عصام
الخالدي
من المعلوم أن أول ظهور لفلسطين على صعيد
دولي كان في ثلاثينات القرن الماضي ، وذلك بالرغم من أنها كانت ممثلة بالفرق
اليهودية التي كانت لها اجندة خاصة تتمثل في محاولاتها تصوير فلسطين "كيهودية" ، [1]
ولكن في نهاية الأمر فإن هؤلاء الصهاينة الذين كانوا يشاركون على صعيد دولي كانوا يمثلون
فلسطين ويتبارون تحت اسم فلسطين . وليس غريب عن القارىء أن الفريق الفلسطيني الذي
شارك في كأس العالم في عامي 1934 و1938 لم يكن يضم أي لاعب عربي على الإطلاق ، فقد كان معظمه من الصهاينة وبعض اللاعبين الإنجليز الذين كان يعملون مع سلطات الانتداب في ذلك الوقت. ومن
المعلوم أيضا أن فلسطين قد شاركت في الأولمبياد الدولي للشطرنج في عامي 1936
و1939.
كما هو معروف أنه كان هناك صراع حول تمثيل
فلسطين في الاتحاد الدولي لكرة القدم ، في ذلك الوقت عندما كان اليهود يمثلون
فلسطين من خلال الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم (الذي تأسس عام 1928 وأصبح عضوا في
الاتحاد الدولي لكرة القدم عام 1929 وكانوا يشرفون ويهيمنون عليه هيمنة كاملة)،
أما العرب فكانوا يعملون تحت لواء الاتحاد الرياضي الفلسطيني الذي لم يكن عضوا في
الاتحاد الدولي لكرة القدم (الذي تأسس عام 1931 وأعيد تأسيسه في 1944). وقد كانت
هناك محاولات جمة للاتحاد الرياضي الفلسطيني للانضمام للاتحاد الدولي لكرة القدم
(الفيفا) FIFA بدأت في عام 1946 إلا أن هذه المساعي باءت بالفشل لأسباب عدة أهمها هيمنة ونفوذ
الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي. [2]
لقد اتت النكبة لتدمر البنية التحتية للرياضة
الفلسطينية بمؤسساتها وقياداتها ومنشآتها ، وتشتت قيادييها ولاعبيها ، تاركة
وراءها قيماً بعضها سُلب وحُبس في الأرشيفات ، والبعض الآخر اندثر ودُفن بعامل التطهير
العرقي الذي تعرض له شعبنا الفلسطيني. وكان للنكبة تبعاتها على كل مجالات الحياة
ناهيك عن نكران العالم لوجود الشعب الفلسطيني ولقضيته العادلة ومعاناته ، حتى أصبح
هذا الشعب يبحث عن كل الوسائل من أجل إثبات وجوده وإبراز هويته الوطنية ، وكانت
الرياضة احدى هذه الوسائل التي ساعدته منذ بدء الخمسينات لتحقيق أمانيه الوطنية.
إن
أكثر ما ميز الحركة الرياضية بعد عام 1948 وحتى عام 1969 هو التشتت الذي شكل عقبة
واضحة أمام تطور الرياضة الفلسطينية ، فكما هو معروف أن النشاط الرياضي في لبنان
وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة كان منفصلاً عن بعضه البعض ، وكان التنسيق بين
مناطق الشتات فيما يتعلق بالنشاط الرياضي ضعيف جداً . وما تميزت به الحركة
الرياضية أيضا هو خضوعها للظروف السياسية التي كانت تعصف بالشعب الفلسطيني وكان
لها تأثيراتها وانعكاساتها السلبية على تطورها وانطلاقها على الصعيد العربي
والدولي.
اعتمد انخراط ومشاركات فلسطين دولياً على انضمام
فلسطين إلى الاتحادات الرياضية العربية والمشاركات العربية التي مهدت الطريق لفلسطين
إلى الدخول في الساحة الرياضية الدولية ، ويجب الإشارة إلى أن الفضل هنا يعود إلى
الدعم والتعاطف العربي الذي كان له دوراً كبيراً في إظهار صورة فلسطين على صعيد
عربي ودعمها في الانضمام للاتحادات الدولية وتمهيد الطريق لها للظهور على الصعيد الآسيوي
والدولي.
