معهم لتستقر في أماكن الشتات.
ويعود
الفضل أيضا في انتشار الأندية في بداية الخمسينيات إلى الجهود التي قدمتها وكالة
الغوث لتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا) UNRWA ، فقد
ساهمت هذه المساعدة التي قدمتها هذه الوكالة في تأسيس المراكز الاجتماعية التي
شملت الرياضة ضمن نشاطاتها. وقد لوحظ مثلا أن معظم الأندية الفلسطينية في لبنان
والأردن وقطاع غزة أنشئت في المخيمات التي كانت ترعاها هذه الوكالة. [4]
ومن المعروف أن وكالة الغوث لتشغيل اللاجئين (الأنروا) وُجدت من اجل مساعدة اللاجئين الفلسطينيين في أماكنهم في المنفى . وبالرغم
من أن الهدف الرئيسي للفلسطينيين كان دائما بعيداً عن الاستقلال السياسي ، فإن
سياسة وكالة الغوث كانت متناسقة مع قرار
الأمم المتحدة الذي كان يدعو إسرائيل إلى استعادة اللاجئين.[5] لربما هي حقيقة أن هؤلاء الفلسطينيون الذين
عملوا مع الانروا كانوا مهمين لهذه التحولات التي حدثت في لبنان والأردن [وهذا
يشمل النشاط الرياضي]، هذين البلدين اللذان فيها كثافة عالية من مخيمات اللاجئين.
في كلاهما استمر الفلسطينيون تدريجيا مسؤولية الخدمات الاجتماعية [والرياضية]، هذه
التحولات تمت بشكل رسمي على مستوى سياسي (رغم استمرار عمل الانروا) مع صعود منظمة
التحرير الفلسطينية التي هي منظمة وطنية اخذت على عاتقها الإشراف شبه الحكومي على
الفلسطينيين داخل وخارج المخيمات.[6]
كما يشير الكاتب في مقالات سابقة أن الكثير من
الرياضيين السابقين استُشهدوا خلال النكبة ومنهم من كان ضمن الذين اجبروا على
ترك فلسطين ، [7]
فعلى سبيل المثال غادر لاعب فريق نادي شباب العرب جبرا الزرقا إلى الأردن ولعب مع
النادي الأهلي هناك ، وبفضله أحرز هذا
النادي بطولة الدوري ، ثم انتقل الزرقا إلى فريق شرطة الجيش السوري في العام
التالي، وبقي هذا الفريق في مقدمة الفرق السورية حتى عام اعتزال الزرقا عام 1960.
وبعد النكبة أيضا غادر اللاعب جورج مارديني إلى سوريا ، بينما انتقل عبد الرحمن
الهباب سكرتير الاتحاد الرياضي الفلسطيني وإبراهيم نسيبة ورشدي أبو غزالة إلى
الأردن ، والمصارع سليمان البيبي إلى لبنان ، هذا بالإضافة إلى عشرات اللاعبين والإداريين الذين اجبروا على النزوح.
أما
عن مدينة القدس فيصف واصف ضاهر الوضع الرياضي الخمسينيات "بعد عام 1948 في
مدينة القدس كان الشباب يتوقون إلى الإحساس بالحياة الطبيعية التي كانت تأتي مع
الرياضة ، فبالكاد كانت هناك مباريات رياضية أو أي نشاط آخر ، فقد كان الشباب يتفحصون
اللوائح على جدران مبنى البلدية لكي يروا أي إعلان عن مباراة في كرة القدم . وكان
الملعب الوحيد المتوفر في ذلك الوقت هو ملعب الشيخ جراح [الذي يبعد بضعة كيلومترات
شمال المدينة القديمة] وكان في حالة بائسة أقيمت عليه بعض المباريات حتى أن عارضتي
الهدف كانتا تخلوان من الشباك." [8]
من المثير للدهشة أيضا أن الاتحاد الرياضي
الفلسطيني بقي على قيد الحياة رغم تشتت أعضائه ، ولم تتوقف مساعيه من أجل الانضمام
للاتحاد الدولي لكرة القدم وذلك رغم رفض طلبه في عام 1946. وفي عام 1951 قام هذا
الاتحاد بإرسال طلب إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) من أجل الانضمام إليه،
وقد جاء في رسالته إلى الفيفا بهذا الخصوص "في عام 1946 وقبل انتهاء الانتداب
البريطاني لفلسطين قام الاتحاد الرياضي الفلسطيني بتقديم مذكرة طويلة إلى اتحادكم
الموقر. ولكن الطلب كان قد رفض لسبب أن قواعد الاتحاد الدولي لكرة القدم لا تقر تسجيل
اتحادين في دولة أو بلد واحد ، فالاتحاد الفلسطيني لكرة القدم [الذي تأسس عام 1928 وأصبح تحت هيمنة
الصهاينة] كان قد تأسس منذ وقت أطول من تقديم طلبنا هذا. إلا أنه في نهاية عام
1947 وبعد المصادقة على قرار التقسيم من قبل الأمم المتحدة كنا قد بُلغنا من قبل
الاتحاد اللبناني لكرة القدم أن اتحادكم قرر السماح في تسجيل اتحادنا ولكن بسبب
حالة الفوضى والاضطرابات التي كانت تمر بها فلسطين لم نستطع إيجاد طرق من أجل مزيد
من التسجيل بعد أن دفعنا رسوم التسجيل. استمر الاتحاد الرياضي الفلسطيني في نشاطه
في فلسطين العربية التي هي في الحقيقة اندمجت مع المملكة الأردنية الهاشمية. نحن
نؤكد طلبنا السابق لتسجيل اتحادنا في اتحادكم ونعتبر أن لنا الحق تلقائيا في ذلك.
