عصام الخالدي
بالرغم
من التطور الرياضي الذي شهدته فلسطين في ثلاثينيات واربعينيات القرن الماضي ، إلا أن هذا التطور لم يشمل المرأة الفلسطينية ، فقد كانت الرياضة النسائية في
فلسطين الانتدابية مقتصرة فقط على المدارس الحكومية والأهلية وبعض الأندية المسيحية
وجمعيتي الشابات والشبان المسيحية في القدس ، أما أنواع الرياضة
التي مارستها الإناث في تلك الفترة فكانت كرة الطاولة والتنس وكرة السلة ، فمثلاً كان
النادي الأرثوذكسي في يافا يقيم بطولات في كرة الطاولة للإناث ، كما وأبدعت بعض السيدات اللواتي كن عضوات في
جمعية الشبان المسيحية في القدس ، التي قامت بتنظيم لعبة التنس شاركت فيها السيدات . هذا بالإضافة إلى مشاركة الفتيات في المهرجانات الرياضية التي كانت تجريها بعض المدارس للفتيات والتي كانت تقام في نهاية العام الدراسي ، والتي لم
تأت بفوائد ملحوظة على اجساد الطالبات.
بدأت الحفلات المدرسية منذ عام 1922 وكانت
تقيمها كل مدرسة على حدة أو مجموعة من المدارس ضمن المنطقة أو معظم مدارس فلسطين
من الألوية المختلفة ، وكان وجهاء
المدينة وأعيانها يحضرون هذه الحفلات وتقام تحت رعاية المندوب السامي أو حاكم
اللواء أو مدير المعارف أو رئيس البلدية أو قناصل الدول المختلفة . وكان البرنامج
التقليدي للاحتفالات يضم المواكب والتمارين البدنية والألعاب الرياضية وتوزيع
الكؤوس والأوسمة والجوائز والتبرعات من بعض الوجوه الاجتماعية. وفضلا عن ذلك كما يشير خير الدين ابو الجبين كانت معظم المدارس التبشيرية منذ بداية
الانتداب تنظم يوما رياضيا Field Day لكل منها وكانت تلك المدارس تهتم بالتربية البدنية اهتماما كبيرا
يفوق اهتمام المدراس الأخرى بها.[1]
لم تذكر الصحف الفلسطينية (فلسطين ، الدفاع ، الكرمل ، الجامعة
الإسلامية) إلا بعض الاخبار القصيرة النادرة عن النشاطات الرياضية النسائية . تحت عنوان (فوز مدرسة بيرزيت العليا بالكأس الفضية) نشرت صحيفة (فلسطين) خبر عن مباريات مدارس الاناث بكرة السلة: أسفرت المباريات الرياضية في كرة السلة التي
جرت بين مدارس الاناث في لواء القدس عن فوز مدرسة بير زيت العليا للبنات على كل من
المدراس التالية : كلية البنات الانكليزية ، مدرسة الفرندز للبنات ، مدرسة
المأمونية للإناث ، ومدرسة الاناث اليهودية. فاستحقت بذلك الكأس الفضية المخصصة
للفوز في هذه المباريات . أما عضوات فريق مدرسة بير زيت الفائزة فهن الأوانس
التاليات ، ننشر اسماءهن تشجيعا لهن : ارجنتين سعادة ، ماري سلفيتي ، إيمي عرنكي ،
هدى فراج ، نهى غندور ، بديعة سابا ، ليلى ناصر ، اميرانس سعادة. فنهنئهن جميعا
على فوزهن ونرجو لهذه المدرسة اطراد النجاح.[2]
لم تول الحركة النسائية
اهتماماً كبيراً بالنشاط الرياضي ، فالمتفحص لمقررات ووثائق الاتحاد النسائي
الفلسطيني (تاسس عام 1921) نادراً ما يجد بينها ما يشير إلى أن الرياضة كان لها
مكاناً خاصاً بين بقية النشاطات. تشير
فلايشمان إلى أن الحركة النسائية قامت بتوسيع أنشطتها إلى
مجالات ثقافية واجتماعية وتعليمية واقتصادية ، وأصبحت الحفلات السينمائية والمسرح
مصدراً رئيسياً لجمع الأموال بين المنظمات النسائية خلال الأربعينات من القرن
العشرين ، مما أدى إلى تحقيق وظيفة مزدوجة تتمثل في توفير الترفيه وإنجاز أعمال
وطنية وخيرية جادة. وقد تزايد ذكر اللجان الفرعية المتخصصة ذات المهام والمهام
المحددة ، مثل لجنة الإسعافات الأولية في القدس (تأسست عام 1940) ، واللجنة
الرياضية التي تأسست عام 1945. وقد طورت هذه الأخيرة الملاعب وخاصة ملاعب التنس . استخدمت الحركة النسائية هذا المجال الرياضي