كان
انخراط فلسطين في الساحة الرياضية الدولية يسير في اتجاهين ، أولاً العضوية في
الاتحادات الدولية ، وثانياً المشاركة في المنافسات الدولية . وكان كلا هذين
الجانبين يرتبط بعضهما ببعض حيث أن العضوية في الاتحادات الدولية سهّلت وسارعت من
مشاركات فلسطين الدولية . وكان لإنطلاق منظمة التحرير الفلسطينية والنضال
الفلسطيني على الساحة الدولية وتعريف العالم بالقضية الفلسطينية ونضال فلسطين في
الأمم المتحدة دوراً كبيراً في دفع الرياضة الفلسطينية وتكريسها على الساحة
الدولية. وكانت الحركة الرياضية مثل الحركة الوطنية والحركات الاجتماعية والثقافية معظمها تسعى وتناضل من أجل إثبات الوجود الفلسطيني وإبراز هويته الوطنية . ولا بد للتذكير هنا أنه منذ
نهاية الستينات وحتى اتفاقية أوسلو وتأسيس السلطة الفلسطينية في قطاع غزة والضفة
الغربية كانت الحركة الرياضية الفلسطينية في الشتات خاضعة إداريا لمنظمة التحرير
الفلسطينية التي قامت في عام 1969 بتأسيس المجلس الأعلى لرعاية الشباب (تم
تغيير الاسم في عام 1974 إلى المجلس الأعلى للشباب والرياضة). أما في الضفة الغربية
وقطاع غزة والضفة الغربية ففي السبعينات والثمانينات كانت الأندية الاجتماعية
والرياضية ومنظمات المجتمع المدني جزء من الحركة الوطنية التي كان خطها موازيا لخط منظمة
التحرير الفلسطينية.
من خلال
الوثائق التاريخية التي حصل عليها الكاتب من ارشيف (الفيفا) تبين أنه منذ بداية
الخمسينات وبعد ضم الضفة إلى الأردن ارسل عبد الرحمن الهباب سكرتير الاتحاد الفلسطيني
لكرة القدم طلب انضمام إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) الذي قوبل بالرفض لأسباب لم تذكر، ولكنه من الواضح أن الرفض كان تحت ذريعة أن الضفة الغربية تفتقد الوضع القانوني كدولة [3]
ولم يرد في الأرشيف أي معلومات أخرى عن
هذا الأمر.
بعد النكبة انتقل مركز ثقل الحركة الرياضية
الفلسطينية من مدينة يافا إلى قطاع غزة الذي شهد تحت الادارة المصرية تطوراً
ملحوظاً في مجالات عدة منها الرياضية. في عام 1962 أعيد تأسيس الاتحاد الرياضي
الفلسطيني – لجنة كرة القدم في قطاع غزة – وكان مركزه في نادي غزة الرياضي . في
تلك الفترة سعى الناشطون الرياضيون إلياس مَنّة وزكي خيال وصبحي فرح (الذين كانوا
ناشطين في الحركة الرياضية في ثلاثينات واربعينات القرن الماضي) وغيرهم إلى تشكيل
اتحادات رياضية مختلفة لمعظم انواع الرياضة التي كانت تمارس في تلك الفترة . أيضاً
فقد تمت محاولات لتشكيل اللجنة الأولمبية الفلسطينية التي ارسلت طلباً للانضمام
إلى اللجنة الأولمبية الدولية International Olympic Committee مرفقة فيه كل متطلبات اللجنة الدولية. ومن المعروف
أنه من اجل الانضمام إلى اللجنة الأولمبية الدولية فإنه يتوجب على الجهة المقدمة
للطلب أن يكون لديها على الأقل خمسة اتحادات رياضية منضمة إلى الاتحادات الدولية ،
وهذا ما كان يهدف إليه الاتحاد الرياضي الفلسطيني لكرة القدم. للأسف أن معظم
الاتحادات الدولية رفضت طلب انضمام الاتحادات الفلسطينية (باستثناء كرة الطاولة وكرة
السلة تم الاعتراف بهما عام 1964 والعاب القوى عام 1965) تحت حجة أنه ليس هناك
دولة اسمها فلسطين (بعد استشارة الأمم المتحدة) ، وأن الوضع القانوني Status لقطاع غزة هو أنه خاضع للادارة المصرية وليس
دولة مستقلة. وكانت الاتحادات الرياضية
الدولية بشكل دائم تستشير الأمم المتحدة بالقضايا التي تتعلق بعضوية الاتحادات
الرياضية الفلسطينية فيها ، حتى أنها كانت تقرر قبول عضوية هذه الاتحادات أو ذاك على
خلفية الردود والقرارات التي كانت تردها من الأمم المتحدة.