وسنكون ممنونين لو ابلغتمونا بقيمة الرسوم. هناك واحد وعشرون نادياً مسجلاً في
اتحادنا ولدينا اثنى عشر ملعبا معظمها مُسيجة وذات قياسات دولية. إن قواعد اتحادنا
والتي عندكم نسخة منها ما زالت قائمة دون تغيير. أرجو منكم الرد بأسرع وقت."[9]
لم
يظهر في أرشيف الفيفا أي وثيقة تدل على رد الأخيرة لرسالة الاتحاد الرياضي
الفلسطيني ، ولكن من الواضح أن رد هذا الاتحاد كان النفي وبنفس الأعذار التي حاولت
الفيفا تبريرها سابقا أي في عام 1946 – 1947 ، فمن المعلوم أنه بعد عام 1948 أخذ
اليهود بتسخير كل القوى من أجل إبعاد الفلسطينيين عن كل الساحات الثقافية بما فيها
الرياضية. ومن الجدير بالذكر أن سكرتير الاتحاد الرياضي الفلسطيني في تلك الفترة
كان عبد الرحمن الهباب وقد أرسل رسالة إلى الاتحاد الدولي في آذار 1951 يعلن فيها
عن نقل صلاحياته كسكرتير للاتحاد الرياضي الفلسطيني إلى السيد أحمد ز. العفيفي
الذي هو مخول للتمثيل والاتصال والتوقيع نيابة عن الاتحاد.[10]
الضفة الغربية
بعد
انضمام الضفة إلى الأردن في عام 1951 تأسس
نادي الموظفين عام 1955 (وكان قد تشكل من النادي الرياضي العربي الذي تأسس عام
1928 ونادي النهضة الذي تأسس عام 1932) الذي كانت به العضوية في البداية مقتصرة
على موظفي الحكومة برئاسة المحافظ حتى عام 1967. وبعد ذلك توسعت قاعدة العضوية
لتشمل جميع العاملين في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية.[11]
كما وتأسس نادي حطين وعيبال الرياضي في عام 1959 ، وأرثوذكسي بيت ساحور 1963 وشباب
البيرة 1964. ومن المعروف أن أندية الضفة انضمت إلى الاتحاد الأردني لكرة القدم
الذي تأسس عام 1948 ولم تضم كثيرا من فرق الدرجة الممتازة وكانت معظم أندية الضفة
تشارك في دوري الدرجة الثانية. ومن خلال حوار الكاتب مع الأستاذين نادي خوري وجورج
غطاس فقد أشارا إلى أنه كان هناك فقط ناديين في الدوري الممتاز وهما نادي الموظفين
في القدس ونادي شباب الخليل (تأسس عام 1943) الذي حصل عام 1964 على بطولة الضفة
الغربية بكرة القدم ، واستطاع أن يصل في ذلك الوقت إلى مستوى أندية الدرجة الأولى
في الأردن التي كان عددها سبعة أندية فقط.[12]
ومن المعلوم أن الاتحاد الأردني لكرة القدم الذي تأسس عام 1948 وأصبح عضوا في
الاتحاد الدولي عام 1958 وفي الاتحاد الآسيوي عام 1975. [13] في عام 1965 تأسس نادي سلوان الرياضي واشترك في دوري
الدرجة الثانية في الضفة بإشراف الاتحاد الرياضي الأردني لكرة القدم عام 1966 وحقق
نتائج مرضية مقارنة مع بدايته الطموحة.
في عام 1965 تم تشييد البناء الجديد لجمعية الشبان المسيحية في شارع نابلس
في القدس (قرب مدرسة المطران والقنصلية الأمريكية حاليا) وكانت هذه البناية تتألف
من فندق وقسم رياضي كان يضم بركة سباحة داخلية وقاعة للسكواش اعتبرت الأولى في
فلسطين وقاعة داخلية للكرة الطائرة والسلة (نصف ملعب) وصالة لرفع الأثقال ولوبي
لكرة الطاولة والألعاب الداخلية. وكانت ملاعب مدرسة المطران متوفرة للألعاب
الخارجية مثل كرة السلة والقدم.[14]
منذ عام 1966 بدأت هذه الجمعية بتنظيم صاعقة كرة السلة وفي نيسان 1967 وتحت
رعاية سمو الأمير حسن أقيمت صاعقة كرة السلة التي نظمتها وفازت بها جمعية الشبان
المسيحية في القدس ، وقد نظمت هذه البطولة على يومين متتاليين بمناسبة افتتاح ملعب
الجمعية.
قطاع غزة
أما قطاع غزة فقد خضع للإدارة المصرية بين 1948 و1956 ، ثم احتلها الجيش الإسرائيلي لمدة 5 أشهر في هجوم على
مصر كان جزء من العمليات العسكرية المتعلقة بأزمة السويس. في مارس 1957 انسحب
الجيش الإسرائيلي فجددت مصر إدارتها للقطاع حتى عام1967. وكما أشير سابقا أنه استمرت الأندية في الانتشار في بداية الخمسينيات والستينيات ففي عام 1960
تأسس نادي شباب خان يونس ونادي خدمات خان يونس في عام 1965. في عام 1962 قامت الإدارة المصرية بقطاع غزة بإنشاء مؤسسة رعاية
الشباب ومنذ ذلك الوقت تحول اسم بعض الأندية إلى مركز رعاية الشباب ، مثلما حدث مع
نادي شباب رفح الذي تأسس عام 1953.