لعقد مؤتمرات وجلسات شاملة على مستوى البلاد خلال الأربعينيات.[3]
في نيسان 1941 ورد خبر في صحيفة (فلسطين) تحت
عنوان (ملعب
للسيدات والآنسات العربيات ، بيان من جمعية الاتحاد النسائي بالقدس)
:
لقد قرر
الاتحاد النسائي العربي بالقدس خدمة لسيداتنا وآنسات المحترمات ونفعاً لهن أن ينشىء ملعبا رياضيا يحوي أنواع اللعب
والرياضة الحديثة المبتغاة وعلى هذا الأساس فقد بدأ
بتنفيذ فكرته هذه بإعداده ساحة محاطة بسور مانع للكشف وملائمة كل الملائمة لهذه
الغاية الجزيلة الفائدة وستفتتح في شهر أيار المقبل وقد اشترك في هذا المشروع عدد
كبير من سيداتنا وآنساتنا فحرصاً على عدم ضياع الوقت ورغبة في تنظيم أوقات الرياضة
لكل مشتركة محترمة أننا نلفت أنظار من لم يكن لها علم بهذا المشروع من السيدات
والآنسات العربيات وترغب الاشتراك فيه أن تنفضل فتراجع الآنسة زليخة الشهابي في
بيتها الكائن في باب الساهرة لتسجيل اسمها من قبل اللجنة المشرفة على هذا العمل. [4]
وتحت عنوان (الاتحاد النسائي) جاء في صحيفة
(فلسطين) أيضا:
لا
ينكر احد ان إخلاد الفتيات الى حياة البيت الخالية من الحركة والنشاط ينتقل بهن من
الرشاقة والجمال الى الضعف ويسارع بهن الى الكبر ، وما من أمة بلغت درجة من الرقي
والمجد الا وكان للمرأة نصيب وافر في تقدمها ورقيها. والبلاد في الوقت الحاضر تسير
نحو النهضة الرياضية النسائية بخطى واسعة ، فهذه (القدس) عاصمة البلاد تتقدم فيها
جمعية الاتحاد النسائي الى الامام وتؤسس ناديا خاصا بأعضائها يقع في حي باب
الساهرة ، ولما كانت التقاليد تمنعنا من دخوله فقد عهدنا الى الآنسة (ن.ر) وهي
احدى المدرسات والعاملات النشيطات في الجمعية بزيارة النادي لتصف لنا ملعبه وما
يجري فيه وبعد زيارته كتبت الينا ما يلي:
الملعب
ذو سور عال تحيط به الاشجار الباسقة من كل جانب ويوجد بداخله ملعبان الاول لكرة
السلة والآخر للتنس وهناك فكرة ترمي لتكوين فرقة كشفية للمرشدات تقوم بها الاعضاء
برحلات رياضية ويساهمن في الخدمة العامة ، ويضم هذا النادي حوالي 150 عضواً وفيه
فرقة قوية لكرة السلة طالما تبارت مع المدارس الثانوية وكلية المعلمات". فهيا
الى الامام ايتها الفتيات وزاولوا الرياضة ففيها عوامل الصحة والقوة والرشاقة. [5]
خلال فترة الانتداب تطوّرت كل من جمعية الشبان
المسيحية وجمعية الشبان المسيحية إلى مؤسسات ثقافية مهمة وأماكن تجمع للشباب ،
وحضرت الشابات دروس ومحاضرات في كل من جمعية الشابات المسيحية وجمعية الشبان
المسيحية في القدس ، في موضوعات مثل اللغة الإنجليزية ، والبيولوجيا ، والكتابة ،
والتدريب على السكرتارية ، وغالبا ما تعاونت هاتان الجمعيتان في المناسبات والنزهات
، والأمسيات الاجتماعية والموسيقية (البيانو) ، كما وفرتا فرصاً نادرة للفتيات
للمشاركة في الألعاب الرياضية. [6]
تحت عنوان (مباريات التنس السنوية للحصول على بطولة
فلسطين) ذكرت صحيفة (فلسطين) في تموز 1933 أنه "أقيمت عدة مباريات في التنس [في
جمعية الشبان المسيحية] للحصول على بطولة فلسطين وإحراز الكاسات الفضية المخصصة
لذلك ، ...... كما وشاركت سيدات عربيات في هذه المباريات منهن الأنسة روك وعرمان وبردقش
والآنسة افلين روك وعبد النور وسالم."[7]
المراجع:
[1] خير الدين أبو الجبين ، قصة حياتي في فلسطين والكويت ،
دار الشروق ، 2002 ، 462.
[2] صحيفة (فلسطين) 9 نيسان 1940.
[3] Ellen L. Fleischmann, The Nation and its “New”
Women, The Palestinian Women’s Movement 1920 – 1948 (Berkeley: University of
California Press, 2003) p 190.
[4] صحيفة (فلسطين) 25 نيسان 1941
صحيفة (فلسطين) 1 تموز 1945 [5]
No comments:
Post a Comment