Monday, October 14, 2024

هل شارك لاعبون عرب في تصفيات كأس العالم التي خاضتها فلسطين عامي 1934 و1938 أمام مصر واليونان؟


عصام الخالدي

  في المقابلة التي اجرتها معي الصحفية شيرين أبو عاقلة قبل استشهادها ببضعة أشهر ، أشارت إلى أن بعض الشخصيات الرياضية الفلسطينية أوضحوا لها بأنه كان هناك لاعبون فلسطينيون (عرب) شاركوا في تصفيات كأس العالم عامي 1934 و1938 في الأربع مباريات التي لعبتها فلسطين مع مصر واليونان ، فمن غير المعروف ماهية الوثائق أو المصادر التي يرتكز عليها هؤلاء في تكهناتهم هذه. تدل احدى الوثائق التي حصلتُ عليها من أرشيف الفيفا بالإضافة موقع Israel - List of Champions (rsssf.org) أنه لم يكن هناك أي لاعب عربي بين صفوف الفريق الوطني ، وهذان الدليلان كافيان .[1] والذي يثبت هذا أيضا أن الصهاينة لم يكونوا أبدا معنيين بضم لاعبين عرب بين صفوفهم لأن موقف الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم الذي كان يهيمن عليه الصهاينة تجاه العرب والرياضة والأندية العربية واضح جدا ، وهذا ما أدى إلى انسحاب هذه الأندية العربية من هذا الاتحاد.

 

   يدعي الاتحاد الإسرائيلي اليوم بأن اليهود لعبوا خمس مباريات دولية تحت مسمى الانتداب البريطاني قبل تأسيس دولة إسرائيل . وقبل هذه المباريات الخمس كان يُعزف النشيد الوطني الصهيوني "هاتيكفا" الذي أصبح النشيد الوطني لدولة إسرائيل بعد النكبة.  والغريب أن الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم الحالي يشيد بهذه المباريات الخمس غير آبه للحقائق التاريخية ، حتى أثناء لقائي مع احد القيادات الفلسطينية الرياضية أصر أنه يجب عدم التركيز على هذه الحقائق ، والتذكّر فقط أن فلسطين شاركت في تصفيات كأس العالم ، ولعبت خمس مباريات دولية ، وهذا بدوره يتناقض مع مهمتنا الاكاديمية التي تكمن في إبراز الحقائق وإثباتها وليس التسليم بظواهر لا تمت للجانب العلمي التاريخي بصلة ، فمهمتنا هي نبذ الحقائق التي تشوه تاريخنا الذي حاولت الصهيونية منذ عقود تشويهه خاصة بعد ارتكاب جرائمها في عام 1948.

 

 لقد طرحتُ في مقالات عدة في هذه المدوّنة بعض الحقائق التاريخية حول موضوع الصراع العربي الصهيوني على الساحة الرياضية في فلسطين ومحاولات الصهاينة تهميش العرب والتفرد بالحركة الرياضية في فلسطين ، ولكن للأسف وبصراحة وكما هو ظاهر أنه هناك تياران في طرح الحقائق التاريخية حول الرياضة الفلسطينية وخاصة مرحلة ما قبل النكبة ، فالأول يسعي إلى دراسة هذا التاريخ مستخدما وسائل البحث التي اهمها تحليل السجلات والوثائق والبيانات التاريخة (سواء كانت من الأرشيف أو الصحف او غيرها) لتحديد الأنماط والأسباب والآثار ، وإجراء التفسيرات بناء على هذا التحليل. أما التيار الثاني فهو يعتمد في طرحه على معلومات سطحية مستقاة من مصادر ليس لها أي مصداقية .

 

     إن ما يثير الإعجاب بالشهيدة شيرين أبو عاقلة أنها كانت دائماً متحمسة للثقافة الفلسطينية بكل نواحيها بما فيها الرياضة، وقد سعت من خلال فلمها الوثائقي الأخير (الرياضة الفلسطينية والصراع على الهوية) ، والذي كان آخر فيلم وثائقي لها إلى إظهار الجانب التاريخي للرياضة الفلسطينية . وقد طلبت مني لاحقا بعد مقابلتي معها المزيد من الوثائق التي من شأنها أن تساعد في تأكيد الأفكار التي طرحْتُها حول هيمنة الصهاينة على الحركة الرياضية ، والوسائل الخبيثة التي تم استخدامها في ظل هذه الهيمنة ، ومحاولاتهم تهميش العرب عن الساحة الرياضية في فلسطين ، وتمثيل فلسطين على أنها "يهودية" ، فضلا عن حقائق ومعلومات مهمة أخرى تتعلق بالرياضة الفلسطينية على مدى القرن الماضي.

 

وقد كانت الشهيدة على علاقة وثيقة مع الأستاذة الجامعية ناديا جاسر نجاب المحاضرة في معهد الدراسات العربية والإسلامية بجامعة إكستر في بريطانيا ، والتي أبدت اهتماماً بموضوع الرياضة والهوية الفلسطينية ، وقد تمثل هذا الاهتمام في مقال مشترك مع الشهيدة لإحياء ذكرى شخصية وسياسية للصديقة شيرين أبو عاقلة التي تهدف إلى تحقيق رغبتها الشخصية في نشر مقال أكاديمي يتعلق بعملها الصحفي. [2] وما هذا إلا تأكيد أيضا على رغبة أبو عاقلة في دعم العمل الصحفي حول تاريخ فلسطين بالحقائق التاريخية التي ترتكز على اسس علمية محضة.

 

         [2] S0020743824000151jrv 1..9 (cambridge.org) 

       

No comments:

Post a Comment