اعتمد النشاط الرياضي في قطاع غزة على ركيزتين أساسيتين: الأولى –
مراكز الرعاية والتي كانت تتبع إلى وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين التابعة لهيئة
الأمم المتحدة . والثانية – رعاية الشباب التي كانت تتبع بلدية غزة تحت إشراف
الحاكم الإداري لقطاع غزة. وكان مركز النصيرات والشاطئ من أهم المراكز الاجتماعية
في قطاع غزة والتي كان لها دور في النشاط الرياضي الفلسطيني، غير أنهما لم يكونا
الوحيدين ، فقد انتشرت مراكز الرعاية الاجتماعية في مخيمات قطاع غزة المحتل . ومن
تلك المراكز مركز خدمات جباليا ، ومراكز للخدمات بالمعسكرات الوسطى ، ودير البلح
والبريج.
ويشير إبراهيم خليل السكسك في كتابه "غزة
عبر التاريخ" إلى أنه "وتمشيا مع ذلك أنشأت الإدارة المصرية في غزة
"المجلس الإقليمي لرعاية الشباب" وكان برئاسة الحاكم العام نفسه ويضم
25 عضوا من كبار المشتغلين بالحركات
الرياضية . وكان المجلس الأعلى لرعاية الشباب بالقاهرة يساعد هذا المجلس فنيا
وماديا. ومن المهتمين بالحركة الرياضية إذ ذاك نذكر: رشاد الشوا، زكي خيال، صبحي
فرح، إبراهيم عويضة، عبد الكريم عبد المعطي، خضر الجعفراوي ، أحمد العلمي ، عبد
الرؤوف الشوا. وقد انبثقت عن المجلس الإقليمي لرعاية الشباب ثماني لجان: لجنة التربية
الاجتماعية ، لجنة التربية الرياضية ، لجنة التربية القومية ، لجنة إعداد القادة ،
لجنة المنشآت والملاعب ، لجنة المعسكرات والرحلات ، اللجنة المالية ، لجنة التخطيط
العام.
وعن طريق هذه اللجان كان المجلس يشرف على
الحركات الرياضية وينظمها ويوجهها كما كان يشرف على جميع المؤسسات الرياضية وعددها
15 منها مراكز الخدمات الاجتماعية في المعسكرات ومراكز رعاية الشباب في غزة ودير
البلح وخانيونس ورفح وجمعية الشبان المسيحية في غزة – ونادي العودة للموظفين العرب
بوكالة هيئة الأمم وفي هذه المؤسسات يمارس الشباب مختلف الألعاب الرياضية
والترويحية. ومن أهم الملاعب في القطاع ملعب اليرموك له مدرج كبير ، كانت تقام في
ساحته احتفالات جماهيرية في ذكرى الانسحاب الإسرائيلي عام 1957 في 7 مارس. كما
كانت تقام على أرضه المباريات والمهرجانات الرياضية. وفي خانيونس أنشئ ستاد على
طريق البحر كلف في حينه نحو 40 ألف جنيه."[15]
وتشير نيللي المصري أن الإدارة المصرية ساعدت
على تطوير الرياضة الفلسطينية من خلال قيامها بإيفاد مدربين ومدربات إلى القطاع
وتأهيل الرياضيين والحكام الفلسطينيين، وتبادل الوفود الشبابية والمشاركة في
احتفالات النصر في مارس من كل عام وأشرفت الإدارة المصرية على إرسال البعثات
الرياضية الفلسطينية من القطاع إلى الخارج تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية
واستطاع قطاع غزة بهذه الجهود أن يحافظ على الهوية الفلسطينية بتمثيله فلسطين في
الخارج خلال حكم الإدارة المصرية لغزة. [16]كانت مناحي الحياة مازالت شبه متوقفة ومازال المواطنين يلملمون
جراحهم، لكن رويدا رويدا بدأت الحياة تدب في أنحاء قطاع غزة، في ذلك الوقت كانت
الإدارة المصرية تشرف على حكم القطاع ، وبدأت الرياضة الفلسطينية في القطاع تتنفس
الصعداء من جديد بعد أن فتحت الإدارة المصرية كافة أبوابها أمام الغزيين للاستفادة
وتبادل الخبرات الرياضية، فتم تأهيل مدربين ومدربات في كافة الألعاب الرياضية،
وتبادل الوفود الرياضية وإحياء المناسبات الرياضية، والاهم أن منتخباً باسم قطاع
غزة يمثل فلسطين في المحافل الخارجية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية واهتمام
مثير من قبل الإدارة المصرية.[17]
وتضيف المصري أن الإدارة المصرية دعمت المدربين في كافة الألعاب الرياضية، وكانت
ترسل المدربين الفلسطينيين إلى معاهد خاصة في الإسكندرية وأبو قير والقاهرة ،
وكانت تساهم في عقد معسكرات تدريبية للاعبين لمختلف الفرق الرياضية. في إحدى
المرات أحضرت الإدارة المصرية آنذاك مدرب مجري" مستر سابو" الذي درب
اللاعب الدولي بوشكاش، قدم إلى غزة وعقد دورة مدربين، ودورات أخرى على يد المدرب المصري عبدو صالح
الوحش . وقد وصلت كرة
القدم [بالإضافة إلى الألعاب الأخرى] إلى مستوى عال من المهارات والأداء بسبب
احتكاكها مع الفرق المصرية، الأمر الذي منح اللاعبين خبرة كروية عالية لجميع
الألعاب وليس فقط كرة القدم. وتعاونت الإدارة المصرية مع الاتحاد الفلسطيني لكرة
القدم على انتظام مسابقة الدوري المحلي لكرة القدم والرياضية المدرسية التي كانت
في أوج عصرها فقد كانت تغذي الأندية باللاعبين، إلى جانب وجود مدرسين متخصصين في
التربية الرياضية تم إعدادهم في معاهد خاصة بمصر وغزة، ولذلك كانت الرياضة
المدرسية في غزة متطورة في مراحلها الثلاث في جميع محافظات قطاع غزة. [18]
في
عام 1962 تأسس الاتحاد الرياضي الفلسطيني لكرة القدم في قطاع غزة وفوراً سعى الإداريون إلى
تشكيل الاتحادات الرياضية المختلفة واللجنة الأولمبية الفلسطينية التي أرسلت طلباً
للانضمام إلى اللجنة الأولمبية الدولية مرفقة فيه كل متطلبات اللجنة الدولية
، بعد ان تم رفض طلبه الأول في عام 1947 والثاني في عام 1951 ، ومن المعروف أيضا أنه من اجل الانضمام إلى
اللجنة الأولمبية الدولية فإنه يتوجب على الجهة التي تتقدم بالطلب أن يكون لديها
على الأقل خمسة اتحادات رياضية منضمة إلى الاتحادات الدولية ، وهذا ما كان يهدف
إليه الاتحاد الرياضي الفلسطيني لكرة القدم . لذا فقد سعت الاتحادات الرياضية الفلسطينية المختلفة للانضمام إلى الاتحادات الدولية التي كانت تضع العراقيل أمام انضمام الأولى ومن
هذه الأعذار أنها - أي الاتحادات العربية - لم تكن تحوي عددا كبيرا من اللاعبين والأندية.