كانت أول مشاركة لفلسطين على صعيد دولي في عام
1966 في بنوم بنه في دورة الصداقة أو ما كانت تسمى بألعاب القوات الجديدة الناشئة (جانيفو
GANEFO) حيث لعبت
فلسطين مع اليمن الشمالي 4-0، ومع كوريا الشمالية 1-5 ، ومع الصين 0-7، وفيتنام
الشمالية 0-7 وكمبوديا 0-4. وترأس البعثة القيادي البارز في الحركة الرياضية
الفلسطينية زكي خيال والإداريون زهير الدباغ وإلياس منّة. وكان يتم تجميع عناصر
المنتخب الفلسطيني من الداخل (قطاع غزة) والشتات (مصر، سوريا، لبنان). وفي
الملاكمة مثل فلسطين اللاعبون سليم عيساوي – وزن ثقيل ، وجلال محو وزن 60 كلغم.
في السبعينات كان هناك تسارع في انخراط فلسطين
في الرياضة العالمية الذي كان يتماشى مع الاستراتيجية
التي وضعتها منظمة التحرير الفلسطينية لتعريف العالم بالقضية الفلسطينية ودعمها
لنشاط المجلس الاعلى للرياضة والشباب ، ففي عام 1969 أصدرت اللجنة التنفيذية
لمنظمة التحرير الفلسطينية قرارا يقضي بتجميع الطاقات الشبابية الفلسطينية ضمن إطار
أطلق عليه اسم المجلس الأعلى لرعاية الشباب ، وتم تشكيل لجان لرعاية الشباب في كل
من سوريا ولبنان والعراق ومصر والكويت إضافة إلى مقر المجلس في عمان. [4]
بالطبع لم تقتصر مشاركة فلسطين على الصعيد
الدولي على كرة القدم بل شملت رياضات اخرى كان أهمها المشاركة في كرة الطاولة في
دورة الصداقة الأفرو – آسيوية في الصين في عام 1971، وفي بطولة آسيا الأولى لكرة
الطاولة التي أقيمت في بكين في الصين عام 1972 حيث دعى الاتحاد الصيني والآسيوي
فلسطين للمشاركة. كما وشاركت فلسطين في بطولة آسيا الثانية في يوكوهاما في اليابان
عام 1974 ، وفي بطولة آسيا الثالثة في
بيونغ يانغ عام 1976 ، وبطولة العالم في يوغوسلافيا عام 1981 ، وبطولة العالم
الخامسة والثلاثين في كوريا الشمالية في 1979. وكان معظم اللاعبين من فروع مصر
والكويت والعراق ولبنان. ويشير خالد عجاوي إلى أن نتائج كرة الطاولة كانت في
جميعها متواضعة لعدة أسباب أبرزها عدم وجود المدرب المتخصص لتحسين مستوى اللاعبين
في هذه اللعبة ، وثانيهما تشتت هؤلاء اللاعبين وعدم القدرة على تجميعهم قبل مدة
زمنية قصيرة من أية مشاركة ، وعدم التمكن من إقامة معسكر إعداد لهم ! .. [5]
وفي الشطرنج شارك اللاعبون الفلسطينيون في أولمبياد سالونيك في اليونان عام 1984 ، وفي أولمبياد دبي عام 1986 وكان ترتيبه 68
من 105 دول مشاركة ، وفي أولمبياد سالونيك 1986 ، وجاء ترتيبه 88 من 107 دول مشاركة.
شاركت فلسطين في بطولة العالم للشباب دون العشرين سنة في الفلبين عام 1987 ، وحصل
اللاعب علاء موسى على أفضل نتيجة عربية في البطولة. كما وشاركت فلسطين في بطولة
المدن الآسيوية في دبي عام 1990 بفريق مدينة القدس ، وشاركت في العام 1992 بفريق
مدينة غزة ، وجاءت مدينة القدس ثالث مدينة بين المدن المشاركة من الدول العربية.
