عصام
الخالدي
لم أكن على معرفة شخصية بالشهيدة شيرين أبو عاقلة ، ولم أكن أعلم أنها كانت تولي الرياضة وتاريخ الرياضة اهتماماً خاصاً . وقد
تفاجأت في شهر تشرين الثاني في العام الماضي بالحصول منها على رسالة الكترونية تقول
فيها:
"حصلت
على الايميل الخاص بك من خلال الزملاء والأصدقاء في مؤسسة الدراسات
الفلسطينية، حيث نتطلع في قناة الجزيرة (مكتب فلسطين) الى إجراء مقابلة معك ضمن
تقرير نقوم باعداده يتناول تاريخ الرياضة الفلسطينية، وكيف سعت الحركة الصهيونية
للسيطرة عليها في عشرينيات وثلاثينات القرن الماضي، كما سعت من خلالها لجلب شبان
يهود رياضيين من دول العالم ومن ثم ابقائهم في فلسطين، كما عملت في المقابل على
تهميش الفرق والأندية العربية في فلسطين."
وقد
سرّني هذا الاهتمام من قبلها بتاريخ الحركة الرياضية الفلسطينية واتفقنا على إجراء
هذه المقابلة المصوّرة أثناء زيارتها لأقاربها في مدينة إمرفيل قرب مدينة سان
فرانسسكو في الثامن عشر من كانون الاول 2021 ، وكان هذا اليوم الأول الذي التقي به
معها شخصياً ، ودام هذا اللقاء حوالي الساعة والنصف ، ورغم قصر هذا الوقت إلا أنني لم
اجد منها سوى الاحترام والطيبة وحسن الأخلاق والتقدير، ولاحظت من خلال اسئلتها أنها
كانت على اطلاع واسع مسبقاً عن الحركة الرياضية الفلسطينية بشكل عام والتي منها بعض أعمالي ومدونتي عن تاريخ الرياضة الفلسطينية ،
بالإضافة إلى أنها كانت على علاقة وثيقة مع كل المؤسسات الرياضية الفلسطينية بما
فيها الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم واللجنة الأولمبية الفلسطينية.
وبعد عودتها إلى الوطن بدأت شيرين
فوراً في الإعداد لهذا التقرير الوثائقي عن الحركة الرياضية في فلسطين ، ومن خلال
المراسلات لاحظت أنها كانت متحمسة جداً لإتمام هذا التقرير لأنه يكشف عن خفايا
تاريخية لا يعلم بها المشاهد ، وبهذا الصدد أرسلت لي هذه الرسالة التي
تطلب فيها بعض الصور والوثائق:
"نحن في مرحلة مونتاج تقرير الرياضة الفلسطينية، وقد قمت مشكوراً بتزويدنا بمواد مهمة جداً. ولكننا نحتاج الى مزيد من المواد، خاصة فيما يتعلق بالفترة الواقعة قبل النكبة. فهل لديكم اي صور تتعلق بتشكيل الاتحاد الرياضي الفلسطيني في عام 1931، او تواريخ التأسيس التي قد تمكننا من الحصول على مواد اخبارية من الصحف الفلسطينية التي كانت تصدر آنذاك؟ وهل يمكن ان ترسل لي صور المراسلات التي تحدثت بشأنها عن اشتراط موافقة الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم لأي مباريات ستجري مع فرق عربية، والتي اشرت اليها خلال المقابلة؟ وهل هناك اي صورة اضافة الى تلك المنشورة في الكتاب لها علاقه بفرق المنتخب الفلسطيني لكرة القدم الذي سيطر عليه اليهود؟"
وبدون أي تردد أرسلت لها فوراً كل هذه الصور والوثائق والتي حصلتُ على بعضها من أرشيف
الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) ، والتي تستجيب لما طلبته من أجل تعزيز هذا التقرير
بالوثائق التي تؤكد على وقاحة الجانب الصهيوني في الهيمنة على الحركة الرياضية في
فلسطين قبل النكبة. وقد وعدتني أن تتصل بي حال ظهور هذا التقرير ، وعند استفساري عن تأخر بثه أبلغتني في رسالة الكترونية "للأسف دكتور تأخر التقرير
بسبب الوضع بين أوكرانيا وروسيا" ، ووعدتني بإبلاغي حال ظهوره.
وككل
أبناء شعبنا استيقظت يوم الأربعاء الموافق 11 أيار على وقع خبر استشهادها لأتابع بحزن بليغ أخبار تشييع جنازتها التي تخللتها همجية الاحتلال النازي وهراواته حتى
دفنها تحت ذريعة رفع الأعلام الفلسطينية. ولم يتحدَ مشيعوها هراوات الاحتلال الإسرائيلي فحسب بل تحدوا ادعاءاته وسعيه لتهويد المدينة المقدسة التي يعتبرها عاصمة أبدية لدولته.
رحم
الله فقيدة فلسطين والعروبة وفقيدة الرياضة الفلسطينية وأيقونة الصحافة الفلسطينية والعالمية . وستبقى الرياضة الفلسطينية مدينة لها لجهودها التي بذلتها في تغطيتها عشرات الأحداث الرياضية ، ولهذا الفلم الوثائقي الذي يعتبر آخر الأفلام الوثائقية التي قامت بإعداده والذي سيُبث قريباً بإذن الله.
No comments:
Post a Comment