ثانيا: اعتبرت اللجنة الأولمبية الدولية والاتحاد الدولي لكرة القدم والاتحادات
الرياضية الدولية الأخرى أنه ليس هناك دولة اسمها فلسطين (بعد الاستشارة مع الأمم
المتحدة) وأن الوضع القانوني لقطاع غزة هو أنه خاضع للإدارة المصرية ولا يشكل دولة
مستقلة بحد ذاتها. ثالثا ، ومن البديهي أيضا أن التحيز الذي أظهرته الكثير من
الدول تجاه إسرائيل ، ومحاولة إسرائيل نفسها عرقلة كل المحاولات من
أجل الاعتراف باللجنة الأولمبية الفلسطينية والاتحادات
الرياضية الفلسطينية كان عاملاً هاما في هذا الشأن.
من الجدير أن نشير إلى هذا التعاطف
العربي الذي بدأ فورا بعد النكبة مع فلسطين في المجال الرياضي ومجالات أخرى الذي
بدوره أدى إلى أن تشارك فلسطين في عام 1953 في الدورة العربية الأولى في
الإسكندرية مع مصر. وكانت أول مشاركة لفلسطين حققت فيها المركز الثاني وبحضور
اللواء محمد نجيب والرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر. وحضرها الحاج أمين
الحسيني . وشاركت فلسطين في الدورات العربية منذ
عام 1953 حيث شارك فريق الملاكمة وحصل على الترتيب الثالث بعد مصر وسوريا ، وحصل
عمر حمو على الميدالية الذهبية في الدورة الأولى في الإسكندرية. وشارك الفريق
الفلسطيني للملاكمة أيضا في دورة الصداقة في كمبوديا وحصل على الميدالية الذهبية ،
شارك في هذه الدورة فايز عرفات وفايز أبو دية ، وجلال حمو.
وقد برز من أبطال رفع الأثقال البطل محمد أبو شهلا الذي مثل فلسطين في
البطولة العربية الثالثة في الدار البيضاء في المغرب في عام 1961 وحصل على
الميدالية البرونزية . كما وشارك في البطولات والتصفيات التي أقامها المجلس
الإقليمي لرعاية الشباب. [19]
في عام 1962 تم تأسيس الاتحاد الفلسطيني لكرة
السلة الذي تقدم بطلب في عام 1965 إلى الاتحاد الدولي لكرة السلة وكان مقره في
ميونيخ في ألمانيا. وقام المجلس الأعلى لرعاية
الشباب بتعيين الدكتور جورج رشماوي رئيسا لهذا الاتحاد وجورج مستكاوي أمين سر
ومصطفى سليمان أمين صندوق ، ويوسف حشوة وحمدي الشريف أعضاء. ثم تم إنشاء فريق وطني
لكرة السلة معظم اعضائه من قطاع غزة . وكان هذا الفريق على مستوى فني جيد وهذا ما
أهله ليصبح عضوا في الاتحاد الدولي لكرة السلة في عام 1964 ، ويعود الفضل للجهود الحثيثة التي بذلها الدكتور رشماوي في
تحسين مستوى هذا الفريق وفي طرق باب الاتحاد الدولي لكرة السلة. ومن الجدير بالذكر
أنه لأول مرة كانت فلسطين تضم بين صفوفها حكما دوليا مثل جورج حشوة الذي شارك بعدة
دورات تدريبية دولية وعالمية. وقد مثل هذا الفريق فلسطين في عدة دورات مثل البطولة
الأفريقية في الدار البيضاء في المغرب عام 1963 حيث حصلت فلسطين على المركز الثالث
بين اثنتي وخمسين دولة. وفي البطولة العربية في طرابلس ليبيا في عام 1963 وحصلت
على المرتبة الرابعة ، وفي في الدورة العربية الرابعة في القاهرة في 1964.[20]
وفي نفس
الفترة تأسس العديد من الاتحادات التي كان بينها
الاتحاد الفلسطيني لكرة اليد الذي تأسس عام 1964 وتقدم بطلب في نفس العام إلى
الاتحاد الدولي لكرة اليد ونوقش طلبه في المؤتمر المنعقد في بودابست في هنغاريا في
عام 1964 إلا أنه قوبل بالرفض تحت حجة أن
قطاع غزة هي بلد غير مستقل (لأنه كان تحت الإدارة المصرية). [21]
وفي كرة القدم شارك الفريق الفلسطيني في الدورة العربية الأولى في عام 1953
في الإسكندرية وكانت النتيجة 1-8 ومع ليبيا 2-5 وقد حققت فلسطين المركز الثالث
بحضور الرئيس جمال عبد الناصر. وتعتبر هذه
المشاركة نصرا كبيرا لفلسطين خاصة أنها أتت بعد حوالي خمسة أعوام من النكبة. شاركت فلسطين في الدورة العربية الثانية في
سوريا عام 1956 وكان رئيس البعثة سالم
الشرفا. وشاركت أيضا في الدورة العربية الثالثة في لبنان عام 1958 وكان
رئيس البعثة أيضا سالم الشرفا.[22]
وفي عام 1965 شاركت فلسطين في الدورة العربية
الرابعة ولعبت مع مصر حيث هزمت 1-2 وتعادلت مع العراق في نفس البطولة 1-1 وفازت
على اليمن 1-0 ، وعلى لبنان 1- 0 وهزمت مع السودان 1-2 ومع ليبيا 2-4 . وكان حارس
هدف المنتخب الفلسطيني مروان كنفاني ، والبديل فائق الحناوي ، وقد ضم الفريق
اللاعبين إسماعيل المصري ، معمر بسيسو ، عمر الشيخ طه من لبنان ، فؤاد أبو غيدة ،
حسام السمري ، نبيل اشامي ، فيصل بيبي ، إبراهيم المغربي ، خليل إستنبولي ، فتحي
يوسف ، عبد القدر شعيب ، محمد الشيخ ، خضر قداده ، على أبو حمدة ، منذر المزيني وصبحي أبو فروة من الكويت. وترأس البعثة المرحوم زكي خيال والإداريين صبحي فرح وإلياس منه.