وفي اولمبياد الفلبين عام 1992 فاز اللاعب علاء موسي بالمركز الثالث ، وقد حصل على
لقب أستاذ دولي ، وجاءت نتيجته بعد كاسباروف الروسي والبريطاني مايكل ثورث. [6]
وفي كمال الأجسام برز ظريف شبانة الذي حقق نتائج على
مستوى دولي [برزت صوره في الكثير من المجلات الغربية]، وشارك في العديد من البطولات والمسابقات الدولية فقد حقق بطولات على
مستوى عالمي التي منها "مستر يونيفيرس" عام 1979، و"مستر ورد"
في إيطاليا و1980 في باريس. وبطولة العالم "مستر انترناشيونال" عام 1981
في بلجيكا. أيضاً فقد برز حكام دوليين في رفع الأثقال منهم فوزي الخضري وجهاد الخضرا
وأسد قبلاوي. [7]
أما في كرة القدم فكانت بداية الانطلاق على
صعيد دولي من خلال الجهات التي كانت تبدي تعاطفا مع قضية فلسطين مثل المنظمات
العمالية الدولية والدول الاشتراكية (الاتحاد السوفياتي وكوبا) . يشير خالد عجاوي
إلى أنه تطبيقا لتوقيع بروتوكول رياضي بين المجلس الأعلى للشباب والرياضة وبين
الفدرالية العمالية الفرنسية ، قامت هذه الأخيرة بدعوة المنتخب الفلسطيني لكرة
القدم لإجراء عدة مباريات مع الفرق الفرنسية في فرنسا ، وتحقيقاً لهذه الغاية قام
الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم بإقامة مباراة بين منتخبي فلسطين الكرويين في كل من
سوريا ولبنان ولعدم تمكن اللجنة من انتقاء المنتخب الذي كان سيمثل فلسطين في فرنسا
، تم اختيار 34 لاعباً مناصفة بين الساحتين في لبنان وسوريا لدخول معسكر تدريبي ،
يتم فيه اختيار المنتخب والتحضير إلى الرحلة العربية الأوروبية. غادر المنتخب إلى
تونس في أواخر شهر نيسان 1982. [8] وشاركت فلسطين أيضا في دورة الصداقة الدولية
التي أقيمت في الاتحاد السوفياتي في عامي 1986 و 1987.
في عام 1975 قام الناشطون الرياضيون في الضفة
الغربية بتأسيس "رابطة الأندية" التي ضمت معظم الأندية في فلسطين تحت
لوائها . وفي قطاع غزة قام زملاؤهم عام 1980 في قطاع غزة بتأسيس "رابطة
الأندية" مماثلة لرابطة الضفة ، وكانت هاتان الرابطتان تعملان بشكل مستقل. كان الانطلاق على الساحة
الدولية في الضفة وقطاع غزة منذ عام 1967 – 1994 محدوداً للغاية وذلك بسبب الانغلاق
الذي فرضته سلطات الاحتلال وكان يعاني منه المواطن الفلسطيني في ذلك الوقت. في
نيسان 1984 سافر فريق شباب الخليل إلى فرنسا عن طريق الأردن ولعب مع فريق سانت
إيتان ، ومع فريق انسي Annecy
، وفريق درانسي Drancy ، كما وفاز على فريق فينو 5 – 2. في أيلول
1986 عقد اجتماع موسع ضم رابطة الأندية الرياضية والوفد الفرنسي المكلف من قبل
"الفدرالية االعمالية لفرنسية" ووقع بروتوكول التعاون . أيضا جرت
مشاورات تمهيدية بين رابطة الأندية الرياضية والفيدرالية الإيطالية ، وتم التوقيع
على اتفاقية تعاون في عام 1989. هذا وقد عقدت اتفاقات توأمة بين الأندية المحلية
والأندية الفرنسية مثل نادي دي لا سال (المقدسي) وكوسما، نادي الخليل وفينو،
النادي الأرثوذكسي بيت جالا ونادي دي بورت بو.