وفي
بطولة كأس العرب في العراق عام 1966 تعادلت فلسطين مع ليبيا 0 – 0 و هزمت مع اليمن
الشمالي 0- 7 ومع سوريا 1-3 . وقد حصلت فلسطين في هذه البطولة على المركز الرابع .
ومثل المنتخب الفلسطيني اللاعبون فائق الحناوي حارس المرمي ، حيث أن مدير الكرة
بالنادي الأهلي المصري على زيور لم يسمح لمروان كنفاني ولفؤاد أبو غيدة من
المشاركة في هذه البطولة نظرا لحساسية اللقاء فقد كانا يلعبان في صفوف فريق النادي
الأهلي. وقد ضم هذا الفريق كل من اللاعبين إبراهيم المغربي ، حسام السمري ، سميح
السمري ، نبيل الشامي ، فيصل بيبي، عبد القادر شعيب (مصر) ، محمد عربي ، احمد
عليان ، أحمد طالب ، سيف الدين الهندي ، أحمد عمورة (سوريا) عمر الشيخ طه ، علي
عجلوني (لبنان) ، فائق الحناوي ، إسماعيل
المصري ، معمر بسيسو ، خضر قدادة (غزة). وقد ترأس البعثة إبراهيم عويضة وعبد
الفتاح شريف.[23]
وفي نفس العام شاركت فلسطين في بطولة ألعاب
القوات الجديدة الناشئة (Ganaefo) ولعبت مع اليمن الشمالي 4-0، ومع كوريا الشمالية
1-5 ومع الصين 0-7 ومع فيتنام الشمالية 0-7 وكمبوديا 0-4.[24]
وقد ضم منتخب فلسطين لكرة القدم فائق الحناوي ، محمد البردويل ، خضر سلطان ، خليل
استنبولي ، معمر بسيسو ، إسماعيل المصري، سعيد الحسيني، أحمد عليان ، محمد عربي ، سيف
الهندي ، أحمد عمورة ، علي جولاني، سميح السمري ،فيصل بيبي ، عادل السيد ، أحمد
طالب خضر قدادة. وترأس البعثة المرحوم زكي خيال ، والإداريين زهير الدباغ والياس
منه.[25] وفي تلك الفترة كان يتم تجميع عناصر المنتخب الفلسطيني من الداخل
(قطاع غزة) والشتات ( مصر، سوريا، الأردن، لبنان) عن طريق الاتحاد الفلسطيني لكرة
القدم وبالتنسيق مع منظمة التحرير الفلسطينية ، وقد كان في قطاع غزة اتحادات
رياضية لكافة الألعاب تشارك على مستوى الدول العربية.[26]
لعب منتخب فلسطين ضد منتخب الشركات على ملعب
شركة النصر في شبرا الخيمة في مصر وفاز المنتخب الفلسطيني 2 - صفر ، احرز أهداف
المباراة توحيد مرتجي وسالم بدوي، وكان مدرب المنتخب في ذلك الوقت راشد الحلو. كما
وشارك منتخب فلسطين ضد منتخب العريش بكرة القدم بمناسبة أعياد النصر عام 1958،
وفاز منتخب فلسطين 1/صفر. ومن أبرز اللقاءات التي
خاضتها فرق غزة مباراة مركز شباب غزة مع الطيران المصري عام 1964 حيث كانت نتيجة
اللقاء 0-1 لصالح الطيران. ولعب منتخب القطاع ضد الفرق المصرية (الطيران ،
والمدفعية والمشاة) وضد منتخب الشرقية في الزقازيق ، وضد منتخب الأشغال المصرية
الذي كان يضم مجموعة من نجوم الكرة المصرية. وكانت المباراة الثانية في قطاع غزة في احتفالات أعياد النصر بين منتخب
القطاع وسلاح المشاة حيث ضم فريق سلاح المشاة
، وكانت المباراة من أجمل المباريات التي خاضها اللاعب فائق الحناوي حارس
المرمى المشهور وصد أيضا ضربة جزاء وتألق في هذه المباراة إسماعيل المصري وكانت
بداية ظهوره كلاعب مميز.[27] في عام 1962 تم اختيار توحيد مرتجي ومعمر بسيسو ضمن منتخب فلسطين
للمشاركة في الدورة الأولمبية التي أقيمت في روما، ولكن الظروف حالت دون سفر
البعثة الفلسطينية التي كان من المقرر أن يترأسها إلى جانب البعثة المصرية احمد الدمرداش توني رئيس
اللجنة الأولمبية المصرية. [28]
الانضمام للاتحاد الدولي لكرة القدم
في
عام 1963 أرسل إلياس منة سكرتير الاتحاد الرياضي الفلسطيني لكرة القدم رسالة إلى الاتحاد
الدولي مؤرخة في 26 آب يعلمه بها أنه عام 1962 في فلسطين - في قطاع غزة - تأسس
اتحاد لكرة القدم والذي كان محصلة لخبرة طويلة ومثمرة. وأن عدد الأندية المنضمة إلى هذا الاتحاد هي 15
، وأن اللاعبون المنخرطون بالنشاط الذين
أعمارهم فوق السابعة عشرة عددهم 1200 ، والذين أعمارهم أقل من ذلك بلغ عددهم 3000 تقريبا. وأشار منِة أنه حتى ذلك
الوقت فإن ثلاثة اتحادات كانت قد قبلت في الاتحادات الدولي للملاكمة ورفع الأثقال
وكرة السلة. وقد أرفق إلياس منة ملخص من المعلومات المفصلة التي توضح وضع الاتحاد
الرياضي الفلسطيني لكرة القدم ، وعبر عن رجائه أن يتم قبول هذا الطلب من قبل
الاتحاد الدولي لكرة القدم.[29]
في أيلول
من ذاك العام تلقى إلياس منة رسالة من الاتحاد الدولي يعلمه بها أن الاتحاد الدولي
مسرور أن الاتحاد الفلسطيني له الرغبة في أن يصبح عضوا في الفيفا ووضع أمامه بعض
المتطلبات التي على الاتحاد الفلسطيني أن يلبيها من أجل الحصول على هذه العضوية ،
منها ثلاثة نسخ من القانون الداخلي للاتحاد وملخص لنشاطاته وتفاصيل عن عدد الأندية
واللاعبين والحكام الخ. وفورا تجاوب الاتحاد الفلسطيني مع هذه المتطلبات وأرسل كل
ما طلبه الاتحاد الدولي . ولكن فيما بعد تسلم
الاتحاد الفلسطيني رسالة من الاتحاد الدولي يطلب بها الأخير آخر الإحصائيات
عن كرة القدم في قطاع غزة. [30]
ومرة أخرى تجاوب الاتحاد الفلسطيني مع هذا المطلب. ومن الجدير بالذكر أن الاتحاد
الدولي كان سابقا قد أبلغ الاتحاد الفلسطيني أن طلب الانضمام للاتحاد الدولي سوف يُحوّل
إلى اللجنة التنفيذية في اجتماعها في السادس من تشرين الأول عام 1964 في طوكيو ، بالتالي أوفد الاتحاد
الفلسطيني ثلاثة من أعضائه لحضور هذا
الاجتماع. وتشير الرسالة إلى أنه بالرغم من المصاريف الباهظة لسفر هؤلاء الأعضاء
إلا أن موضوع الانضمام للفيفا لم يدرج على اجندة الاجتماع . وطلب الاتحاد الفلسطيني من الفيفا توضيح الأسباب
التي أدت إلى ذلك مع أن كل الوثائق والإحصائيات التي طلبها الاتحاد الدولي كانت قد
أرسلت إليه منذ وقت طويل. "نحن واثقون أنه ليس هناك أي عذر لمنع دراسة طلبنا
هذا في اجتماع طوكيو." ثم أعطى سكرتير الاتحاد الفلسطيني لمحة تاريخية
وسياسية عن الوضع في المنطقة وفي النهاية أشار إلى أن عضوية فلسطين في الفيفا هي
حق شرعي ويرجو من الفيفا النظر في الطلب.[31]
ولكن العقبات لم تنته ، ففي شهر كانون الأول
1964 أرسل الاتحاد الدولي رسالة إلى الاتحاد الفلسطيني يخبره بها أنه ظهرت مشكلة
واحدة وهي معرفة الوضع الدقيق لقطاع غزة. وفور تلقيه الرد من الأمم المتحدة فهو
(الاتحاد الدولي) يأمل أنه سيكون قادر على رفع طلب الاتحاد إلى اللجنة المختصة
ولكن هذا لا يتم إلا قبل نهاية شباط 1965. وفي آذار عام 1965 استلم الدكتور كيزر
سكرتير الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) رسالة من الأمم المتحدة يوضح بها
العاملون هناك أنه حسب اتفاق الهدنة الموقع بين إسرائيل ومصر في رودس في شباط 1949
فإن غزة هي "أراض واقعة تحت سيطرة" مصر (في ذلك الوقت الجمهورية العربية
المتحدة) . وينص الاتفاق على وجه التحديد أنه لا يقصد أن يمس حقوق أو مصالح شخصية
غير عسكرية في منطقة فلسطين. ومع أن إسرائيل لا تعترف بهذه الاتفاقية في الوقت
الحاضر ، إلا أن الجمهورية العربية المتحدة ما زالت متمسكة بها. وفي أي حال فإن
غزة تبقى "أراض تحت سيطرة" الجمهورية العربية المتحدة والتي هي لها
مسؤولية دولية بهذا الشأن.[32]
بهذا قرر الاتحاد الدولي رفض طلب الاتحاد الرياضي الفلسطيني لكرة القدم حيث أرسل له
برقية جاء فيها "نحن نرفض قطعيا قبول منطقة اسمها غزة كعضو في الفيفا . ليس
هناك دولة اسمها فلسطين. بالتالي فإن غزة ليس من الممكن أن تكون في فلسطين. إن
قبول جزء من دولة كعضو مستقل هو متناقض مع
قواعد الفيفا." [33]
بالطبع هناك اعتبارات أخرى اخذها الاتحاد
الدولي بالحسبان وأهمها خضوعه للضغوطات من قبل اللوبي الصهيوني في ذلك الوقت ، كما
جاء هذا الرفض أيضا في وقت يرفض به العالم الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب
الفلسطيني.