في عام 1971 تم تشكيل الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم ، وفي عام 1978
قام هذا الاتحاد بتقديم طلب للانضمام إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، ولم ينجح في الحصول
على عضوية (الفيفا) ، ولكنه مرة أخرى تقدم بالطلب عام 1979 ولكن طلبه هذا تعثر بموضوع
اللجنة الأولمبية الفلسطينية واستمر الاتصال والمتابعة عن طريق الاتحاد العربي
الذي ساعد في تذليل الكثير من المشاكل والمعوقات التي كانت تعترض قبول الاتحاد الفلسطيني
في الاتحاد الدولي ومنها موافقة احدى الدول العربية بأن يتواجد الاتحاد الفلسطيني
لكرة القدم على أرضه ، وأن يكون له ملعباً خاصا يقيم الدوري عليه. وقد ابدى العراق
رغبته في ذلك ، وأصبح للاتحاد الفلسطيني مقراً في بغداد ، وله دوري يقيمه عليه.
وبذلك أعاد الاتصال بالاتحاد العربي لكرة القدم لمخاطبة الاتحاد الدولي بصدد عضوية
فلسطين في (الفيفا) ، غير أنه فشل مرة اخرى في ذلك الوقت . ولم يفقد الاتحاد
الفلسطيني لكرة القدم الأمل في أن يصبح عضواً في (الفيفا) ، ففي عام 1993 قدم
طلباً جديداً للاتحاد الدولي معتمداً على الظروف الجديدة وقبول اللجنة الأولمبية
الفلسطينية عضواً في اللجنة الأولمبية الدولية بصفة مراقب ، غير أن (الفيفا) رفضت قبول فلسطين في عضويتها.
في أيار 1995 منح الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم
العضوية المؤقتة في الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا). وفي المؤتمر الحادي
والخمسين للفيفا الذي عقد في زيورخ في سويسرا في تموز 1996 تقرر التأكيد على هذه
العضوية المؤقتة ، وفي حزيران 1998 قُبلت فلسطين في عضوية الاتحاد الدولي لكرة
القدم عضوا كاملاً في الاجتماع الذي عقد في باريس. [9]
لقد سعت فلسطين أيضا للانضمام إلى اللجنة
الأولمبية الدولية ، فكما اشير سابقا أنه تم انضمام ثلاث اتحادات في الستينات إلى
الاتحادات الدولية وهي كرة السلة (1964) والعاب القوى (1964) وكرة الطاولة (1965)
وفي عام 1978 انضم الاتحاد الفلسطيني لكمال الاجسام إلى الاتحاد الدولي لكمال
الاجسام ، وتبعه رفع الأثقال (1979) ، وكرة اليد (1980) ، والجمباز (1980) ، والشطرنج
(1981) ، والاسكواتش (1985) وتوال الاعتراف الدولي بالاتحادات حتى وصلت إلى 14
اتحاداً دولياً معتمداً.
تشكلت
اللجنة الأولمبية الفلسطينية في عام 1975 ، وقبلت في الاتحاد العربي للألعاب
الرياضية عام 1978. وتقدمت بطلب الانضمام للجنة الأولمبية الدولية عام 1979 إلا أن
طلبها رفض ، حيث عاودت تقديم الطلب في عام 1980 خلال دورة الألعاب الأولمبية في موسكو
، غير أن رأي الوفد الفلسطيني الذي شارك في الأولمبياد استقر على تأجيل الطلب ، وتم
ذلك بناء على اقتراح من رئيس المجلس الأولمبي الآسيوي ، ولم يلقَ هذا الطلب
الموافقة المرجوة. وكانت هناك محاولة اخرى خلال أولمبياد لوس انجلوس عام 1984 إلا
أنها أيضا باءت بالفشل . [10]
في عام 1986 تم قبول اللجنة الأولمبية
الفلسطينية في عضوية المجلس الأولمبي الآسيوي خلال الدورة الآسيوية في سيئول. وفي
عام 1989 بدأت اللجنة التحرك من خلال الاتحاد الرياضي لعمال فرنسا والاتحاد
الإيطالي للرياضة الشعبية وذلك من اجل إقامة حملة تضامن من أجل قبول فلسطين في
عضوية اللجنة الأولمبية الدولية. وقد أعلن رئيس الاتحاد الإيطالي للرياضة الشعبية أن
عدداً من مشاهير الرياضة الإيطاليين وقعوا على عريضة تطالب اللجنة الدولية بإعطاء
فلسطين مقعدها المشروع خصوصاً بعد إعلان الدولة الفلسطينة المستقلة في الجزائر.
ولكن للأسف هذه المساعي لم تنجح في حمل اللجنة الدولية الاعتراف باللجنة الأولمبية
الفلسطينية. وفي عام 1990 تلقت اللجنة الأولمبية الفلسطينية دعوة رسمية للمشاركة
في الدورة الآسيوية في الصين عام 1990 . [11]
وفي عام 1993 حصلت فلسطين على الاعتراف المؤقت من اللجنة الأولمبية الدولية. وتم
قبول رسميا عام 1995. وقد شكل هذا الاعتراف لفلسطين البداية لدخول المجال الدولي
مما ساهم في مشاركتها في أولمبياد أتلنتا Atlanta في الولايات المتحدة عام 1996 .
إن كل الجهود التي قام بها الناشطون الرياضيون من أجل ظهور فلسطين على الصعيد الدولي تصب في نهاية الأمر في مجمل النضال الفلسطيني العام الذي خاضه الشعب الفلسطيني من أجل إثبات وتكريس وجوده وتحقيق أمانيه الوطنية. أيضا فإن طريق فلسطين وانخراطها دوليا كان مليئا بالمصاعب والعقبات التي اهمها تجاهل المجتمع الدولي لحقوقه المشروعة ونكران وجوده، وكان يعتمد اعتمادا كبيرا على نضال شعبنا والتعاطف الذي ابدته جهات مختلفة مع قضية فلسطين. وما خروج فلسطين رياضياً إلى الساحة الدولية إلا إبراز وجهها النضالي والبطولي وإكسابها احتراماً وتعاطفاً دولياً ، هذا الظهور الذي كان بمثابة وسيلة لفضح سياسة إسرائيل العنصرية تجاه الفلسطينيين، وكابوساً يؤرق مضاجعها.
وفي الختام فإن مشاركات فلسطين على الساحة الدولية اليوم ما هي إلا نتيجة
وامتداد لنضال طويل ودؤوب للكثيرين من الرياضيين والقياديين العاملين في النشاط
الرياضي الذين تفانوا في عطاءهم وجهودهم من أجل تقدم الحركة الرياضية وخروجها
إلى الساحة الدولية ، فقد جعلوا من الرياضة "سلاحاً" فريداً من نوعه كان له فوائد جمة على مسيرة النضال الفلسطيني . أيضاً فإن وجود فلسطين في الساحة الدولية لا يقتصر على هذه اللقاءات والنتائج فقط ، بل أيضا يشمل وجودها كقضية عادلة في الوعي والضمير الانساني لدى الكثيرين في عالمنا هذا الرافضين لظلم الاحتلال والمتعاطفين مع هذه القضية الإنسانية - قضية الشعب الفلسطيني.
المراجع
[1] عصام الخالدي ، الصهيونية والحركة الرياضية في فلسطين. الصهيونية والحركة الرياضية في فلسطين 1900-1948 -
مؤسسة فلسطين للثقافة (thaqafa.org)
[2] عصام الخالدي ، نفس المصدر
[3] عصام الخالدي ، مئة عام على كرة القدم
في فلسطين ، دار الشروق ، عمان 2013.
[4] عصام الخالدي ، الرياضة الفلسطينية في الشتات 1967
– 1993 History of Palestine Sports: الرياضة الفلسطينية في الشتات 1967 – 1993
(hpalestinesports.net)
[5] خالد عجاوي ، الحركة الرياضية الفلسطينية في
الشتات ، الدار الوطنية للنشر ، دمشق 2001. ص 515.
[6] عجاوي ص. 523
[7] عجاوي ص. 524
[8] عجاوي ص. 508
[9] عصام
االخالدي ، فلسطين وعضوية الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) 1946 - 1998
[10] قصي الماضي ،
الحركة الشبابية والشبابية والكشفية الفلسطينية 1917 – 1993 ، اطروحة ماجستر ، بغداد
1994.
[11] قصي الماضي ، مصدر سابق .
No comments:
Post a Comment