فيما بعد أرسل إلياس منة سكرتير الاتحاد
الرياضي الفلسطيني لكرة القدم رسالة إلى سكرتير الاتحاد الدولي موضحا فيها طبيعة الصراع في المنطقة وأن قرار
التقسيم الذي أصدرته الأمم المتحدة لم يلغ وجود فلسطين ، وأن إسرائيل احتلت كل
فلسطين بالقوة متحدية قرارات الأمم المتحدة ، وأصبحت تهدد أمن الجزء الباقي منها [فلسطين]
. وينهي إلياس منة رسالته قائلا "وبوضعنا هذه الحقائق أمامكم فإننا نأمل أنكم
سترون أن قبول الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم في الفيفا هو شرعي وأنكم ستولون طلبنا
اهتماما أكبر." وبعد عدة أيام استلم إلياس منة رسالة من سكرتير الفيفا جاء
فيها أن الفيفا على علم بالحقائق التاريخية التي أشار إليها إلياس منه ولكنه لا
يرغب أن يدخل في جدال ذات طابع سياسي.[34]
وكما تم الذكر سابقاً أن اتحادات أخرى قامت بمحاولة
للانضمام للاتحاد الأخرى كان منها على سبيل المثال الاتحاد الفلسطيني لرفع الأثقال
والاتحاد الفلسطيني للملاكمة. ففي رسالة من أوسكار ستيت رئيس الاتحاد الدولي لرفع
الأثقال إلى الدكتور كيسزر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم مؤرخة في الحادي
والثلاثين من آذار 1965: "شكرا لكم على رسالتكم الموجهة في 26 آذار. عندنا نفس
المشكلة بالنسبة لانضمام فلسطين إلى اتحادنا. لقد كتبت أيضا إلى منظمة الأمم
المتحدة واستملت نفس الرد أنها [فلسطين]
ليست دولة مستقلة ذات حكم ذاتي. لقد قبلناهم [الفلسطينيون] في عام 1961 ولكن في العام
الماضي سحبنا عضويتهم في انتظار مزيد من الاستفسارات. لقد كان هناك احتجاجات من
عدد من الدول بأن فلسطين لا تستطيع أن تكون منضمة لأنهم لم يكونوا حقيقة دولة
مستقلة ذات سيادة. لقد قرر مؤتمرنا أن يطلب طلباً إضافياً مدعوماً باللجنة
الأولمبية الفلسطينية المُشكّلة صحيحاً. لقد تشكلت هذه اللجنة [اللجنة الأولمبية
الفلسطينية] وتأمل بتقديم طلب للاعتراف بها من قبل اللجنة الأولمبية الدولية .
ولكن احد المطالب هو ، كما تعرف الانضمام على الأقل إلى خمسة اتحادات رياضية
دولية. بذلك نكون قد وصلنا إلى موقف صعب جداً واقترح أن نناقش هذه المشكلة في
اجتماع الاتحادات الرياضية الدولية في لوزان في الحادي عشر من حزيران [1965]
ونحاول أن نصل إلى قرار تلتزم به كل الاتحادات."
في رسالة من الاتحاد الدولي لكرة القدم إلى
الاتحاد الدولي لرفع الأثقال مؤرخة في الخامس من نيسان 1965: "شكرا لردكم المؤرخ
في 31 آذار 1965 حول انضمام فلسطين إلى اتحادكم [الاتحاد الدولي لرفع الأثقال].
إنني افهم جيدا أنه صعب كثير أن أقول إذا كان هناك بلد باستطاعته أن يكون منضماً
أم لا ، لأن هذه المشكلة تعتمد على القانون الداخلي لكل اتحاد دولي . تشير الفيفا
في البند 1 في الفقرة 3 : أي اتحاد تأسس في مستعمرة أو في أرض خاضعة لدولة أخرى
ممكن أن يبقى بالاتفاق مع الاتحاد الوطني للبلد الأم جزء خاضعاً لهذا الاتحاد [اتحاد الوطن الأم].
أو ممكن أن ينضم مباشرة إلى الاتحاد [الدولي] . يجب أن تطبق هذه القواعد على بلد
وضع تحت حماية دولة أخرى."
وفي رسالة من الاتحاد الدولي للملاكمين
الهواة إلى الاتحاد الفلسطيني للملاكمة في الثاني من نيسان 1965 جاء فيها: "كرد
على رسالتكم المؤرخة في السادس العشرين من آذار فإن هذا الاتحاد قد منح انضمام
مؤقت للاتحاد العربي الفلسطيني للملاكمة في أيار 1963. إن الانضمام المؤقت منح
ليسمح لملاكميهم ليشاركوا في المنافسات مع ملاكمين من دول أخرى منضمة للاتحاد
الدولي للملاكمين الهواة ، ولكن ليس لمقعد في الكونغرس الذي يعقد كل أربع سنوات ، وهو
على إطلاع بعض الشيء للطبيعة المؤقتة للأوضاع في قطاع غزة والعدد الصغير نسبيا للأندية
والملاكمين المنضمين لاتحادهم. "
وفي رسالة من الدكتور كيسير رئيس الاتحاد
الدولي لكرة القدم إلى الاتحاد الدولي للملاكمين الهواة في السادس من نيسان 1965: "شكرا
لردكم على رسالتنا المؤرخة في الثاني من نيسان . بالنسبة للاتحاد الفلسطيني
للملاكمين الهواة في غزة والذي منحتموه عضوية مؤقتة في عام 1963. نحن بشكل خاص
نلفت نظركم إلى أن العضوية المؤقتة كانت قد منحت لهم لتسمح لملاكميهم التباري مع
دول أخرى منضمة للاتحاد الدولي للملاكمين الهواة ولكن ليس لمقعد في مؤتمركم [Congress] بسبب الطبيعة
المؤقتة لظروف قطاع غزة والعدد الصغير
نسبيا للأندية والملاكمين المنضمين لاتحادكم."
الملاحظات والمراجع:
[3] هناك حوالي عشرة مخيمات في الأردن
يسكن بها نسمة 450.000 أكبرها مخيم البقعة
وتعداد سكانه حوالي 80.000 نسمة ثم يليه مخيم ماركا 41.000 نسمة، ومخيم عمان
الجديد (الوحدات) 29.800 نسمة ، هذا بالإضافة إلى مخيم الحسين، والحسن وإربد وجرش.
وظل نادي
الوحدات تابعا لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأنروا حتى عام 1966
عندما اصبح يتبع لوزارة الشباب والرياضة الأردنية. حصل على بطولة الدوري الأردني
لكرة القدم 12 مرة.
[4] أسست
الأمم المتحدة منظمة تسمى "هيئة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين
الفلسطينيين" في نوفمبر/ تشرين الثاني 1948 لتقديم المعونة للاجئين
الفلسطينيين وتنسيق الخدمات التي تقدم لهم من طرف المنظمات غير الحكومية وبعض
منظمات الأمم المتحدة الأخرى. وفي 8 ديسمبر/ كانون أول 1949 وبموجب قرار الجمعية
العامة رقم 302 تأسست وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في
الشرق الأدنى (الأونروا) لتعمل كوكالة مخصصة ومؤقتة، على أن تجدد ولايتها كل ثلاث
سنوات لغاية إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية. ومقرها الرئيسي في فينا وعمان.
[8] Wassef Daher, Sports History in Palestine. http://www.thisweekinpalestine.com/details.php?id=2479&ed=154&edid=15
[10] عبد الرحمن الهباب : من الشخصيات
المهمة في تاريخ الرياضة الفلسطينية ، ولد في مدينة يافا في عام 1908 ، وكان من مؤسسي
النادي الرياضي الإسلامي في يافا الذي
تأسس عام 1926 ، كما كان أيضا لاعبا فيه. كان سكرتيرا للاتحاد الرياضي الفلسطيني
منذ إعادة تأسيسه في عام 1944 حتى نهاية عام 1947. وكان أيضا من مؤسسي منظمة
النجادة شبه العسكرية. ترأس الاتحاد الأردني لكرة القدم بالإضافة إلى اللجنة الأولمبية الأردنية التحضيرية 1954 -
1961. شارك في المحاولتين الأوليتين (1945، 1952) لانضمام فلسطين العربية للاتحاد
الدولي لكرة القدم. أنظر: www.hpalestinesports.net
[11] رسالة من
الاتحاد الرياضي الفلسطيني للاتحاد الدولي لكرة القدم ، من أرشيف الفيفا ، مؤرخة
بختم الفيفا في 12 آذار 1951 .
http://www.pfa.ps/clubdetails.aspx?clubid=1 أنظر: [12]
[13] وكانت أول بطولة أقيمت في عمان
في عام 1944 وشاركت بها أربع فرق الفيصلي والأردن والأهلي والجزيرة ، وفاز بها
النادي الفيصلي والذي حقق فوز متواصل منذ عام 1959 وحتى عام 1966. كما وفاز النادي
الأهلي في أول بطولة في عام 1949 بعد تأسيس الاتحاد الأردني لكرة القدم. لم تجر
البطولة في عام 1967 وذلك بسبب الحرب.
شارك أبو شهلا في
الدورة العربية الرابعة في القاهرة عام 1965 كإداري لفريق رفع الأثقال ، حيث حقق
الفريق المركز الرابع . وبعد قدوم السلطة الفلسطينية ساهم في تفعيل رياضة رفع
الأثقال ، وعمل مستشارا للاتحاد الفلسطيني لرفع الأثقال ومدربا للمنتخب الفلسطيني
لرفع الأثقال.
[21] رسالة من الاتحاد الدولي لكرة
اليد إلى الاتحاد الفلسطيني لكرة اليد ، مؤرخة في 29 آذار 1965 ، ارشيف الاتحاد
الدولي لكرة القدم ، زيورخ ، سويسرا.
[22] أسامة
فلفل ، الموسوعة الرياضية (قادة ورواد في ذاكرة التاريخ) ، غزة 2004.
[24] The
Games of the New Emerging Forces (GANEFO) were the games set up by Indonesia in
late 1962 as a counter to the Olympic
Games
[25] المصري ، نيللي مصدر
سابق
[26] المصري ، نيللي مصدر سابق
[28] كانت أهم الأندية في قطاع غزة هي: نادي غزة
الرياضي ، ونادي خدمات البريج ، نادي خدمات خان
يونس ، جمعية الشبان المسيحية ، نادي العودة ، معهد المعلمين ، النادي
الشعبي ، نادي فلسطين ، نادي العمال وجمعية التوحيد ونادي الاخوان المسلمين والنادي
الأرثوذكسي والنادي القومي.
[29] من أرشيف الاتحاد الدولي لكرة القدم.
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment